الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالسُّكُوتِ بِأَنْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي) يَثْبُتُ الْإِذْنُ لِلْعَبْدِ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى عِنْدَمَا يَرَاهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَمْ يَتَقَدَّمْ قَرِينَةٌ بِنَفْيِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا وَفَاسِدًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ إنْ رَآهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا رَأَى الرَّاهِنَ يَبِيعُ فَسَكَتَ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ رِضًا وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ كَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ فَهِمَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خان وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ قَاضِي خان لَا يَصِيرُ إذْنًا أَيْ فِي حَقِّ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ وَيَصِيرُ إذْنًا فِيمَا بَعْدَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمُرْتَهِنِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَالْإِذْنُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ عِنْدَنَا إلَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ يَشْتَرِي الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ فَسَكَتَ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ هَذَا الشِّرَاءُ فَكَذَا هُنَا فَكَيْفَ يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ قَاضِي خان عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا نَظَرَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَالَ الْمَوْلَى وَفِي قَاضِي خان إذْنُ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَأَبُوهُ يَأْبَى صَحَّ إذْنُ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا. اهـ.
فَهِمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّ سُكُوتَ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لَا يَكُونُ إذْنًا بِخِلَافِ سُكُوتِ الْمَوْلَى كَمَا فَهِمَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ لَا يَكُونُ إذْنًا فِي الَّذِي سَكَتَ عِنْدَهُ وَيَكُونُ إذْنًا فِي الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَ مَتَاعَ غَيْرِهِ يَصِيرُ مَأْذُونًا.
[رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا وَيَبِيعُ فِي حَانُوتِهِ فَسَكَتَ]
وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا وَيَبِيعُ فِي حَانُوتِهِ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ إذْنًا وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ الْعَبْدِ ذَلِكَ الْمَتَاعَ وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ إذْنًا، فَإِنْ كَانَ هَذَا لِثَمَنٍ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِالِاسْتِرْدَادِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ مَالًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَهُ، وَالْمَوْلَى يَرَاهُ وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَاخْتَلَفُوا فِي عُهْدَةِ الْبَيْعِ قِيلَ يَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ وَقِيلَ إلَى الْعَبْدِ وَفِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الْمَوْلَى جَازَ الْبَيْعُ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّ عُهْدَةَ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ مَتَى تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ يَكُونُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ فَلَمْ يَنْهَهُ، فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِذْنَ لَا يُنَافِي خِيَارَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مَعَ خِيَارِ الْبَائِعِ يَجْتَمِعَانِ وَيَفْتَرِقَانِ فَمَنْ بَاعَ عَبْدًا مَأْذُونًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَقِيَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَمْ يَكُنْ إذْنُ الْبَائِعِ مُنَافِيًا خِيَارَهُ فَبَقِيَ خِيَارُهُ وَأَمَّا الْإِذْنُ مَعَ خِيَارِ الْمُشْتَرِي لَا يَجْتَمِعَانِ، فَإِنَّ مَنْ اشْتَرَى مَأْذُونًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَطَلَ الْإِذْنُ، وَإِنْ أَذِنَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ سَقَطَ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ اكْتَسَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اكْتَسَبَ بَعْدَ الْقَبْضِ طَابَ وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَتَصَدَّقُ بِهِ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْكَسْبُ لِلْبَائِعِ اهـ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَزُفَرُ لَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ يَحْتَمِلُ الرِّضَا، وَالرَّدَّ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ كَمَا لَوْ رَأَى أَجْنَبِيًّا يَبِيعُ مَالَهُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ أَوْ رَأَى الْقَاضِي الصَّبِيَّ، وَالْمَعْتُوهَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ عَبْدَهُمَا وَكَذَا إذَا رَأَى الْعَبْدَ يَتَزَوَّجُ أَوْ الْأَمَةَ تَتَزَوَّجُ وَكَذَا لَوْ تَلِفَ مَالُ غَيْرِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا قُلْنَا هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ لَا يَرْضَى بِتَصَرُّفِ عَبْدِهِ يَنْهَاهُ وَيُؤَيِّدُهُ، فَإِذَا سَكَتَ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ وَصَارَ إذْنًا لَهُ لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ فَصَارَ كَسُكُوتِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام عِنْدَ أَمْرٍ يُعَايِنُهُ وَكَسُكُوتِ الْبِكْرِ، وَالشَّفِيعِ، وَالْمَوْلَى الْعَدِيمِ عِنْدَمَا يَرَى مَالَهُ يُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا أُكْرِهَ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ إجَازَةً حَصَلَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَبِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي مَالِهِمَا فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ إذْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ، فَإِنْ قِيلَ عَيْنُ هَذَا التَّصَرُّفِ الَّذِي يَرَاهُ يَبِيعُ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ غَيْرُهُ أُجِيبَ بِأَنَّ الضَّرَرَ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي يَرَاهُ يَبِيعُهُ مُحَقَّقٌ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ بَائِعِهِ فِي الْحَالِ فَلَا يَثْبُتُ وَفِي غَيْرِهِ لَيْسَ مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ يَلْحَقُهُ وَقَدْ لَا يَلْحَقُهُ فَصَحَّ فِيهِ النَّهْيُ قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ قَرِينَةٌ تَنْفِيهِ.
