الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما فعلته عائشة (ض) في موضوع الميراث يدل على مكانتها الرفيعة في الجود والسخاء والكرم وطول يدها في البذل والعطاء، وخاصة إذا عرفنا أنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتها شيء يأكله ذو كبد سوى البركة (1).
وفاة أبي بكر الصديق (ض):
ولم تطل خلافة الصديق (ض)، إلى مدة طويلة، وإنما انتهت بعد استكمال سنتين فقط، حيث توفي الخليفة الراشد الصديق في عام 13هـ. وكانت السيدة عائشة (ض) تشرف على تمريضه عند الاحتضار، وقد نحلها أبو بكر الصديق (ض) شيئا من المال والأراضي، فقال لها: أي بنية! قد علمت أنك كنت أحب الناس إلي وأعزهم. وإني كنت نحلتك الأراضي التي تعلمين بمكان كذا وكذا، وأنا أحب أن تردي بها إلي، فيكون ذلك قسمة بين ولدي على كتاب الله، فألقى ربي حين ألقاه، ولم أفضل بعض ولدي على بعض (2)، فقالت عائشة (ض): على الرأس والعين، ثم سألها في كم كفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها:
في أي يوم توفي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الإثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها، فقالت: إن هذا خلق، فقال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، وإنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء (3). فلما توفي حفر له في حجرة عائشة (ض) وجعل رأسه عند كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألصق اللحد بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا أصبحت هذه الحجرة مجمعا لقمر الخلافة مع قمر النبوة، ومرت عائشة (ض) بهذه المرحلة العصيبة الثانية من نوعها. وتحملت هذه الصدمة
(1) انظر: سنن الترمذي كتاب الأدب.
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد ذكر وصية أبي بكر الصديق (ض) 3/ 195.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز برقم 1387، والإمام أحمد في مسنده 6/ 132 برقم 25049.