الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ
257 -
أَجْمَعَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الأَثَرْ
…
وَالْفِقْهِ فِي قَبُوْلِ نَاقِلِ الْخَبَرْ
258 -
بِأنْ يَكُوْنَ ضَابِطاً مُعَدَّلَا
…
أيْ: يَقِظاً، وَلَمْ يَكُنْ مُغَفَّلَا
259 -
يَحْفَظُ إنْ حَدَّثَ حِفْظاً، يَحْوِيْ
…
كِتَابَهُ إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِيْ
260 -
يَعْلَمُ مَا فِي الَّلَفْظِ مِنْ إحِالَهْ
…
إنْ يَرْوِ بالْمَعْنَى، وَفِي الْعَدَالَهْ
261 -
بِأنْ يَكُوْنَ مُسْلِماً ذَا عَقْلِ
…
قَدْ بَلَغَ الْحُلْمَ سَلِيْمَ الفِعْلِ
262 -
مِنْ فِسْقٍ اوْ خَرْمِ مُرُوْءَةٍ وَمَنْ
…
زَكَّاهُ عَدلَانِ، فَعَدْلٌ مُؤْتًمَنْ
263 -
وَصُحِّحَ اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْوَاحِدِ
…
جَرْحَاً وَتَعْدِيْلاً خِلَافَ الشَّاهِدِ
(أَجْمَعَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الأَثَرْ وَالْفِقْهِ فِي قَبُوْلِ نَاقِلِ الْخَبَرْ) أي: على أنه يشترط فيمن يُحتج بروايته (بِأنْ يَكُوْنَ ضَابِطاً) لما يرويه (مُعَدَّلَا، أيْ:) وتفسير الضابط أن يكون: (يَقِظاً، وَلَمْ يَكُنْ مُغَفَّلَا يَحْفَظُ إنْ حَدَّثَ حِفْظاً، يَحْوِيْ كِتَابَهُ) أي: يحتوي على كتابه ويحفظه من التبديل والتغيير، (إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِيْ).
(يَعْلَمُ مَا فِي الَّلَفْظِ مِنْ إحِالَهْ إنْ يَرْوِ بالْمَعْنَى) لأنه إذا حَدَّثَ به على المعنى وهو غير عالم بما يُحيل [17 - أ] معناه لم يَدْر لَعَلَّهُ يحيل الحلال إلى الحرام.
(وَفِي الْعَدَالَهْ) أي: وشروط العدالة (بِأنْ يَكُوْنَ مُسْلِماً، ذَا عَقْلِ، قَدْ بَلَغَ الْحُلْمَ، سَلِيْمَ الفِعْلِ مِنْ فِسْقٍ) وهو ارتكاب كبيرة، أو إصرار على صغيرة، (اوْ خَرْمِ مُرُوْءَةٍ) ولم يشترط الحرية.
(وَ) بيان ما تثبت به العدالة أنَّ (مَنْ زَكَّاهُ عَدلَانِ) بتنصيصهما على عدالته (فَعَدْلٌ مُؤْتًمَنْ).
(وَصُحِّحَ اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْوَاحِدِ) أي: بالعدل الواحد (جَرْحَاً وَتَعْدِيْلاً)؛ لأن العدد لم يُشترط في قبول الخبر فلم يُشترط في جرح راويه وتعديله (خِلَافَ الشَّاهِدِ).
264 -
صَحَّحَ استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ عَنْ
…
تَزكِيَةٍ، كمَالكٍ نَجْمِ السُّنَنْ
265 -
ولابنِ عَبْدِ البَرِّ كُلُّ مَنْ عُنِي
…
بِحَمْلِهِ العِلْمَ وَلَمْ يُوَهَّنِ
266 -
فَإنَّهُ عَدْلٌ بِقَوْلِ المُصْطَفَى
…
«يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ» لكِنْ خُوْلِفَا
و (صَحَّحَ) ابنُ الصلاح (1)(استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ) أي: من اشتهرت عدالته وشاع الثناء عليه بالأمانة، (عَنْ تَزكِيَةٍ) أي: بينة شاهدة بعدالته تنصيصاً، (كمَالكٍ نَجْمِ السُّنَنْ) هذا وصف الشافعي حيث قال:«إذا ذكر الأثر فمالك النجم» (2).
(ولابنِ عَبْدِ البَرِّ (3) كُلُّ مَنْ عُنِي بِحَمْلِهِ العِلْمَ وَلَمْ يُوَهَّنِ فَإنَّهُ عَدْلٌ) محمولٌ في أمره على العدالة (بِقَوْلِ المُصْطَفَى: «يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ) من كل خَلَفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» (4).
