الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بناؤه صلى الله عليه وسلم بعائشة:
نزلت عائشة (ض) مع أهلها في حي بني الحارث بن الخزرج (1)، وأقامت هناك مع أمها ما يقارب سبعة أو ثمانية أشهر، وكانت المدينة المنورة أرضا وبئة، فتأثر المهاجرون بمناخها هذا لما سكنوا فيها، فمرض بعضهم، وأصابتهم الحمى والسقم حتى أجهدهم ذلك، وكذلك أبو بكر (ض) أصابته الحمى الشديدة فكانت عائشة تعوده وتستخبر حاله، تقول (ض): ((لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، فدخلت عليهما، فقلت: يا أبي كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
((كل امرئ مصبح في أهله
…
والموت أدنى من شراك نعله))
قالت: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: ((اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة، أو أشد، اللهم وصححها، وبارك لنا في مدها وصاعها، انقل حماها، فاجعلها بالجحفة)) (2).
ثم تأثرت عائشة (ض) نفسها بهذا المناخ الذي لم تألفه من قبل فمرضت، فكان أبو بكر (ض) يأتيها ويقبلها ويقول: كيف أنت يا بنية؟ وكان المرض شديدا حتى تمرق شعرها، تقول (ض) وهي تحكي لنا هذه القصة:((فقدمنا المدينة فوعكت شهرا فوفى شعري جميمة)) (3).
ولما شفيث أخذت أمها تهيئها للزواج وتعالجها، ثم قال أبو بكر:
(1) أخرجه البخاري في صحيحه باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها برقم 3894، وأبو عوانة في مسنده 78/ 3 برقم 4260، والدارمي في سننه باب في تزويج الصغار إذا زوجهن آباؤهن برقم 2261، 212/ 2، والبيهقي في السنن الكبرى باب ما تقول النسوة للعروس برقم 13621، 7/ 148، وأبو داود في السنن باب في الأرجوحة برقم 4937.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم 3926، وكتاب المرض برقم 5654 وبرقم 5677، والإمام مسلم في صحيحه كتاب الحج برقم 1376، ومالك في الموطأ كتاب الجامع برقم 1648.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم 3894، ومسلم في صحيحه كتاب النكاح برقم 1422 واللفظ له، وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم 1876.
يا رسول الله ما يمنعك أن تبني بأهلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصداق، فأعطاه أبو بكر اثنتي عشرة أوقية ونشا، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة، (1). وفي هذا عبرة وعظة للذين يتساهلون في أداء المهور، هع أنه حق ثابت للمرأة، وألزم الله سبحانه وتعالى الزوج أن يقدمه لزوجته تعبيرا عن تقديره لها.
كانت علاقة أم المؤمتين عائشة (ض) بالمدينة المنورة علاقة المصاهرة، وها هي تصف لنا بنفسها قصة زفافها وبناء الرسول صلى الله عليه وسلم بها، فتقول:((تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين، قالت: فقدمنا المدينة ...... فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة، ومعي صواحبي، فصرخت بي فأتيتها، وما أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي، فأوقفتني على الباب، فقلت: هه، هه، حتى ذهب نفسي، فأدخلتني بيتا، فإذا نسوة من الأنصار، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فغسلن رأسي، وأصلحنني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى، فأسلمتني إليه)) (2).
وهذه أسماء بنت يزيد إحدى صديقات عائشة صلى الله عليه وسلم تحكي لنا عما قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنواع القرى عند حفل الزفاف، تقول: كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فوالله ما وجدنا عنده قرى إلا قدحا من لبن، قالت: فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية، فقلنا: لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خذي منه، فأخذته على حياء، فشربت منه، ثم قال: ناولي صواحبك، فقلنا: لا نشتهيه، فقال: لا تجمعن جوعا وكذبا، قالت: فقلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه، يعد ذلك
(1) أخرجه مفصلا الطبراني في الكبير 25/ 23 برقم 60، ط: مكتبة العلوم والحكم، والإمام ابن عبد البر في الاستيعاب 1937/ 4، وابن سعد في الطبقات الكبرى 63/ 8.
(2)
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم 3894، والإمام مسلم في صحيحه كتاب النكاح برقم 1422، وأبو داود في سننه كتاب الأدب برقم 4933، وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم 1876، والدارمي في سننه كتاب النكاح برقم 2261.