الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
340 - كتاب سعيد بن العاص إلى معاوية
«أما بعد: فإن الحزم فى التثبّت، والخطأ فى العجلة، والشّؤم فى البدار، والسهم سهمك ما لم ينبض به الوتر، ولن يردّ الحالب فى الضّرع اللبن، ذكرت حقّ أمير المؤمنين علينا، وقرابتنا منه، وأنه قتل فينا، فخصلتان ذكرهما نقص، والثالثة تكذّب (1)، وأمرتنا بطلب دم عثمان، فأىّ جهة نسلك فيها أبا عبد الرحمن؟
ردمت الفجاج (2)، وأحكم الأمر عليك، وولى زمامه غيرك، فدع مناوأة من لو كان افترش فراشه صدر الأمر لم يعدل به غيره، وقلت: كأنا عن قليل لا نتعارف، فهل نحن إلا حىّ من قريش، إن لم تنلنا الولاية لم يضق عنا الحقّ؟
إنها خلافة منافيّة (3)، وبالله أقسم قسما مبرورا لئن صحّت عزيمتك على ما ورد به كتابك لألفينّك بين الحالين طليحا (4)، وهبنى إخالك بعد خوض الدماء تنال الظّفر، هل فى ذلك عوض من ركوب المأثم، ونقص الدين؟ أمّا أنا فلا على بنى أميّة ولا لهم، أجعل الحزم دارى، والبيت سجنى، وأتوسّد الإسلام، وأستشعر العافية، فاعدل أبا عبد الرحمن زمام راحلتك إلى محجّة الحق، واستوهب العافية لأهلك، واستعطف الناس على قومك، وهيهات من قبولك ما أقول حتى يفجّر مروان ينابيع الفتن تأجّج فى البلاد، وكأنى بكما عند ملاقاة الأقران تعتذران بالقدر، ولبئس العاقبة الندامة، وعمّا قليل يضح لك الأمر والسلام».
(شرح ابن أبى الحديد م 2: ص 579)
(1) تكذب: تكلف الكذب.
(2)
الفجاج: جمع فج بالفتح وهو الطريق الواسع، وردم الباب والثلمة كضرب: سده، والمناوأة. المعاداة.
(3)
نسبة إلى عبد مناف جد معاوية وعلى، فالأول هو معاوية بن أبى سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، والثانى هو على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، يعنى بذلك أن الخلافة إن صارت إلى على فهى لم تخرج عن قبيلتنا.
(4)
طلح كمنع طلحا وطلاحة: إذا أعيا وكل فهو طليح.