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص105).
(2)
أسنده أبو نعيم في «الحلية» : (6/ 318).
(3)
في «التمهيد» : (1/ 28).
(4)
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» : (1/ 9 - 10، 4/ 556)، وابن عدي في «الكامل»:(1/ 152 - 153، 2/ 511)، والبيهقي في «الدلائل»:(1/ 44)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث»:(ص28 - 29)، وابن عبد البر في «التمهيد»:(1/ 59).
(لكِنْ خُوْلِفَا) فقال ابن الصلاح (1): «فيما قاله اتساع غير مرضي» ، واستدلا له بالحديث لا يصح؛ لإرساله وضعفه، ولأن صحة الاستدلال به لو كان خبراً، ولا يصح حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل فَيُحْمَل على الأمر.
267 -
وَمَنْ يُوَافِقْ غَالِباً ذا الضَّبْطِ
…
فَضَابِطٌ، أوْ نَادِراً فَمُخْطِيْ
(وَمَنْ يُوَافِقْ غَالِباً ذا الضَّبْطِ) بأن يُعْتَبَر حديثه بحديث الثقات الضابطين، فإن وافقهم في روايتهم في اللفظ أو في المعنى ولو في الغالب (فَضَابِطٌ، أوْ نَادِراً فَمُخْطِيْ) أي: وإن كان الغالب المخالفة وإن وافقهم فنادر، عُرِفَ خطؤه وعدم ضبطه.
268 -
وَصَحَّحُوا قَبُوْلَ تَعْدِيْلٍ بِلَا
…
ذِكْرٍ لأسْبَابٍ لَهُ، أنْ تَثْقُلَا
269 -
وَلَمْ يَرَوْ قَبُوْلَ جَرْحٍ أُبْهِمَا؛
…
لِلْخُلْفِ في أسبَابِهِ، وَرُبَّمَا
270 -
اسْتُفْسِرَ الجَرْحُ فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا
…
فَسَّرَهُ شُعْبَةُ بِالرَّكْضِ، فَمَا
271 -
هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الأثَرْ
…
كـ «شَيْخَيِ الصَّحِيْحِ» مَعْ أهْلِ النَّظَرْ
(وَصَحَّحُوا قَبُوْلَ تَعْدِيْلٍ بِلَا ذِكْرٍ لأسْبَابٍ لَهُ، أنْ تَثْقُلَا) أي: لئلا تثقل ويشق ذكرها؛ لأن أسبابه كثيرة.
(وَلَمْ يَرَوْ قَبُوْلَ جَرْحٍ أُبْهِمَا) بل مُفَسَّرَاً مبينَ السبب؛ (لِلْخُلْفِ في أسبَابِهِ) فيطلق أحدهم الجرح بناءً على ما اعتقده جرحاً وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه ليظهر أهو قادح أم لا؟.
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص106).
(وَرُبَّمَا اسْتُفْسِرَ الجَرْحُ فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا فَسَّرَهُ شُعْبَةُ) لما قيل له: لم تركتَ حديث فلان؟ [17 - ب](بِالرَّكْضِ) فقال: «رأيته يركض على برذون فتركته» (1)(فَمَا)(2) يلزم من ركضه؟.
وقيل عكس ما ذُكِر، وقيل لابد من ذكر سببهما وقيل: لا يجب ذكر سبب واحد منهما.
(هَذَا) أي: القول المذكور أولاً (الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الأثَرْ كـ (شَيْخَيِ الصَّحِيْحِ)) وهما البخاري ومسلم (مَعْ أهْلِ النَّظَرْ) وهم الأصوليون.
272 -
فَإنْ يُقَلْ: «قَلَّ بَيَانُ مَنْ جَرَحْ»
…
كَذَا إذَا قَالُوا: «لِمَتْنٍ لَمْ يَصِحْ»
273 -
وَأبْهَمُوا، فَالشَّيْخُ قَدْ أجَابَا
…
أنْ يَجِبَ الوَقْفُ إذا اسْتَرَابا
274 -
حَتَّى يُبِيْنَ بَحْثُهُ قَبُوْلَهْ
…
كَمَنْ أُوْلُو الصَّحِيْحِ خَرَّجُوا لَهْ
275 -
فَفي البُخَارِيِّ احتِجَاجاً عِكْرِمَ
…
مَعَ ابْنِ مَرْزُوْقٍ، وَغَيْرُ تَرْجُمَهْ
276 -
وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِمَنْ قَدْ ضُعِّفَا
…
نَحْوَ سُوَيْدٍ إذْ بِجَرْحٍ مَا اكتَفَى
277 -
قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ أبُو المَعَاليْ
…
واخْتَارَهُ تِلْمِيْذُهُ الغَزَاليْ
278 -
وابْنُ الخَطِيْبِ الْحَقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا
…
أطْلَقَهُ العَالِمْ بِأسْبَابِهِمَا
(فَإنْ يُقَلْ) يَرِدُ على هذا القول أنه (قَلَّ) في الكتب المصَنَّفة للجرح (بَيَانُ مَنْ جَرَحْ) بل يقتصرون على: «فلان ضعيف» ، ونحوه (إذَا قَالُوا: لِمَتْنٍ: «لَمْ
(1) أخرجه الخطيب في «الكفاية» : (1/ 344).
