الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: ما اختص به صلى الله عليه وسلم من الفضائل والإكرام. فمنه:
أن أزواجه اللاتي توفي عنهن محرمات على غيره أبدا، وفيمن فارقها في حياته أوجه، أصحها: التحريم (1).
وأن أزواجه-رضوان الله عليهن-أمهات المؤمنين (2)، وأنهن أفضل من غيرهن من النساء، وجعل ثوابهن وعقابهن ضعفين (3).
= يفرض ذلك عليه، تطييبا لنفوسهن، وصونا لهن عن أقوال الغيرة. وقيل: كان القسم واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية. وقال الحافظ في الفتح 8/ 386 عند شرح حديث السيدة عائشة السابق: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ: أي تؤخرهن بغير قسم، وهذا قول الجمهور.
(1)
كذا أيضا في الروضة 5/ 355، والتهذيب 1/ 41 كلاهما للإمام النووي، وذكر الدليل على ذلك، قوله تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب:6].
(2)
كذا قال الإمام النووي في الموضع السابق، وأضاف: سواء من ماتت تحته صلى الله عليه وسلم، ومن مات عنها وهي تحته، وذلك في تحريم نكاحهن، ووجوب احترامهن وطاعتهن، لا في النظر والخلوة، ولا يقال: بناتهن أخوات المؤمنين، ولا آباؤهن وأمهاتهن أجداد وجدات المؤمنين ولا إخوانهن. . قلت: هذا قول الإمام البغوي في التفسير 3/ 507. وقال الإمام البيهقي في الدلائل 3/ 459: فقد تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر وهي أخت عائشة، وتزوج العباس أم الفضل وهي أخت ميمونة، ولم يقل: هما خالتا المؤمنين. وقال البغوي أيضا: كن أمهات المؤمنين من الرجال دون النساء. واستدلوا على هذا بما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها: أن امرأة قالت لها: يا أمّة. فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم. أخرجه ابن سعد 8/ 64 - 67، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 70 وقال ابن العربي في أحكام القرآن 3/ 542: وهو الصحيح. وفسره الإمام السيوطي في الخصائص 2/ 250 بقوله: لأن فائدة الأمومة في حق الرجال-وهي النكاح-مفقودة في حق النساء.
(3)
وذلك لقوله تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً* وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ -
وأنه خاتم النبيين. وخير خلق الله.
وأمته أفضل الأمم. وهي معصومة من الإجماع على ضلالة.
أصحابه خير القرون. وشريعته مؤبدة، وناسخة لجميع الشرائع.
وكتابه معجز، محفوظ عن التحريف والتبديل، وهو حجة على الناس بعد وفاته، ومعجزات الأنبياء انقرضت.
ونصر بالرعب مسيرة شهر، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت له الغنائم، وأعطي الشفاعة، والمقام المحمود، وأرسل إلى الناس كافة (1).
وهو سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع (2).
وأول من يقرع باب الجنة. وأكثر الأنبياء تبعا (3).
وأعطي جوامع الكلم (4).
= صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً [الأحزاب:30 - 31].
(1)
كل هذه المعاني صحيحة ومشهورة لا تحتاج إلى تخريج أو شرح.
(2)
هذه الثلاث الأخيرة يجمعها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع» . رواه مسلم في الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق (2278).
(3)
كما في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة» . أخرجه مسلم في الإيمان، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا (196).
(4)
حديثه صحيح مشهور، ولكني أسوقه لأنه يجمع عدة خصائص وفضائل له صلى الله عليه وسلم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت-
وصفوف أمته في الصلاة كصفوف الملائكة (1).
وكان لا ينام قلبه (2).
ويرى من وراء ظهره كما يرى أمامه (3).
ولا يحل لأحد أن يرفع صوته فوق صوته، ولا يناديه باسمه، ويخاطبه المصلي بقوله: السلام عليك أيها النبي، ولو خاطب آدميا غيره بطلت صلاته، ويلزم المصلي إذا دعاه أن يجيبه وهو في الصلاة، ولا تبطل صلاته (4).
= لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون». أخرجه الإمام مسلم أول المساجد ومواضع الصلاة (523).
(1)
أخرجه مسلم في الموضع السابق (522) من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. .» .
(2)
أخرجه البخاري من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وفيه: فقلت: يا رسول الله تنام قبل أن توتر! قال: «تنام عيني، ولا ينام قلبي» . كتاب المناقب، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه (3569)، وانظر الحديث الذي بعده (3570)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (763) -186.
(3)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«هل ترون قبلتي ها هنا؟ فو الله ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري» . أخرجه البخاري في الصلاة، باب عظة الإمام في إتمام الصلاة وذكر القبلة (418)، ومسلم في الصلاة، باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها (424).
(4)
لما في الصحيح من حديث أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ. . . أخرجه البخاري في التفسير، باب ما جاء في فاتحة الكتاب (4474). وقوله: -
وكان بوله ودمه يتبرك بهما (1).
