الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النهي عن تمني لقاء العدو والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو، وطلب غِرَّتهم، والوقت المستحب للقاء وقطع الثمار وتحريقها. والنهي عن قتل النساء والصبيان
.
مسلم (1)، عن عبد الله بن أبي أوْفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقى فيها العدُوَّ ينتظرُ حتى إذا مالتِ الشَّمسُ قام فيهم فقال:"يا أيها الناسُ لا تتمنَّوا لِقاءَ العدوِّ واسألوا الله العافيةَ، فإذا لقيتموهم فاصبرُوا، واعلموا أن الجنَّةَ تحت ظِلال السُّيُوفِ" ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم مُنْزِلَ الكِتَابِ ومُجرِيَ السحاب وهازِمَ الأحزاب اهزمهُم وانصرنا عليهم".
وعن سهل بن سعد (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأعطين هذه الراية رجلاً يفتحُ الله على يديه يُحبُّ الله ورسوله ويحبُّهُ الله ورسولُهُ" قال: فبات الناس يدُوكُون (3) ليلتهم إيهُم يُعطاها، فلما أصبحوا (4)، غدَوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلهُم يرجو (5) أن يُعطَاها، فقال:"أين عليُّ بن أبي طالب؟ " فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيهِ، قال:"فأرسلوا إليهِ" فأُتِيَ بِهِ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيهِ ودَعَا لَهُ فبرأ حتى كأن لم يكن به وجعٌ فأعطَاهُ الرَّايةَ، فقال عليٌّ: يا رسُول الله! أقاتِلُهُم حتى يكونوا مِثْلَنَا قال: "انْفُذْ على رِسْلِكَ حتى تنزل بساحَتِهم، ثمَّ ادعُهُم إلى الإسلامِ وأخبِرْهُم بما يجبُ عليهم من حقِّ الله (6)، فواللهِ لأن يهديَ
(1) مسلم: (3/ 1362)(32) كتاب الحهاد (6) باب كراهية تمني لقاء العدو - رقم (20).
(2)
مسلم: (4/ 1872)(44) كتاب فضائل الصحابة (4) باب من فضائل عليّ بن أبي طالب - رقم (34).
(3)
يدوكون: أي يتحدثون ويخوضون في ذلك.
(4)
مسلم: (فلما أصبح الناس).
(5)
مسلم: (يرجون).
(6)
مسلم: (حق الله فيه).
اللهُ بك رجُلاً" (1) خير من أن يكون لك حُمرُ النعَمِ".
وقال النسائي (2): فنفث في عينيه وهزَّ الراية ثلاثاً فدفعها إليه.
مسلم (3)، عن أنس، أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنَّجاشِي (4)، وإلى كُل جَبَّارٍ يدعوهم إلى الله عز وجل (5) ليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
البخاري (6)، عن أيى سفيان بن حرب، أن هِرَقْل أرسلَ إليه في ركبٍ من قريش، وكانوا تِجاراً بالشَّام في المُدَّةِ التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلِسهِ وحولَهُ عظماءُ الرُّوم، ثم دعاهم ودعا بالترجمان (7) فقال: أيُّكُم أقربُ نَسَباً بهذا الرجل الذي يزعُمُ أنه نبيٌّ؟، فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربُهُم نسباً، قال: أدنوهُ منَي وقرِّبوا أصحابَهُ واجعلوهُم عند ظَهْرِهِ، ثم قال لترجمانِهِ: قل لهم: إني سائِلُ هذا عن هذا الرجل (8) فإن كذبني فكذبوه فوالله لولا الحياءُ من أن يَأثِرُوا على كذباً لكذبت عنهُ، ثم كان أوَّلَ ما سألني عنهُ، قال: كيف نسبُهُ فيكم؟ قلتُ: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحدٌ قط مثله (9)، قلتُ: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا قال فأشراف النَّاسِ
(1) مسلم: (رجلاً واحداً).
(2)
خرجه النسائي في المناقب والسير في الكبرى كذا عزاه المزي في التحفة: (4/ 125).
(3)
مسلم: (3/ 1397)(32) كتاب الجهاد والسير (27) باب كتب النبي - صلى الله؛ عليه وسلم - إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله - رقم (75).
(4)
ف: (وإلى النجاشي).
(5)
مسلم: (يدعوهم إلى الله تعالى).
(6)
البخاري: (1/ 42 - 44)(1) كتاب بدء الوحى (6) باب - رقم (7).
(7)
البخاري: (بترجمانه).
(8)
البخاري: (إلي سائل هذا الرجل).
(9)
البخاري: (قبله).