(2)
في الأصل: فماذا.
يَصِحْ») أو: «هذا حديث ضعيف» (وَأبْهَمُوا)، فاشتراط بيان السبب يُفْضِي إلى تعطيل ذلك.
(فَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (قَدْ أجَابَا (1) أنْ يَجِبَ الوَقْفُ إذا اسْتَرَابا) أي: أنَّ ذلك وإن لم نعتمدْه في إثبات الجرح به فقد اعتمدناه في تَوَقُّفِنَا عن قَبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك ثم يُبحث عن حاله، (حَتَّى يُبِيْنَ بَحْثُهُ قَبُوْلَهْ) إذا انزاحت عنه الريبة (كَمَنْ أُوْلُو الصَّحِيْحِ خَرَّجُوا لَهْ) ممن مَسَّهُ مثل هذا الجرح من غيرهم (فَفي البُخَارِيِّ احتِجَاجاً) أي: فالبخاري احتج بجماعة سبق عن غيره الطعن فيهم، منهم:(عِكْرِمَه) في التابعين، (مَعَ ابْنِ مَرْزُوْقٍ) في المتأخرين، (وَغَيْرُ تَرْجُمَهْ (2) وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِمَنْ قَدْ ضُعِّفَا نَحْوَ سُوَيْدٍ) هو ابن سعيد، وجماعة اشتهر عن من ينظر في حال الرواة الطعن عليهم؛ (إذْ بِجَرْحٍ) أي: بمطلق جرح (مَا اكتَفَى)(3).
قال المصنف (قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ) إمام الحرمين (أبُو المَعَاليْ (4) واخْتَارَهُ تِلْمِيْذُهُ الغَزَاليْ (5) وابْنُ الخَطِيْبِ (6): الْحَقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا أطْلَقَهُ العَالِمْ بِأسْبَابِهِمَا) فإن كان
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص108).
(2)
انظر: «هدي الساري» : (ص548 - 653)، سياق أسماء من طُعنَ فيه من رجال الصحيح والجواب عنهما.
(3)
انظر: «مقدمة النووي على شرح مسلم» : (1/ 188 - 190).
(4)
في «البرهان» : (1/ 621 - 622).
(5)
في «المستصفى» : (1/ 162).
(6)
الرازي في «المحصول» : (2/ 1/587 - 588).
المزكِّي عالماً بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه، وإلا فلا.
279 -
وَقَدَّمُوا الجَرْحَ، وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ
…
مَنْ عَدَّلَ الأكْثَرَ فَهْوَ المُعْتَبَرْ
(وَقَدَّمُوا الجَرْحَ) إذا تعارض هو والتعديل في راوٍ واحدٍ فجرَّحه بعضُهم وعَدَّله بعضهم.
(وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ مَنْ عَدَّلَ الأكْثَرَ) أي: إن كان عدد المعدلين أكثر (فَهْوَ المُعْتَبَرْ) أي: فيُقدم التعديل. وقيل: لا يرجح أحدها إلا بمرجح.
280 -
وَمُبْهَمُ التَّعْدِيْلِ لَيْسَ يَكْتَفِيْ
…
بِهِ الخَطِيْبُ والفَقِيْهُ الصَّيْرَفِيْ
281 -
وَقِيْلَ: يَكْفِي، نَحْوُ أنْ يُقالا:
…
حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، بَلْ لَوْ قَالَا:
282 -
جَمِيْعُ أشْيَاخِي ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ
…
أُسَمِّ، لَا يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ
283 -
وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ
…
مِنْ عَالِمٍ في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ
(وَمُبْهَمُ التَّعْدِيْلِ) من غير تسمية المعدَّل (لَيْسَ يَكْتَفِيْ بِهِ) في التوثيق (الخَطِيْبُ) أبو بكر (1)، (والفَقِيْهُ) أبو بكر (الصَّيْرَفِيْ)(2).
