الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابَةُ الْحَدِيْثِ وضَبْطُهُ
559 -
وَاخْتَلَفَ الِصّحَابُ وَألأَتْبَاعُ
…
فِي كِتْبَةِ الْحَدِيْثِ، وَالإِجْمَاعُ
560 -
عَلَى الْجَوَازِ بَعْدَهُمْ بالْجَزْمِ
…
لِقَوْلِهِ: «اكْتُبُوْا» وَكَتْبِ السَّهْمِيْ
(وَاخْتَلَفَ الِصّحَابُ وَألأَتْبَاعُ فِي كِتْبَةِ الْحَدِيْثِ) فكرهه بعضهم لقوله عليه السلام: «لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن» (1) وجَوَّزَهُ بعضُهم، (وَالإِجْمَاعُ [28 - ب] عَلَى الْجَوَازِ بَعْدَهُمْ بالْجَزْمِ) أي: وزال ذلك الخلاف؛ (لِقَوْلِهِ:) عليه السلام: (اكْتُبُوْا) لأبي شاة (2)، (وَكَتْبِ السَّهْمِيْ) وهو عبد الله بن عمرو السهمي فإنه قال: كنت أَكْتُبُ كلَّ شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وفيه أنه ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له:«اكتب» (3)، وفي حديث أبي هريرة:«ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر حديثاً عنه مني إلَّا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يَكْتُب ولا أَكْتُب» (4)، وكان النهي أولاً لخوف اختلاطه بالقرآن.
561 -
وَيَنْبَغِي إِعْجَامُ مَا يُسْتَعْجَمُ
…
وَشَكْلُ مَا يُشْكِلُ لَا مَا يُفْهَمُ
562 -
وَقِيْلَ: كُلِّهِ لِذِي ابْتِدَاءِ
…
وَأَكَّدُوْا مُلْتَبِسَ الأَسْمَاءِ
(1) أخرجه مسلم (ج3004).
(2)
أخرجه البخاري (ج112) ومسلم (ج1355).
(3)
أخرجه أبو داود (ج3646).
(4)
أخرجه البخاري (ج113).
563 -
وَلْيَكُ فِي الأَصْلِ وَفِي الْهَامِشِ مَعْ
…
تَقْطِيْعِهِ الْحُرُوْفَ فَهْوَ أَنْفَعْ
(وَيَنْبَغِي) لطالب العلم (إِعْجَامُ مَا يُسْتَعْجَمُ، وَشَكْلُ مَا يُشْكِلُ لَا مَا يُفْهَمُ) أي: أن يضبط كتابه بالنقط والشكل في الملتبس، ولا حاجة إليه مع عدم الإشكال. (وَقِيْلَ) ينبغي شَكْلُ (كُلِّهِ) قاله القاضي عياض، لا سيما (لِذِي ابْتِدَاءِ) فإنه لا يُميز ما يُشكل مما لا يُشكل.
(وَأَكَّدُوْا مُلْتَبِسَ الأَسْمَاءِ) برسم ذلك الحرف المشكِل (وَلْيَكُ) رسمه (فِي الأَصْلِ، وَفِي الْهَامِشِ) أي: مفرداً في حاشية الكتاب قُبَالَة الحرف بإهماله أو نقطه (مَعْ تَقْطِيعِهِِ الْحُرُوْفَ) أي: حروف الكلمة المشكلة التي تُكْتَبُ في هامش الكتاب، (فَهْوَ أَنْفَعْ)؛ لأنه يُظهر شكلَ الحرف بكتابته مفرداً في بعض الحروف كالنون والياء.