اتبعوه (1)، أم ضعفاؤهم؟ قلتُ (2): بل ضعفاوهُم. قال: أيزيدون أم ينقُصُون؟ قلتُ: بل يَزِيدون. قال فهل يرتد أحد منهم سُخْطة لدينهِ بعد أن يدخُلَ فيه؟ قلت: لَا، قال: فهل كنتم تتَّهِمُونهُ بالكذبِ قيل أن يقول ما قال؟ قلتُ: لا، قال: فهل يَغْدِرُ؟ قلت: لا ونحن منهُ في مُدَّةٍ، لا ندري ما هو فاعلٌ فيها. قال: ولم تُمكِنِّي كلمةْ أُدخِلُ فيها شيئاً غيرُ هذِهِ الكلمة، قال: فهل قاتلتُمُوهُ؟ قلتُ: نعم، قال فكيف كان قتالكم إياه؟ قلتُ: الحربُ بيننا وبينَهُ سِجَالٌ، ينالُ منا وننال مِنْهُ. قال: ماذا يأمُرُكُم؟ قلتُ: يقول: "اعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً واتركوا ما يقولُ آباؤكم" ويأمرنا بالصلاة والصِّدْقِ والعفافِ والصِّلَة، فقال للتُّرجمان: قل له: سألتُكَ عن نسبه، فذكرتَ أنه ذو نسب وكذلك الرسلُ تبعث في نَسببِ قومها، وسألتُكَ هل قال أحدٌ منكم هذا القول؟ فذكرتَ أنْ لا، فقلتُ: لو كان أحدٌ قال هذا القولَ قبلَهُ لقلتُ رجلٌ يأْتَسي بقول قِيل قبلِهُ، وسألتكَ هل كان من آبائِهِ من مَلِكٍ؟ فذكرتَ أنْ لا قلتُ: فلو كان من آبائِهِ من مَلكٍ قلت: رجُلٌ يطلُبُ مُلكَ أبيه، وسألتُك: هل كنتم تتَّهمونَهُ بالكَذِبِ قبل أن يقولَ ما قال؟ فذكرتَ: أن لا؛ فقد أعرف أنَّهُ لم يكن لِيَذرَ الكَذبَ على النَّاس ويكذب على الله، وسألتُك: أشراف الناس اتَّبعُوهُ أم ضُعَفاوهُم؟ فَذَكرتَ: أن ضعَفاءهم اتبعوه وهم أتباعُ الرُّسُل، وسألتُكَ (3): أيرتد أحدٌ سُخْطة لدينهِ بغدَ أن يدخُلَ فيه، فذكرتَ: أنْ لا وكذلِكَ الايمانُ حينَ يخالط بشاشة (4) القلوب، وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟، فذكرتَ أنهم يزيدون، وكذلك أمرُ الايمان حتى يتِمَّ، وسألتك: هل يغدِرُ؟، فذكرتَ: أن لا وكذلك الرُّسُل لا تغدِرُ، وسألتك: بم يأمُركم؟ فذكرتَ: أنه يأمُرُكم أن تعبُدوا
(1) البخاري: (يتبعونه).
(2)
البخاري: (فقلت).
(3)
في البخاري تقديم وتأخير في هدا السؤال والذي يليه.
(4)
البخاري: (بشاشته).
الله ولا تُشرِكوا به شيئاً، وينهاكُمْ عن عِبَادةِ الأوثانِ، ويأمُرُكم بالصلاةِ والصِّدقِ والعَفَافِ، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنتُ أعلمُ أنه خارِجٌ ولم اكن أظنُّ أنه منكم، فلو أنِّي أعلم أنِّي أخلُصُ إليه لتجشَّمْتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لَغَسَلْتُ عن قدمه.
ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث بِهِ مع (1) دحية إلى عظيم بُصرى فدفعَهُ إلى هِرَقْلَ عظيم الروم (2) فقرأهُ، فإذا فيه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمَّدٍ عبد اللهِ ورسولهِ إلى هرِقْل (3) سلامٌ على من اتَّبع الهدى، أما بعدُ فإني أدعوك بِدِعايةِ الإِسلام، أسْلِم تسلَم، يؤتك (4) الله أجرَكَ مَرّتينِ، فإن توَلَّيتَ فإنَّ عليك إثمَ الأريسِّيين و {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}. قال أبو سفيان: فلمَّا قال ما قال، وفرغ من قراءَةِ الكِتَابِ كَثُرَ عندَهُ الصَّخَبُ وارتفعَتِ الأصواتُ، وأُخرِجْنَا، فقلتُ لأصحابي حين أخرِجنَا. لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشَةَ إنَّه يخافه ملِكُ بني الأصفر فما زلتُ مُوقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإِسلام.
وكان ابن الناطُورِ -صاحب إيلياءَ وهرَقلَ- سُقُفاً على نصارى الشام يُحَدِّثُ أن هرقل حين قدم إيْليَاءَ أصبح يوماً خبيث النَّفْسِ، فقال له بعض بطارِقَتِه: قد استنكزنا هيئتكَ، قال ابن الناطُور: وكان هِرقْلُ حذَّاءً ينظرٌ في النُّجُومِ، فقال لهم حين سألوه: إلي رأيتُ الَّليلةَ حين نظرت في النجوم مَلِكَ الخِتَانِ قد ظهر، فمن يختتن من هذِهِ الأمَّةِ، قالوا: ليس يختتِنُ إلَّا اليهودُ؛ فلا
(1)(مع): ليست في البخاري.