(وَقِيْلَ: يَكْفِي) حكاه ابن الصباغ عن أبي حنيفة (3) وذلك (نَحْوُ أنْ يُقالا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ) من غير أن يسميه، (بَلْ) زاد الخطيب (4) بأنه (لَوْ قَالَا جَمِيْعُ أشْيَاخِي
(1)«الكفاية» : (1/ 298 - 299).
(2)
انظر: «البحر المحيط» : (4/ 291).
(3)
انظر: «أصول البزدوي» : (3/ 6) مع شرحه «كشف الأسرار» .
(4)
في «الكفاية» : (1/ 298).
ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ أُسَمِّ) ثم روى عن مَنْ لم يُسمه [18 - أ](لَا يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ)؛ لأنه وإن كان ثقة عنده فربما لو سماه لكان ممن جَرَحَهُ غيره بجرح قادح.
(وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْ عَالِمٍ في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ) كقول مالك: «أخبرني الثقة» ، وكذا الشافعي.
قال ابن الصباغ (1): لم يورد الشافعي ذلك احتجاجاً بالخبر على غيره وإنما ذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحُكم وقد عرف هو من روى عنه ذلك.
284 -
وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ أوْ عَمَلَهُ
…
-عَلَى وِفَاقِ المَتْنِ- تَصْحِيْحَاً لَهُ
285 -
وَلَيْسَ تَعْدِيلاً عَلَى الصَّحِيْحِ
…
رِوَايَةُ العَدْلِ عَلَى التَّصْرِيْحِ
(وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ) أي: العالم (أوْ عَمَلَهُ -عَلَى وِفَاقِ المَتْنِ- تَصْحِيْحَاً لَهُ) أي: لذلك الحديث؛ لإمكان أن يكون ذلك منه لدليل آخر وافق ذلك الخبر. (وَلَيْسَ تَعْدِيلاً عَلَى الصَّحِيْحِ رِوَايَةُ العَدْلِ عَلَى التَّصْرِيْحِ) بأن روى العدلُ عن شيخٍ بصريح اسمِهِ؛ لجواز أن يروي عن غير العدل.
وقيل: تعديل مطلقاً.
وقيل: إن كان لا يروي إلا عن عدل تكون تعديلاً وإلا فلا.
286 -
وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُقْبَلُ المَجْهُوْلُ؟
…
وَهْوَ -عَلَى ثَلَاثَةٍ- مَجْعُوْلُ
287 -
مَجْهُوْلُ عَيْنٍ: مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ
…
وَرَدَّهُ الاكْثَرُ، وَالقِسْمُ الوَسَطْ:
(1) انظر: «البحر المحيط» : (4/ 297).
288 -
مَجْهُوْلُ حَالٍ بَاطِنٍ وَظَاهِرِ
…
وَحُكْمُهُ: الرَّدُّ لَدَى الجَمَاهِرِ،
289 -
وَالثَّالِثُ: المَجْهُولُ لِلعَدالَهْ
…
في بَاطِنٍ فَقَطْ. فَقَدْ رَأَى لَهْ
290 -
حُجِّيَّةً -في الحُكْمِ-بَعْضُ مَنْ مَنَعْ
…
مَا قَبْلَهُ، مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فَقَطَعْ
291 -
بِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ: إنَّ العَمَلا
…
يُشْبِهُ أنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلا
292 -
في كُتُبٍ منَ الحَدِيْثِ اشْتَهَرَتْ
…
خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ بِهَا تَعَذَّرَتْ
293 -
في بَاطِنِ الأمْرِ، وبَعْضٌ يُشْهِرُ
…
ذَا القِسْمَ مَسْتُوْرَاً، وَفِيْهِ نَظَرُ
(وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُقْبَلُ المَجْهُوْلُ؟ وَهْوَ -عَلَى ثَلَاثَةٍ- مَجْعُوْلُ) القسم الأول: (مَجْهُوْلُ عَيْنٍ) وهو: (مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ) كالهيثم بن حَنَش لم يرو عنه إلا واحد وهو أبو إسحاق السبيعي (1). (وَرَدَّهُ الاكْثَرُ).
(وَالقِسْمُ الوَسَطْ) وهو الثاني (مَجْهُوْلُ حَالٍ) في العدالة (بَاطِنٍ وَظَاهِرِ) مع كونه معروف العين برواية عدلين عنه، (وَحُكْمُهُ: الرَّدُّ لَدَى الجَمَاهِرِ).
(و) القسم (الثَّالِثُ المَجْهُولُ لِلعَدالَهْ في بَاطِنٍ فَقَطْ) أما في الظاهر فهو عدل (فَقَدْ رَأَى لَهْ حُجِّيَّةً -في الحُكْمِ-بَعْضُ مَنْ مَنَعْ مَا قَبْلَهُ) وهما القسمان الأوَّلان. (مِنْهُمْ سُلَيْمٌ) هو ابن أيوب الرازي (فَقَطَعْ بِهِ)(2)؛ لأن الأخبار مبنيٌّ على حسن الظن بالراوي.
(1)«الجرح والتعديل» : (9/ 79).
(2)
انظر: «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص112)، و «البحر المحيط»:(4/ 281).
(وَقَالَ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (1)(إنَّ العَمَلا يُشْبِهُ أنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلا في كُتُبٍ منَ الحَدِيْثِ اشْتَهَرَتْ خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ بِهَا تَعَذَّرَتْ في بَاطِنِ الأمْرِ) لتقادم العهد (وبَعْضٌ يُشْهِرُ) شهود (ذَا القِسْمَ) الأخير (مَسْتُوْرَاً).
قال ابن الصلاح (2): وهو المستور، قال بعض أئمتنا (3): المستور من يكون عدلاً في الظاهر ولا تعرف عدالته باطناً.
قال المصنف: (وَفِيْهِ نَظَرُ)؛ لأن الشافعي قال (4): لا يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر، فعلى هذا لا يُقال لمن هو بهذه المثابة: أنه مستور.
294 -
وَالخُلفُ في مُبْتَدِعٍ مَا كُفِّرَا
…
قِيْلَ: يُرَدُّ مُطلَقَاً، وَاسْتُنْكِرَا
295 -
وَقْيِلَ: بَلْ إذا اسْتَحَلَّ الكَذِبَا
…
نُصْرَةَ مَذْهَبٍ لَهُ، وَنُسِبَا
296 -
لِلشَّافِعيِّ، إذْ يَقُوْلُ: أقْبَلُ
…
مِنْ غَيْرِ خَطَّابِيَّةٍ مَا نَقَلُوْا
297 -
وَالأكْثَرُوْنَ - وَرَآهُ الأعْدَلَا -
…
رَدُّوَا دُعَاتَهُمْ فَقَطْ، وَنَقَلا
298 -
فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ اتِّفَاقَاً، وَرَوَوْا
…
عَنْ أهْلِ بِدْعٍ في الصَّحِيْحِ مَا دَعَوْا
(وَالخُلفُ في) رواية (مُبْتَدِعٍ مَا كُفِّرَا)[18 - ب] في بدعته (قِيْلَ: يُرَدُّ مُطلَقَاً)؛
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص112).
(2)
المصدر السابق.
(3)
هو البغوي في كتابه «تهذيب الفروع» : (5/ 263).
(4)
في «اختلاف الحديث» : (ص143).
لأنه فاسقٌ ببدعته. (وَاسْتُنْكِرَا)، قال ابن الصلاح (1): إنه بعيد فإن كتب أئمة الحديث طافحةٌ بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، أما المبتدع الذي يَكْفُرُ ببدعته فابن الصلاح لم يَحْكِ فيه خلافاً.
(وَقْيِلَ: بَلْ) يُرَدُّ (إذا اسْتَحَلَّ الكَذِبَا نُصْرَةَ مَذْهَبٍ لَهُ، وَنُسِبَا) أي: ذا القول (لِلشَّافِعيِّ، إذْ يَقُوْلُ: أقْبَلُ مِنْ) أهل الأهواء (غَيْرِ خَطَّابِيَّةٍ) وهم من الرافضة (مَا نَقَلُوْا)(2)؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافِقِيْهم.
(وَالأكْثَرُوْنَ - وَرَآهُ) ابن الصلاح (3)(الأعْدَلَا - رَدُّوَا دُعَاتَهُمْ فَقَطْ) فقالوا: إن كان داعياً إلى بدعته لم يقبل وإن لم يكن داعية قُبِل. (وَنَقَلا فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ اتِّفَاقَاً) فقال (4): «الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبةً لا أعلمُ بينهم فيه اختلافاً» ، وقال (5):«ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يَدْعُ إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز» .
(وَرَوَوْا عَنْ أهْلِ بِدْعٍ في الصَّحِيْحِ مَا دَعَوْا) أي: وفي «الصحيحين» كثير من
(1) في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص115).
(2)
نقله عنه الخطيب في «الكفاية» : (1/ 367).
(3)
في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص115).
(4)
في «المجروحين» : (3/ 63 - 64).
