المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلى آخر الأجل". قال: "وإنَّ الكافر إذا خرجت رُوحُهُ - قال - الأحكام الصغرى - جـ ٢

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب في "التعوّذ من الجبن، وفي ذمِّه، وفي وجوب الجهاد مع البَرِّ والفاجر، وفضل الجهاد، والرباط، والحراسة في سبيل الله، والنفقة فيه، وفيمن مات في الغزو، وفيمن لم يغْزُ، وفيمن منعه العذر، وعدد الشهداء

- ‌باب في الِإمارة وما يتعلق بها

- ‌باب نيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلَّف غازيًا في أهله بخير أو شر، وفيمن كان له أبوان، وفي غزو النساء، وما جاء أن الغنيمة نقصان من الأجر، وفي الخيل وما يتعلق بذلك، وفي الرمي وفضيلته، وفي العدد

- ‌باب في التحصنوحفر الخنادق، وكتب الناس، ومِنْ كم يُجوِّز الصبي في القتال، وترك الإستعانة بالمشركين، ومشاورة الإِمام أصحابه، وما يحذر من مخالفة أمره، والإسراع في طلب العدو، وتوخي الطرق الخالية، والتورية بالغزو، والإعلام به إذا كان السفر بعيداً أو العدو كثيراً

- ‌باب

- ‌باب في الفأل والطِيَرَةِ والكهانة والخط -وعلم النجوم

- ‌باب النهي عن تمني لقاء العدو والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو، وطلب غِرَّتهم، والوقت المستحب للقاء وقطع الثمار وتحريقها. والنهي عن قتل النساء والصبيان

- ‌باب الوقت المستحب للقتال والصفوف والتعبئة عند اللقاء والسيماء والشعار والدعاء والإستنصار بالله عز وجل وبالضعفاء والصالحين وفي المبارزة والإنتماء عند الحرب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب قتل كعب بن الأشرف

- ‌باب في الغنائم وقسمتها

- ‌باب في الصلح والجزية

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب في الأمر بالنكاح والترغيب في نكاح ذات الدين

- ‌باب الترغيب في نكاح العذارى والحض على طلب الولد وإباحة النظر إلى المخطوبة

- ‌باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

- ‌باب ما نهي أن يجمع بينهن من النساء

- ‌باب في المتعة وتحريمها وفي نكاح المحرم وإنكاحه وفي الشغار

- ‌ باب

- ‌باب في المرأة تزوج نفسها، والنهي عن عضل النساء، والرجل يزوج ابنته الصغيرة بغير أمرها، واستئمار البكر، وما جاء أن الثيب أحق بنفسها

- ‌باب في الرجل يعقد نكاح الرجل بأمره وفي الصداق والشروط

- ‌باب في الرجل يعتق الأمة فيتزوجها

- ‌باب هل يعطى الصداق قبل الدخول، ومن دخل ولم يقدم من الصداق شيئا ومن تزوج ولم يسم صداقًا

- ‌باب في المحلل

- ‌باب في الوليمة

- ‌باب ما جاء في نكاح الحوامل وذوات الأزواج من الكفار بملك اليمين، وما يقول إذا أتى أهله وكم يقيم عند البكر والثيب، وأجر المباضعة وفي أحد الزوجين ينشر سر الآخر وقول الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وما نهى عنه من ذلك

- ‌باب في العزل

- ‌باب القسمة بين النساء وحسن العشرة وحق كل واحد من الزوجين على صاحبه وأحاديث تتعلق بالنكاح

- ‌باب إخراج المخنثين من البيوت

- ‌باب النفقة على العيال

- ‌باب في الرّضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب كراهية الطلاق

- ‌باب ذكر طلاق السُّنَّة

- ‌بابٌ في الخلع

- ‌باب الحقي بأهلك

- ‌باب ما يحل المطلقة ثلاثا

- ‌باب المراجعة

- ‌باب التخيير

- ‌باب في الظهار

- ‌باب في الإِيلاء والتحريم

- ‌باب في اللعان

- ‌باب فيمن عرَّض بنفي الولد

- ‌‌‌‌‌بابالولد للفراش

- ‌‌‌باب

- ‌باب

- ‌باب في عدة المتوفّى عنها والإحداد ونفقة المطلقة

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب كراهية ملازمة الأسواق وما يؤمر به التجار وما يحذرون منه وما يرغبون فيه

- ‌باب في التسعير وبيع المزايدة

- ‌باب النهي عن بيع الملامسة، والمنابذة، وبيع الغرر، وتلقي الركبان، والتصرية، وأن يبيع حاضرٌ لبادٍ

- ‌باب الكيل، والنهي أن يبيع أحدٌ طعامًا اشتراه حتى يستوفيه وينقله

- ‌باب ذكر بيوع نُهي عنها، وفيه ذكر الصرف والربا والعرايا

- ‌باب البيع الخيار

- ‌باب

- ‌باب التجارة مع المشركين وأهل الكتاب

- ‌باب في الحكرة ووضع الجوائِح

- ‌باب

- ‌باب في الشركة والمضاربة

- ‌باب في الشروط

- ‌‌‌بابفي السَّلَم

- ‌باب

- ‌باب في الرهن

- ‌باب في الحوالة

- ‌باب

- ‌باب في الديون والإستقراض

- ‌باب

- ‌ بابً

- ‌باب فيمن غَصَبَ أرضًا وفي إحياء الموات والغِراسَة والمزارعة وكراء الأرض وما يتعلق بذلك

- ‌باب في الحبس. والعُمْرَى والهبة والهدية والضيافة والعارية

- ‌باب في الوصايا والفرائض

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في اللقطة والضوال

- ‌باب في العتق وصحبة المماليك

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌كتاب الديات والحدود

- ‌باب حدّ الزاني

- ‌باب في القطع

- ‌باب الحد في الخمر

- ‌باب

- ‌باب في الصيد والذبائح

- ‌باب في العقيقة

- ‌باب في الختان

- ‌باب في الأطعمة

- ‌باب في الأشربة

- ‌باب في اللباس والزينة

- ‌باب في الأسماء والكنى

- ‌باب في السلام والإستئذان

- ‌باب في العطاس والتثاؤب

- ‌باب

- ‌باب في ثواب الأمراض وما يُصيب المسلم

- ‌باب في الطب

- ‌باب

- ‌‌‌باب

- ‌باب

- ‌‌‌‌‌باب

- ‌‌‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب في السعادة والشقاوة والمقادير

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب في الرؤيا

- ‌باب

- ‌باب

الفصل: إلى آخر الأجل". قال: "وإنَّ الكافر إذا خرجت رُوحُهُ - قال

إلى آخر الأجل".

قال: "وإنَّ الكافر إذا خرجت رُوحُهُ - قال حماد وذكر من نتنها وذكر لعْناً- ويقول (1) أهل السماء: رُوحٌ خبيثةٌ جاءت من قبل الأرضِ، قال: فيقول (2): انطلقوا به إلى آخر الأجل".

فردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَيْطةً (3) كانت عليه على أنفه هكذا.

وعن ابن عمر (4)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحدكم إذا مات عُرِض على (5) مقعَدِهِ بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنةِ، فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النارِ، فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدُكَ حتى ييعثك الله إليهِ يوم القيامة".

مالك (6)، عن كعب بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنِّما نَسَمَةُ (7) المؤمن طائر (8) يَعْلَقُ في شجر الجنة، حتى يرجعَهُ الله إلى جسدِهِ يوم يبعثُهُ".

‌باب

النسائي (9)، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(1)(ف): (فيقول).

(2)

مسلم: (فيقال).

(3)

هو الثوب الرقيق.

(4)

مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (65).

(5)

مسلم: (عليه).

(6)

الموطأ: (1/ 240)(16) كتاب الجنائز (16) باب جامع الجنائز - رقم (49).

(7)

النسمة: النفس والروح.

(8)

الموطأ: (طير).

(9)

النسائي: (4/ 112)(21) كتاب الجنائز (117) أرواح المؤمنين - رقم (2078).

ص: 868

"قال الله تبارك وتعالى (1): كذَّبني ابنُ آدم، ولم يكن ينبغي (2) لَهُ أن يُكَذِّبَنِي، وشتمني ابن آدم، ولم يكن ينبغى لَهُ أن يشتمني، أمَّا تكذيبُهُ إيّاي، فقولُه: إني لا أُعِيدُهُ كما بدأتُهُ، وليس آخر الخلق بأعزّ عليَّ من أولِهِ. وأما شتمُهُ إيّايَّ فقولُهُ: اتخذ الله ولداً، وأنا الله أحدٌ (3) الصمدُ، لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد".

خرجه البخاري (4) أيضا.

مسلم (5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين أربَعُونَ"، قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يوماً؟ قال: أَبَيْتُ (6)، قالوا: أربعون شهراً؟ قال أُبَيْتُ، قالوا: أربعون سنة؟، قال: أَبَيْتُ. "ثم ينزل (7) من السماء ماء فينبُتُون كما ينبتُ البقلُ".

قال: "وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظماً واحِدا وهو عَجْبُ الذَّنَب (8)، وفيه (9) يُرَكَّبُ الخلق يوم القيامة".

وفي طريق آخر (10): "منه خُلِقَ وفيه يُرَكَّبُ".

