الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ وَالْآخَرُ عَنْ ابْنَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَالْمِيرَاثُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي كَوْنِهِمْ عَصَبَةَ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أُعْتِقَتْ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ عَبْدٍ وَابْنٍ وَبِنْتٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُعْتِقَةِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهَا لَا غَيْرُ أَعْتَقَ أُمَّهُ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ وَالِابْنُ عَنْ أَخٍ لِأُمِّهِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمُعْتَقَةُ فَالْمِيرَاثُ لِلْعَصَبَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَصَبَةٍ أُخْرَى وَفِيهِ أَيْضًا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارَ الْحَرْبِ وَلَهُ مُعْتَقٌ فَمَاتَ الْمُعْتَقُ وَرِثَهُ الرِّجَالُ مِنْ وَرَثَتِهِ اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ» الْحَدِيثَ يَعْنِي الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الرَّجُلَ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ النَّسَبِيَّةِ بِسَبَبِ إثْبَاتِ الْقُوَّةِ الْحُكْمِيَّةِ لِلْمُعْتَقِ وَهِيَ تُسَاوِي الرَّجُلَ فِيهِ كَمَا أَنَّهَا تُسَاوِيهِ فِي مِلْكِ الْمَالِ فَيُنْسَبُ إلَيْهَا كَمَا يُنْسَبُ إلَى الرَّجُلِ وَلِهَذَا جُعِلَتْ عَصَبَةً فِيهِ كَالرَّجُلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اشْتَرَتْ أَبَاهَا حَتَّى عَتَقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ هَذِهِ الِابْنَةِ وَبِنْتِ أُخْرَى فَالثُّلُثَانِ لَهُمَا بِحُكْمِ الْفَرْضِ وَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِيَةِ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ بَعْدَمَا عَتَقَ عَلَى بِنْتَيْهِ أَعْتَقَ عَبْدًا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، ثُمَّ مَاتَ مُعْتَقُ الْأَبِ وَبَقِيَتْ الِابْنَةُ الْمُشْتَرَاةُ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْمُشْتَرَاةِ وَيَرِثُ ابْنُ الْمُعْتَقِ مِنْ وَلَدِ الْمُعْتَقِ اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ]
(فَصْلٌ)
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ أَخَّرَ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ عَنْ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ الْإِحْيَاءُ الْحُكْمِيُّ وَلَا يُوجَدُ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ الْإِحْيَاءُ أَصْلًا؛ وَلِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْإِرْثِ؛ وَلِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْكَلَامُ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ فِي دَلِيلِهِ وَالثَّانِي فِي رُكْنِهِ وَالثَّالِثُ فِي تَفْسِيرِهِ لُغَةً وَشَرْعًا وَالرَّابِعُ فِي شَرْطِهِ وَالْخَامِسُ فِي حُكْمِهِ أَمَّا دَلِيلُهُ فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِمَنْ سَأَلَهُ عَمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ «هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» أَيْ بِمِيرَاثِهِ وَحَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ «أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام هُوَ أَخُوك وَمَوْلَاك تَعْقِلُ عَنْهُ وَتَرِثُ مِنْهُ» ، وَأَمَّا رُكْنُهُ فَقَوْلُهُ أَنْتَ مَوْلَايَ عَلَى كَذَا.
وَأَمَّا الْوَلَاءُ لُغَةً فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلِيِّ وَهُوَ الْقُرْبُ وَحُصُولُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَيُسَمَّى وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءَ الْمُوَالَاةِ، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا هُوَ أَنْ يُسْلِمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَيَقُولُ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَالَيْتُك عَلَى أَنِّي إنْ مِتُّ فَمِيرَاثِي لَك وَإِنْ جَنَيْت فَعَقْلِي عَلَيْك وَعَلَى عَاقِلَتِك وَقَبِلَ الْآخَرُ هَذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَأَمَّا شَرْطُهُ فَلَهُ ثَلَاثُ شَرَائِطَ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ النَّسَبِ بِأَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى شَخْصٍ، بَلْ يُنْسَبُ إلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا نِسْبَةُ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَغَيْرُ مَانِعَةٍ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَلَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ مَعَ أَحَدٍ، وَقَدْ عَقَلَ عَنْهُ وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا اهـ.