(5)
في «الثقات» : (6/ 140 - 141) ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي. وعلق عليه السخاوي في «فتح المغيث» : (2/ 227) قائلاً: «وليس صريحاً في الاتفاق لا مطلقاً ولا بخصوص الشافعية» .
أحاديث المبتدعة غير الدُّعاة كداود بن الحصين (1) وغيره.
299 -
وَلِلحُمَيْدِيْ وَالإمَامِ أحْمَدَا
…
بأنَّ مَنْ لِكَذِبٍ تَعَمَّدا
300 -
أيْ فِي الحَدِيْثِ، لَمْ نَعُدْ نَقْبَلُهُ
…
وَإنْ يَتُبْ، وَالصَّيْرَفِيِّ مِثْلُهُ
301 -
وَأطْلَقَ الكِذْبَ، وَزَادَ: أنَّ مَنْ
…
ضُعِّفَ نَقْلاً لَمْ يُقَوَّ بَعْدَ أنْ
302 -
وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ، وَالسَّمْعَانِي
…
أبُو المُظَفَّرِ يَرَى فِي الجَانِي
303 -
بِكَذِبٍ فِي خَبَرٍ إسْقَاطَ مَا
…
لَهُ مِنَ الحَدِيْثِ قَدْ تَقدَّمَا
(وَلِلحُمَيْدِيْ وَالإمَامِ أحْمَدَا (2) بأنَّ مَنْ لِكَذِبٍ تَعَمَّدا أيْ فِي الحَدِيْثِ) أي: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لَمْ نَعُدْ نَقْبَلُهُ) أي: نقبل روايته أبداً، (وَإنْ يَتُبْ) وحسنت توبته، أما في حديث الناس فَتُقبل رواية الثابت منه.
(وَالصَّيْرَفِيِّ) أي: وللصيرفي (مِثْلُهُ) أي: مثل قولهما (3)، ولكن (أطْلَقَ) الصيرفي (الكِذْبَ، وَزَادَ: أنَّ مَنْ ضُعِّفَ نَقْلاً لَمْ يُقَوَّ بَعْدَ أنْ وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ) فقال: «كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نَعُدْ لقبوله بتوبة تظهر، ومن ضعفنا نقله لم نجعله قوياً بعد ذلك» ، وذكر أن ذلك مما افترقت فيه الرواية والشهادة.
(وَالسَّمْعَانِي أبُو المُظَفَّرِ يَرَى فِي الجَانِي بِكَذِبٍ فِي خَبَرٍ) واحد (إسْقَاطَ مَا لَهُ مِنَ
(1) قال الحافظ: رمي برأي الخوارج. «تقريب التهذيب» : (رقم 1779).
(2)
«الكفاية» : (1/ 358 - 360).
(3)
عزاه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص116) إلى «شرح الرسالة» .
الحَدِيْثِ قَدْ تَقدَّمَا) (1).
304 -
وَمَنْ رَوَى عَنْ ثِقَةٍ فَكَذَّبَهْ
…
فَقَدْ تَعَارَضَا، وَلَكِنْ كَذِبَهْ
305 -
لَا تُثْبِتَنْ بِقَوْلِ شَيْخِهِ، فَقَدْ
…
كَذَّبَهُ الآخَرُ، وَارْدُدْ مَا جَحَدْ
306 -
وَإنْ يَرُدَّهُ بِلَا أذْكُرُ أوْ
…
مَا يَقْتَضِي نِسْيَانَهُ، فَقَدْ رَأوْا
307 -
الحُكْمَ لِلذَّاكِرِ عِنْدَ المُعْظَمِ،
…
وَحُكِيَ الإسْقَاطُ عَنْ بَعْضِهِمِ
308 -
كَقِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِيْنِ إذْ
…
نَسِيَهُ سُهَيْلٌ الَّذِي أُخِذْ
309 -
عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ عَنْ رَبِيْعَهْ
…
عَنْ نَفْسِهِ يَرْوِيْهِ لَنْ يُضِيْعَهْ
310 -
وَالشَّافِعي نَهَى ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ
…
يَرْوِي عَنِ الحَيِّ لخَوْفِ التُّهَمِ
(وَمَنْ رَوَى) حديثاً (عَنْ ثِقَةٍ) وكان ثقةً (فَكَذَّبَهْ) أي: المروي عنه صريحاً أو بنفيٍ جازم (فَقَدْ تَعَارَضَا، وَلَكِنْ كَذِبَهْ) أي: الفرع (لَا تُثْبِتَنْ بِقَوْلِ [19 - أ] شَيْخِهِ) بحيث يكون ذلك جرحاً للفرع (فَقَدْ كَذَّبَهُ الآخَرُ) في نفيه لذلك، وليس قبول جرح كلٍّ منهما بأولى من الآخر فتساقطا. (وَ) لكن (ارْدُدْ مَا جَحَدْ) أي: اردده من حديث الفرع إذا نفى الأصل تحديثه للفرع به خاصة، ولا يُرَدُّ من حديث الأصل نفسه إذا حَدَّث به.