وعن جابر بن عبد الله (11)، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم

(1) النسائي: (عز وجل).

(2)

(ينبغي): ليست في (ف).

(3)

النسائي: (الأحد) وكذا (د).

(4)

البخاري: (8/ 611)(65) كتاب التفسير (112) سورة قل هو الله أحد .. - رقم (4974).

(5)

مسلم: (4/ 2270)(52) كتاب الفتن (28) باب ما بين النفختين - رقم (141).

(6)

أي أبيت أن أجزم بأن المراد أربعون يوماً أو شهراً أو سنة.

(7)

مسلم: (يُنْزِل الله).

(8)

(عجب الذنب) أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، ويقال له: عجم، بالميم، وهو أول ما يخلق من الآدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه.

(9)

مسلم: (منه).

(10)

مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (142).

(11)

مسلم: (4/ 2206)(51) كتاب الجنة (19) باب الأمر بحسن الظن بالله - رقم (83).

ص: 869

يقول: "يُبْعَثُ كلُّ عبدٍ على ما مات عليهِ".

وعن سهل بن سعد (1)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يُحْشَرُ الناس يوم القيامة على أرضٍ بيضاءَ، عفراءَ، كقُرْصَةِ النَّقيِّ، ليس فيها عَلَمٌ لأحد".

وعن عائشة (2)، قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحْشَرُ النَّاسُ يوم القيامةِ، حفاةً عُراةً غُرْلاً" قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء (3) جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال:"يا عائشة! الأمْرُ أشدُّ من أن ينظر بعضهم إلى بعضٍ".

وعن سليم بن عامر (4)، قال: حدثني المقدادُ بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُدْنى الشمس، يوم القيامة، من الخلقِ، حتى تكون منهم كمقدار ميلٍ".

قال سليم بن عامر: فواللهِ ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض، أو الميل الذي تُكْتَحَلُ بِه العينُ.

قال: "فيكون الناس على قدر أعمالهم في العَرَق، فمنهم من يكون إلى كعبيهِ، ومنهم من يكون إلى رُكبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يُلْجِمُهُ العرقُ إلجاماً"، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيهِ.

قاسم بن أصبغ، عن أبي برزَةَ الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع، عن عمره

(1) مسلم: (4/ 2150)(50) كتاب صفات المنافقين (2) باب في البعث والنشور - رقم (28).

(2)

مسلم: (4/ 2194)(51) كتاب الجنة (14) باب فناء الدنيا - رقم (56).

(3)

مسلم: (النساء والرجال).

(4)

مسلم: (4/ 2196)(51) كتاب الجنة (15) باب في صفة يوم القيامة - رقم (62).

ص: 870

فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين كَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ".

خرجه الترمذي أيضاً (1).

وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ.

مسلم (2)، عن صفوان بن محرز قال: قال رجلٌ لابن عمر: كيف سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ في النجوى؟ قال سمعته يقول "يُدْنَى المؤمن من ربه يومَ القيامة (3) حتى يَضَعَ عليه كَنَفَهُ (4)، فيقرِّرُهُ بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: رب (5) أعرف، قال فإنِّى قد سترتُهَا عليك في الدنيا، وإنِّي أغفرها لك اليوم، فَيُعْطى صحيفة حسناتِهِ. وأمَّا الكفار والمنافقون فيُنَادى بهم على رؤوس الخلائِقِ: هؤلاء الذين كذبوا على الله".

وعن أبي ذرٍّ (6)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لأعلم آخر أهل الجنة دُخولاً الجنة، وآخر أهل النَّار خُرُوجاً منها، رجلٌ يُؤْتَى به يوم القيامةِ، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذُنُوبه، وارفعوا عنه كِبَارَهَا، فتُعْرَضُ عليه صِغارُ ذنوبِهِ، فيُقال: عملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فيقول: نعم، لا يستطع أن يُنْكِرَ، وهو مشفقٌ من كبار ذنوبه أن تُعْرَضَ عليهِ، فيُقَالُ (7): إنَّ لك مكان كل سيئةٍ حسنةً، فيقول ربِّ قد عملت أشياء لا أراها ها هنا".

(1) الترمذي: (4/ 529)(38) كتاب صفة القيامة (1) باب في القيامة رقم (2417).

(2)

مسلم: (4/ 2120)(49) كتاب التوبة (8) باب قبول توبة القاتل - رقم (52).

(3)

مسلم: (يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل).

(4)

هو ستره وعفوه.

(5)

مسلم: (أي رب) وفي (د): (رب اغفر) و (رب): ليست في (ف).

(6)

مسلم: (1/ 177)(1) كتاب الإيمان (84) باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها - رقم (314).

(7)

مسلم: (فيقال له).

