الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين، فإني أخشى أن يكون إذنها لي لمكان السلطان))، ففعل كما أمر به، وأذنت السيدة عائشة (ض) مرة ثانية، ثم دفن هناك مع صاحبيه (1).
وأخيرا أفل هذا القمر الثاني للخلافة في نفس الحجرة المقدسة.
عهد عثمان بن عفان (ض):
امتد عهد خلافة عثمان (ض) إلى اثني عشر عاما، والنصف الأول من هذا العهد كان يسوده الأمن والسكون والاستقرار، بينما النصف الثاني من عهده أصيب بأنواع من الاضطرابات، وحدثت فيه بعض الخلافات نحو الخليفة، واشتكى طائفة من الناس الخليفة عثمان (ض)، وها هي عائشة (ض) تروي لنا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها عثمان:((يا عثمان إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه، ثلاث مرات)) (2).
لقد احتلت السيدة عائشة (ض) مكانة سامية مرموقة في قلوب عامة الناس (3)، فكانوا يقصدونها متعلمين مستفتين، فكانت تهدي الحائر، وتعلم الجاهل، وتحمي الملتجئ، وتنجد المستغيث، فكانت أم المؤمنين بمعنى الكلمة، والناس في الحجاز والعراق والشام ومصر يعتبرونها أما لهم بواقع الأمر، والوقائع التي سوف نتحدث عنها لاحقا تدل على ذلك بكل وضوح، كما أن الناس يقبلون عليها، يعرضون عليها شكاواهم فهي تؤازرهم
(1) صحيح البخاري كتاب الجنائز برقم 1392، كتاب المناقب برقم 3700.
(2)
أخرجه أحمد في مسنده 6/ 149 برقم 25203، وابن حبان في صحيحه 15/ 346 برقم 6915، الحاكم في المستدرك 106/ 3 برقم 4544 وقال: هذا حديث صحيح عالي الإسناد ولم يخرجاه، وأورده الهيثمي في موارد الظمآن 1/ 539 برقم 2196،
وفي مجمع الزوائد 5/ 178، 5/ 184، 9/ 56، 9/ 90، وتكلم بالتفصيل حول الرواة، وكذلك أخرجه الترمذي في سننه باب مناقب عثمان (ض) برقم 3705،
وقال: هذا حديث حسن غريب.
(3)
أخرج الحاكم في المستدرك عن عطاء قال: كانت عائشة (ض) أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة (4/ 15، برقم 6748، كما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 185/ 2 وابن حجر في الإصابة 8/ 18 وابن عبد البر في الاستيعاب 4/ 1883).
وتواسيهم، ومن المعروف تاريخيا أن كبار الصحابة وأصحاب الإفتاء والمشورة كانوا على قيد الحياة في عهدي الصديق والفاروق (ض) وكذلك في بداية عهد عثمان، فكان الخلفاء يستشيرونهم في مهمات الأمور ومعضلات القضايا، وهم كانوا حائزين على مناصب جليلة رفيعة المستوى حسب مواهبهم ومؤهلاتهم التي أكرمهم الله تعالى بها، وميزهم على غيرهم، وكان نظام الحكومة والترتيبات المتعلقة بالسلطة التي أقامها الشيخان غاية في العدل والإنصاف، لا يشوبها شيء من الحيف أو الظلم، ولذا ضمن لهم ذلك النظام استقرار البلاد أمنا وسكونا فلم تشهد أي توتر أو اضطراب أو خلل في الأمن، ولم يجد كبار الصحابة أي سبب لتقديم الشكاوى على إساءة التنظيم أو خلل في الأمن.
أما الشباب أمثال عبد الله بن الزبير، ومحمد بن أبي بكر، ومروان بن الحكم، ومحمد بن أبي حذيفة، وسعيد بن العاص (ض)، فكلهم كانوا يهابون الخليفة، ويقدرون للخلافة قدرها، ويعتبرونها فوق مصالحهم.
***