(وَإنْ يَرُدَّهُ) الأصل (بِـ «لَا أذْكُرُ» أوْ مَا يَقْتَضِي نِسْيَانَهُ) كَـ «لا أعرفه» (فَقَدْ رَأوْا الحُكْمَ لِلذَّاكِرِ عِنْدَ المُعْظَمِ) فقبلوا ذلك، وقالوا: نسيان الأصل لا يُسْقِطُ العمل بما نسيه.
(1)«قواطع الأدلة» : (2/ 304).
(وَحُكِيَ الإسْقَاطُ عَنْ بَعْضِهِمِ) حكاه ابن الصبَّاغ (1) عن بعض أصحاب أبي حنيفة.
وذلك (كَقِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِيْنِ) وهو أنه عليه السلام قضى باليمين مع الشاهد (2)(إذْ نَسِيَهُ سُهَيْلٌ الَّذِي أُخِذْ عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ عَنْ رَبِيْعَهْ عَنْ نَفْسِهِ يَرْوِيْهِ لَنْ يُضِيْعَهْ) قال عبد العزيز: ذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه. قال عبد العزيز: فكان سُهيل بعدُ يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه (3).
(وَالشَّافِعي نَهَى ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَرْوِي عَنِ الحَيِّ لخَوْفِ التُّهَمِ) فقال: «لا تُحدث عن حيٍّ فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان» (4).
311 -
وَمَنْ رَوَى بأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ
…
إسْحَاقُ والرَّازِيُّ وابْنُ حَنْبَلِ
312 -
وَهْوَ شَبيْهُ أُجْرَةِ القُرْآنِ
…
يَخْرُمُ مِنْ مُرُوْءَةِ الإنْسَانِ
313 -
لَكِنْ أبُوْ نُعَيْمٍ الفَضْلُ أَخَذْ
…
وَغَيْرُهُ تَرَخُّصَاً، فإنْ نَبَذْ
314 -
- شُغْلاً بِهِ - الكَسْبَ أجِزْ إرْفَاقَا،
…
أفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أبُوْ إسْحَاقا
(وَمَنْ رَوَى بأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ إسْحَاقُ)(5)، وأبو حاتم (الرَّازِيُّ)(6)، وأحمد (ابْنُ
(1) في «العدة» كما في «شرح العراقي على الألفية» : (1/ 362).
(2)
أخرجه أبو داود (ج3610) والترمذي (1/ 274) وابن ماجه (ج2368).
(3)
ذكر ذلك أبو داود عقب تخريجه الحديث في الموضع المشار إليه.
(4)
انظر: «مناقب الشافعي» : (2/ 38، 216).
(5)
انظر: «تهذيب الكمال» : (7/ 233).
(6)
انظر: «الكفاية» : (1/ 457).
حَنْبَلِ (1)، وَهْوَ شَبيْهُ أُجْرَةِ القُرْآنِ) أي: أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه (يَخْرُمُ مِنْ مُرُوْءَةِ الإنْسَانِ).
(لَكِنْ أبُوْ نُعَيْمٍ الفَضْلُ) بن دكين (أَخَذْ (2) وَغَيْرُهُ تَرَخُّصَاً) أي: رخصوا في ذلك.
(فإنْ نَبَذْ - شُغْلاً بِهِ - الكَسْبَ أجِزْ إرْفَاقَا أفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أبُوْ إسْحَاقا) فإن أبا الحسين ابن النقور (3) فَعَلَ ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ الأجرة على التحديث؛ لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله (4).
315 -
وَرُدَّ ذُوْ تَسَاهُلٍ في الحَمْلِ
…
كَالنَّوْمِ وَالأدَا كَلَا مِنْ أصْلِ،
316 -
أوْ قَبِلَ التَّلقِيْنَ، أوْ قَدْ وُصِفَا
…
بِالمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً، أوْ عُرِفَا
317 -
بِكَثْرَةِ السَّهْوِ، وَمَا حَدَّثَ مِنْ
…
أصْلٍ صَحِيْحٍ فَهْوَ رَدٌّ، ثُمَّ إنْ
318 -
بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ،
…
سَقَطَ عِنْدَهُمْ حَدِيْثُهُ جُمَعْ
319 -
كَذَا الحُمَيْدِيُّ مَعَ ابْنِ حَنْبَلِ
…
وابْنِ المُبَارَكِ رَأَوْا فِي العَمَلِ
320 -
قَالَ: وَفيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ إذَا
…
كَانَ عِنَادَاً مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا
(1) انظر: المصدر السابق.
