الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب فى الدين، على كل أناس حصّتهم من جانبهم الذى قبلهم، وأن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة، مع البرّ الحسن من أهل هذه الصحيفة، وأن البرّ دون الإثم، لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأن الله على أصدق ما فى هذه الصحيفة وأبرّه، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وأنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم أو أثم، وأن الله جار لمن برّ واتقى، ومحمد رسول الله (1)».
(سيرة ابن هشام 1: 301)
2 - كتاب الصلح بينه صلى الله عليه وسلم وبين قريش عام الحديبية
ولما صدّت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة البيت الحرام عام الحديبية (2) - سنة ستّ للهجرة- وكان بينه وبينهم ما كان (3)، بعثوا إليه سهيل بن عمرو فى طلب الصلح، فدعا صلى الله عليه وسلم علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه فقال: اكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: لا أعرف هذا (4)، ولكن
(1) وجاء فى الروض الأنف للسهيلى شرح السيرة النبوية لابن هشام: «وقال أبو عبيد فى كتاب الأموال: إنما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب قبل أن تفرض الجزية، وإذ كان الإسلام ضعيفا، قال: وكان لليهود إذ ذاك نصيب فى المغنم إذا قاتلوا مع المسلمين كما شرط عليهم فى هذا الكتاب النفقة معهم فى الحروب» .
(2)
الحديبية: بئر بقرب مكة على طريق جدة، ثم أطلق على الموضع، وكان عليه الصلاة والسلام قد نزل بها حين قصد إلى مكة لزيارة البيت سنة ست هجرية.
(3)
بعث صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضى الله عنه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم ما أرسل به، فقالوا له: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان قد قتل.
فقال عليه الصلاة والسلام: لا نبرح حتى نناجز القوم، ودعا الناس إلى البيعة على قتال قريش، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة. وذلك قوله تعالى:«لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» ولما علمت قريش بهذه البيعة خافوا وجنحوا إلى الصلح.
(4)
وفى صحيح البخارى: «أما الرحمن فو الله ما أدرى ما هى؟ » .
اكتب «باسمك اللهمّ (1)» كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتب إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، * فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب:«باسمك اللهمّ» فكتبها، ثم قال اكتب:«هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو» فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب «محمد بن عبد الله» فقال صلى الله عليه وسلم: والله إنى لرسول الله وإن كذّبتمونى، ثم قال لعلىّ كرم الله وجهه: امح رسول الله، فقال: والله لا أمحوك أبدا، فقال: أرنيه، فأراه إياه، فمحاه بيده الشريفة، وقال: اكتب:
«هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو: اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيهن الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردّوه عليه، وأنّ بيننا عيبة مكفوفة (2) وأنه لا إسلال ولا إغلال (3)، وأنه من أحبّ أن يدخل
(1) قدمنا أن قريشا كانت فبل البعثة تكتب فى أول كتبها: «باسمك اللهم» . وجاء فى السيرة الحلبية أنه عليه الصلاة والسلام كتبها فى أربعة كتب. ج 2: ص 143. وجاء فى صبح الأعشى. ج 6 ص 219.
«روى محمد بن سعد فى طبقاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب كما تكتب قريش: «باسمك اللهم» . حتى نزل عليه: «وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها» فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ» .* حتى نزل: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» . فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ» .* حتى نزل: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» . فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» * وكذا ورد فى السيرة الحلبية.
(2)
العيبة فى الأصل: زبيل من أدم، وما يجعل فيه الثياب والجمع عياب بالكسر، وعيبة مكفوفة: مشرجة مشدودة على ما فيها، والعرب تشبه الصدور التى فيها القلوب بالعياب التى تشرج على حر الثياب وفاخر المتاع، فجعل عليه الصلاة والسلام العياب المشرجة على ما فيها مثلا للقلوب طويت على ما تعاقدوا عليه، مثل بها الذمة المحفوظة التى لا تنكث. أو معناه أن الشر يكون مكفوفا بينهم كما تكف العياب إذا أشرجت على ما فيها من المتاع، كذلك الدخول التى كانت بينهم قد اصطلحوا على أن لا ينشروها، بل يتكافون عنها كأنهم قد جعلوها فى وعاء وأشرجوا عليها.
(3)
لا إسلال: أى لا سرقة. وقيل: لا رشوة، من أسل إذا سرق، وسله كنصر سلا مثله، ولا إغلال: أى لا خيانة، من أغل إذا خان، وغل كنصر غلولا مثله: