الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطوع وسنة، ومعاقبة تاركه بعدم قبول صلاته معناه أنه لا يغفر له أبدا، والمعاقبة بعدم الغفران تكون على ترك الفرائض وليست على ترك السنن.
ج - المعرفة الشخصية:
لقد هيأ الله سبحانه وتعالى لأم المؤمنين عائشة (ض) كل الأسباب التي جعلت منها أحد الأعلام حاملي علوم النبوة، ومعروف أن الزوجة أدرى الناس بأقوال زوجها وأفعاله، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ونموذجا مثاليا للأمة جمعاء، كانت سنته الفعلية والعملية بمثابة القوانين، وقد توفر للأزواج المطهرات من وسائل وإمكانات المعرفة الشخصية لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله ما لم يتوفر للآخرين، وتراثنا الفقهي الإسلامي غني بتلك القضايا والمسائل التي قضى فيها: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحكم لجوءا إلى اجتهادهم الشيخصي أو استنادا إلى حديث يعرفونه، بينما رفضت عائشة (ض) ذلك الحكم نظرا إلى علمها الخاص ومعرفتها الشخصية واطلاعها الذاتي على الحكم الذي قد لا يطلع عليه الآخرون، وظل قولها هو المعول عليه والمعتمد في تلك المسائل إلى يومنا هذا، وفيما يلي بعض الأمثلة:
1 -
كان عبد الله بن عمرو بن العاص يفتي أن النساء إذا اغتسلن ينقضن رؤوسهن فبلغ ذلك عائشة (ض) فقالت: ((يا عجبا لابن عمرو، هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينتقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات)) (1).
2 -
كان ابن عمر (ض) يفتي بانتقاض الوضوء من التقبيل، فلما سمعت عائشة (ض) بذلك قالت:((إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، قال الراوي: قلت: من هي إلا أنت؟ قال: فضحكت)) (2).
= برقم 4012، وانظر كذلك الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص 134. (1) صحيح الإمام مسلم كتاب الطهارة رقم 331.
(2)
أخرجه الترمذي في سننه كتاب الطهارة برقم 86، والنسائي في سننه كتاب الطهارة =
3 -
سمعت عائشة (ض) حديث أبي هريرة (ض): ((يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة)) فقالت: ((قد شبهتمونا بالحمير والكلاب، والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم فأنسل من عند رجليه)) (1) وفي رواية مسلم: ((كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتهما)) (2).
4 -
روي عن أبي الدرداء (ض) أنه خطب فقال: ((من أدركه الصبح فلا وتر له)) فذكر ذلك لعائشة (ض) فقالت: ((كذب أبو الدرداء، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر)) (3).
5 -
قال بعض الناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في خلة يمنية، فلما سمعت عائشة (ض) ذلك قالت:((أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر، ثم نزعت عنه، وكفن في ثلاثة أثواب سحولية يمانية ليس فيها عمامة ولا قميص)) (4).
6 -
كان أبو هريرة (ض) يقول: ((من أصبح جنبا فلا يصم، فانطلق أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبوه حتى دخلا على أم سلمة وعائشة (ض)، فكلاهما قالت:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا ثم يصوم، فانطلق أبو بكر وأبوه إلى أبي هريرة فحدثاه، فقال: هما أعلم)) (5).
= برقم 170، وأبو داود في سننه كتاب الطهارة برقم 178، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة برقم 502.
(1)
صحيح البخاري كتاب الصلاة برقم 514، وصحيح مسلم كتاب الصلاة برقم 512.
(2)
صحيح الإمام مسلم كتاب الصلاة برقم 512.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 478/ 2 برقم 4298، وذكره المقريزي في مختصر كتاب الوتر 1/ 157 برقم 72، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 246/ 2 وحسن إسناده، والإمام أحمد في سننه 242/ 6 برقم 26100.
قلت: أهل الحجاز يستعملون (كذب) بمعنى (أخطأ) فليعلم ذلك (الناشر).
(4)
صحيح الإمام مسلم كتاب الجنائز برقم 941، وصحيح البخاري.
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصوم رقم 1109، وابن حبان في صحيحه 8/ 261 =
7 -
إن المحرم يحل له كل شيء بعد الرمي والحلق إلا الطيب والنساء (1)، ولكن عائشة (ض) ترى أنه لا حرج في الطيب، وتقول:((طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف)) وبسطت يديها (2).
8 -
كان ابن عباس (ض) يفتي أن من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، فلما سمعت بذلك عائشة (ض) قالت:((ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم بعث به مع أبي، فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله حتى نحر الهدي)) (3).
9 -
كان ابن عمر (ض) يقول: ((ما أحب أن أصبح محرما أنضخ طيبا، لأن أطلى بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك)) فذكر قول ابن عمر لعائشة (ض) فقالت: ((أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرما)) (4) وأحيانا كانت تقول: ((كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم)) (5).
= برقم 3486، وأخرجه الترمذي بدون القصة كتاب الصوم برقم 779، والدارمي في سننه 2/ 23 برقم 1725، وأبو داود في سننه كتاب الصوم برقم 2388.
(1)
هذا مذهب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو مذهب الأحناف، أما غيرهم فيرون أنه يحل له كل شيء إلا النساء، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه باب الطيب عند رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة برقم 1754، ومسلم في صحيحه كتاب الحح برقم 1189.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه باب إشعار البدن برقم 1699، 1700، ومسلم في صحيحه كتاب الحج برقم 1321، وينظر: المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم 3/ 397 برقم 3058.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الغسل برقم 270، ومسلم في صحيحه كتاب الحج برقم 1192، والنسائي في سننه كتاب الغسل برقم 417، وكتاب الحج رقم 2704.
(5)
صحيح البخاري كتاب الحج برقم 1538، ومسلم في صحيحه كتاب الحج برقم
1190.