ص: 871

فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتي بدت نواجِذُهُ.

وعن أبي هريرة (1) قال، قالوا يا رسُولَ الله - هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال "هل تُضَارُّون في رؤيةِ الشمس في الظهيرة، ليست (2) في سحابةٍ؟ " قالوا": لا. قال "فهل تُضَارُّون في رؤيةِ القمر ليلة البدر، ليس في سحابةٍ؟ " قالوا لا. قال "فوالذي (3) نفسي بيدِهِ لا تضارُّونَ في رؤية ربكم، إلا كما تضارُّون في رؤيةِ أحدهما. قال: فيلقى العبدَ فيقول: أي فُلْ (4)، ألم أُكرمك وأُسوِّدْكَ، وأُزوِّجك، وأُسخِّر لك الخيل والإِبل، وأذَرْكَ ترأَس وتربَعُ (5)؟ فيقول (6) بلى. قال: فيقول: أفظننت أنك مُلَاقِيَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كا نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول أي فُلْ، ألم أكرمك، وأُسوِّدْكَ، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإِبل، وأذَرْكَ ترأسُ وتَرْبَعُ؟ فيقول: بلى (7). قال: فيقول: أفظننتَ أنك مُلَاقِىَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي (8) أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابِكَ وبرسلك وصلَّيْتُ وصُمْتُ وتصدَّقْتُ ويثني بخيرٍ ما استطاع فيقول: ها هنا إذاً.

قال: ثم يقال لَهُ: الآن نبعث شاهداً عليك، ويتفكَّرُ في نفسِهِ مَنْ ذا الذي يشهدُ عليَّ؟ فيُخْتَمُ على فِيهِ، ويقال لفخذه (9): انطِقِي، فتنطق فخِذُه ولحمه وعظامه بِعَملِهِ، وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه، وذلك المنافق؛ وذلك الذي

(1) مسلم: (4/ 2279)(53) كتاب الزهد - رقم (16).

(2)

(ف): (وليست).

(3)

(ف): (والذي).

(4)

معناه: يا فلان، وهو ترخيم على خلاف القياس.

(5)

أي تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة وهو ربعها ومعناه: ألم أجعلك رئيساً مطاعاً.

(6)

(ف): (قال: فيقول).

(7)

مسلم: (بلى، أي رب).

(8)

(ف): (إني).

(9)

مسلم (لفخذه ولحمه وعظامه).

ص: 872

سخط (1) الله عليه".

وعن أبي هريرة (2) - أيضاً، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أتدرون ما المُفْلِسُ؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم لَهُ ولا متاع، قال:"إنَّ المفلس من أُمَّتي: يأتي يوم القيامةِ بصلاة وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دَمَ هذا، وضرب هذا، فَيُعْطَى هذا من حسناتِهِ وهذا من حسناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حسناتُهُ قبل أن يُقْضَى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليهِ ثم طُرِح في النارِ".

البخاري (3)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يخلُصُ المؤمنون من النار، فيُحبسون على قنطرةٍ بين الجنة والنار، فَيُقصُّ لبعضهم من بعض، مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُقوا، أُذن لهم في دخول الجنة، فو الذي نفس محمدٍ بيده لأحدُهم أهدَى بمنزلِهِ في الجنة منه بمنزلِهِ كان في الدنيا".

مسلم (4) عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَتؤَدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاة الجلْحاء من الشاة القرْناء".

وعن عائشة (5)، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حُوسِبَ، يوم القيامةِ، عُذِّبَ". فقلت: أليس قد قال الله: {يُحَاسَبُ (6) حِسَابًا يَسِيرًا} ؟ فقال: "ليس ذلك الحساب وإنما ذلك (7)

(1) مسلم: (يسخط).

(2)

مسلم: (4/ 1997)(45) كتاب البر والصلة (15) باب تحريم الظلم - رقم (59).

(3)

البخاري: (11/ 403)(81) كتاب الرقاق (48) باب القصاص يوم القيامة - رقم (6535).

(4)

مسلم: (4/ 1997)(45) كتاب البر والصلة (15) باب تحريم الظلم - رقم (60).

(5)

مسلم: (4/ 2204)(51) كتاب الجنة (8) باب إثبات الحساب - رقم (71).

(6)

مسلم: (قال الله عز وجل: فسوف يحاسب) والآية من سورة الإنشقاق: (8).

(7)

مسلم: (ليس ذاك الحساب، إنما ذاك العرض).

ص: 873

العرضُ، من نُوقِشَ (1) الحساب يوم القيامةِ عُذِّب".

