الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غيرتها على خديجة ونماذج من تدللها:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أم المؤمنين خديجة (ض) كثيرا، نظرا للمقام الرفيع الذي كانت تحتله في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف أنه حزن على أحد قط أشد من حزنه عليها، ولا أطال الذكرى لأحد قط بعد وفاته كما أطال ذكرها، وسمى عام وفاتها عام الحزن، لأن الحزن لم يفارقه طوال أيامه وإن سكنت سورته مع الأيام كما تسكن كل سورة لاعجة مع ذلك العزم الصادق والقلب الصبور.
وذات مرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فقالت عائشة: ((كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد)) (1).
وفي رواية عند أحمد قالت عائشة (ض): ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوما فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها، قال: ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقتي الله عز وجل ولدها، إذ حرمني أولاد النساء)) (2).
وأصيبت عائشة (ض) مرة بالصدع في رأسها فقالت: وارأساه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه - فكان ذلك ابتداء الوجع الذي توفي فيه - ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك، قالت: لكني أو لكأني والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت: فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم (3).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم 3818.
(2)
أخرجه أحمد في مسنده 117/ 6 برقم 24908، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 224/ 9، والطبراني في الكبير 13/ 23 برقم 22.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المرضى برقم (5666) جزءا من الحديث، وأحمد واللفظ له 228/ 6 برقم 25950، وابن حبان في صحيحه 14/ 551 برقم 6586، والبيهقي في السنن الكبرى 396/ 3 برقم 5451، والنسائي في السنن الكبرى 4/ 252 برقم 7079.
وجيء مرة بأسير فحجزه النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة (ض) وعندها نسوة فلهينها عنه، فذهب الأسير، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عائشة ما فعل الأسير؟ فقالت: لهوت عنه مع النسوة، فخرج، فقال: ما لك قطع الله يدك أو يديك، فخرج فآذن به الناس فطلبوه فجاؤوا به، فدخل علي وأنا أقلب يدي، فقال: مالك أجننن؟ قلت: دعوت علي فأنا أقلب يدي أنظر أيهما يقطعان، فحمد الله وأثنى عليه ورفع يديه مدا وقال:((اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهورا)) (1).
وكانت (ض) تفتخر بكونها البكر الوحيدة بين سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتدل أحيانا - إدلال الحبيب - أمام النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: يا رسول الله أرأيت لو نزلت واديا فيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال:((في الذي لم يرتع منها)) (2). تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها.
وفي واقعة الإفك - التي سيأتي ذكرها لاحقا - لما أنزل الله تعالى براءتها بالوحي قالت لها أمها: قومي إليه (تقصد النبي صلى الله عليه وسلم)، فقالت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل الذي أنزل في براءتي وحيا يتلى إلى يوم القيامة (3).
وذات مرة قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 52/ 6 برقم 24304، وهو في مجمع الزوائد للهيثمي 8/ 266 وفيه أنه دفع الأسير إلى حفصة بدل عائشة، وأخرجه الضياء المقدسي الحنبلي في الأحاديث المختارة 5/ 20، وفيه: أنه دفع الأسير إلى إنسان ولم يسمه،
كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 89/ 8.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه باب نكاح الأبكار برقم 5077، وابن حبان في صحيحه 174/ 10 برقم 4331.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي برقم 414، ومسلم في صحيحه كتاب التوبة برقم 2770، وأحمد في مسنده 6/ 59 برقم 24362.