الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ ثُمَّ أَصَابَهُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الرَّمْيَ لَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ لَا عِصْمَةَ لِدَمِهِمَا قَالَ رحمه الله (وَالْقِيمَةُ بِعِتْقِهِ) يَعْنِي لَوْ رَمَى إلَى عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فَمَاتَ لَزِمَ الرَّامِيَ الْقِيمَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ فَضْلُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَرْمِيًّا وَغَيْرَ مَرْمِيٍّ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَطَعَ السِّرَايَةَ وَإِذَا انْقَطَعَتْ بَقِيَ مُجَرَّدُ الرَّمْيِ وَهِيَ جِنَايَةٌ تُنْتَقَصُ بِهَا قِيمَةُ الْمَرْمِيِّ إلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا قَبْلَ الرَّمْيِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ الرَّمْيِ وَثَمَانَمِائَةٍ بَعْدَهُ لَزِمَهُ مِائَتَانِ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشُ الْيَدِ مَعَ النُّقْصَانِ الَّذِي نَقَصَهُ الْقَطْعُ إلَى الْعِتْقِ وَهُوَ بِنَفْسِ الرَّمْيِ فَصَارَ جَانِيًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ النُّقْصَانَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الرَّامِيَ يَصِيرُ قَاتِلًا لَهُ مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالْجَرْحِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إتْلَافٌ لِبَعْضِ الْمَحَلِّ وَالْإِتْلَافُ يُوجِبُ الضَّمَانَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لَهُ ثُمَّ إذَا سَرَى لَا يُوجِبُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ شَيْئًا لَوَجَبَ لِلْعَبْدِ لَا لِلْمَوْلَى لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَوْلَى عَنْهُ وَظُهُورِ حَقِّهِ فِيهِ فَيَصِيرُ النِّهَايَةُ مُخَالَفَةً لِلْبَدِيَّةِ فَصَارَ ذَلِكَ كَتَبَدُّلِ الْمَحَلِّ وَعِنْدَ تَبَدُّلِ الْمَحَلِّ لَا تَتَبَدَّلُ السِّرَايَةُ فَكَذَا هُنَا أَمَّا الرَّمْيُ فَقَبْلَ الْإِصَابَةِ بِهِ لَيْسَ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحَلِّ.
وَإِنَّمَا قَلَّتْ فِيهِ الرَّغَبَاتُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ قَبْلَ الِاتِّصَالِ بِالْمَحَلِّ وَعِنْدَ الِاتِّصَالِ بِالْمَحَلِّ يَسْتَنِدُ الْوُجُوبُ إلَى وَقْتِ الِانْعِقَادِ فَلَا تُخَالِفُ النِّهَايَةُ الْبِدَايَةَ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّ الرَّمْيَ إنَّمَا صَارَ عِلَّةً عِنْدَ الْإِصَابَةِ إذْ الْإِتْلَافُ لَا يَصِيرُ عِلَّةً مِنْ غَيْرِ تَلَفٍ يَتَّصِلُ بِهِ، وَوَقْتُ التَّلَفِ الْمُتْلَفُ حُرٌّ فَتَجِبُ دِيَتُهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِارْتِدَادِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الرَّمْيِ مَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الْمَحَلِّ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَحَصَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ أَمَّا هُنَا اعْتَرَضَ عَلَى الرَّمْيِ بِمَا يُؤَكِّدُ عِصْمَةَ الْمَحَلِّ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الْجِنَايَةُ.
قَالَ رحمه الله (وَلَا يَضْمَنُ الرَّامِي بِرُجُوعِ شَاهِدِ الرَّجْمِ بَعْدَ الرَّمْيِ) مَعْنَاهُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِرَجْمِ رَجُلٍ فَرَمَاهُ رَجُلٌ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي لِمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ وَهُوَ مُبَاحُ الدَّمِ.
