المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مكانة عائشة وفضلها في عالم النساء: - سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين

[سليمان الندوي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمبقلمالأستاذ سعيد الأعظمي الندوي

- ‌مقدمة المعرب

- ‌لمحة موجزة عن حياة العلامةسليمان الندوي رحمه الله

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌أسرته:

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌التحاقه بدار العلوم لندوة العلماء لكنو الهند:

- ‌أهم العلماء الذين أثروا في تكوينه العلمي والفكري:

- ‌مكانته العلمية:

- ‌أولا - القرآن الكريم:

- ‌ثانيا - الحديث الشريف:

- ‌ثالثا - الفقه:

- ‌رابعا - التاريخ:

- ‌خامسا - الفلسفة وعلم الكلام:

- ‌سادسا - اللغة والأدب:

- ‌أهم مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌كلمة عن كتابسيرة أم المؤمنين عائشةرضي الله عنها

- ‌أهمية هذا الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌كلمة شكر وتقدير

- ‌الباب الأولسيرة السيدةعائشة أم المؤمنين

- ‌تمهيد

- ‌الاسم والكنية والنسب:

- ‌الولادة:

- ‌ملاحظة:

- ‌الطفولة:

- ‌الفصل الأولالزواج الميمون

- ‌مهر عائشة (ض):

- ‌التاريخ الذي تزوجت فيه عائشة (ض):

- ‌هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:

- ‌بناؤه صلى الله عليه وسلم بعائشة:

- ‌أهم مميزات نكاحه صلى الله عليه وسلم بعائشة وبنائه بها:

- ‌الفصل الثانيعائشة في مدرسة النبوة

- ‌الدراسة وطلب العلم:

- ‌من حكم تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حزم أبي بكر في تربية أولاده:

- ‌مراجعة عائشة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يشكل عليها:

- ‌الشؤون المنزلية:

- ‌فرض النبي صلى الله عليه وسلم العطية لأزواجه بعد فتح خيبر:

- ‌عمر (ض) زاد في أعطيات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في عهده:

- ‌العشرة الزوجية ونظر الإسلام إلى المرأة مقارنة بنظر الشرق والغرب:

- ‌الزوجة الحبيبة:

- ‌سبب حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة:

- ‌الزوج الحبيب صلى الله عليه وسلم

- ‌نماذج من غيرة عائشة على ضرائرها:

- ‌مداراة الزوجة:

- ‌الملاطفة والمؤانسة:

- ‌سمره صلى الله عليه وسلم معها:

- ‌المؤاكلة:

- ‌الصحبة في السفر:

- ‌المسابقة:

- ‌الدلال:

- ‌غيرتها على خديجة ونماذج من تدللها:

- ‌القيام بالأعمال المنزلية:

- ‌الطاعة واتباع الأحكام:

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم رباها على السخاء والكرم:

- ‌التعايش الديني:

- ‌القيام بواجب النبوة في الببت:

- ‌الفصل الثالثمعاملتها مع الضرائر والأقارب

- ‌تنبيه على بعض الروايات الضعيفة:

- ‌علاقتها الوطيدة بالسيدة فاطمة (ض):

- ‌تنبيه على بعض الروايات الواهية والضعيفة:

- ‌الفصل الرابعحديث الإفك ومشروعية التيمم

- ‌أولا - حديث الإفك:

- ‌أهداف المنافقين من وراء حادث الإفك:

- ‌موقف المستشرق ((وليم موير)) من حديث الإفك:

- ‌ثانيا - مشروعية التيمم:

- ‌الفصل الخامسوقائع التحريم والإيلاء والتخيير

- ‌أولا - التحريم:

- ‌تفنيد بعض الشبهات:

- ‌ثانيا - الإيلاء:

- ‌ثالثا - التخيير:

- ‌الفصل السادسوداع الحبيبفي السنة الحادية عشرة للهجرة

- ‌سبب رغبته صلى الله عليه وسلم في التمريض في بيت عائشة:

- ‌خبر منام عائشة (ض):

- ‌الفصل السابععائشة بعد رحيل الحبيب صلى الله عليه وسلم

- ‌عهد أبي بكر الصديق (ض):

- ‌وفاة أبي بكر الصديق (ض):

- ‌عهد عمر بن الخطاب (ض):

- ‌عهد عثمان بن عفان (ض):

- ‌الفصل الثامننشوء الفتن ومعركة الجمل

- ‌اعتناق عبد الله بن سبأ اليهودي الإسلام:

- ‌استشهاد الخليفة عثمان بن عفان (ض) وبيعة علي بن أبي طالب:

- ‌عهد علي بن أبي طالب (ض):

- ‌الإصلاح وواجبات المرأة المسلمة:

- ‌عائشة (ض) ترفع راية الإصلاح وتغادر إلى البصرة:

