الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما ثبت في الحديث السفر الذي سابقت فيه عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وكان في غزوة بني المصطلق من الحوادث قصتان عجيبتان، وكلتاهما كانت شرفا سرمديا وسعادة أبدية، أكرم الله تعالى بهما عائشة (ض)، فالأولى منهما كانت سببا لنزول حكم التيمم، والأخرى فيها قانون براءة المحصنات الغافلات من النساء - كما سيأتي في الفصل الرابع وتدل رواية الإمام أحمد في (المسند) أن عائشة (ض) كانت خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر الحديبية، أما حجة الوداع فمعظم أمهات المؤمنين كن مع النبي صلى الله عليه وسلم فيها، ومنهن عائشة (ض).
المسابقة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الرمي وسباق الخيل، ويحض الصحابة عليه ويعلمهم ذلك، وأحيانا يسابق زوجته الحبيبة عائشة (ض)، تقول عائشة: خرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم، فقال للناس: تقدموا، ثم قال لي: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، وخرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس: تقدموا، ثم قال لي: تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول:((هذه بتلك)) (2).
الدلال:
إن خصائص المرأة ومميزاتها النسوية تحمل في طياتها بحرا زاخرا تتبلور فيه موجات الحب والمودة والوفاء والملاطفة بأسمى معانيها وأحلى
(1) أشار المؤلف إلى الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن والمسانيد عن عائشة (ض) أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك. أخرجه أبو داود في سننه برقم 2578، وابن حبان في صحيحه 10/ 545 برقم 4691، والإمام أحمد في مسنده 264/ 6 برقم 26320، والبيهقي في السنن الكبرى 17/ 10 و18/ 10.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 264/ 6 برقم 26320، والبيهقي في السنن الكبرى 217/ 10، وأورده الهيثمي في موارد الظمآن 318/ 1 برقم 1310، ويراجع تخريج الحديث مفصلا في الحاشية السابقة.
أشكالها، ومما لا شك فيه أن من الأنثويات الخالدة في طبيعة المرأة دلالها ومغاضبتها، وهي أشوق ما تكون إلى المصالحة وتقصير أمد المغاضبة، وقد يشكل ذلك على عامة الناس حيث إنهم ينظرون إلى ما ورد في كتب الأحاديث مما يدل على الدلال والمغاضبة، ويرون في مخاطبة الرسول أزواجه بهذا الأسلوب أنه خطاب من الرسول لأمته، وينسون أن زوجة تخاطب زوجها، أو زوجا يخاطب زوجته، ولذا فينبغي بل يجب أن تدرس أمثال هذه الوقائع التي سجلتها كتب الأحاديث في بطونها، بالطريقة الصحيحة، وتحمل على محملها الصحيح.
ومن هذا النوع قول عائشة (ض): كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: أتهب المرأة نفسها، فلما أنزل الله تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51] قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك (1). فلم يكن قصد عائشة (ض) من ذلك الاعتراص أو الإشكال، وإنما كان ذلك نوعا من التدلل والدعابة والانبساط من الزوجة لزوجها.
والخواص يعرفون معنى كلام عائشة (ض)، وهو أن الله عز وجل يحقق كل ما يتمناه حبيبه ويشتهيه، ويكون الهدف من وراء ذلك هو تثبيت قلبه وإحكامه على عمل الدعوة.
إلا أننا رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تتغير عادته حتى بعد آية التخيير، فكان صلى الله عليه وسلم يستأذن أزواجه كلهن في نوبتهن ودورهن، تقول عائشة: ((إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ
…
} (2).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب تفسير القرآن برقم 4788، ومسلم في صحيحه كتاب الرضاع برقم 1464، والنسائي في سننه كتاب النكاح برقم 3199، وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم 2000.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب تفسير القرآن برقم 4789، ومسلم في صحيحه كتاب الطلاق رقم 1476، وأبو داود في سننه كتاب النكاح برقم 2136.