الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - الكتاب: قيمته ومنهجه
أ-قيمته واهتمام العلماء به:
حضيت السيرة التي وضعها الحافظ مغلطاي باهتمام وعناية العلماء، فكانت مرجعا ومصدرا لمن جاء بعده، بل لمن عاصره وتتلمذ على يديه من كبار الحفاظ، خاصة إذا علمنا أنه كتبها في وقت مبكر على وفاته، نستدل على هذا بما صرح في مقدمة كتابه كما سيأتي أنه وضعها تلبية لرغبة قاضي القضاة جلال الدين القزويني المتوفى سنة 739، أي قبل وفاة المؤلف بخمس وعشرين سنة على الأقل فتلقاها العلماء بالقبول، فإذا كانت السّير وضعت للعامة، فهذه ألّفت للعلماء: فمن ناظم لها، ومن كاتب عليها بعض الفوائد، ومن مختصر. .
فهذا تلميذه الحافظ العراقي يمشي في «ألفيته» على سيرة مغلطاي، وينظمها شعرا (1).
كما كتب عليها فوائد كلّ من الشمس البرماوي، والشرف أبي الفتح المراغي، وجرد ذلك في تصنيف مفرد: التقي بن فهد (2).
كما نظمها على زيادة ألف بيت الشمس الباعوني الدمشقي المتوفى (871) هـ وسماها: «منحة اللبيب في سيرة الحبيب» (3).
(1) قاله السخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ/152/، وانظر فتح الباري عند شرح الحديث (1063).
(2)
المصدر السابق (الإعلان).
(3)
المصدر السابق/153/. وقال السخاوي: وسمعت بعضه منه. وانظر معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم للدكتور صلاح الدين المنجد.
ولخصها أيضا الشيخ الفاسي المكي صاحب شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين. المتوفى (832) هـ، وسماها «الجواهر السنية في السيرة النبوية». وقد أدرجها كاملة في مقدمة كتابه الكبير:
«العقد الثمين» (1). وقال أول هذا التلخيص وقبل أن يسوقه: وذلك فيما لخصته من السيرة الصغرى للحافظ علاء الدين مغلطاي المصري الحنفي رحمه الله وأكده بلفظه. ثم ذكر إجازته للكتاب إلى مغلطاي وقال: وإنما عوّلت على كتابه دون غيره من الكتب المصنفة في هذا المعنى على كثرتها. لأن كتابه أكثرها فوائد، وفيه من الفوائد النفيسة ما لا يوجد في كثير من الكتب المبسوطة في هذا المعنى (2).
كما نقل عنه الحافظ القسطلاني صاحب المواهب اللدنية مصرحا باسمه في كثير من المواضع، وما لم يصرح أكثر، بحيث إني لو قلت: إنه ضمنها كاملة كتابه، لما بالغت أو جانبت الصواب، والله أعلم.
أما الحافظ ابن حجر في الفتح-وله سيرة لم أطلع عليها-، والنجم عمر بن فهد في إتحاف الورى، والإمام الصالحي في سبل الهدى والرشاد، والشيخ الديار بكري في تاريخ الخميس: فقد نقلوا عن الحافظ مغلطاي في كتبهم في عدة أماكن، والأخيران بالأخص صرحا في مقدمة كتابيهما أن مغلطاي مرجع رئيسي من مراجعهما. وقد بلغ من كثرة نقلهما أني كنت أصحح نص الكتاب على ما نقلاه من مغلطاي (3).
ولسبب أو آخر قرن طاش كبرى زاده سيرة مغلطاي إلى سيرة ابن إسحاق وابن هشام فقط عندما تحدث عن علم المغازي والسير (4).
(1) الجزء الأول من 217 - 279.
(2)
العقد الثمين 1/ 217 - 218.
(3)
سوف أذكر مواضع النقل هذه في أماكنها من هذا الكتاب إن شاء الله.
(4)
مفتاح السعادة ومصباح السيادة 1/ 260.