الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها الأحكام الدينية والمسائل الشرعية المنوطة بمختلف المجالات من الصلاة والذكر والدعاء، والحياة الاجتماعية، وهي تتعلمها بكل شوق ورغبة، وتستمع إليها بآذان صاغية وقلوب واعية، وتعمل بها بكل مواظبة ومداومة (1).
الشؤون المنزلية:
والبيت الذي بنى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة (ض) لم يكن قصرا عاليا رفيعا مفخما، وإنما كان عبارة عن حجر وغرف صغيرة في حي بني النجار، مبنية حول المسجد النبوي الشريف، بناها النبي صلى الله عليه وسلم لتكون مساكن له ولأهله، وكانت مساكن قصيرة البناء قريبة الفناء، ومن بينها كانت حجرة عائشة (ض) بناها النبي صلى الله عليه وسلم شرقي المسجد (2)، وكان بابه من هذه الحجرة واقعا داخل المسجد النبوي على جهة الغرب، وكأن المسجد النبوي صار فناء لها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصغي إلى عائشة رأسه وهو معتكف في المسجد، فترجله (3)، وأحيانا يطلب شيئا فيمد يده من المسجد إليها فتناوله إياه، وكان
= 167/ 2 برقم 1453، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب 66/ 4 برقم 4825 ط: دار الكتب العلمية بيروت 1417 هـ ت إبراهيم شمس الدين.
(1)
من أمثلة شدة مواظبتها على العمل بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه أحمد في مسنده عن عائشة قالت: صليت صلاة كنت أصليها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لو أن أبي نشر فنهاني عنها ما تركتها 138/ 6 برقم 25122، وهناك أحاديث تدل على تعلمها أمور دينها من النبي صلى الله عليه وسلم. يراجع: مسند الإمام أحمد بن حنبل 138/ 6 و147/ 6 و6/ 151.
(2)
يراجع للتفصيل: خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للإمام السمهودي الباب الرابع فصل 4.
(3)
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة (ض) قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد، فأرلجله وأنا حائض. وفي لفظ للبخاري:((ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله)) وفي لفظ لمسلم ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرلجله)).
انظر صحيح البخاري كتاب الاعتكاف برقم 1924/ 1925، صحيح مسلمم كتاب الحيض برقم 683/ 682، سنن أبي داود كتاب الصيام برقم 2467، 2469، سنن الترمذي كتاب الصوم برقم 804.
عرض الحجرة ست أو سبع أذرع، جدارها من الطين، وسقفها من جريد النخل، قصير حيث يناله كل من يقف، مغشاة من خارج بمسوح الشعر، لكي تكون وقاية من المطر، ولم يكن للباب مصراعان وإنما مصراع واحد من عرعر أو ساج (1)، إلا أنه لم يغلق على أحد ليوم واحد طوال الحياة.
وكان في جنب الحجرة مشربة أقام فيها الرسول صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا زمن الإيلاء (2)، وكان جهاز بيت النبى صلى الله عليه وسلم وأثاث حجرته محتويا على سرير وحصير، ووسادة من أدم حشوها ليف، وأهب معلقة، وقربة، وإداوة للماء والتمر، وقصعة لشرب الماء (3).
ومما لا شك فيه أن مسكن النبي صلى الله عليه وسلم كان منبعا للأنوار الربانية، ومنهلا للفيوض النبوية إلا أنه كان خاليا من المصابيح الدنيوية، فلم يكن هناك سراج ولا مصباح يضيئ البيت وينوره بالنور والضياء الظاهري (4)، تقول عائشة (ض):((كان يأتي علينا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون ليلة ما يوقذ في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مصباح ولا غيره)) (5).
هذا ولم يكن في البيت أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة (ض)، وبعد فترة جاءت جارية (بريرة (ض)) اشترتها عائشة (ض) واشترطت أن يكون ولاؤها
(1) يراجع: الأدب المفرد للبخاري باب البناء 272/ 1 برقم 776، والطبقات الكبرى لابن سعد، وخلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي الباب الرابع الفصل الرابع، ووفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى 1/ 458.
(2)
سبق تخريج حديث الإيلاء، انظر: صحيح البخاري برقم 2468.
(3)
انظر: صحيح البخاري بأرقام 4913، 2468، 5388، 905.
(4)
تقول عائشة (ض): كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد
غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح. أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة برقم 513، ومسلم في صحيحه كتاب الصلاة برقم 512، والنسائي في سننه كتاب الطهارة رقم 168، ومالك في الموطأ كتاب النداء للصلاة برقم 258.
(5)
أخرجه الطيالسي في مسنده ص 207 رقم 1472، كما أخرجه إسحاق بن راهويه 2/ 335 رقم 891.
لها (1). وفي بداية الأمر حينما لم تكن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا سودة وعائشة، كان صلى الله عليه وسلم يبيت عند عائشة ليلة بعد ليلة، ولما تشرفت الأزواج المطهرات الأخريات بهذا الشرف، وأكرمهن الله تعالى به، وكبرت سودة (ض) جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين من تسعة أيام، يومها ويوم سودة (2).
ولم يكن هناك اهتمام كبير بأمور البيت، ولم تعد لديهم حاجة إلى ذلك، وقلما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، تحكي لنا عائشة (ض) حياتها اليومية ومعيشتها فتقول:((ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله عز وجل)(3)، وكانت تقول:((ليأتي على آل محمد صلى الله عليه وسلم الشهر ما يختبزون خبزا ولا يطبخون قدرا))، وفي رواية:((لقد كان يأتي على آل محمد صلى الله عليه وسلم الشهر، ما يرى في بيت من بيوته الدخان)) (4)، ((كانوا يعيشون على التمر والماء)) (5).
(1) انظر: صحيح البخاري كتاب الصلاة برقم 456، كتاب البيع بأرقام 2155، 2156، 2168، كتاب الهبة رقم 2578، كتاب العتق برقم 2563، كتاب الشهادات برقم 2637، 2661، كتاب الشروط رقم 2717، وصحيح الإمام مسلم كتاب العتق
برقم 1504.
(2)
تنظر الأحاديث الواردة في هذا السياق في:
صحيح البخاري كتاب الهبة برقم 2594 و2688، كتاب الشهادات، كتاب النكاح برقم 5212، وصحيح مسلم كتاب الرضاع برقم 1663، وسنن أبي داود كتاب النكاح برقم 2138.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأطعمة رقم 5423، ومسلم في صحيحه كتاب الزهد والرقائق برقم 2970، وسنن النسائي كتاب الضحايا رقم 4432، وابن ماجه في سننه كتاب الأطعمة برقم 3344.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 217/ 6 برقم 25867 و237/ 6 برقم 26046، والطيالسي في مسنده ص 207، وقد ورد في صحيح البخاري كلمة ((الشهر)) كتاب الرقاق رقم 6458.
(5)
تقول عائشة (ض): كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا، إنما هو التمر والماء
…
الحديث. كتاب الرقاق من صحيح البخاري برقم 6458، وفي رواية: قالت ردا على سؤال عروة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء. (كتاب الرقاق برقم =