(2)
انظر: «الكفاية» : (1/ 461).
(3)
هو الشيخ الجليل مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور، المتوفى سنة (470هـ). «المنتظم»:(8/ 314)، «سير أعلام النبلاء»:(18/ 373 - 374).
(4)
انظر المصادر السابقة في ترجمته.
(وَرُدَّ ذُوْ تَسَاهُلٍ في الحَمْلِ كَالنَّوْمِ) أي: كمن ينام هو أو شيخه في حالة السماع ولا يبالي بذلك.
(و) في (الأدَا كَلَا مِنْ أصْلِ) كأن يؤدِّي الحديث لا من أصلٍ صحيحٍ مقابل على أصلِهِ أو أصلِ شيخه.
(أوْ قَبِلَ التَّلقِيْنَ) في الحديث وهو: أن يُلَقَّنَ الشيء فيحدِّث به من غير أن يَعْلَمَ أنه من حديثه.
(أوْ قَدْ وُصِفَا بِالمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً) أي: من كثرت المناكير والشواذ في حديثه.
(أوْ عُرِفَا بِكَثْرَةِ السَّهْوِ) في رواياته (وَ) أي: [19 - ب] في حال كون من عرف بكثرة السهو (مَا حَدَّثَ مِنْ أصْلٍ صَحِيْحٍ فَهْوَ رَدٌّ) أما إذا حَدَّثَ من أصل صحيح فالسماع صحيح؛ لأن الاعتماد حينئذ على الأصل.
(ثُمَّ) من غلط في حديث (إنْ بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ) وأصَرَّ على روايته ذلك الحديث (سَقَطَ عِنْدَهُمْ حَدِيْثُهُ جُمَعْ) ولم يُكتب عنه (كَذَا الحُمَيْدِيُّ (1) مَعَ ابْنِ حَنْبَلِ (2) وابْنِ المُبَارَكِ (3) رَأَوْا فِي العَمَلِ).
(قَالَ) ابن الصلاح (4): (وَفيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ إذَا كَانَ عِنَادَاً مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا) أي: وهو غير مستنكَرٍ إذا ظهر أنَّ ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك.
(1) انظر: «الكفاية» : (1/ 430).
(2)
انظر: المصدر السابق (1/ 429).
(3)
انظر: المصدر السابق (1/ 428).
(4)
في «معرفة أنواع علم الحديث» : (ص120).
321 -
وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ
…
عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ
322 -
لِعُسْرِهَا، بَلْ يُكْتَفَى بِالعَاقِلِ
…
المُسْلِمِ البَالِغِ، غَيْرِ الفَاعِلِ
323 -
لِلفِسْقِ ظَاهِرَاً، وَفِي الضَّبْطِ بأنْ
…
يَثْبُتَ مَا رَوَى بِخَطٍّ مُؤْتَمَنْ
324 -
وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ اصْلٍ وَافَقَا
…
لأصْلِ شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا
325 -
لِنَحْوِ ذَاكَ البَيْهَقِيُّ، فَلَقَدْ
…
آلَ السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ
(وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ) أي: الأعصار المتأخرة (عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ) أي: عن اعتبار مجموع هذه الشروط؛ (لِعُسْرِهَا) وتعذر الوفاء بها. (بَلْ يُكْتَفَى) في أهلية الشيخ (بِالعَاقِلِ، المُسْلِمِ، البَالِغِ، غَيْرِ الفَاعِلِ لِلفِسْقِ ظَاهِرَاً) ولما يخرم المروءة.
(وَفِي الضَّبْطِ) أي: ويُكتفَى في اشتراط ضبط الراوي (بأنْ يَثْبُتَ مَا رَوَى بِخَطٍّ مُؤْتَمَنْ، وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ اصْلٍ وَافَقَا لأصْلِ شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا لِنَحْوِ ذَاكَ البَيْهَقِيُّ (1)) لما ذَكَرَ تَوَسُّعَ من تَوَسَّعَ في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم، ولا يعرفون ما يُقرأ عليهم، بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم، وذلك لتدوين الأحاديث.
(فَلَقَدْ آلَ السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ) أي: صار القصد من الرواية والسماع أن يَصِيْرَ الحديث مسلسلاً بحدَّثَنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خُصَّتْ بها هذه الأمة.
(1)«مناقب الشافعي» : (2/ 321).