- ‌قصة ماء الحوأب وعزم عائشة على الرجوع:

- ‌أوضاع المسلمين في الكوفة:

- ‌خطبة عائشة (ض) في البصرة:

- ‌خطبة أخرى لعائشة (ض):

- ‌مكاتبة عائشة لأهل الكوفة:

- ‌معركة الجمل:

- ‌مجهودات القعقاع للإصلاح بين الفريقين:

- ‌تذكير علي طلحة والزبير بمقالة الرسول صلى الله عليه وسلم ورجوعهما عن المعركة، وشهادة الزبير:

- ‌عقر جمل عائشة (ض) لإيقاف المعركة:

- ‌توديع علي عائشة وتشييعها بكل الإجلال والتوقير:

- ‌تأسف عائشة (ض) على خطئهما الاجتهادي:

- ‌الرد على القول بالجفاء في علاقة علي بعائشة (ض):

- ‌رد الإمام الزهري على الوليد بن عبد الملك:

- ‌عائشة (ض) ترشد المستفتين إلى علي (ض):

- ‌الفصل التاسعأم المؤمنين في عهد معاويةرضي الله عنهما

- ‌رأي عائشة في الخوارج:

- ‌واقعة دفن الحسن بن علي ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌موقف عائشة (ض):

- ‌الفصل العاشروفاة عائشة رضي الله عنها

- ‌كنية عائشة (ض):

- ‌الباب الثانيعائشة رضي الله عنهاشمائلها ومناقبها ومكانتها العلمية

- ‌الفصل الأولشمائلها رضي الله عنها

- ‌هيئتها ولباسها:

- ‌خلقها (ض):

- ‌مساعدة النساء:

- ‌طاعة الزوج:

- ‌الاحتراز من الغيبة:

- ‌التورع من قبول الهدايا:

- ‌تجنب المدح والإطراء:

- ‌الإباء والأنفة:

- ‌الشجاعة والمجاهدة:

- ‌السخاء والكرم:

- ‌العبادة:

- ‌الاحتراز من الأشياء التافهة:

- ‌الرحمة بالأرقاء والموالي والرفق بهم:

- ‌إعانة الفقراء وأصحاب الحاجة على قدر مراتبهم:

- ‌الاهتمام البالغ بالحجاب:

- ‌الفصل الثانيمناقبها رضي الله عنها

- ‌الفصل الثالثمكانتها العلمية رضي الله عنها

- ‌تمهد:

- ‌العلم والاجتهاد:

- ‌البحث الأولعلمها بالقرآن الكريم

- ‌البحث الثانيعلمها بالحديث الشريف

- ‌أم المؤمنين عائشة وبقية أمهات المؤمنين:

- ‌أم المؤمنين عائشة وكبار الصحابة والمكثرون منهم:

- ‌مكانة عائشة (ض) عند المكثرين من الصحابة:

- ‌عدد رواياتها:

- ‌الاهتمام بالدراية مع الرواية عند المكثرين من الصحابة:

- ‌اعتناء عائشة (ض) ببيان حكم وأساب الحكم الشرعي:

- ‌التحري في رواية الحديث:

- ‌الأصول التي تنبني عليها استدراكات عائشة:

- ‌أ - لا يحتج بالسنة إذا خالفت الكتاب:

- ‌ب - الوصول إلى فحوى الكلام ولبه:

- ‌ج - المعرفة الشخصية:

- ‌د - الذاكرة القوية والحافظة النادرة:

- ‌جمع وتدوين مرويات أم المؤمنين عائشة (ض):

- ‌البحث الثالثعلمها بالفقه والقياسوأصولها في الاجتهاد

- ‌القرآن الكريم:

- ‌السنة النبوية:

- ‌القياس العقلي:

- ‌تقسيم السنة:

- ‌اختلافها مع الأقران والمعاصرين:

- ‌البحث الرابععلمها بالتوحيد أو العقيدة

- ‌إثبات اليد ونحوها لله سبحانه وتعالى:

- ‌رؤية الباري تعالى:

- ‌علم الغيب:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم وكتمان ما أنزل الله:

- ‌عصمة الأنبياء:

- ‌المعراج الروحي:

- ‌الصحابة عدول:

- ‌الترتيب في أمر الخلافة:

- ‌سماع الموتى:

- ‌البحث الخامسعلمها بأسرار الشريعة

- ‌الترتيب في نزول القرآن الكريم:

- ‌سر نجاح الدعوة الإسلامية في المدينة المنورة:

- ‌الاغتسال يوم الجمعة:

- ‌تقصير الصلاة في السفر:

- ‌النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر:

- ‌الصلاة جلوسا:

- ‌سبب مشروعية صلاة المغرب ثلاث ركعات:

- ‌سبب مشروعية صلاة الفجر ركعتين:

- ‌سبب صوم عاشوراء:

- ‌سبب عدم مواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة التراويح في شهر رمضان:

- ‌حقيقة مناسك الحج:

- ‌النزول في وادي المحصب:

- ‌النهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق الثلاث:

- ‌الحطيم وبناء الكعبة المشرفة:

- ‌سبب الطواف بالبيت راكبا:

- ‌الكشف عن حقيقة الهجرة:

- ‌دفن النبي صلى الله عليه وسلم في الحجرة الشريفة:

- ‌البحث السادسمعرفتها ب‌‌الطبوالتاريخ والخطابة والشعر

- ‌الطب

- ‌التاريخ:

- ‌الأدب:

- ‌الخطابة:

- ‌الشعر:

- ‌الفصل الرابعدور عائشة في التعليم والإفتاء والإرشاد

- ‌1 - التعليم:

- ‌2 - الإفتاء:

- ‌3 - الإرشاد:

- ‌الفصل الخامسفضل عائشة ومننها على نساء العالمين

- ‌الدفاع عن حقوق المرأة:

- ‌مكانة عائشة وفضلها في عالم النساء:

- ‌المصادر والمراجع

- ‌فهرست الموضوعات

الفصل: ‌مكانة عائشة وفضلها في عالم النساء:

ثبت رجع زيد، وابن عمر (ض) إلى رأيها، أما عمر (ض) فثبت على رأيه ولم يرجع عنه، حتى إنه قد حبس امرأة قد حاضت في مكة إلى أن طهرت (1).

فلما بلغ ذلك عائشة (ض) قالت: ((إن كان ذلك لا ينفعهن، ولو كان الذي يقولون لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض كلهن قد أفاضت)) (2) ولا شك أن الرأي الذي يميل إليه كل واحد هو رأي عائشة (ض) وهو أحق وأجدر بالقبول، ولو لم دكن عائشة بمثابة المرجع والمصدر في مثل هذه المسائل فمن يكون؟

‌مكانة عائشة وفضلها في عالم النساء:

ها نحن الآن على وشك إكمال دراسة سيرة العبقرية الفذة أم المؤمنين عائشة الصديقة (ض)، وقد بدت لنا من خلال هذه الصفحات معالم حياتها المقدسة ووقائعها جملة وتفصيلا: ولا شك أن كلنا عنده إلمام بأحوال وأخبار مئات نساء العالم العظيمات ذوات الشأن الرفيع والدرجات العالية، كما أن كتب التاريخ والسير سجلت لنا تراجم نساء العالم اللاتي اشتهرن على السدة العالمية بخصائصهن، وذاع صيتهن في الأوساط العلمية والثقافية، ولكن هل قارنا بين هذه وتلك؟

إن لدينا من قائمة النساء المعروفات غير المسلمات معظمهن من أولئك اللاتي قمن عن طريق المصادفة بعمل يفوق مستوى طبيعتهن، وأصبح ذلك العمل هو السبب الرئيس والأصيل لكسبهن شهرة عظيمة، ونيلهن صيتا ذائعا، فنجد مثلا امرأة نهضت فخطبت خطبة بليغة سحرت بها قلوب الناس، وحركت أوتار خاطرهم، ونفخت فيهم روحا جديدة من الثورة والمقاومة، أو أفشلت مؤامرة عدو بتدابير خاصة، أو نالت الفوز، ورافقها النجاح في ضرب

(1) روى ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: ((طافت امرأة بالبيت يوم النحر ثم حاضت فأمر عمر بحبسها بمكة بعد أن سافر الناس حتى تطهر وتطوف)) (شرح الزرقاني على الموطأ 502/ 2).

(2)

الزرقاني على الموطأ باب إفاضة الحائض.

ص: 355

العدو ونكايته، فهذه هي الأسباب المباشرة التي جعلتها تشتهر بين الناس، وينال اسمها بقاء سرمديا وتاريخيا.

فهل من المعقول أن نقارن بين هذه الأعمال التي حصلت بطريقة المصادفة ولفترة مؤقتة، تلك الأعمال والمآثر التي كانت حصلت على وجه الدوام والاستمرار؟

إن لدينا نماذج من النساء الجميلات اللاتي كن ملكات الحسن والجمال وغاية في الروعة والبهاء، متوجات بالتاج الملكي، متمكنات من العرش، لكن كيف كانت نهاية هؤلاء؟ لو تأملنا وأمعنا النظر في تراثنا التاريخي لوجدنا أن نهاية مطافهن كانت الفشل والتحسر، لا غير، وتاريخ بلاد مصر، وإيران، والروم خير دليل على ما قلناه.

ألا تكون المقارنة بين حياة هذه وتلك التي كانت حياتها حياة نموذجية ناجحة مقدسة سوء أدب؟ بلى.