564 -
وَيُكْرَهُ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ إِلَاّ
…
لِضِيْقِ رَقٍّ أَوْ لِرَحَّالٍ فَلَا
565 -
وَشَرُّهُ التَّعْلِيْقُ وَالْمَشْقُ، كَمَا
…
شَرُّ الْقِرَاءَةِ إذا مَا هَذْرَمَا
(وَيُكْرَهُ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ)؛ لأنه لا يَنْتَفِع به ضعيفُ النظر، وربما ضَعُفَ نظرُ كاتبِه بعدَ ذلك، (إِلَاّ لِضِيْقِ رَقٍّ) بأن ضاق الورق الذي يكتُبُ فيه، (أَوْ لِرَحَّالٍ) في طلب العلم يُريد حَمْلَ كتبه معه فتكون خفيفة الحمل، (فَلَا) يُكره.
(وَشَرُّهُ) أي: الخط (التَّعْلِيْقُ وَالْمَشْقُ) وهو سرعة الكتابة.
(كَمَا شَرُّ الْقِرَاءَةِ إذا مَا هَذْرَمَا) الهَذْرَمَة: السُّرعة في القراءة، روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:«شر الكتابة المشْق، وشر القراءة الهذْرمة، وأجود الخط أبينه» .
566 -
وَيُنْقَطُ الْمُهْمَلُ لَا الْحَا أَسْفَلَا
…
أَوْ كَتْبُ ذَاكَ الْحَرْفِ تَحْتُ مَثَلَا
567 -
أَوْ فَوْقَهُ قُلَامَةً، أَقْوَالُ
…
وَالْبَعْضُ نَقْطَ الِسّيْنِ صَفّاً قالَوْا
568 -
وَبَعْضُهُمْ يَخُطُّ فَوْقَ الْمُهْمَلِ
…
وَبَعْضُهُمْ كَالْهَمْزِ تَحْتَ يَجْعَلِ
(وَيُنْقَطُ) الحرف (الْمُهْمَلُ لَا الْحَا أَسْفَلَا) بأن يَقْلِبَ النَّقْط الذي فوق المعجمات تحت ما يُشاكِلُهَا من المهملات، أما لو فعل ذلك بالحاء (1) لاشتبهت بالجيم.
(أَوْ كَتْبُ ذَاكَ الْحَرْفِ) المهمَل بعينِهِ منفرداً صغيراً (تَحْتُ مَثَلَا) أي: تحت الحرف الذي يشار إلى إهماله، (أو) أن يُجعل (فَوْقَهُ) أي: فوق المهمل (قُلَامَةً) أي: صورة هلال كَقُلامة الظفر مضطجعة على قفاها فهذه (أَقْوَالُ) في كيفية ضبط المهمل.
واختلفوا في كيفية نقط السين المهملة من تحت فقال بعضهم هو كصورة النقط من فوق (وَالْبَعْضُ [29 - أ] نَقْطَ الِسّيْنِ صَفّاً قالَوْا).
(وَبَعْضُهُمْ يَخُطُّ فَوْقَ الْمُهْمَلِ) خطاً صغيراً، (وَبَعْضُهُمْ كَالْهَمْزِ تَحْتَ يَجْعَلِ) أي: يجعل تحت المهمل مثل الهمزة.
569 -
وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ مَيَّزَا
…
مُرَادَهُ وَاخْتِيْرَ أَنْ لَا يَرْمِزَا
ومَنْ سَمِعَ الكتاب من طُرُق فيبين اختلاف الروايات، ويُبين عند ذكرِ كل رواية منها اسمَ راويها، (وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ) يدُل عليه كحرف أو حرفين من اسمه (مَيَّزَا مُرَادَهُ) بتلك العلامات في أَوَّل كتابه أو آخره، (وَاخْتِيْرَ أَنْ لَا
(1) في الأصل: بها. خطأ.
يَرْمِزَا) بل يأتي باسمه كاملاً فإنه أدفع للإلباس.
570 -
وَتَنْبَغِي الدَّارَةُ فَصْلاً وَارْتَضَى
…
إِغْفَالَهَا الْخَطِيْبُ حَتَّى يُعْرَضَا
(وَتَنْبَغِي) أن يجعل (الدَّارَةُ فَصْلاً) بين كل حديثين لِتُمَيِّزَ بينهما، (وَارْتَضَى إِغْفَالَهَا الْخَطِيْبُ) (1) أي: أن تكون الدَّارات غفلاً (حَتَّى يُعْرَضَا) فكل حديث يَفْرُغُ من عرضِهِ يَنْقُطُ في الدَّارة التي تليه نقطة، أو [يَخُطُّ](2) خَطًّا في وسطها.