وعن ابن أبي مُلَيْكة (2) قال؟ قال عبد الله بن عمرو بن العاصي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوضى مسيرةُ شهرٍ، وزوايَاهُ سواءٌ، وماؤه أبيض من الورق، وريحُهُ أطيب من المسكِ، كِيزانه (3) كنجوم السماءِ؛ فمن (4) شرب منه فلا يظمأ بعدَهُ أبداً" قال: وقالت أسماء ابنة أبي بكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي على الحوض حتى أنظر من يَرِدُ عليَّ منكم، وسَيُؤخَذُ أُناسٌ دُوني، فأقولُ: يا ربِّ، مِنِّي ومن أمَّتي، فيقالُ: أما شعرت ما عملوا بعدَكَ؟ واللهِ ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم".

قال: فكان ابن أبي مُليكة يقول: اللهم إنَّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن (5) نفتن عن ديننا.

وعن أبي سعيدٍ الخدري (6)، أنَّ ناساً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله - هل نرى ربنا يوم القيامةِ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم. هل تضارُّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارُّون في رؤية القمر اليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟ " قالوا: لا يا رسول اللهِ، قال"ما تضارُّون في رؤية اللهِ تبارك وتعالى يوم القيامةِ، إلَّا كما تضارون في رؤية أحدهما.

إذا كان يوم القيامةِ، أذَّنَ مؤذنٌ: لتتبعَ (7) كلُّ أُمةٍ ما كانت تعبُدُ، فلا

(1)(نوقش) أي استقْصِيَ عليه.

(2)

مسلم: (4/ 1794)(43) كتاب الفضائل (9) باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته - رقم (27).

(3)

مسلم: (وكيزانهم).

(4)

(ف): (من).

(5)

(ف): (وأن).

(6)

مسلم: (1/ 167)(1) كتاب الإيمان (81) باب معرفة طريق الرؤية - رقم (302).

(7)

مسلم: (ليتبع).

ص: 874

يبقى أحدٌ، كان يعبُدُ غير اللهِ عز وجل (1) - من الأصنام والأنصابِ، إلا يتساقَطُونَ في النَّارِ، حتى إذا لم يبقَ إلا من كان يعبُدُ اللهَ مَنْ بَرٍّ وفاجرٍ، وغُبَّرِ (2) أهل الكتاب. فيُدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبدُ عُزَير بن اللهِ. فيقالُ لهم (3) كذبتم ما اتَّخَذَ اللهُ من صاحبةٍ ولا ولدٍ. فماذا تبغون؟ قالوا: عَطِشْنَا يا رب (4) فاسقِنَا. فيُشار إليهم: ألا تَرِدُونَ؟ فيحشرون إلي النار كأنَّها سرابٌ يحطِمُ بعضها بعضاً، فيتساقطون في النَّارِ، ثم يُدْعَى (5) النَّصَارَى، فيقالُ لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبُدُ المسيحَ بن اللهِ، فيقال لهم: كذبتُم، ما اتخذ الله من صاحبةٍ ولا ولدٍ؛ فيقال لهم: ماذا تبغون؟ قالوا عطشنا، يا رب (6) فاسْقِنَا. قال: فيشار إليهم: ألا ترِدُون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنَّها سرابٌ يحطِمُ بعضُها بعضاً، فيتساقطُون في النّارِ، حتى إذا لم ييق إلا من كان يعبُدُ الله من بَرٍّ وفاجرٍ، أتاهُم رب العالمين تبارك وتعالى (7) في أدنى صورةٍ من التي رَأّوهُ فيها، قال فما تنتظرون؟ تَتْبَعُ (8) كلُّ أمةٍ ما كانت تعبُدُ. قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاجهم. فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نُشْرِكُ بالله شيئاً (مرتين أو ثلاث) حتى إنَّ بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آيةٌ فتعرفونَهُ بها؟؛ فيقولون: نعم، فَيُكْشَفُ عن ساقٍ، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاءِ نفسِهِ إلا أَذِنَ الله له بالسجود (9)؛ ولا يبقى من كان يسجد

(1) مسلم: (سبحانه).

(2)

أي بقاياهم، جمع غابر.

(3)

(لهم): ليست في مسلم وكذا (د).

(4)

مسلم: (يا ربنا).

(5)

(ف): (فيدعي).

(6)

مسلم: (يا ربنا).

(7)

مسلم: سبحانه وتعالى.

(8)

(ف): (لتتبع).

(9)

(ف): (في السجود).

ص: 875

اتَّقاءً ورياءً إلا جعل اللهُ ظهره طبقةً واحدةً كلما أراد أن يسجُدَ خرَّ على قفاهُ، ثم يرفعون رؤوسَهُمْ وقد تحوَّل في صورتهِ التي رَأَوْهُ فيها أول مرةٍ، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربُّنا، ثم يُضرب الجسْرُ على جهنم، وتحِلُّ الشفاعَةُ، ويقولون: اللهم سَلِّمْ سَلِّمْ".