(2)
(عظيم الروم): ليست في البخاري.
(3)
البخاري: (إلى هرقل عظيم الروم).
(4)
البخاري: (أسلم يؤتك)،
يهمك (1) شأنُهُم، واكُتب إلى مدائنِ مُلْكِكَ فليقتلوا (2) من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أُتِيَ هرقل برجُلٍ أَرْسَل بِهِ ملك غَسَّانَ يخبرُ عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخبَرهُ هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هُوَ أمْ لا؟ فنظروا إليه فحدَّثُوهُ أنَّهُ مخْتَتِنٌ وسألهُ عن العربِ: أيختتنون (3)؟، فقال: نعم (4) يختتنون (5) فقال هِرقل: هذا ملكُ هذِهِ الأمة قد ظهر، ثم كتب هرقل إلى صاحب له بِرُومية وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حِمصَ، فلم يرِم حمص حتى أتاهُ كِتَاب من صاحِبِهِ يُوافِقُ رَاي هرقْلَ على خُروجِ النبي صلى الله عليه وسلم وأنَّهُ نبيٌّ فأذِنَ هرقلُ لعظماءِ الروم في دَسْكَرَةٍ له بِحِمص، ثم أمر بأبوابها فغُّلَقَتْ، ثم اطَّلَعَ فقال: يا مَعشَرَ الرُّوم، هل لكم في الفلاحِ والرُّشْدِ وأن يَثبُتَ مُلكُكُم فتبايعوا هذا النَّبي؟ فحاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوحش إلى الأبوابِ، فوجدوها قد غُلِّقَتْ، فلما رأى هرقل نَفْرَتَهم وأيس من الإيمان قال: رُدُّوهُم عليَّ وقال: إنِّي قلت مقالتي آنِفا، أختَبرُ بها شِدَّتَكُم (6)، فقد رأيتُ، فسجدوا له ورضُوا عنه، فكان ذلك آخِر شَأْنِ هِرقْلَ.
مسلم (7)، عن ابن عون قال: كتضتُ إلى نافع أسألُهُ عن الدُّعَاءِ قبل القتال؟ فكتب إليَّ: إنَّما كان ذلك في أول الإِسلام، قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بني المصطلق وهم غارُونَ (8)، وأنعامهم تُسْقى على الماءِ، فقتل مُقاتِلتَهم وسبى سبيَهُمْ، وأصاب يومئذٍ. (قال يحيى: أحسبُهُ قال) جويريةَ
(1) البخاري: (يهمنك).
(2)
البخاري: (فيقتلوا).
(3)
البخاري: (وسأله عن العرب فقال: هم بختتنون).
(4)
ف: هما يختتنون.
(5)
(فقال: نعم يختتنون): ليست في البخاري.
(6)
البخاري: (شدتكم على دينكم).
(7)
مسلم: (3/ 1356)(32) كتاب الجهاد والسير (1) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام - رقم (1).
(8)
غارون: أي غافلون.
(أو البَتَّةَ) ابنة الحارث. وحدثني هذا الحديث عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش.
الصحيح جويرية، وهى زوجة صلى الله عليه وسلم.
مسلم (1)، عن أيى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحَرْبُ خُدعةٌ"
أبو داود (2)، عن أم كلثوم بنت عقبة، قالت: ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرخِصُ في شيء من الكذب إلا في ثلاث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أعدُّهُ كذاباً (3) الرجل يُصلح بين النّاس، و (4) يقول القول لا يريد به إلا الإِصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها".
خرجه مسلم (5) أيضاً.
مسلم (6)، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغِيرُ إذا طَلَعَ الفَجْرُ، وكان يستَمِعُ الَأذَانَ، فإنْ سمع أذاناً أمسك وإلا أغَارَ، وذكر الحديث.
وعن ابن عمر (7)، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بَني
(1) مسلم: (3/ 1362)(32) كتاب الجهاد والسير (5) باب جواز الخداع في الحرب - رقم (18).
(2)
أبو داود: (4/ 281) - كتاب الأدب - باب في إصلاح ذات البين - رقم (4921).
(3)
أبو داود: كاذباً.
(4)
(و): ليست في أبي داود.
(5)
مسلم: (4/ 2011)(45) كتاب البر والصلة والآداب (27) باب تحريم الكذب وبيان المباح منه - رقم (101).
(6)
مسلم: (1/ 288)(4) كتاب الصلاة (6) باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سهع فيهم الأذان - رقم (9).
(7)
مسلم: (3/ 1365)(32) كتاب الجهاد والسير (10) باب جواز قطع أشجار الكفار - رقم (30).