الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
مناقبها رضي الله عنها
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله ..... وأهل بيتي)) (1) ومقصوده صلى الله عليه وسلم أن كتاب الله العظيم بالرغم من أن الله عز وجل قد يسره وجعله سهل البيان متيسر الفهم بحيث لا يحتاج إلى من يقوم بالتطبيق العملي، إلا أن الحاجة ظلت دائما ماسة إلى أولئك العباقرة الذين يحلون رموزه ويكشفون عن أسراره، ويوضحون للعالم فحواه العلمي والعملي، والآن بعد ما استأثرت رحمة الله تعالى بالرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي لنا أن نبحث عن هؤلاء العباقرة في أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وقد مر معنا في تفسير سورة الأحزاب من هم المقصودون بأهل البيت.
ونظرا إلى العناية الفائقة والاهتمام البالغ الذي أولاه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة (ض)، وما توفر لها من إمكانات وفرص للاستفادة من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتلقي العلوم من فم الرسول الكريم مباشرة، وما أكرمها الله تعالى من البراعة والجوهر الطبيعي والمواهب والصلاحيات، لا يبقى لأحد مجال للشك أن أم المؤمنين عائشة (ض) قد احتلت مكانة مرموقة متميزة سامية في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فمن يكون أحسن ترجمان للقرآن الكريم وأعرف بتأويل سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأنجح معلم للأمة جمعاء بأحكام الشريعة الإسلامية من عائشة (ض)؟
كان الناس يرون النبي صلى الله عليه وسلم خارج المنزل فقط، لكن عائشة (ض) سنحت لها الفرصة أن تعيش مع النبي صلى الله عليه وسلم خارج المنزل وداخله، وإذا كان الأمر كما
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة برقم 2408.
أسلفنا فحكم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى كان حكما في غاية من العدالة عندما قال: ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) (1) وقد أريها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وبشر بأنها زوجته، يقول صلى الله عليه وسلم لعائشة (ض):((أريتك في المنام مرتين، أرى أنك في سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك فاكشف عنها، فإذا هي أنت، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه)) (2) ولم ينزل عليه وحي في لحاف واحدة من أمهات المؤمنين غيرها (3)، وكان جبريل (س) يقرأ عليها السلام، قالت: قال صلى الله عليه وسلم يوما: يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) وقد رأت جبريل (س) مرتين بأم عينيها، وقد شهد الباري تعالى على عفافها وبراءتها من فوق سبع سماوات، وبشرها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بكونها أحب أزواجه في الآخرة (5).
كانت (ض) تقول: ((خلال لي تسع لم تكن لأحد من النساء قبلي، ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي، قالت: جاء الملك بصورتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع سنين، وأهديت إليه وأنا ابنة تسع سنين، وتزوجني بكرا لم يكن في أحد من الناس، وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد، وكنت من أحب الناس إليه، ونزل في آيات
(1) صحيح الإمام البخاري فضل عائشة برقم 3769، 3770، وصحيح الإمام مسلم فضل عائشة برقم 2431، 2446، وصحيح ابن حبان 16/ 50 برقم 7113، 7115، وسنن الترمذي برقم 1834، 3887.
(2)
صحيح البخاري كتاب المناقب برقم 3895، وصحيح الإمام مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم 2438، وسنن الترمذي كتاب المناقب رقم 3880.
(3)
صحيح البخاري كتاب المناقب برقم 3775، سنن الترمذي كتاب المناقب برقم 3879، سنن النسائي كتاب عشرة النساء برقم 3949، 3950.
(4)
صحيح البخاري كتاب المناقب برقم 3768، كتاب الأدب 6201، كتاب الاستئذان برقم 6253 صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم 2447، سنن الترمذي كتاب الاستئذان والآداب برقم 2693.
(5)
أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 11 برقم 6729.
من القرآن كادت الأمة تهلك فيه، ورأيت جبريل صلى الله عليه وسلم ولم يره أحد من نسائه غيري، فأتى في بيت لم يله الملك إلا أنا)) (1) وفي رواية ((ومات في يومي وليلتي وبين سحري ونحري)) (2).
…
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 11 برقم 6730، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 389/ 6 برقم 32278، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 241/ 9، والذهبي في سير أعلام النبلاء 191/ 2، والإمام الطبري في تاريخه، هذا وقد ورد في بعض الروايات سبع خلال بدل تسع، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 241 والطبراني في المعجم الكبير 23/ 31 برقم 77، والإمام أبو يوسف في كتاب الآثار 1/ 209 برقم 932.
كما ورد في رواية ابن سعد قالت (ض): فضلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعشر
…
الحديث (63/ 8 - 64).
(2)
هذا لفظ كتاب الآثار 209/ 1.