قيل: يا رسول الله! وما الجسْرُ؟ قال: "دحضٌ مَزَلَّةٌ (1) فيها خطاطِيفُ وكلاليبُ وحَسَكَة (2)، تكون بنجْدٍ فيها شُوَيْكَةٌ يقال لها السَّعْدَانُ، فيمر المؤمنون كطرف العينِ، وكالبرقِ، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيلِ، والرَّكاب (3)، فناجٍ مُسلَّمٌ، ومخدوشٌ مُرْسَلٌ، ومُكَردس (4) في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النَّارِ، فوالذي نفسي بيدِهِ ما من أحدٍ منكم (5) بأشدَّ مُنَاشَدَةً لله في استقصاء (6) الحقِّ، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهمُ الذين في النار، يقولون: ربَّنا كانوا يصُومُون معنا ويُصلُّون (7) ويحُجُّونَ، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتُم، فتُحَرَّمُ صورُهُم على النَّار، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذتِ النارُ إلى نصف ساقيهِ وإلى ركبتيهِ، فيقولون (8): ربنا ما بقى فيها أحدٌ ممن أمرتنا بِهِ، فيقول: ارجعوا فمن وجدتُم في قلبِهِ مثقال دِينارٍ من خيرٍ، فأخرجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا.، ثم يقول: ارجعوا في وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خيير فأخرجُوه، فيُخْرجُون

(1) الدحض والمزلة بمعنى واحد، وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر، ومنه دحضت الشمس أي مالت، وحجة داحضة أي لا ثبات لها.

(2)

مسلم: (حسك). والحسك شوك صلب من حديد.

(3)

(الركاب) الإبل.

(4)

مسلم: (مكدوس). والمعنى أنهم ثلاثة أقسام: قسم يسلم فلا يناله شيء أصلاً،:وقسم يخدش ثم يرسل فيخلص وقسم يكردس ويلقى فيسقط في جهنم.

(5)

مسلم: (ما منكم من أحدٍ).

(6)

(د، ف)(استيفاء).

(7)

(د): (يصلون معنا ويصومون).

(8)

مسلم: (ثم يقولون) وكذا (د).

ص: 876

خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر أحداً. مِمَّنْ أمرْتَنَا (1). ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ ذرةٍ من خيرٍ فأخرجُوهُ، فيُخْرِجُوَن خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً".

وكان أبو سعيد الخدري (2) يقول: إنْ لم تُصدِّقُوني بهذا الحديث فاقرأُوا إنْ شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (3).

"فيقولُ اللهُ عز وجل: شفعتِ الملائكةُ وشَفَعَ النبيِّون وشفع المؤمنون، ولم ييق إلا أرحم الراحمين، فيقبضُ قبضةً من النَّار، فيُخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادُوا حُمَماً فيلقيهم في نهرٍ في أفواهِ الجنة يقالُ لَهُ نهر الحياةِ، فيخرُجُونَ كما تخرج الحبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ (4)، ألا ترونها تكون إلى الحَجَرِ و (5) إلى الشجر، ما يكونَ إلى الشمس يكون (6) أُصَيْفِر وأُخيضر، وما يكون منها (7) إلي الظل يكون أبيض؟ " فقالوا: يا رسول الله! كأنك كنت ترعى بالبادية (8) - "فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم (9) يعرفهم أهلُ الجنةِ- هؤلاء عُتَقَاءُ اللهِ الذين أدخلهُم الجنة (10) بغير عمل عَمِلُوُه ولا خيرٍ قدَّموهُ، ثم

(1)(د، ف): (لم نذر ممن أمرتنا أحداً).

(2)

(الخدري). ليست في (ف).

(3)

النساء: (4).

(4)

الحبهَ في حميل السيل: الحبة بالكسر، بذور البقول وحب الرياحين، وقيل: هو نبت صغير ينبت في الحشيش.

وحميل السيل: هو ما يجيء به السيل من طين أو غثاء وغيره فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة، فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها.

(5)

مسلم: (أو).

(6)

(يكون): ليست في (ف).

(7)

(منها): ليست في (ف).

(8)

(ف): (في البادية).

(9)

مسلم: (الخواتم).

(10)

مسلم: (أدخلهم الله الجنة) وكذا (د).

ص: 877

يقول: ادخلوا الجنَّة فما رأيتمُوهُ فهو لكم، فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحداً من العالمين، فيقول: لِكُمْ عِنْدي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فيقولون: يا ربنا أيُّ شيءٍ أفضل من هذا (1)؟ فيقول: رِضَايَ فلا أسخط عليكم بعدَهُ أبداً".

