الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمّا قتلتم أمير المؤمنين فلا
…
ترجوا الهوادة منا آخر الأبد
إن الذى نلتموه ظالمين له
…
أبقت حزازته صدعا على كبدى (1)
إنى حلفت يمينا غير كاذبة
…
لقد قتلتم إماما غير ذى أود (2)
لا تحسبوا أننى أنسى مصيبته
…
وفى البلاد من الأنصار من أحد
قد أبدل الله منكم خير ذى كلع
…
واليحصبيّين أهل الجوف والجند (3)
إن العراق لنا فقع بقرقرة
…
أو شحمة بزّها شاو ولم يكد (4)
والشام ينزلها الأبرار، بلدتها
…
أمن، وبيضتها عرّيسة الأسد (5)
(شرح ابن أبى الحديد م 2: ص 280)
402 - رد أبى أيوب على معاوية
فكتب أبو أيوب إلى معاوية:
«أما بعد: فإنك كتبت «لا تنسى الشيباء أبا عذرها، ولا قاتل بكرها» فضربتها مثلا بقتل عثمان، وما نحن وقتل عثمان؟ إنّ الذى تربّص بعثمان، وثبّط يزيد بن أسد وأهل الشأم عن نصرته لأنت (6)، وإن الذين قتلوه لغير الأنصار».
وكتب فى آخر كتابه:
لا توعدنّا ابن حرب، إننا نفر
…
لا نبتغى ودّ ذى البغضاء من أحد
(1) الحزازة: وجع فى القلب من غيظ ونحوه، والصدع: الشق.
(2)
الأود: الاعوجاج، وفعله كفرح.
(3)
يعنى بذى كلع ذا الكلاع (كسحاب) الحميرى، وكان من أعظم أصحاب معاوية شأنا وقدرا وهو ذو الكلاع الأصغر سميفع بن ناكور بن عمرو بن يعفر بن ذى الكلاع الأكبر يزيد بن النعمان وهما من أذواء اليمن، ويحصب مثلث الصاد: حى باليمن، والنسب إليه يحصى مثلث الصاد أيضا، والجوف بالجيم: موضع بناحية عمان، وكذا الحوف بالحاء (وفى الأصل بالخاء وهو تصحيف) والجند: بلد باليمن.
(4)
الفقع بالفتح ويكسر: البيضاء الرخوة من الكمأة، والقرقرة: أرض مطمئنة لينة كالقرقر ويقال للذليل: «هو أذل من فقع بقرقرة» لأنه لا يمتنع على من اجتناه، أو لأنه يوطأ بالأرجل، وبزها:
نزعها وأخذها بجفاء وقهر، وشاو: اسم فاعل من شوى اللحم (والشاوى أيضا صاحب الشاة).
(5)
البيضة: حوزة كل شئ وساحة القوم، والعريس والعريسة: مأوى الأسد.
(6)
انظر ص 377.
واسعوا جميعا بنى الأحزاب كلّكم
…
لسنا نريد رضاكم آخر الأبد
نحن الذين ضربنا الناس كلّهم
…
حتى استقاموا وكانوا بيّنى الأود
والعام قصرك منّا إن ثبتّ لنا
…
ضرب يزيّل بين الرّوح والجسد (1)
أمّا علىّ فإنا لا نفارقه
…
ما رفّت الآل فى الدّوّيّة الجرد (2)
إمّا تبدّلت منا بعد نصرتنا
…
دين الرسول أناسا ساكنى الجند
لا يعرفون (أضلّ الله سعيهم)
…
إلّا اتّباعكم يا راعى النّقد
فقد بغى الحقّ هضما شرّ ذى كلع
…
واليحصبيّون طرّا بيضة البلد (3)
فلما أتى معاوية كتاب أبى أيوب كسره.
(شرح ابن أبى الحديد م 2: ص 281)
*** وروى ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة قال:
وكتب معاوية إلى أبى أيوب الأنصارى- وكان أشد الأنصار على معاوية-:
(1) يزيل يفرق.
(2)
الآل: السراب، أو خاص بما فى أول النهار. ويؤنث، ورف لونه كضرب: برق وتلألأ وفى الأصل «ما رفرف الآل» من رفرف الطائر إذا حرك جناحيه، والمعنى عليه صحيح على المجاز، والاظهر عندى أنه (ما رفت الآل) كما أوردته. والدو والدوية والداوية ويخفف الفلاة. والجرد:
فضاء لا نبت فيه.
(3)
طرا جميعا، وجاء فى أمثال العرب «هو أذل من بيضة البلد» وهى بيضة تتركها النعامة فى الفلاة فلا تخضنها، فتبقى تريكة بالفلاة، وهى من الأضداد تستعمل مدحا وذما، يقولون للرجل الكريم هو بيضة البلد، يمدحونه، ويقولون للآخر: هو بيضة البلد، يذمونه، فإذا ذم بها فهى التى قد خرج الفرخ منها ورمى بها الظليم، فتقع فى البلد الفقر فيدوسها الناس والإبل، ومن ذلك قول الراعى يهجو ابن الرقاع العاملى:
لو كنت من أحد يهجى هجوتكم
…
يابن الرقاع ولكن لست من أحد
تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسبا
…
وابنا نزار فأنتم بيضة البلد
(وأن تعرف بالجزم على لغة من يجزم بأن المصدرية) وإذا مدح بها فهى التى فيها الفرخ، لأن الظليم حينئذ يصونها ويوقيها الأذى. والمعنى على المدح أن ذلك الرجل هو واحد البلد الذى يجتمع إليه، ويقبل قوله، أو هو فرد ليس أحد مثله فى شرفه.