الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأما من كان مسلما فإنا مننّا عليه، وأخذنا بيعته لأمير المؤمنين، وأخذنا منهم الصّدقة التى كانت عليهم، وأما من ارتدّ فإنا عرضنا عليه الرجوع إلى الإسلام وإلّا قتلناه، فرجعوا غير رجل واحد فقتلناه؛ وأما النصارى فإنا سبيناهم، وقد أقبلنا بهم، ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذّمة، لكيلا يمنعوا الجزية، ولكيلا يجترئوا على قتال أهل القبلة، وهم أهل الصّغار والذل، رحمك الله يا أمير المؤمنين، وأوجب لك جنّات النعيم، والسلام عليك».
(تاريخ الطبرى 6: 75، وشرح ابن أبى الحديد م 1: ص 270)
482 - كتاب علىّ إلى مصقلة بن هبيرة
ثم أقبل بالأسارى حتى مر على مصقلة بن هبيرة الشّيبانى- وهو عامل علىّ على أردشير (2) خرّة، وهم خمسمائة إنسان- فبكى إليه النساء والصبيان، ونصايح الرجال:
يا أبا الفضل، يا حامى الرجال، وفكّاك العناة (3)، امنن علينا فاشترنا وأعتقنا، فقال مصقلة: أقسم بالله لأتصدّقن عليهم، إن الله يجزى المتصدقين، وبعث إلى معقل فقال له:
بعنى نصارى بنى ناجية، فقال: نعم أبيعكهم بألف ألف درهم، فأبى عليه، فلم يزل يراوده حتى باعه إياهم بخمسمائة ألف درهم، ودفعهم إليه، وقال له: عجّل بالمال إلى
(1) صمده وصمد إليه: قصد.
(2)
كورة من كور فارس.
(3)
العناة جمع العانى، وهو الأسير.
أمير المؤمنين، فقال: أنا باعث الآن بصدر (1) منه، ثم أبعث بصدر آخر كذلك، حتى لا يبقى منه شئ، إن شاء الله تعالى.
وأقبل معقل إلى أمير المؤمنين علىّ، وأخبره بما كان منه فى ذلك، وانتظر علىّ مصقلة أن يبعث إليه بالمال فأبطأ به، وبلغ عليّا أن مصقلة خلّى سبيل الأسارى ولم يسألهم أن يعينوه فى فكاك أنفسهم بشئ، فقال: ما أرى مصقلة إلا قد تحمل حمالة (2)، ولا أراكم إلا سترونه عن قريب مبلدحا (3)، ثم إنه كتب إليه:
فلما قرأ كتابه أقبل حتى نزل البصرة فمكث بها أياما، ثم إن ابن عباس سأله المال- وكان عمال البصرة يحملون المال من كور البصرة إلى ابن عباس، ويكون ابن عباس هو الذى يبعث به إلى علىّ- فقال له: أنظرنى (4) أياما، ثم أقبل حتى أتى عليّا بالكوفة فأقرّه أياما، ثم سأله المال، فأدّى إليه مائتى ألف درهم، ثم إنه عجز عن الباقى فلم يقدر عليه، وما لبث أن لحق بمعاوية.
وبلغ ذلك عليا فقال: ماله- ترّحه الله (5) - فعل فعل السيد، وفرّ فرار العبد، وخان خيانة الفاجر! أما والله لو أنه أقام فعجز ما زدنا على حبسه، فإن وجدنا له شيئا أخذناه، وإن لم نجد له مالا تركناه».
(تاريخ الطبرى 6: 75، وشرح ابن أبى الحديد م 1 ص 270)
(1) الصدر: الطائفة من الشئ:
(2)
الحمالة: الدية يحملها قوم عن قوم.
(3)
بلدح: وعد ولم ينجز العدة، وأعيا وبلد:
(4)
أى أمهلنى.
(5)
ترحه: أى أحزنه، من الترح بالتحريك ضد الفرح.