الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بيت عائشة حتى مات عندها، قالت عائشة:((فمات في اليوم الذي كان يدور علي أي بيتي، فقبضه الله وإن رأسه لبين نحري وسحري)) (1).
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: ((اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)) (2)(يعني به حب عائشة).
سبب حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة:
ويظن عامة الناس أن لحب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة (ض) كان لحسنها وجمالها وهذا مرفوض إطلاقا، لأن غيرها من الأزواج المطهرات أمثال زينب وجويرية وصفية رضي الله عنهن، أيضا كن ذوات حسن وجمال، وكتب الأحاديث والآثار والسير والتاريخ غنية بذكر محاسنهن وجمالهن، ولكن لا يوجد فيها شيء عن حسن عائشة (ض) وجمالها، إلا ما ذكر في موضع أو موضعين، ويستثنى من ذلك ما قاله عمر (ض) لحفصة (ض):((لا يغرنك هذاه التي أعجبها حسنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها)) (3) فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك تبسم، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن عائشة (ض) قد احتلت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم منزلة في المحبة لم يصل إليها غيرها من أمهات المؤمنين.
غير أن الأصل في هذا الباب هو ما روته عائشة (ض) نفسها (4)، ورواه أبو هريرة (ض) كما في صحيح مسلم وسنن أبي داود أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي برقم 4450.
(2)
أخرجه الترمذي في سننه كتاب النكاح برقم 1140، وأبو داود في سننه كتاب النكاح برقم 2134، وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم 1971، والنسائي في سننه كتاب عشرة النساء برقم 3943، والدارمي في سننه كتاب النكاح برقم 2207.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح برقم 5218، ومسلم في صحيحه كتاب الطلاق برقم 1479، والترمذي في سننه كتاب تفسير القرآن برقم 3318.
(4)
رواية عائشة (ض) أخرجها الإمام أحمد في مسنده 6/ 152 برقم 25232، وفيه:((تزوج المرأة لثلاث، لمالها وجمالها ودينها، فعليك بذات الدين تربت يداك)).
((تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) (1). وبالتالي فأحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم هي: من تكون أنفع لخدمة الدين ونشر الإسلام من غيرها.
والشيء الذي يميز أم المؤمنين عائشة (ض) على غيرها من أمهات المؤمنين هو بلوغ علمها ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وتفسير وحديث وفقه، والنضج في الاجتهاد، والنظر في دقائق المسائل، واستنباط الأحكام للوقائع الجديدة، والاضطلاع فيه، فكان من الطبيعي أن تكون هي أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرها.
وقد فصل القول في هذا الموضوع العلامة ابن حزم (ح) في كتابه ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (2) وأثبت ذلك بالدلائل القاطعة.
روى أصحاب الكتب الستة عن أبي موسى الأشعري (ض) أن رسول الله. قال: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد
(1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الرضاع برقم 1466، والبخاري في صحيحه كتاب النكاح برقم 5090، والترمذي في كتاب النكاح برقم 1086، وأبو داود في سننه كتاب النكاح برقم 2047.
(2)
قال الإمام ابن حزم (ح) بعدما فصل القول في تفضيل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جميعهن على جميع الصحابة الآخرين، وأثبت ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ثم قال: فإذ قد ثبت كل ذلك على رغم الآبي فقد وجب ضرورة أن يشهد لهن كلهن بأنهن أفضل من جميع الخلق كلهن بعد الملائكة والنبيين عليهم السلام، وكيف ومعنا نص النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة،
قال: من الرجال؟ قال: أبوها
…
وقد قال الله عز وجل عنه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (*) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فصح أن كلامه صلى الله عليه وسلم أنها أحب الناس إليه، وحي أوحاه الله تعالى إليه ليكون كذلك، ويخبر بذلك لا عن هوى له، ومن ظن ذلك فقد كذب الله تعالى، لكن لاستحقاقها لذلك الفضل في الدين، والتقدم فيه على جميع الناس الموجب لأن يحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من محبته لجميع الناس، فقد فضلها على أبيها وعلى عمر وعلي وفاطمة تفضيلا ظاهرا بلا شك. (انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل 119/ 3 - 118).