وبصرف النظر عن هذه الجوانب العامة إذا تأملنا في حياة هذه العبقرية أم المؤمنين عائشة (ض) من ناحية الدين والشرع والخلق والتبجيل والقدسية فيتجلى لنا أنه لا يدانيها ولا يعدلها أي شهيرة من شهيرات عالم النساء في هذه الخصائص، بل لا نحسب أن امرأة بلغت شأوها من معاصريها أو بعدها في هذه الميزات، إن سجلات التاريخ البشري عاجزة عن تقديم أي مثال للمرأة غير أم المؤمنين عائشة (ض) التي قامت بأداء كل الواجبات العلمية، ونهضت بأمانة التبليغ والتعليم أحسن نهوض وأوفاه، ولعبت دورا بارزا ملموسا في الأمور السياسية والاجتماعية بالإضافة إلى المواظبة على الفراص الدينية، والشرعية والحفاظ على الأخلاق النبيلة والسلوك الحسن القويم.

هذه هي شخصية أم المؤمنين (ض) التي اتصفت بهذه الصفات العالية وقدمت أمام أكثر من مئة مليون امرأة أسوة حسنة لحياة مثالية كاملة، ورسمت

ص: 356

لكل من أتى بعدها أمثل الطرق وأنفعها، وذلك بمآثرها الخالدة، وعبادتها وخضوعها أمام الباري تعالى، والمثل الحية والأساليب العملية للأخلاق الرفيعة الفاضلة وتعليمات التزكية والزهد، وشرح الأحكام الدينية والأمور الشرعية شرحا تفصيليا، فلها المن والفضل من جميع النواحي الدينية والعلمية والاجتماعية على هذا العدد الهائل من صنف النساء.

وعلى هذا لا يوجد أحد في تاريخ النساء المسلمات من يستأهل أن يذكر بإزائها في المرتبة والشرف والمكانة العالية، سوى الأزواج المطهرات وبنات النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات رضوان الله عليهن أجمعين.

وقد أجمع العلماء على أن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، والسيدة فاطمة الزهراء، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهن أجمعين هن خير نساء العالم وأفضلهن إطلاقا، أما جمهور العلماء فيرون أن السيدة فاطمة الزهراء (ض) هي في المرتبة الأولى، ثم تليها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (ض) ثم تليها أم المؤمنين عائشة (ض)، إلا أن هذا الترتيب لا يستند إلى نص صريح أو حديث صحيح ثابت، بل مرجعه اجتهاد العلماء ووجهات نظرهم الخاصة، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة مناقب وفضائل هؤلاء العبقريات الثلاث. ولذلك اختار بعض العلماء التوقف في مسألة التفضيل بينهن، بينما خالف العلامة ابن حزم (ح) في هذه المسألة كل العلماء وزعم أن أم المؤمنين عائشة (ض) أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم ليس في النساء فحسب بل في الرجال كذلك. وبرهن على دعواه بأدلة وحجج أوردها في كتابه ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) مبحث فضائل الصحابة.

وأنا أميل في هذه المسألة إلى رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اللذين يقولان: إن جهات الفضل بينهما متفاوتة كما قاله ابن تيمية، قال في الفتح: وكأنه رأى التوقف، وقال ابن القيم: إن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله فذلك أمر لا يطلع عليه، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإن أريد كثرة العلم فعائشة لا محالة، أو شرف الأصل ففاطمة لا

ص: 357

محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيه غير أخواتها، أو شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها)) (1).

وبالرغم من أننا نعرف مكانة السيدة ((مريم عليها السلام) وقدسيتها عن طريق الإسلام، لكن روايات الإنجيل عاجزة عن أن تميزها بعمل ما، وكذلك زوجة فرعون ((آسية)) قد استحقت الفضيلة والشرف في الشريعة الإسلامية، إلا أن التوراة ساكتة عن إظهار شرفها وفضلها ومكانتها، ولذا فإننا نؤمن بشرفهما وفضلهما إجمالا، لكن لسان التاريخ والوقائع ساكت عن التعبير عن أي مناقب لها، وعلى كل فمن أصدق قولا وأعدل حكما من لسان الوحي المعصوم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: عن أبي موسى الأشعري (ض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) (2).

اللهم صل على محمد وعلى آله الأطهار وأصحابه الكرام وأزواجه المطهرات)).

(1) شرح الإمام العلامة محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي على المواهب اللدنية

للعلامة القسطلاني 226/ 3.

(2)

صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء برقم 3411، كتاب المناقب برقم 3769، كتاب الأطعمة برقم 5418، صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم 2431، سنن الترمذي كتاب الأطعمة برقم 1834، سنن ابن ماجه كتاب الأطعمة برقم 3280.

ص: 358