مسلم (2)، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللهَ عز وجل لمَّا قضى الخلق كتب عنده فوق عرشهِ، إنَّ رحمتي سبقت غضبي".

وفي طريق آخر (3): "إنّ رحمتي تغلِبُ غضبي".

وعن أبي سعيد (4)، أنَّ ابن صيَّاد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تُربة الجنة؟ فقال:"دَرْمَكَةٌ (5) بيضاءُ، مسك خالص".

وعن أبي موسى (6)، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جنَّتان من ذهب (7) آنيتُهُما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتُهُما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم، إلَّا رِدَاءُ الكبرياءِ على وجهه في جنَّةِ عدنٍ".

الترمذي (8)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله عز وجل (9): أعددتُ لعبادى الصالحين مالا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرأوا (10) إنْ شئتم {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِي

(1)(د): (منها).

(2)

لم أجد هذا اللفظ في مسلم وقد روى نحوه في: (4/ 2108)(49) كتاب التوبة (4) باب في سعة رحمة الله تعالى.

(3)

نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (16).

(4)

مسلم: (4/ 2243)(52) كتاب الفتن (19) باب ذكر ابن صياد - رقم (93).

(5)

الدرمك: هو الدقيق الحواري الخالص البياض.

(6)

مسلم: (1/ 163)(1) كتاب الإيمان (80) باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة - رقم (296).

(7)

مسلم: (من فضة .... ، وجنتان من ذهب ....).

(8)

الترمذي: (5/ 373)(48) كتاب تفسير القرآن. (56) باب ومن سورة الواقعة رقم (3292).

(9)

الترمذي: (يقول الله).

(10)

الترمذي: (واقرأوا).

ص: 878

لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1).

وفي الجنة شجرة يسير الراكِبُ في ظلّها مائة عامٍ لا يقطَعُها، واقرأُوا إن شئتم:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (2) وموضِعُ سَوْطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، واقرأوا إن شئتم:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} " (3).

وقال أبو عيسى: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ.

البخاري (4)، عن أنسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو أنَّ امرأةً من أهل الجنة اطَّلَعَت إلى أهل الأرض لأضاءَتْ مابينهما ولملأتْهُ ريحاً، ولنَصِيفُها (5) على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها".

الترمذي (6)، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لمَّا خلق الله الجنَّة والنَّار، أرسلَ جبريلَ إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعْدَدْتُ لأهلِهَا فيها، قال: فجاءَهَا ونظر إليها، وإلى ما أعدَّ الله لأهلها فيها، قال: فَرَجَعَ إليهِ، قال: فَوَعِزَّتِكَ لا يسمعُ بها أحدٌ إلَّا دخلها، فأمر بها فحُفَّتْ بالمكارِهِ، فقال: ارجع إليها فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فقال: فرجع إليها فإذا هي قد حُفَّتْ بالمكاره، فرجع إليه فقال: وعزتك لقد خِفْتُ ألَّا يدخلها أحد. فقال: اذهب إلى النَّارِ، فانظر إليها وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها، فإذا هي يَرْكَبُ بعضها بعضاً، فرجع إليه فقال: وعزَّتِكَ لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فأمر بها فحُفَّتْ

(1) السجدة: (17).

(2)

الواقعة: (30).

(3)

آل عمران: (185).

(4)

البخاري: (6/ 19)(56) كتاب الجهاد والسير (6) باب الحور العين وصفتهن - رقم (2796).

(5)

النصيف: الخمار.

(6)

الترمذي: (4/ 598)(39) كتاب صفة الحنة (21) باب ما جاء حفت الجنة بالمكاره - رقم (2560).

ص: 879

بالشهواتِ، فقال: ارجع إليها، فرجع إليها فقال: وعزَّتِكَ لقد خشيتُ أن لا ينجو منها أحد إلَّا دخلها".

قال: حديث حسنٌ صحيحٌ.

مسلم (1)، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤتَى بجهنَّمَ يومئذٍ لها سبْعُون ألف زِمَامٍ، مع كل زمامٍ سبعون ألف مَلَكٍ يجُرُّونها".

وعن أبي هريرة (2)، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نارُكُمْ هذِهِ التي يُوقِدُ ابن آدم، جُزءٌ من سبعين جُزءاً من نار (3) جهنم" قالوا: والله إنْ كانت لكافيةً، يارسول الله. قال:"فإنها (4) فُضِّلت علها بتسعةٍ وستين جزءًا، كُلُّها مِثل حَرِّها".