قَالَ فِي
الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ إذَا رَأَيْتُمْ عَبْدِي هَذَا يَتَّجِرُ، فَإِنِّي لَا آذَنُ لَهُ ثُمَّ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَعْلَمَهُمْ بِالنَّهْيِ لَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا لَهُ بِالسُّكُوتِ. اهـ.
وَلَوْ عَبَّرَ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ السُّكُوتِ لَكَانَ أَوْلَى.
قَالَ رحمه الله (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ عَامًّا لَا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي) وَعَبَّرَ بِالْفَاءِ دُونَ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ التَّفْسِيرَ وَلَوْ قَالَ: فَإِنْ أَذِنَ بِعُقُودٍ لَا يَعْقِدُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْإِذْنَ الْعَامَّ، وَالْخَاصَّ، وَالْفَارِقُ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ يَكُونُ عَامًّا؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ اسْمُ جِنْسٍ مَحَلًّا بِالْأَلِفِ، وَاللَّامِ فَكَانَ عَامًّا فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَعْيَانِ كَمَا لَوْ أُعْطِيَ الْعَبْدُ ثَوْبًا وَأَمَرَهُ مَوْلَاهُ بِبَيْعِهِ كَانَ إذْنًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ، فَإِذَا صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا لَا يَجُوزُ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التِّجَارَةِ الِاسْتِرْبَاحُ وَهَذِهِ خَاسِرَةٌ لِلْإِمَامِ أَنَّ هَذِهِ تِجَارَةٌ لَا تَبَرُّعٌ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ التِّجَارَةِ، وَالْوَاقِعُ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ لَهُ حُكْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ مُقَيَّدٌ بِالنَّظَرِ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ صُنْعِ التِّجَارَةِ لِاسْتِجْلَابِ قُلُوبِ النَّاسِ لِيَرْبَحُوا فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ بَيْعُ الصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ لَهُمَا وَلَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ وَحَابَا فِيهِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي الْحُرِّ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ وَلَا وَارِثَ لِلْعَبْدِ وَلَا يُقَالُ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ رَضِيَ بِسُقُوطِ الْإِذْنِ فَصَارَ كَالْوَارِثِ إذَا سَقَطَ حَقُّهُ بِخِلَافِ غُرَمَائِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضَوْا بِسُقُوطِ حَقِّهِمْ فَلَا يَنْفُذُ مُحَابَاتُهُ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِمَا فِي يَدِهِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَرُدَّ الْبَيْعَ كَمَا فِي الْحُرِّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَا تَصِحُّ مُحَابَاةُ الْعَبْدِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى كَتَصَرُّفَاتِ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِاسْتِدَامَةِ الْإِذْنِ بَعْدَمَا رَضِيَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فَصَارَ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِ الْمَوْلَى، وَالْفَاحِشُ مِنْ الْمُحَابَاةِ وَغَيْرُ الْفَاحِشِ فِيهِ سَوَاءٌ فَلَا يَنْفُذُ الْكُلُّ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ.
قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا فَأَغَلَّ عَبْدَهُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَوْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهَا رَدَّهُ مَعَ الْغَلَّةِ وَيَتَصَدَّقُ الْبَائِعُ بِهَا وَقِيلَ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ عِنْدَهُ الْكَسْبُ لِمَنْ كَانَ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْأَصْلِ وَعِنْدَهُمَا الْكَسْبُ مَتَى حَدَثَ قَبْلَ تَقَرُّرِ الْمِلْكِ يَدُورُ النَّمَاءُ بِدَوَرَانِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ حَدَثَ الْكَسْبُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ وَهُوَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ حَتَّى يُسْدِيَ الْحَقَّ إلَى الْكَسْبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمَأْذُونِ، وَإِنْ اسْتَفَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْكَسْبَ بِمِلْكٍ خَبِيثٍ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ فَلَا يَتَصَدَّقُ، وَالْبَائِعَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَتَصَدَّقُ اشْتَرَى مِنْ الْعَبْدِ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ مُضَارِبِ الْعَبْدِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ فَسْخًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَثْبُتُ النَّقْصُ بِالشَّكِّ.
وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَدَفَعَ الْجَارِيَةَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَعَيَّبَ قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ أَوْ بَعْدِهِ وَكُلُّ وَجْهٍ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَمَّا إذَا حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ بِأَنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ فَالْمَأْذُونُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبَضَ جَارِيَتَهُ وَلَا يَتْبَعُ بِنُقْصَانِهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ جَارِيَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهَا؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ حِينَ قُبِضَتْ كَانَتْ مَضْمُونَةً بِالْعَبْدِ لَا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَدَثَ فِي مِلْكٍ صَحِيحٍ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمِلْكُ مَتَى كَانَ صَحِيحًا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْقَابِضِ ضَمَانَ عَقْدٍ وَهُوَ الثَّمَنُ، وَالْأَوْصَافُ لَا تُفْرَدُ بِالْعَقْدِ فَلَا تُفْرَدُ بِضَمَانِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ رَدُّ الْجَارِيَةِ كَمَا قَبَضَ سَلِيمَةً عَنْ الْعَيْبِ وَكَانَ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ ثُمَّ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا ضَمَّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا هَلَكَ صَارَتْ الْجَارِيَةُ مَضْمُونَةً عَلَى مُشْتَرِيهَا بِالْقِيمَةِ وَلِأَنَّ النُّقْصَانَ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ فَسَادِ الْمِلْكِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ فَسَدَ فِي الْجَارِيَةِ بِهَلَاكِ الْعَبْدِ، وَالْمِلْكُ الْفَاسِدُ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ بِالْقَبْضِ لَا بِالْعَقْدِ، وَالْأَوْصَافُ تُفْرَدُ بِالْقَبْضِ فَيُفْرَدُ بِضَمَانِ الْقَبْضِ كَمَا فِي الرَّهْنِ، وَالْغَصْبِ.
وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ قَطَعَ يَدَهَا أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي التَّضْمِينِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ وَجِنَايَةُ الْمَالِكِ عَلَى مَمْلُوكِهِ هَدَرٌ فَلَمْ يَخْلُفُ بَدَلًا فَصَارَ كَأَنَّهُ مَاتَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَإِنْ تَعَيَّبَتْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ فَأَخَذَ أَرْشَهَا وَعُقْرَهَا
أَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا هَلَكَ الْعَبْدُ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ فَوَجَبَ عَلَى مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ رَدُّهَا لِلْفَسَادِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مِنْ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكٍ صَحِيحٍ وَمِثْلُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ تَمْنَعُ انْفِسَاخَ الْمِلْكِ فِي الْأَصْلِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْجَارِيَةِ صَارَ الْمُشْتَرِي عَاجِزًا عَنْ رَدِّهِ قِيمَتَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدِ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَعُقْرَهَا وَوَلَدَهَا وَأَرْشَهَا إنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ مِنْ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ لَا تَمْنَعُ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ فِي مِلْكٍ فَاسِدٍ كَمَا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ فَاسِدًا فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ حَدَثَ مِنْهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْأَصْلِ فَسَرَى ذَلِكَ الْحَقُّ إلَى الزَّوَائِدِ ثُمَّ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَوْ حَدَثَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَانَ لَهُ تَضْمِينُهُ، فَإِذَا حَدَثَ بِفِعْلِهِ أَوْلَى، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِيَ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ صَارَ جَانِيًا عَلَى مِلْكِهِ لِإِعَادَةِ الْجَارِيَةِ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ بِالْفَسْخِ.
وَلَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبَانِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ، وَالثَّانِي بَعْدَ هَلَاكِهِ فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَيْنِ لَوْ حَدَثَا قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ يَتَخَيَّرُ الْمَأْذُونُ حَتَّى لَوْ اخْتَارَ أَخْذَ الْجَارِيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَلَوْ حَدَثَا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدِ مَتَى أَخَذَ الْجَارِيَةَ فَلَهُ تَضْمِينُ نُقْصَانِ الْعَيْبَيْنِ جَمِيعًا، فَإِذَا حَدَثَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ هَلَاكِهِ، وَالْآخَرُ بَعْدَ هَلَاكِهِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُ نَفْسِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا تَعَيَّبَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ مُشْتَرِيهَا وَأَمَّا إذَا حَدَثَ فِيهَا زِيَادَةٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ، وَالْأَرْشِ أَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ، وَالْجَمَالِ، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً، فَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ قَائِمًا لَيْسَ لِلْمَأْذُونِ أَخْذُ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي مِلْكٍ صَحِيحٍ تَمْنَعُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ، وَالْأَرْشُ كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ وَلَا يَتْبَعُهُ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ، وَالْجِنَايَةِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ قَدْ ارْتَفَعَ وَهُوَ الزِّيَادَةُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَالنُّقْصَانُ قَائِمٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ فِي بَنَاتِ آدَمَ سَبَبُ النُّقْصَانِ وَأَنَّهُ عَيْبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْجَارِيَةِ شَاةٌ فَنَتَجَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ خِيَارٌ وَيَأْخُذُ الشَّاةَ؛ لِأَنَّهُ لَا نُقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ فِي الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ.
وَإِنْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ كَمَا كَانَ الْوَلَدُ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ وَأَخْلَفَ بَدَلًا، وَالْفَائِتُ إلَى خَلْفٍ كَالْقَائِمِ حُكْمًا، وَإِنْ هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ أُعْتِقَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَلَدُ الْجَارِيَةِ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْذُونِ عَلَى الْجَارِيَةِ سَبِيلٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ مَوْلًى لَهُ يَرِثُ مِنْهُ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ أَقْرَبُ مِنْهُ فَيُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَلَا يَجُوزُ فَسْخُ الْعَيْبِ فِي الْجَارِيَةِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمُعْتَقُ وَتَرَكَ وَلَدًا كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ إنْ شَاءَ وَلَا يَتْبَعُهُ بِنُقْصَانِهَا وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ وَلَدًا لَا يُجِيزُ وَلَاءَهُ الْمُشْتَرِيَ بِأَنْ كَانَ الْمُعْتَقُ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ وَحَدَثَ مِنْهَا وَلَدٌ ثُمَّ أَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ فِي الْجَارِيَةِ هُوَ الْوَلَدُ وَقَدْ زَالَ هَذَا الْمَانِعُ بِلَا خَلْفٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ خَصَائِصِ مَسَائِلِ هَذَا فَيَجِبُ حِفْظُهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ الْوَلَدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالتَّضْمِينِ وَهَذَا لَا يُشْكِلُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ بِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَيْبٌ لَازِمٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي يَدِ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ يَتَخَيَّرُ الْمَأْذُونُ فَكَذَا هَذَا، وَإِنَّمَا يُشْكِلُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ بِأَنَّ الْوِلَادَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إذَا لَمْ تُوجِبْ نُقْصَانًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ وَلَمْ يَخْلُفْ بَدَلًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ الصَّحِيحِ وَجِنَايَةُ الْمَالِكِ عَلَى مِلْكِهِ هَدَرٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ حَتْفَ أَنْفِهِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ وَأَخْلَفَ بَدَلًا مِنْ دَمِهِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَلَدِ إنَّمَا تَكُونُ مُلَاقِيًا مِلْكَهُ مَا دَامَ مِلْكُهُ فِي الْجَارِيَةِ مُتَقَرِّرًا، فَأَمَّا إذَا انْفَسَخَ مِلْكُهُ فِي الْجَارِيَةِ بِأَنْ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ النُّقْصَانَ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْوَلَدِ مُلَاقِيًا مِلْكَ الْمَأْذُونِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لِلْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ وَمُتَفَرِّعٌ عَنْهَا وَلِهَذَا مُلِكَ بِسَبَبِ مِلْكِ الْجَارِيَةِ وَانْفِسَاخُ الْمِلْكِ فِي الْأَصْلِ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْمِلْكِ فِي التَّبَعِ فَصَارَ جَانِيًا عَلَى مِلْكِ الْمَأْذُونِ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ مِنْ وَجْهٍ فَصَحَّ أَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ وَأَخْلَفَ بَدَلًا مِنْ وَجْهٍ فَيَتَخَيَّرُ، وَإِنْ شَاءَ أَبْرَأَهُ عَنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَأْخُذُ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَبَرَّهُ وَضَمِنَهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً بِأَنْ ازْدَادَتْ الْجَارِيَةُ حُسْنًا وَجَمَالًا أَوْ ذَهَبَ الْبَيَاضُ الَّذِي فِي عَيْنِهَا قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