وَفِي الْكَافِي إنَّمَا تَصِحُّ وَلَايَةُ الْمُوَالَاةِ بِشَرَائِطَ مِنْهَا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِرْثَ وَالْعَقْلَ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ فَإِنْ قِيلَ مِنْ شَرْطِ الْعَقْلِ عَقْلُ الْأَعْلَى أَوْ حُرِّيَّتُهُ فَإِنَّ مُوَالَاةَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ بَاطِلَةٌ فَكَيْفَ جَعَلَ الشَّرَائِطَ ثَلَاثَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هِيَ الشَّرَائِطُ الْعَامَّةُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصُّوَرِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْت فَإِنَّهُ نَادِرٌ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَفِي الشَّارِحِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْإِرْثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَارَثَا بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ بِحَيْثُ لَا يَرِثُ إلَّا الْأَعْلَى وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ وَمَنْ يُولَدُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُوَالَاةِ وَفِي الْبَدَائِعِ وَمِنْ شَرَائِطِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ فَمِنْهَا عَقْلُ الْعَاقِدَيْنِ وَحُرِّيَّةُ الْأَسْفَلِ أَيْضًا. اهـ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا عَقَدَ الْعَقْدَ الْعَبْدُ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ كَانَ عَقْدُهُ كَعَقْدِ مَوْلَاهُ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى اهـ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ شَرْعًا فَالْإِرْثُ وَالْعَقْلُ عَنْهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِرْثَ وَالْعَقْلَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَكَيْفَ يَكُونُ حُكْمًا وَالشَّرْطُ مُتَقَدِّمٌ وَالْحُكْمُ مُتَأَخِّرٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ لَهُ حَالَتَانِ فَبِاعْتِبَارِ التَّقْدِيمِ شَرْطًا وَبِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ حُكْمًا قَالَ رحمه الله (أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ وَيَعْقِلَ عَنْهُ أَوْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَوَالَاهُ صَحَّ وَعَقْلُهُ عَلَى مَوْلَاهُ وَإِرْثُهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ) وَقَوْلُهُ أَسْلَمَ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ حُدُوثَ الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ أَيْضًا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُوَالَاةُ مَجْهُولِ الْحَالِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ حُدُوثَ إسْلَامِهِ صَحِيحَةً وَيَصِحُّ مُوَالَاةُ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ فَلَوْ قَالَ غَيْرُ عَرَبِيٍّ إلَى آخِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ وَمَنْ أَحْدَثَ الْإِسْلَامَ وَغَيْرَهُ فَإِنْ قُلْت قَالَ فِي الْمُحِيطِ ذِمِّيٌّ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَ قَبِيلَتِهِ اهـ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَجْهُولِ يَصِحُّ مَعَهُ عَقْدُ الْمُوَالَاةِ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ ثَابِتٌ لَهُ مَعَ قَبِيلَتِهِ فَأَغْنَاهُ عَنْهَا مَعَ الْغَيْرِ، وَلَوْ عَقَدَ مَعَ قَبِيلَتِهِ كَانَ فِيهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا اعْتِبَارَ بِهَذَا أَصْلًا، وَقَدْ بَيَّنَ الدَّلِيلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَاعْتَرَضَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ عَلَى وُجُوبِ اشْتِرَاطِ الْإِرْثِ وَالْعَقْلِ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ حَيْثُ قَالَ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ إذَا أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِرْثِ وَالْعَقْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ مُجَرَّدُ الْعَقْلِ كَافٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ وُقُوعِ التَّصْرِيحِ بِذِكْرِهِمَا بِنَاءٌ عَلَى ظُهُورِهِمَا فَضَمِنَ عَقْدُ الْمُوَالَاةِ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ وَفِي الْمُحِيطِ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ فَوَالَتْ رَجُلًا وَلَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ مِنْ ذِمِّيٍّ لَمْ يَكُنْ وَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَاهَا فِي قَوْلِهِمَا وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَكُونُ لَهُ أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهُ لِأَوَّلِ وَلَدٍ لَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالْأَخْطَارِ فَلَوْ قَالَ إنْ وَالَيْتُك إنْ فَعَلْت كَذَا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ لِمَنْ عَقَدَ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ وَلَدٌ كَبِيرٌ فَإِذَا أَسْلَمَ ابْنُهُ الْكَبِيرُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِنَفْسِهِ لِانْقِطَاعِ وَلَايَةِ الْأَبِ وَإِنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَإِنَّ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَ يَسْتَنْصِرُ مَنْ يُوَالِي أَبِيهِ رَجُلٌ وَالَى رَجُلًا، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَدٌ فَوَالَتْ رَجُلًا فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ، وَإِذَا وَالَى رَجُلًا وَابْنُهُ الْكَبِيرُ رَجُلًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لِمَوْلَاهُ وَلَا يَجُرّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَإِنْ سُبِيَ ابْنُهُ وَأُعْتِقَ لَمْ يَجُرَّ وَلَاءَ أَبِيهِ فَإِنْ سُبِيَ أَبُوهُ وَأُعْتِقَ جَرَّ وَلَاءَ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يُنْسَبُ إلَى الْأَبِ فَكَذَا فِي الْمُوَالَاةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنُ ابْنٍ وَالِابْنُ لَمْ يُسْبَ لَكِنْ أَسْلَمَ فَوَالَاهُ رَجُلٌ فَسَبَى الْجَدَّ فَأَعْتَقَ لَمْ يَجُرَّ الْجَدُّ وَلَاءَهُ إلَّا أَنْ يَجُرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ فَيَنْجَرُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَسْفَلُ مُوَالِيًا حَرْبِيًّا وَالْجَدُّ مُعْتَقًا لَا يَجُرُّ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْأَوْسَطُ فَيَجُرُّهُ الْجَدُّ فَيَنْجَرُّ بِجَرِّهِ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَ أَبُوهُ جَرَّ وَلَاءَهُ.
وَلَوْ أَسْلَمَ أَبُوهُ وَوَالَى رَجُلًا لَمْ يَجُرَّ وَالَى ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا جَازَ وَهُوَ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ فَكَذَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ فَإِنْ قُلْت قَالَ فِي الْمُحِيطِ ذِمِّيٌّ وَالَى مُسْلِمًا فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ بِاعْتِبَارِ التَّنَاصُرِ وَالتَّنَاصُرَ فِي غَيْرِ الْقُرْبِ إنَّمَا هُوَ بِالدَّيْنِ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ لَا تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ قُلْنَا هِيَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا لَكِنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَحِينَئِذٍ الْمَانِعُ هُنَا وَهُوَ اخْتِلَافُ الدِّينِ وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ حَرْبِيٍّ وَوَالَاهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ قِيلَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَرْبِيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ فَكَذَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْمُوَالَاةَ مَعَ الْحَرْبِيِّ لِلتَّنَاصُرِ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ اهـ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ إذَا جَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ الْمَوْلَى، وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَعْتَقَ عَبْدًا فَنَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأُخِذَ وَاسْتُرِقَّ فَصَارَ عَبْدَ الرَّجُلِ وَأَرَادَ مُعْتَقُهُ أَنْ يُوَالِيَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا فَإِنْ أَعْتَقَ مَوْلَاهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً عَقَلَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِهَا قَالَ يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالْوَلَاءِ لِآخَرَ وَصَدَّقَهُ يَصِيرُ مَوْلًى لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ فَكَذَّبُوا الْأَبَ فِيمَا أَقَرَّ وَقَالُوا أَبُونَا مَوْلًى لِفُلَانٍ آخَرَ وَصَدَّقَهُمْ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ فَهُمْ مُصَدَّقُونَ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمْ وَإِنْ قَالَ أَعْتَقَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ الْمُعْتَقُ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ شَيْءٌ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ مَوْلَى امْرَأَةٍ أَعْتَقَتْهُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ أَعْتِقْك لَكِنْ أَسْلَمْت عَلَى يَدَيَّ وَوَالَيْتنِي فَهُوَ مَوْلَاهَا فَإِذَا أَرَادَ التَّحَوُّلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِمَا لَهُ ذَلِكَ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَ فُلَانٌ، وَقَالَ مَا أَعْتَقْتُك وَلَا أَعْرِفُك فَأَقَرَّ الْمُقِرُّ لِإِنْسَانٍ آخَرَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَلَا وَلَاءِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.
قَالَ رحمه الله (وَهُوَ آخِرُ ذَوِي الْأَرْحَامِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِرْثُهُ لَهُ وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