الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصىّ رسول الله من دون أهله
…
ومن باسمه فى فضله يضرب المثل
فمن قال قولا غير هذا فحسبه
…
من الزّور والبهتان بعض الذى احتمل
فلما قرأ شرحبيل الكتاب ذعر وفكّر، وقال: هذه نصيحة لى فى دينى، لا والله لا أعجل فى هذا الأمر بشئ، وكاد يحول عن نصر معاوية ويتوقّف، فلفّق له معاوية الرجال يدخلون إليه ويخرجون ويعظمون عنده قتل عثمان، ويرمون به عليّا، ويقيمون الشهادة الباطلة، والكتب المختلفة حتى أعادوا رأيه، وشحذوا عزمه.
(شرح ابن أبى الحديد م 1: ص 249)
389 - رد معاوية على علىّ
وكتب معاوية إلى علىّ جوابا عن كتابه إليه مع جرير:
«بسم الله الرحمن الرحيم. من معاوية بن صخر إلى علىّ بن أبى طالب: أما بعد فلعمرى لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برىء من دم عثمان لكنت كأبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين، ولكنك أغريت بدم عثمان المهاجرين، وخذّلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل، وقوى بك الضعيف، وقد أبى أهل الشأم إلا قتالك، حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين، وإنما كان الحجازيون هم الحكّام على الناس والحقّ فيهم، فلما فارقوه كان الحكام على الناس أهل الشام، ولعمرى ما حجّتك علىّ كحجّتك على طلحة والزّبير، لأنهما بايعاك ولم أبا يعك، وما حجتك على أهل الشأم كحجتك على أهل البصرة، لأن أهل البصرة أطاعوك، ولم يطعك أهل الشأم، فأما شرفك فى الإسلام، وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وموضعك من قريش فلست أدفعه، ثم كتب إليه فى آخر الكتاب بشعر كعب بن جعيل، وهو:
أرى الشام تكره ملك العراق
…
وأهل العراق لهم كارهينا
وكلّا لصاحبه مبغضا
…
يرى كلّ ما كان من ذاك دينا
إذا ما رمونا رميناهم
…
ودنّاهم مثل ما يقرضونا (1)
فقالوا: علىّ إمام لنا
…
فقلنا: رضينا ابن هند رضينا (2)
وقالوا: نرى أن تدينوا له
…
فقلنا: ألا لا نرى أن ندبنا (3)
ومن دون ذلك خرط القتاد
…
وضرب وطعن يفضّ الشّئونا (4)
وكلّ يسرّ بما عنده
…
يرى غثّ ما فى يديه سمينا (5)
وما فى علىّ لمستعتب
…
مقال سوى ضمّه المحدثينا (6)
وإيثاره اليوم أهل الذنوب
…
ورفع القصاص عن القاتلينا (7)
إذا سيل عنه حذا شبهة
…
وعمّى الجواب على السائلينا (8)
فليس براض ولا ساخط
…
ولا فى النّهاة ولا الآمرينا
ولا هو ساء ولا سرّه
…
ولا بدّ من بعض ذا أن يكونا
(العقد الفريد 2: 223، والكامل للمبرد 1: 155، والإمامة والسياسة 1: 77، وشرح ابن أبى الحديد م 1: ص 252 وص 158)
(1) دانه (وأدانه) أقرضه، ودانه أيضا دينا بالفتح ويكسر: جزاه، قال تعالى:
«مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» أى يوم الجزاء والحساب.
(2)
ابن هند: هو معاوية بن أبى سفيان، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف
(3)
دان له: خضع وأطاع ودخل فى دينه (بالكسر) أى فى طاعته.
(4)
القتاد: شجر صلب له شوك أمثال الإبر، والخرط: قشر الورق عن الشجرة اجتذابا بكفك.
وهو مثل يضرب للأمر دونه مانع، يفض: أى يكسر ويفرق. والشئون جمع شأن، وهى مواصل قبائل الرأس وملتقاها. وذلك أن للرأس أربع قبائل: أى قطع مشعوب بعضها إلى بعض، فالشئون هى الشعب التى تجمع بين تلك القبائل، وقالوا إن مجارى الدموع منها، ولذا أطلقوا الشئون على مجارى الدمع من الرأس إلى العين. فقالوا: استهلت شئونه. ومنه قول أوس بن حجر:
لا تحزنينى بالفراق فإننى
…
لا تستهل من الفراق شئونى
وفى رواية «وضرب وطعن يقر العيونا» يقال: قرت عينه أى بردت «من القر وهو البرد وهو خلاف قولهم سخنت عينه» أو رأت ما كانت متشوفة إليه.
(5)
الغث: المهزول.
(6)
استعتبه: طلب إليه العتبى (بالضم) أى الرضا، والمحدث الجانى
(7)
آثره: فضله وقدمه.
(8)
سيل مبنى للمجهول من سال يسال كخاف يخاف لغة فى سأل، وحذا: قدر، والمعنى ذكر، أو هو «حدا» أى ساق.