الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدّمات التّحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - بين يدي الكتاب
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، به أبتدىء وعليه أتوكل. . .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مقر بربوبيته، ومعترف بألوهيته، وناف لأن يكون له شريك في ذاته، أو صفاته، أو أفعاله. . .
وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بعثه الله بالدين القويم، والمنهج المستقيم، ليكون للعالمين رحمة وإماما وحجة، وفرض عليهم طاعته واتباعه ومحبته، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، أو ابتعد عن نهجه.
بمتابعته صلى الله عليه وسلم يكون الفلاح والنصر، وتحصل السعادة والطمأنينة، وبمخالفته صلى الله عليه وسلم يكون الشقاء والذل، ويعيش الإنسان حياة التعاسة والهمل. . .
فصلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليما كثيرا كثيرا، ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وبعد:
فأخلق بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنعم بها أن تكون كتابا يقرؤه القارئون، ويتذاكره المتذاكرون؛ كيف لا، وهو صلى الله عليه وسلم القدوة الكاملة، والأسوة الحسنة لكل من كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا. بل كيف نقتدي به، ونتأسى بشخصيته صلى الله عليه وسلم إذا لم نطلع على سيرته، ونتعرف على فضائله وشمائله، ونتدارس صفاته وأخلاقه.
ومن هنا كان اهتمام علمائنا الأفاضل، ومشايخنا الكرام بجمع السيرة، والتأليف فيها، والكتابة عنها وبكل ما يتصل بها: من حوادث ومغاز، ودلائل وخصائص. . . فدونوا المؤلفات الكثيرة الغزيرة في هذا الشأن، وهي أشهر من أن تذكر، وأوضح من أن تشهر، واختلفت أساليب كتابتهم لهذه السيرة الشريفة:
فمن جامع لحوادثها ومغازيها، ومن مفرد للمغازي فقط، ومنهم من أضاف إلى هذين: الفضائل والشمائل، والدلائل والخصائص، ومنهم من أفرد هذه الأخيرة، ومنهم من جمع كل ذلك بزيادة شيء من سيرة الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم. وهذا ما فعله مؤلف هذا الكتاب: الحافظ مغلطاي بن قليج رحمه الله.
كما تنوعت الكتابة من ناحية أخرى: فمن العلماء من كتبها نثرا، ومنهم من صاغها شعرا، ومنهم من أفردها بمؤلّف مستقل، ومنهم من جعلها في مقدمة كتابه، أو سياق تاريخه، كلهم-رحمهم الله، وأجزل لهم المثوبة-يبغي خدمة هذه السيرة، وتقريبها للناس، وأن يتبرك بصاحبها صلى الله عليه وسلم. . وبهذه النية أحببت مشاركتهم في ذلك فأقدمت على تحقيق هذا الكتاب في السيرة النبوية، لأظهره بالمظهر اللائق به، ولأخدمه تحقيقا وتخريجا وتعليقا، لينضاف إلى كتب تراثنا الخالد في هذا المجال، فمن هو مؤلف هذا الكتاب؟ وما هي منزلته بين العلماء؟ وما منهج وقيمة كتابه هذا؟.
هذا ما سوف أتكلم عنه في الصفحات القليلة التالية، قبل عرض نص الكتاب، والله أسأل أن يتقبل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يثيبني ووالديّ ومشائخي خير الثواب، والله من وراء القصد، وهو حسبي ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. .
وكتب أبو عبد الله محمّد نظام الدّين الفتيّح نزيل المدينة المنورة
المدينة المنورة، في الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1413 هـ