الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحب والوفاء للأزواج المطهرات. وكانت عائشة (ض) تقول: ((إن كان ذاك إلي فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحدا)) (1).
ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم نعي جعفر الطيار (ض) غزوة مؤتة حزن حزنا شديدا، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله إن شاء جعفر
…
وذكر بكاءهن، فأمره بأن ينهاهن، فذهب الرجل ثم أتى فقال: قد نهيتهن، وذكر أنهن لم يطعنه، فأمره الثانية أن ينهاهن، فذهب ثم أتى فقال: والله لقد غلبنني أو غلبننا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((فاحث في أفواههن التراب، وعائشة (ض) كانت تطلع عليه من شق الباب، فقالت: أرغم الله أنفك فوالله ما أنت بفاعل، وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء)) (2).
وغالبا ما ينام النبي صلى الله عليه وسلم ويضع رأسه على فخذ عائشة، وذات مرة جاءها أبو بكر (ض) ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذها قد نام، فعاتبها وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنها بيده في خاصرتها، تقول عائشة:((فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي)) (3).
مداراة الزوجة:
لقد جعل الله عز وجل من حياة النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة للمجتمع الإنساني بأكمله، وكان صلى الله عليه وسلم خير الأزواج وألطفهم بأهله، لم يعهد عنه صلى الله عليه وسلم أنه عنفهن أو اشتد عليهن، بل كان بهن رفيقا رحيما، يترضاهن إذا غضبن، ويعاملهن معاملة كريمة بأقصى غاية من المودة والمحبة، ولم يكن ذلك كله إلا لكي يعلم أمته كيف يتعامل الأزواج مع زوجاتهم.
سبق أن ذكرنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعهد عائشة بما يسرها، ويفرح حتى بلعبتها،
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب تفسير القرآن برقم 4789، ومسلم في صحيحه كتاب الطلاق برقم 1476 وأبو داود في سننه كتاب النكاح برقم 2136.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز برقم 1299، 1305، ومسلم في صحيحه كتاب الجنائز برقم 935، والنسائي في سننه كتاب الجنائز برقم 1847.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التيمم برقم 334، ومسلم في صحيحه كتاب الحيض رقم 367، والنسائي في سننه كتاب الطهارة برقم 310.
كانت عائشة قد ربت في حضنها جارية من الأنصار، فلما حان عرسها زوجتها عائشة (ض) بكل بساطة دون أي غناء أو لهو، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال:((يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهوا)) (1).
وكان الأحباش يلعبون بحرابهم بمناسبة أفراح العيد، فأرادت عائشة (ض) أن تنظر إلى لعبهم، فسترها النبي صلى الله عليه وسلم بردائه وهي تشاهد لعبهم، تقول (ض):((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا التي أسأم)) (2).
وربما مر أبوها (ض) بالبيت فيسمع صوتها عاليا في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل غاضبا يتناولها ليلطمها وينهرها قائلا: لا أراك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج أبو بكر:((كيف رأيتني أنقذتك من الرجل)) (3)؟!
وجاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا عائشة تعرفين هذه؟ قالت: لا، يا نبي الله، قال: هذه قينة بني فلان، تحبين أن تغنيك؟ قالت: نعم، فأعطتها طبقا، فغنتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد نفخ الشيطان في منخريها)) (4) ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كره مثل هذه الأغاني.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح برقم 5163، وأخرجه أحمد في مسنده بلفظ:((كانت في حجري جارية من الأنصار فزوجتها، قالت: فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسها، فلم يسمع لعبا، فقال: يا عائشة إن هذا الحي من الأنصار يحبون كذا وكذا)) رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند 269/ 6 برقم 26356، كما أخرجه ابن حبان في صحيحه 3/ 185 برقم 5875، وهو في موارد الظمآن للهيثمي 493/ 1 برقم 2016.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح رقم 5190/ 5236، ومسلم في صحيحه كتاب صلاة العيدين برقم 892، والنسائي في سننه كتاب صلاة العيدين رقم 1594 و1595.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه كتاب الأدب برقم 4999، والنسائي في السنن الكبرى 5/ 139 رقم 8495 و9155.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/ 449 حديث السائب بن يزيد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 130: ورواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 8/ 158 رقم 6686.