571 -
وَكَرِهُوْا فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللهْ
…
مِنْهُ بِسَطْرٍ إِنْ يُنَافِ مَا تَلَاهْ
(وَكَرِهُوْا) في الخط (فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللهْ مِنْهُ بِسَطْرٍ إِنْ يُنَافِ مَا تَلَاهْ) كعبد الله بن فلان فيكتب «عبد» في آخر السطر، ويكتب في السطر الآخر اسم «الله» وبقية النسب.
572 -
وَاكْتُبْ ثَنَاءَ «اللهِ» وَالتَّسْلِيْمَا
…
مَعَ الصَّلَاةِ للِنَّبِي تَعْظِيْمَا
573 -
وَإِنْ يَكُنْ أُسْقِطَ فِي الأَصْلِ وَقَدْ
…
خُوْلِفَ فِي سَقْطِ الصَّلَاةِ «أَحْمَدْ»
574 -
وَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالرَّوَايَهْ
…
مَعْ نُطْقِهِ، كَمَا رَوَوْا حِكَايَهْ
575 -
وَالْعَنْبَرِيْ وَابْنُ الْمُدِيْنِيْ بَيَّضَا
…
لَهَا لإِعْجَالٍ وَعَادَا عَوَّضَا
576 -
وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا وَالْحَذْفَا
…
مِنْهَا صَلَاةً أَوْ سَلَاماً تُكْفَى
(وَاكْتُبْ ثَنَاءَ «اللهِ» وَالتَّسْلِيْمَا) عند ذكر اسمه كـ «عز وجل» و «تبارك وتعالى» (مَعَ الصَّلَاةِ للِنَّبِي تَعْظِيْمَا)، ولا تسأم من تَكَرُّرِ ذلك، (وَإِنْ يَكُنْ أُسْقِطَ فِي الأَصْلِ)
(1)«الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» : (1/ 273).
(2)
زيادة ألحقتها من شرح الناظم (1/ 472) ليست في الأصل.
أي: أصل سماعه أو أصل الشيخ، فلا تُسْقِطْهُ بل تتلفظ به وتكتبه.
(وَقَدْ خُوْلِفَ فِي سَقْطِ الصَّلَاةِ «أَحْمَدْ») هو ابن حنبل (1) فيما وُجِدَ في خطه من إغفال الصلاة والتسليم، قال الخطيب (2): خالفه غيره من المتقدمين، (وَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالرَّوَايَهْ) أي:(3) لعل سببه أنه كان يرى التقييد في ذلك بالرواية، وعَزَّ عليه اتصالها في جميع من فوقه من الرواة (مَعْ نُطْقِهِ، كَمَا رَوَوْا حِكَايَهْ) قال الخطيب (4): وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نُطقاً لا خطاً.
وعباس (الْعَنْبَرِيْ)(5) وعلي (ابْنُ الْمُدِيْنِيْ (6) بَيَّضَا لَهَا لإِعْجَالٍ وَعَادَا عَوَّضَا) فقالا: ما تركنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديثٍ سمعناه، وربما عَجِلْنَا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه.
(وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا) بأن تقتصر من ذلك على حرفين ونحوه كـ «صلعم» (وَالْحَذْفَا)، واكتب (صَلَاةً أَوْ سَلَاماً تُكْفَى) فلا تحذف واحداً من الصلاة والتسليم وتقتصر على أحدهما.
(1)«الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» : (1/ 271).
(2)
المصدر السابق.
(3)
أي: ملحقة في الحاشية اليسرى من الأصل.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق (1/ 272).
(6)
المصدر السابق.