الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهما كارهان، فواثبه سهل بن حنيف والناس، وثار صهيب بن سنان وأبو أيوب بن زيد في عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهم محمد بن مسلمة حين خافوا أن يقتل أسامة، فقال: اللهم نعم، فانفرجوا عن الرجل فانفرجوا عنه، وأخذ صهيب بيده حتى أخرجه، فأدخله منزله، وبلغ عليا الخبر الذي كان بالمدينة من ذلك، فبادر بالكتاب إلى عثمان يعجزه، ويقول: والله ما أكرها إلا كرها على فرقة، ولقد أكرها على جماعة وفضل، وقدم كعب فأرسلوا إلى عثمان أن اخرج عنا فاحتج عثمان بالكتاب، وقال: هذا أمر آخر غير ما كنا فيه، فجمع طلحة والزبير الرجال في ليلة مظلمة باردة ذات رياح وندى، ثم قصدا المسجد فوافقا صلاة العشاء، وكانوا يؤخرونها فأبطأ عثمان بن حنيف فقدما عبد الرحمن بن عتاب، فشهر الزط والسيابجة السلاح، ثم وضعوه فيهم، فأقبلوا عليهم فاقتتلوا في المسجد، وصبروا لهم، فأناموهم وهم أربعون، وأدخلوا الرجال على عثمان ليخرجوه إليهما، فلما وصل إليهما توطؤوه، وما بقيت في وجهه شعرة، ثم بعثت (ض): لا تحبسا عثمان ودعاه، ففعلا، فخرج عثمان، وقالت عائشة (ض): لا تقتلوا إلا من قاتلكم. ونادوا من لم يكن من قتلة عثمان (ض) فليكفف عنا، فإنا لا نريد إلا قتلة عثمان، ولا نبدأ أحدا، فأنشب حكيم القتال ولم يرع للمنادي.
مكاتبة عائشة لأهل الكوفة:
وكتبت عائشة (ض) إلى أهل الكوفة مع رسولهم:
((أما بعد فإني أذكركم الله عز وجل والإسلام، أقيموا كتاب الله بإقامة ما فيه، اتقوا الله واعتصموا بحبله وكونوا مع كتابه، فإنا قدمنا البصرة فدعوناهم إلى إقامة كتاب الله بإقامة حدوده، فأجابنا الصالحون إلى ذلك، واستقبلنا من لا خير فيه بالسلاح، وقالوا: لنتبعنكم عثمان، ليزيدوا الحدود تعطيلا، فعاندوا فشهدوا عليا بالكفر وقالوا لنا المنكر، فقرأنا عليهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 23])) فأذعن لي بعضهم واختلفوا بينهم فتركناهم وذلك، فلم يمنع ذلك من كان منهم على رأيه
الأول من وضع السلاح في أصحابي، وعزم عليهم عثمان بن حنيف إلا قاتلوني حتى منعني الله عز وجل بالصالحين، فرد كيدهم في نحورهم، فمكثنا ستا وعشرين ليلة ندعوهم إلى كتاب الله وإقامة حدوده، وهو حقن الدماء أن تهراق دون من قد حل دمه، فأبوا واحتجوا بأشياء فاصطلحنا عليها، فخافوا وعذروا وخانوا، فجمع الله عز وجل لعثمان ثأرهم، فأقادهم، فلم يفلت منهم إلا رجل، وأردأنا الله ومنعنا منهم بعمير بن مرثد ومرثد بن قيس ونفر من قيس ونفر من الرباب والأزد، فالزموا الرضا إلا عن قتلة عثمان بن عفان، حتى يأخذ الله حقه، ولا تخاصموا الخائنين، ولا تمنعوهم، ولا ترضوا بذوي حدود الله فتكونوا من الظالمين (1).
وكتبت عائشة (ض) إلى رجال بأسمائهم خاصة وفيما يأتي نص الرسالة:
((فثبطوا الناس عن منع هؤلاء القوم ونصرتهم، واجلسوا في بيوتكم، فإن هؤلاء القوم لم يرضوا بما صنعوا بعثمان بن عفان (ض)، وفرقوا بين جماعة الأمة، وخالفوا الكتاب والسنة، حتى شهدوا علينا فيما أمرناهم به وحثثناهم عليه من إقامة كتاب الله وإقامة حدوده، بالكفر وقالوا لنا المنكر، فأنكر ذلك الصالحون، وعظموا ما قالوا، وقالوا ما رضيتم أن قتلتم الإمام حتى خرجتم على زوجة نبيكم أن أمرتكم بالحق لتقتلوها، وأصحاب رسول الله وأئمة المسلمين، فعزموا وعثمان بن حنيف معهم على من أطاعهم من جهال الناس، وغوغائهم على زطهم وسيابجهم، فلذنا منهم بطائفة من الفساط، فكان ذلك الدأب ستة وعشرين يوما، ندعوهم إلى الحق وألا يحولوا بيننا وبين الحق، فغدروا وخانوا، فلم نقايسهم، واحتجوا ببيعة طلحة والزبير، فأبردوا بريدا فجاءه بالحجة فلم يعرفوا الحق ولم يصبروا عليه، فغادوني في الغلس ليقتلوني
والذي يحاربهم غيري، فلم يبرحوا حتى بلغوا سدة بيتي ومعهم هاد يهديهم إلي، فوجدوا نفرا على باب بيتي منهم عمير بن مرثد ومرثد بن قيس ويزيد بن عبد الله بن مرثد ونفر من قيس ونفر من الرباب والأزد، فدارت عليهم
(1) تاريخ الطبري 20/ 3.