وعن أنس بن مالك (5)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار، يوم القيامةِ، فيصبغُ في النار صَبْغة ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط؟ هل مَرَّ بك نعيمٌ قط؟ فيقولُ: لا، والله ياربِّ؛ ويُؤتَى بأشدِّ الناس بُؤساً في الدنيا، من أهل الجنةِ، فيُصْبَغُ صَبْغةً في الجنةِ، فيقال له: يا ابن آدَمَ هل رأيتَ بُؤسا قط؟ هل مَرَّ بك شِدَّةٌ قطُّ؟ فيقول: لا واللهِ يارب، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ، ولا رأيتُ شِدَّةً قطٌّ".

(1) مسلم: (4/ 2184)(51) كتاب الجنة وصفة نعيمها (12) باب في شدة حر نار جهنم - رقم (29).

(2)

مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (30).

(3)

مسلم: (حرّ).

(4)

(ف): (إنها).

(5)

مسلم: (4/ 2162)(50) كتاب صفات المنافقين (12) باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار - رقم (55).

ص: 880

الترمذي (1)، عن ابن عباس، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (2).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ قطرةً من الزقوم قُطِرتْ في الدنيا لأفسدتْ على أهل الدنيا معايِشَهُمْ، فكيف بمن تكون (3) طعامه".

قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

مسلم (4)، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أهون أهلِ النَّارِ عذاباً من لَهُ نعلانِ وشِراكان من نارٍ، يغلى منهما (5) دِمَاغُهُ كما يغلي المِرْجلُ، ما يرى أن أحداً أشدُّ مِنْهُ عذاباً، وإنَّهُ لأهونُهُمْ عذاباً".

وعن أبي سعيد الخدري (6) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: يا آدم! فيقول: لبّيك وسعْدَيْكَ، والخيرُ في يديْكَ، قال: يقولُ: أخْرِجْ بعث النار، قال ة وما بعثُ النار؟ قال: من كل ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةً وتسعين. قال: فذاك حين يشيبُ الصغير {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} (7) قال: فاشتدَّ ذلك عليهم، فقالوا يا رسُولَ الله! أيُّنا ذلك الرجل؟ فقال (8): "أبشروا، فإنَّ من يأجُوجَ ومأجوج ألفٌ ومنكما رجلٌ".

(1) الترمذي: (4/ 609)(40) كتاب صفة جهنم (4) باب ما جاء في صفة شراب أهل النار - رقم (2585).

(2)

آل عمران: (102).

(3)

الترمذي: (يكون) وكذا (د).

(4)

مسلم: (1/ 196)(1) كتاب الإيمان (91) باب أهون أهل النار عذاباً - رقم (364).

(5)

(ف): (منها).

(6)

مسلم: (1/ 201)(1) كتاب الإيمان (96) باب قوله "يقول الله لآدم أخرج بعث النار - رقم (379).

(7)

الحج: (2).

(8)

(ف). (قال).

ص: 881

قال: [قال: "والذي نفسي بيدِهِ إنِّي لأطمعُ أن تكونوا رُبْعَ أهلِ الجنة"، فحمدنا الله عز وجل وكبَّرنا](1) ثم قال: "والذي نفسي بيده، إنَّي لأطمعُ (2) أن تكونوا ثلث أهل الجنة"، فحمدنا الله -عز وجل وكبرنا، ثم قال:"والذي نفسي، بيده، إنِّي لأطمع أن تكونوا شَطْرَ أهل الجنةِ. إن مَثَلَكُمْ في الأمم كمثل الشعرةِ البيضاء في جلد الثَّوْرِ الأسودِ، وكالرَّقَمةِ (3) في ذراع الحمار".

وعن أبي سعيد الخدري (4) أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجَاءُ بالموْت يومَ القيامةِ كأنه كبشٌ أمَلحُ فيُوقف بين الجنةِ والنار، فيُقال: يا أهل الجنةِ! هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئِبُّونَ وينظرون، ويقولون: نعم، هذا الموت. قال: ثم يقال: يا أهل النَّار هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئِبُّون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت. قال: فيُؤمر بِهِ فيُذْبَح. قال: ثم يقال: يا أهل الجنة! خُلُودٌ فلا (5) موتَ، ويا أهل النار خُلُودٌ فلا (1) موت".

ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (6).

وأشار بيدِهِ إلى الدُّنْيَا.

(1) ما بين المعكوفتين سقط من (ف).

(2)

(ف): (لأرجو).

(3)

الرقمتان في الحمار هما الأثران في باطن عضديه وقيل الرقمة هي الدائرة في ذراعيه، وقيل: هي الهنة الناتئة في ذراع الدابة من داخل.

(4)

مسلم: (4/ 2188)(51) كتاب الجنة (13) باب النار يدخلها الجبارون - رقم (40).

(5)

(ف): (بلا).

(6)

مريم (39).

ص: 882