= «ويخاطبه المصلي بقوله السلام عليك. .» يعني في التشهد. قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/ 163: ووجه الدلالة أنه منع من مخاطبة الآدمي بقوله: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» أخرجه مسلم.
(1)
كذا نص الإمام النووي في الروضة 5/ 359، والتهذيب 1/ 42 وعبارته: وكان يتبرك ويستشفى ببوله ودمه. وعنون له الإمام البيهقي في السنن 7/ 67: باب تركه الإنكار على من شرب بوله ودمه. قلت: أما دليل الأول: فقد أخرج الطبراني في الكبير 24/ 189 و 205، والبيهقي في السنن 7/ 67 عن حكيمة بنت أميمة عن أمها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبول في قدح عيدان، ثم يرفع تحت سريره، فبال فيه، ثم جاء فأراده، فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة، كانت تخدم أم حبيبة، جاءت بها من أرض الحبشة:«أين البول الذي كان في القدح؟ قالت: شربته. فقال: لقد احتظرت من النار بحظار» . وقال في المجمع 8/ 271: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله ابن أحمد بن حنبل وحكيمة وكلاهما ثقة. وصحح سنده السيوطي أيضا في الخصائص 2/ 252. وأما الدم: فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته، فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما صنعت يا عبد الله؟ قال: جعلته في مكان ظننت أنه خاف على الناس، قال: فلعلك شربته. قلت: نعم. قال: ومن أمرك أن تشرب الدم؟ ويلك من الناس، وويل الناس منك. أخرجه الحاكم 3/ 554، وأبو نعيم في الحلية 1/ 330، والبيهقي 7/ 67، وعزاه الذهبي في السير 3/ 366 إلى أبي يعلى. وقال في المجمع 8/ 270: رواه الطبراني والبزار باختصار، ورجال البزار رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة. وله أوجه أخرى أشار إليها البيهقي، وأوردها السيوطي في الخصائص، وله شاهد من حديث سفينة رضي الله عنه أنه شربه. أخرجه البزار وأبو يعلى وابن أبي خيثمة والبيهقي والطبراني، وقال الهيثمي 8/ 270: ورجال الطبراني رجال ثقات.
وكانت الهدية حلالا له بخلاف غيره من ولاة الأمور (1).
ولا يجوز الجنون على الأنبياء بخلاف الإغماء، واختلف في الاحتلام، والأشهر امتناعه.
وفاتته ركعتان بعد الظهر فصلاهما بعد العصر. وداوم عليهما (2).
وكل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببه ونسبه، وذلك أن أمته ينسبون إليه في القيامة، بخلاف أمم سائر الأنبياء (3).
(1) كذا نص في الروضة أيضا 5/ 360.
(2)
ورد ذلك في الصحيح، أخرجه البخاري من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت:«صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر ركعتين وقال: شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر» . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله» . وفي رواية: «ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين» . انظر صحيح البخاري، مواقيت الصلاة، باب ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها. وقال الحافظ في الشرح: وأما مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك فهو من خصائصه، والدليل على رواية ذكوان مولى عائشة أنها حدثته:«أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال» رواه أبو داود.
(3)
كذا أيضا في الروضة 5/ 359، واستدلوا لذلك بحديث عمر رضي الله عنه مرفوعا:«كلّ سبب ونسب يوم القيامة منقطع، إلا سببي ونسبي» . أخرجه الطبراني في الكبير (2634) و (2635) و (2633)، والبزار كما في كشف الأستار (2455) و (2456)، وقال الهيثمي في المجمع 9/ 173: أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة. ورواه الحاكم 3/ 142، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 114. كما رواه الطبراني في الكبير أيضا من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه 20/ 25 - 27 (30) و (33)، والإمام أحمد 4/ 323 و 332، والحاكم 3/ 154. كما أورده الهيثمي في المجمع 9/ 173 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات. وله طرق أخرى، وانظر-
ومن رآه في المنام فقد رآه حقا (1).
وأن الأرض لا تأكل لحم الأنبياء (2).
وإنّ كذبا عليه ليس ككذب على غيره (3).
صلى الله عليه وعلى سائر النبيين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
= تلخيص الحبير 3/ 194 حيث تكلم عليه الحافظ طويلا.
(1)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم (110)، ومسلم في الرؤيا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«ومن رآني في المنام فقد رآني» (2266).
(2)
كما في حديث أوس بن أوس رضي الله عنه وفيه: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» . أخرجه الإمام أحمد 4/ 8، وأبو داود في الصلاة، باب فضل الجمعة وليلة الجمعة (1047)، والنسائي الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة 3/ 91 - 92، وابن ماجه في الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم (1636). وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وله شواهد.
(3)
هذا معنى حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كذبا عليّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار» . أخرجه البخاري في الجنائز (1291)، ومسلم في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).