الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكتب عبيد بن أبى رافع (1) فى صفر سنة 36 هـ.
ثم قام قيس بن سعد خطيبا وأمر الناس بالبيعة فبايعوا، واستقامت له مصر، وبعث عليها اعماله إلا قرية منها يقال لها خربتا (2) فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان، فبعثوا إليه: إنا لا نقاتلك فابعث عمالك فالأرض أرضك، ولكن أقرّنا على حالنا حتى ننظر إلام يصير أمر الناس (3)، فبعث إليهم: إنى لا أكرهكم على البيعة، وأنا أدعكم وأكفّ عنكم، فهادنهم وجبى الخراج ليس أحد من الناس ينازعه.
(تاريخ الطبرى 5: 227، وشرح ابن أبى الحديد م 2: ص 23، والنجوم الزاهرة 1: 97)
488 - كتاب معاوية إلى قيس بن سعد
وخرج أمير المؤمنين علىّ إلى أهل الجمل، وقيس على مصر، ورجع إلى الكوفة من البصرة وهو بمكانه، فكان أثقل خلق الله على معاوية، لقربه من الشأم، مخافة أن يقبل إليه علىّ فى أهل العراق، ويقبل إليه قيس بن سعد فى أهل مصر، فيقع بينهما، فكتب معاوية إلى قيس- وعلىّ يومئذ بالكوفة قبل أن يسير إلى صفّين-:
«من معاوية بن أبى سفيان إلى قيس بن سعد:
سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فإنكم إن كنتم فقمتم على عثمان بن عفان رضى الله عنه فى أثرة (4) رأيتموها، أو ضربة سوط ضربها،
(1) وفى النجوم الزاهرة «وكتبه عبد الله بن أبى طالب» وفى ابن أبى الحديد «وكتبه عبد الله ابن أبى رافع» .
(2)
قرية بمديرية البحيرة مركز كوم حماده.
(3)
ووثب مسلمة بن مخلد الأنصارى من رهط قيس بن سعد، فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه، فأرسل إليه قيس: ويحك! على تثب؟ فو الله ما أحب أن لى ملك الشأم إلى مصر، وأنى قتلتك، فبعث إليه مسلمة إنى كاف عنك ما دمت أنت والى مصر.
(4)
وفى النجوم الزاهرة «فى أمور» .
أو شتيمة رجل، أو فى تسييره آخر أو فى استعماله الفتىّ من أهله (1)، فإنكم قد علمتم- إن كنتم تعلمون- أنّ دمه لم يكن يحلّ لكم بذلك، فقد ركبتم عظيما من الأمر، وجئتم شيئا إدّا (2)، فتب إلى الله عز وجل يا قيس بن سعد، فإنك كنت فى المجلبين (3) على عثمان بن عفان رضى الله عنه، إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغنى شيئا.
فأمّا صاحبك فإنا استيقنّا أنه الذى أغرى به الناس، وحملهم على قتله حتى قتلوه، وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك، فإن استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل، تابعنا على أمرنا، ولك سلطان العراقين إذا ظهرت ما بقيت، ولمن
(1) الفتى جمع فتى، وفى النجوم الزاهرة «أو شتمة شتمها، أو فى سير سيره، أو فى استعماله الفىء، علمتم
…
الخ» وذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه، وكان مما ضمنوه كتابهم هبته خمس أفريقية لمروان وفيه حق الله ورسوله وذوى القربى واليتامى والمساكين، وما كان من إفشائه العمل والولايات فى أهله وبنى عمه من بنى أمية وهم أحداث لا صحبة لهم من الرسول ولا تجربة لهم بالأمور، وتركه المهاجرين والأنصار لا يستعملهم على شئ ولا يستشيرهم، ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب فى يد عثمان، وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وكانوا عشرة فلما خرجوا به ليدفعوه إلى عثمان والكتاب فى يد عمار، جعلوا يتسللون عنه حتى بقى وحده، فمضى حتى جاء دار عثمان فاستأذن عليه فأذن له فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بنى أمية فدفع إليه الكتاب فقرأة فقال:
أنت كتبت هذا الكتاب؟ فقال: نعم، قال: ومن كان معك؟ قال معى نفر تفرقوا فرقا منك، قال: ومن هم؟ قال: لا أخبرك بهم، قال: فلم اجترأت على من بينهم؟ فقال مروان، إن هذا العبد الأسود (يعنى عمارا) قد جرأ الناس عليك، وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه فقال عثمان: اضربوه، فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغشى عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار فأمرت به أم سلمة زوج النبى عليه الصلاة والسلام فأدخل منزلها- انظر الإمامة والسياسة 1: 26 - ومما طعنوا به على عثمان تسييره أباذر الغفارى إلى الربذة- وقدمنا لك خبره فى ص 263 وقد فصل ابن أبى الحديد فى شرحه لنهج البلاغة الكلام فى المطاعن التى طعن بها على عثمان، انظر م 1: ص 226 إلى 245، وانظر أيضا العقد الفريد ج 2: ص 214 وتاريخ الطبرى ج 5: 101 ومروج الذهب ج 1: ص 437 وغيره.
(2)
الإد: : الأمر الفظيع المنكر.
(3)
الجلبة بالتحريك: اختلاط الأصوات، وقد جلبوا كضرب ونصر وأجلبوا وجلبوا، وفى النجوم الزاهرة «فإنك ممن أعان على قتل عثمان» .