الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاهتمام البالغ بالحجاب:
كانت (ض) تهتم بالحجاب اهتماها بالغا، وقد تأكد ذلك الأمر بعد نزول آية الحجاب (1)، وإذا أرادت أن يدخل عليها أحد من تلاميذها الخواص تأمر إحدى قريباتها - أختها أو بنت أختها - فترضعه، وذلك استنادا إلى حديث خاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)، وبالتالي فتكون جدة لذلك التلميذ من الرضاعة، فيدخل عليها (3)، وإلا فيكون هناك حجاب بينها وبين تلاميذها (4)، ومن شدة اهتمامها وعنايتها البالغة بأمور الحجاب أنها لم تكن تخالط الرجال في الطواف، ((وكانت تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة:
(1) صحيح البخاري حديث الإفك، وقد مر عدة مرات.
(2)
وهو الحديث الذي ذكر فيه رضاعة سالم: عن عائشة (ض) قالت: ((جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم، وهو حليفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: وقد علمت أنه رجل كبير)) (صحيح الإمام مسلم كتاب الرضاع برقم 1453).
وقد أخرجه الإمام أبو داود بتفصيل أكثر وفيه سبب احتجاج عائشة بهذا الحديث، ونصه: جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي
…
فقالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فضلا (أي متبذلة في ثوب واحد من ثياب محضتي) وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، فبذلك كانت عائشة (ض) تأمر بنات أخواتها وبتات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرا، خمس رضعات ثم يدخل عليها))
…
(سنن أبي داود كتاب النكاح برقم 2061، وانظر كذلك مسند الإمام أحمد 272/ 6).
(3)
هذه المسألة قد تفردت بها عائشة (ض) من بين سائر الأزواج المطهرات، قال الإمام أبو داود في الحديث السابق برقم 2061: وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا من الناس حتى يرضع في المهد، وقلن لعائشة:
والله ما ندري لعلها كانت رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس. (وسوف نتناول هذا الموضع بشيء من التفصيل لاحقا في مبحث المسائل الفقهية الخلافية).
(4)
ورد في صحيح البخاري: كنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف
ثبير
…
(كتاب الحج برقم 1618).
انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: عنك، وأبت)) (1).
وإذا أرادت الطواف في النهار يخلى المطاف من الرجال (2)، وفي رواية أنها كانت تخمر وجهها بالجلباب أثناء الطواف، ودخل عليها مكاتب لها ببقية مكاتبته فقالت له: ما أنت بداخل مرتك هذه فعليك الجهاد في سبيل الله (3).
كذلك من ورعها وشدتها في أمر الحجاب أنها كانت احتجبت من إسحاق التابعي وكان ضريرا، فقال لها: أتحتجبين مني ولست أراك! قالت: إن لم تكن تراني فإني أراك (4).
لم تفرض الشريعة الإسلامية الاحتجاب من الأموات لكن عائشة (ض) من شدة ورعها، واهتمامها بالحجاب، والأخذ بالحيطة الكاملة لم تكن تدخل بيتها بعد دفن عمر (ض) إلا مشدودة عليها ثيابها.
تقول (ض): ((كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي (ض) واضعة ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر (ض) والله ما دخلت إلا مشدودة علي ثيابي، حياء من عمر (ض)) (5).
…
(1) صحيح البخاري كتاب الحج برقم 1618.
(2)
نفس المصدر، وكذلك: مسند الإمام أحمد 117/ 6 برقم 24905. عن كريمة بنت همام قالت: دخلت المسجد الحرام فأخلوه لعائشة.
(3)
مسند الإمام أحمد بن حنبل 85/ 6 برقم 24592، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 275 وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد ثقات.
(4)
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 69/ 8.
(5)
أخرجه الحاكم في المستدرك 8/ 4 برقم 6721 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.