الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالرغم من هذه المكانة العالية والدرجة السامية التي كانت تحتلها عائشة (ض) في كل مجال من العلم والثقافة والفهم والإدراك وقدرة التحصيل والإحاطة والبديهة الواعية والذكاء المتوقد، رغم ذلك كله فإنها لم تكن مبرأة معصومة عن الأخطاء التي تعتري البشر، لا سيما في صغر السن، فكانت جارية حديثة السن، تنام عن العجين، فتأتي الداجن فتأكله (1). وذات مرة طحنت شيئا من شعير فجعلت له قرصا، فأقبلت شاة لجارها داجنة، فدخلت ثم عمدت إلى القرص، فأخذته ثم أدبرت به (2).
كما أنها لم تكن معروفة بجودة الطهي، ولا تحسن الطبخ مثل غيرها من الأزواج المطهرات (3). وكان بلال (ض) هو الذي يتولى مسؤولية الأمور المنزلية ونفقات أهل النبي صلى الله عليه وسلم، فهو الذي كان يوزع الغلة عليهن، ويستقرض إذا دعت الحاجة إلى الاستقراض لتغطية المصاريف (4).
عمر (ض) زاد في أعطيات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في عهده:
ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اتسعت رقعة الدولة المسلمة، وكانت الفتوحات،
= صحيحه 278/ 14 برقم 6372، والإمام أحمد في مسنده 244/ 6 برقم 26119 و6/
237 برقم 26046.
(1)
يراجع حديث الإفك في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
(2)
أخرجه الإمام البخاري في الأدب المفرد 1/ 55 برقم 120.
(3)
أخرج الإمام أبو داود في سننه عن عائشة قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية، صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فبعثت به
…
الحديث كتاب البيوع برقم 3568، والنسائي في سننه كتاب عشرة النساء برقم 3957.
(4)
أخرج أبو داود في سننه عن عبد الله الهوزني قال: لقيت بلالا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلب، فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان له شيء، كنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله، إلى أن توفي، وكان إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه
…
الحديث (أبو داود كتاب الخراج والإمارة والفيء برقم 3055، وأخرجه ابن حبان في صحيحه 262/ 14 برقم 6351 وأورده الهيثمي في موارد الظمآن 629/ 1 برقم 2537، والبيهقي في السنن الكبرى 81/ 6 برقم 11217 والطبراني في المعجم الأوسط 147/ 1 برقم 466).
وبدأت ترد الأموال الهائلة من مشارق الأرض ومغاربها إلى بيت مال المسلمين، وتدفقت الخيرات والثروات على خزانة الدولة بالألوف التي يحار فيها الإحصاء، إلا أن بيت عائشة (ض) لم يكن فيه طعام يوم قبض الرسول صلى الله عليه وسلم (1).
وما زالت أمهات المؤمنين يصرف لهن ما فرض لهن من حصاد خيبر إلى زمن أبي بكر الصديق (ض)، ثم فرض عمر (ض) في عهده لكل واحدة منهن عشرة آلاف، وزاد عائشة (ض) ألفين (2)، وفي رواية: خير عمر (ض) أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع لهن من الماء والأرض أو يمضي لهن، فمنهن من اختار الأرض، ومنهن من اختار الوسق، واختارت عائشة (ض) الأرض (3)، إلا أن معظم ما كانت تستلمه أم المؤمنين من العطاء كان وقفا لصالح الفقراء والمساكين.
وجرى الأمر على هذا المنوال حتى زمن الخليفتين عثمان وعلي (ض)، وكذلك في زمن معاوية (ض). فلما تولى عبد الله بن الزبير - ابن أخت عائشة (ض) - خلافة الحجاز بعد معاوية (ض)، كان هو المسؤول عن مصاريف خالته، فكانت لا تمسك شيئا مما جاءها من رزق الله إلا تصدقت به (4).
(1) أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة (ض) قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شىء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رف لى، فأكلت منه حتى طال علي،
فكلته ففني. (كتاب فرض الخمس برقم 3097، كتاب الرقاق برقم 6451، صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق برقم 2973، وابن ماجه في سننه كتاب الأطعمة برقم 3345).
(2)
أخرج الحاكم عن مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين، وقال: إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم المستدرك 9/ 4 برقم 6723.
كما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 614 برقم 3، 13، وذكره الذهبي في سير أعلام البلاء 187/ 2، و197/ 2، وكذلك ابن سعد في الطبقات الكبرى 67/ 8.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المزارعة باب المزارعة بالشطر، حديث رقم 2328، ومسلم في صحيحه كتاب المساقاة برقم 1551.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب باب مناقب قريش، برقم 3505.