الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القراءة والكتابة، وكانت حفصة قد تعلمت ذلك من الشفاء العدوية (1). وهناك بعض الصحابيات (2) الأخر اللواتي كن تعلمن القراءة والكتابة.
من حكم تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
-:
وقد اقتضت إرادة الله تعالى، والمصالح الدينية والدعوية أن تتعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم وتتعدد صلات المصاهرات بينه وبين مختلف القبائل في الجزيرة العربية، ولعل أكبر مصلحة دينية ودعوية في تعدد أزواجه صلى الله عليه وسلم، وزواجه من عائشة في السن المبكر هو أن مئات من الرجال قد سنحت لهم الفرصة لنيل شرف صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، فاقتبسوا من أنوار فيوضه، وارتووا من منهله العذب الفياض، واستضاؤوا من أنواره، وبلغوا قمة العز والسعادة والشرف.
أما النساء فلم يتيسر لهن ذلك، ولم تتوافر لديهن هذه الفرصة، نظرا إلى الفرق في الفطرة والجبلة، وبالتالي فكان حظهن أقل بكثير من حظ الرجال ونصيبهم، إلا الزوجات المطهرات، فقد متعهن الله تعالى بهذه النعمة الكبيرة، وأكرمهن بهذه العادة العظيمة، وكان بإمكانهن أن يشاركن الرجال في هذه السعادة، ثم يقمن ببث هذه السعادة ونشرها وإبلاغها إلى صنف النساء، ويكن سفراءه صلى الله عليه وسلم إلى سائر نساء العالم، ويقمن بإعادة سيرته المطهرة، ينشرن تفاصيلها للناس، كأن الوحي لم ينقطع، وكأنهن من أنواره في شمس لا يلم بها أفول. هذا وقد كانت الأزواج المطهرات اللاتي تزوجهن الرسول صلى الله عليه وسلم
(1) روى الإمام أبو داود في كتاب الطب، باب ما جاء في الرقى برقم 3887، عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا عند حفصة، فقال لي: ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/ 349، وابن أبي شيبة في المصنف باب من رخص في رقية النملة 5/ 43 برقم 23542، والإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار 326/ 4، والإمام أحمد في مسنده 6/ 372 برقم 27140، وإسحاق بن راهويه في مسنده 1/ 78 ت د. عبد الغفور البلوشي ط: مكتبة الإيمان المدينة المنورة.
(2)
قد ذكر الإمام البلاذري من هؤلاء النساء: أم كلثوم بنت عقبة، كريمة بنت المقداد، وغيرهما، انظر: فتوح البلدان للبلاذري، أمر الخط 1/ 458.
وأكرمهن الله تعالى به ثيبات تجاوزن سن الصبا إلا عائشة (ض)، فكانت هي الوحيدة في الاستفادة الخالصة من فيوض النبوة، ولما دخلت في سن طلب العلم والدراسة غشيتها أنوار السعادة، وأخذت بها إلى دار مباركة، ألا وهي دار النبوة والرسالة، ولم يكن كل ذلك إلا لكي تبرز شخصيتها، وتصبح منارة نور وهداية، ومنبع خير وبركة تستقي منها النساء، ويرجعن إليها في كل ما تراجع فيه السنن النبوية من شؤون عامة وخاصة.
وكان أبوها أبو بكر الصديق (ض) أعلم قريش بأنسابها والشعر (1)، بل كل ما كان ينشده شعراء الإسلام من القصائد القيمة البالغة أعلى قمة من الأدب والبلاغة للرد على شعراء قريش الذين ينالون من الإسلام، لم يكن ليتم ذلك إلا باستشارة أبي بكر (2)، فترعرعت عائشة في حضن هذا الوالد العظيم، وكانت بنت أبيها في أكثر من خصلة، ولكنها كانت أشبه ما تكون به في صفة الذكاء المتوقد، والبديهة الواعية، ولم تقصر فيها عن شأوه، بل لا نحسبها قصرت عن شأو واحد من معاصريها من الرجال والنساء على السواء في سرعة الفهم، وقدرة التحصيل، والإحاطة بكل ما يقع في متناول ذهنها، فكانت تقتدي بأبيها في حفظ الأخبار والأنساب، وكانت تواقة إلى معرفة تواريخ الأمم. وغزارة العلم بينة في لغة السيدة عائشة، فقد كان لها أسلوب في اللغة لا يتهيأ بغير محصول كبير من أخبار العربية التي تستقى من أعرق مصادرها، وذلك لأنها كانت قد قبست من ميراث طباع وملكات أبيها الأدبية والشعرية (3)، وذوقه الرفيع وجودة القريحة.
(1) يراجع: صحيح الإمام مسلم باب مناقب حسان (ض) برقم 2490، وسنن البيهفي الكبرى. 238/ 1، والمعجم الكبير للطبراني 38/ 4 برقم 3582.
(2)
حيث قال. لحسان: ائب أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك، فكان يمضي إلى أبي بكر ليقف على أنسابهم، فكان يقول له: كف عن فلانة وفلانة واذكر فلانة، فجعل حسان يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة، أو من شعر ابن أبي قحافة (الاستيعاب لابن عبد البر 342/ 1).
(3)
أحال المؤلف (ح) إلى مستدرك الحاكم، وقد ورد في المستدرك عدة أحاديث في هذا المعنى:
منها: عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم =