الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تَنْصِبُ فِي بَيْتِهِ صَلِيبًا وَتُصَلِّي فِي بَيْتِهِ حَيْثُ شَاءَتْ وَمَنْ سَأَلَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمَ طَرِيقَ الْبِيعَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَيْهَا اهـ.
[حَمْلُ خَمْرِ الذِّمِّيِّ بِأَجْرٍ]
قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَحَمْلُ خَمْرِ الذِّمِّيِّ بِأَجْرٍ) يَعْنِي جَازَ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً وَعَدَّ مِنْهَا حَامِلَهَا» وَلَهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْحَمْلِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَإِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ فَصَارَ كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَصْرِ خَمْرِ الْعِنَبِ وَقَطْفِهِ، وَالْحَدِيثُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَمْلِ الْمَقْرُونِ بِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَجَّرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا الْخَمْرَ أَوْ نَفْسَهُ لِيَرْعَى لَهُ الْخَنَازِيرَ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ أَجَّرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِذِمِّيٍّ لِيَعْمَلَ فِي الْكَنِيسَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا دَخَلَ يَهُودِيٌّ الْحَمَّامَ هَلْ يُبَاحُ لِلْخَادِمِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَخْدُمَهُ قَالَ: إنْ خَدَمَهُ طَمَعًا فِي فُلُوسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ خَدَمَهُ تَعْظِيمًا لَهُ يُنْظَرُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُمِيلَ قَلْبَهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ فَعَلَهُ تَعْظِيمًا لَهُ كُرِهَ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا إذَا دَخَلَ ذِمِّيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ فَقَامَ لَهُ طَمَعًا فِي إسْلَامِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ قَامَ لَهُ تَعْظِيمًا لَهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ.
[بَيْعُ بِنَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ أَوْ أَرَاضِيهَا]
قَالَ: رحمه الله (وَبَيْعُ بِنَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ أَوْ أَرَاضِيِهَا) يَعْنِي يَجُوزُ ذَلِكَ أَمَّا الْبِنَاءُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِبِنَائِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَنَى فِي الْمُسْتَأْجَرِ أَوْ الْوَقْفِ جَازَ الْبِنَاءُ وَكَانَ لَهُ مِلْكًا لَهُ، وَأَمَّا بَيْعُ أَرَاضِيهَا فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ أَرَاضِيَهَا مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا لِظُهُورِ التَّصَرُّفِ وَالِاخْتِصَاصِ وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ» الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَرَاضِيَهَا تُمْلَكُ وَتَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَقَدْ تَعَارَفَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إلَى الْآنَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرَاضِيهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَحَرَّمَ بَيْعَ أَرَاضِيهَا وَإِجَارَتَهَا» وَلِأَنَّهُ وَقْفُ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام وَلِأَنَّ الْأَرَاضِيَ بِمَكَّةَ كَانَتْ تُدْعَى فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ بِالسَّوَائِبِ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا سَكَنَهَا وَمَنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا تَرَكَهَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَنْ وَضَعَ عِنْدَ بَقَّالٍ دِرْهَمًا يَأْخُذُ مِنْهُ مَا شَاءَ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَّكَهُ الدِّرْهَمَ فَقَدْ أَقْرَضَهُ إيَّاهُ وَقَدْ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِنْ الْقَبُولِ وَغَيْرِهَا مَا شَاءَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ نَفْعُ بَقَاءِ الدِّرْهَمِ وَكِفَايَتُهُ لِلْحَاجَاتِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ لَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ فَصَارَ فِي مَعْنَى قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُودِعَهُ عِنْدَهُ ثُمَّ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَإِنْ ضَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ اهـ.
قَالَ رحمه الله: (وَتَعْشِيرُ الْمُصْحَفِ وَنَقْطُهُ) يَعْنِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْآيَةَ تَوْقِيفِيَّةٌ لَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَدْخَلٌ فَالتَّعْشِيرُ حِفْظُ الْآيَاتِ، وَالنَّقْطُ الْإِعْرَابُ فَكَانَا حَسَنَيْنِ وَلِأَنَّ الْعَجَمِيَّ الَّذِي لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إلَّا بِالنَّقْطِ فَكَانَ حَسَنًا وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ جَرِّدُوا الْقُرْآنَ فَذَلِكَ فِي زَمَانِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْقُلُونَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا أُنْزِلَ وَعَلَى هَذَا لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ أَسَامِي السُّوَرِ وَعَدِّ الْآيِ وَإِنْ كَانَ مُحَزَّبًا فَهُوَ حَسَنٌ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: وَيُكْرَهُ التَّعَاشِيرُ وَهُوَ كِتَابَةٌ لِعَلَامَةِ عُشْرِ مُنْتَهَى عَشْرِ آيَاتٍ اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَتَحْلِيَتُهُ) يَعْنِي وَيَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِهِ كَمَا فِي نَقْشِ الْمَسْجِدِ وَزِينَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
قَالَ: رحمه الله (وَدُخُولُ ذِمِّيٍّ مَسْجِدًا) يَعْنِي جَازَ إدْخَالُ الذِّمِّيِّ جَمِيعَ الْمَسَاجِدِ عِنْدَنَا وَقَالَ مَالِكٌ: يُكْرَهُ فِي كُلِّ الْمَسَاجِدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ وَالْجَنَابَةِ فَوَجَبَ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ وَلَنَا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «أَنْزَلَ وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ وَضَرَبَ لَهُمْ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ الصَّحَابَةُ الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ نَجَاسَتِهِمْ شَيْءٌ وَإِنَّمَا نَجَاسَتُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ» وَالنَّجَاسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ الْخَبَثُ فِي اعْتِقَادِهِمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ خَبِيثٍ رِجْسٌ وَهُوَ النَّجَسُ وَالْمُرَادُ بِالْمَنْعِ فِي الْآيَةِ مَنْعُهُمْ عَنْ الطَّوَافِ وَلَمَّا أَعَلَا اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ مَنَعَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ الدُّخُولِ لِلطَّوَافِ، وَالتَّعْمِيمُ الْمَذْكُورُ هَهُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ قُلْت الدَّلِيلُ لَيْسَ بِنَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ دُخُولُ الذِّمِّيِّ، وَالدَّلِيلُ يُفِيدُ جَوَازَ دُخُولِ الذِّمِّيِّ بِالْأَوْلَى فَأَفَادَ الْمَطْلُوبَ وَزِيَادَةً بِالنَّصِّ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ " ذِمِّيٍّ " مِثَالٌ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ وَلِهَذَا عَبَّرَ مُحَمَّدٌ فِي كُتُبِهِ بِلَفْظِ الْكَافِرِ لِيُفِيدَ الْعُمُومَ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ: عَلِّمْنِي الْقُرْآنَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ قَالَ الْقَاضِي عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