الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
هل يلزم خروج المني لوجوب الغسل الشرعي؟ اختلفوا في هذا، فكان جابر (ض) يقول: الماء من الماء، فلما سمعت عائشة (ض) بذلك قدمت في البداية حديثا مخالفا له، ثم قالت:((لو زنى أحد ولم يخرج الماء هل ترجمونه؟ فلماذا لا يجب الغسل إذن؟)) (1).
تقسيم السنة:
إن تحديد نوعية السنة الصادرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في توقيت خاص أو لمصلحة خاصة، وهل هي سنة عادة أو سنة عبادة، من أهم موضعات الفقه وأدقها، فكل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم يعبر عنه بالسنة، وقد قسمها العلماء قسمين:
1 -
سنة عبادة.
2 -
سنة عادة.
سنة عبادة: هي تلك الأفعال التي صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم تعبدا بنية الثواب.
وهي على قسمين:
المؤكدة: وهي ما واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم دون الترك. المندوبة: ما واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم مع الترك أحيانا.
سنة عادة: هي تلك الأفعال التي صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار كونه إنسانا وبشرا، أو فعلها صلى الله عليه وسلم لحاجة مؤقتة أو ذاتية، ولا يجب على الأمة اتباع الأفعال التي صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم عادة، إلا أن المحبين والعشاق يعتقدون أن القيام بهذه الأفعال واتباع السنة طلبا للبركة من ثمرات الحب ونتائجه. وذلك لأن ((كل فعل من الحبيب حبيب)) (2).
(1) ذكر الزركشي في كتابه قول عائشة: أخطأ جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، أيوجب الرجم ولا يوجب الغسل؟ انظر: الإجابة للزركشي ص 158 وعين الإصابة للسيوطي ص 297 مع سيرة عائشة (ض).
(2)
انظر: ((الإحكام في تمييز الفتاوى والأحكام)) للإمام القرافي (الناشر).
يتبين من الأحاديث أن عائشة (ض) قد رسخت في نفسها هذه الأصول فنرى أنها الوحيدة التي روت لنا حديث صلاة التراويح وقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه الناس ثلاث ليال، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يحضر النبي صلى الله عليه وسلم وخرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال:((أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها)) (1).
فيتضح من هذا أن عائشة (ض) كانت تعرف أن ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم من دون ترك فإنه يصبح مؤكدا، وما يتركه أحيانا فلا يكون مؤكدا ولا يصل إلى درجة الوجوب.
وكان عبد الله بن عمر (ض) لا يرى تقسيم السنة إلى عبادة وعادة، بل إنه كان يقول إن كل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عبادة أو عادة مثل قضاء الحاجات البشرية، والمقتضيات الإنسانية، أو فعل شيء لسبب أو مصلحة مؤقتة، كل ذلك عنده من عداد السنة التي ينبغي اتباعها للمسلم، ولذلك روي أنه كان يتتبع أفعال النبي عليه الصلاة والسلام حتى في منازل السفر، فلو عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ في المكان الفلاني، كان يتوضأ فيه، ولو لم تكن عنده حاجة إلى الوضوء.
لكن أم المؤمنين عائشة (ض) وكذلك ابن عباس (ض) كانا يقولان بذلك التقسيم، ولذلك لم تعتبر عائشة (ض) نزول النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح سنة، تقول (ض):((نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج)) (2).
(1) الحديث بالتفصيل أخرجه البخاري في صحيحه كتاب صلاة التراويح برقم 2012، ومسلم في صحيحه كتاب صلاة التراويح برقم 761، والنسائي في سننه كتاب قيام الليل برقم 1604، وأبو داود في سننه كتاب الصلاة برقم 1373.
(2)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه كتاب الحج برقم 1311، والبخاري في صحيحه =