الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كريمة الخال، تقتصر على نسب أبيها دون فصيلتها، وتستغنى بفصيلتها دون جماع قبيلتها- قد أحكمتها الأمور فى الأدب، فرأيها رأى أهل الشرف، وعملها عمل أهل الحاجة، صناع الكفّين، قطيعة اللسان (1)، رهوة الصوت ساكنته، تزين الولىّ (2)، وتشين العدوّ، إن أردتها اشتهت، وإن تركتها انتهت، وتحملق (3) عيناها، وتحمرّ وجنتاها، وتذبذب شفتاها، وتبادرك الوثبة إذا قمت، ولا تجلس إلا بأمرك إذا جلست».
(الأغانى ج 2: ص 28، وتاريخ الطبرى ج 2: ص 150، وتاريخ الكامل لابن الأثير ج 1: ص 218)
2 - كتاب عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين «صحيفة المتلمس»
وروى أن طرفة بن العبد وخاله المتلمّس- واسمه جرير بن عبد المسيح (4) - كانا ينادمان عمرو بن هند (5) ملك الحيرة، فهجواه، فكتب لهما إلى المكعبر عامله على البحرين كتابين، أوهمهما أنه أمر لهما بجائزة، وكتب إليه يأمره بقتلهما، فخرجا فلقيا غلاما من أهل الحيرة، فقال له المتلمس: أتقرأ يا غلام؟ قال: نعم، ففكّ صحيفته، ودفعها إليه، فإذا فيها:
(1) امرأة صناع اليدين: ماهرة حاذقة. وقطيعة: مقطوعة، والمعنى أنها تكف لسانها، ليست بكثيرة الكلام ولا ببذيئة.
(2)
الرهو: الساكن، والرهو: المكان المنخفض (والمرتفع أيضا)، والمعنى: ساكنة الصوت منخفضته، وفى الطبرى وابن الأثير:«تزين البيت» محل قوله «تزين الولى» .
(3)
حملق: فتح عينيه ونظر شديدا، والمراد تحملق لبعلها.
(4)
كذا فى الأغانى، وفى الشعر والشعراء أيضا؛ وفى مجمع الأمثال «عبد المسيح بن جرير» .
(5)
هو عمرو بن المنذر بن ماء السماء، آل إليه الملك بعد قتل أبيه فى يوم عين أباغ، ويعرف باسم أمه هند بنت الحارث بن عمرو عمة امرئ القيس بن حجر بن الحارث (الشاعر المشهور)، وكان يلقب بمضرط الحجارة لشدته وقسوته، وقد ولى إمارة الحيرة من سنة 563 إلى سنة 578 م.
فقال لطرفة: ادفع إليه صحيفتك يقرؤها، فقيها والله ما فى صحيفتى! فقال طرفة: كلا!
(1) كانت قريش قبل البعثة تكتب فى أول كتبها «باسمك اللهم» . وقد روى الرواة فى تعليل ذلك قصة سنوردها على علاتها، وللقارئ حكمه عليها، وهى: «ذكر جماعة من أهل المعرفة بأيام الناس، وأخبار من سلف، كابن دأب والهيثم بن عدى وأبى مخنف لوط بن يحيى ومحمد بن السائب الكلبى:
أن السبب فى كتابة قريش واستفتاحها فى أوائل كتبها باسمك اللهم هو أن أمية بن أبى الصلت الثقفى خرج إلى الشام فى نفر من ثقيف وقريش فى عير لهم، فلما قفلوا راجعين نزلوا منزلا واجتمعوا لعشائهم، إذ أقبلت حية صغيرة حتى دنت منهم، فحصبها بعضهم بحجر فى وجهها فرجعت، فشدوا على إبلهم وارتحلوا من منزلهم، فلما برزوا عن المنزل أشرفت عليهم عجوز من كثيب رمل متوكئة على عصا لها، فقالت:
ما منعكم أن تطعموا رحيمة، (وفى رواية: رحيبة، وفى أخرى: رجيمة) الجارية اليتيمة التى جاءتكم عشية؟ قالوا: ومن أنت؛ قالت: أم العوام، أرملت منذ أعوام، أما ورب العباد، لتفترقن فى البلاد ثم ضربت بعصاها الأرض، وأثارت بها الرمل، وقالت: أطيلى إيابهم، ونفرى ركابهم. فوثبت الإبل كأن على ذروة كل بعير منها شيطانا، ما يملكون منها شيئا، حتى افترقت فى البوادى، فجمعوها من آخر النهار إلى غدوة، فلما أناخوا الرواحل طلعت عليهم العجوز وفعلت مثل فعلتها الأولى، فتفرقت الإبل، قحمعوها من غد فلما أناخوها ليرحلوها فعلت العجوز مثل فعلها فى اليوم الأول والثانى، فنفرت الإبل، وأمسوا فى ليلة مقمرة ويئسوا من ظهورهم، فقالوا لأمية بن أبى الصلت: أين ما كنت تخبر نابه عن نفسك وعلمك؟ فقال: اذهبوا أنتم فى طلب الإبل ودعونى، فتوجه إلى ذلك الكثيب الذى كانت تأتى منه العجوز حتى هبط من ثنيته الأخرى، ثم صعد كثيبا آخر حتى هبط منه، ثم رفعت له كنيسة فيها قناديل، فإذا رجل مضطجع معترض على بابها، وإذا رجل جالس أبيض الرأس واللحية، قال أمية: فلما وقفت عليه، رفع رأسه إلى وقال: إنك لمتبوع؟ قلت: أجل! قال: فمن أين يأتيك صاحبك؟ قلت: من أذنى اليسرى، قال: فبأى الثياب يأمرك؟ قلت: بالسواد، قال: هذا خطيب الجن، كدت والله أن تكونه ولم تفعل! إن صاحب النبوة يأتيه صاحبه من قبل أذنه اليمنى، فيأمره بلباس البياض، فما حاجتك؟
فحدثته حديث العجوز، فقال: صدقت، وليست بصادقة، وهى امرأة يهودية، هلك زوجها منذ أعوام وإنها لن تزال تفعل بكم ذلك حتى تهلككم إن استطاعت، قال أمية: قلت فما الحيلة؟ قال: اجمعوا ظهوركم، فإذا جاءتكم وفعلت ما كانت تفعل، فقولوا لها: سبعا من فوق وسبعا من أسفل: باسمك اللهم». فإنها لن تضركم، فرجع أمية إلى أصحابه فأخبرهم بما قيل له، وجاءتهم العجوز ففعلت كما كانت تفعل، فقالوا: سبعا من فوق وسبعا من أسفل «باسمك اللهم» فلم تضرهم، فلما رأت الإبل لا تتحرك قالت: قد علمكم صاحبكم، ليبيضن الله أعلاه، وليسودن أسفله! وثاروا، فلما أدركهم الصبح نظروا إلى أمية قد برص فى عذاريه ورقبته وصدره واسود أسفله، فلما قدموا مكة ذكروا هذا الحديث، فكتبت قريش فى أول كتبها «باسمك اللهم» . فكان أول ما كتبها أهل مكة، وفى رواية: وكان أمية أول من كتب «باسمك اللهم» إلى أن جاء الإسلام فكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» . انظر مروج الذهب ج 1: ص 42. والأعانى ج 3: ص 181. وصبح الأعشى ج 6: ص 217.