قَالَ رحمه الله (وَحَلَّ الصَّيْدُ بِرِدَّةِ الرَّامِي لَا بِإِسْلَامِهِ) مَعْنَاهُ إذَا رَمَى مُسْلِمٌ صَيْدًا فَارْتَدَّ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِالصَّيْدِ حَلَّ أَكْلُهُ وَلَوْ رَمَاهُ وَهُوَ مَجُوسِيٌّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ إذْ الرَّمْيُ هُوَ الذَّكَاةُ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ وَيَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ لَا الْإِصَابَةُ فَتُعْتَبَرُ الْأَهْلِيَّةُ وَعَدَمُهَا عِنْدَهُ قَالَ رحمه الله (وَوَجَبَ الْجَزَاءُ بِحِلِّهِ لَا بِإِحْرَامِهِ) أَيْ لَوْ رَمَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَحَلَّ قَبْلَ الْإِصَابَةِ ثُمَّ أَصَابَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
وَإِنْ رَمَاهُ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَحْرَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَوَقَعَ الصَّيْدُ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَجِبُ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ الرَّمْيُ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ وَوَجَدَ ذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَالْأَصْل فِي مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يُعْتَبَرَ وَقْتُ الرَّمْيِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنَّمَا عَدَلَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا رَمَى إلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صَارَ مُبَرِّئًا لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[كِتَابُ الدِّيَاتِ]
قَالَ فِي الْعِنَايَةِ ذِكْرُ الدِّيَاتِ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ لِمَا أَنَّ الدِّيَةَ أَحَدُ مُوجِبَيْ الْجِنَايَةِ فِي الْآدَمِيِّ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْقِصَاصِ لَكِنَّ الْقِصَاصَ أَشَدُّ جِنَايَةً فَلِذَا قَدَّمَهُ وَالْكَلَامُ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ فِي دَلِيلِ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهَا لُغَةً وَالثَّالِثُ فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالرَّابِعُ فِي سَبَبِ وُجُوبِهَا وَالْخَامِسُ فِي فَائِدَتِهَا وَالسَّادِسُ فِي رُكْنِهَا وَالسَّابِعُ فِي شَرْطِهَا وَالثَّامِنُ فِي حُكْمِهَا أَمَّا دَلِيلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] الْآيَةُ.
وَأَمَّا مَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ فَالدِّيَةُ مَصْدَرُ وَدَى الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ أَعْطَى دِيَتَهُ وَأَعْطَى لِوَلِيِّهِ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ ثُمَّ قِيلَ لِذَلِكَ الْمَالِ الدِّيَةُ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الدِّيَةُ حَقٌّ لِلْقَتِيلِ جَمْعُهَا دِيَاتٌ وَفِي الصِّحَاحِ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَدِيهِ دِيَةً إذَا أَعْطَيْت دِيَتَهُ وَأَمَّا مَعْنَاهَا شَرْعًا فَالدِّيَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُؤْدَى وَقَدْ صَارَ هَذَا الِاسْمُ عَلَمًا عَلَى بَدَلِ النُّفُوسِ دُونَ غَيْرِهَا وَهُوَ الْأَرْشُ وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِهَا فَالْخَطَأُ فَإِنَّ الْآدَمِيَّ لَمَّا خُلِقَ فِي الْأَصْلِ مَعْصُومَ النَّفْسِ
مَحْقُونَ الدَّمِ مَضْمُونًا عَنْ الْهَدَرِ فَيَجِبُ صَوْنُ حَقِّهِ عَنْ الْبُطْلَانِ.
وَأَمَّا الْخَامِسُ وَهُوَ فَائِدَتُهَا فَهُوَ دَفْعُ الْفَسَادِ وَإِطْفَاءُ نَارِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ.
وَأَمَّا رُكْنُهَا فَهُوَ الْأَدَاءُ وَالْإِيتَاءُ وَأَمَّا شَرْطُ وُجُوبِهَا فَكَوْنُ الْمَقْتُولِ مَعْصُومَ الدَّمِ مُتَقَوِّمًا بِعِصْمَةِ الدَّارِ وَمَنَعَةِ الْإِسْلَامِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَقُتِلَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَأَمَّا حُكْمُهَا فَتَمْحِيضُ ذَنْبِ التَّقْصِيرِ بِالتَّكْفِيرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الدِّيَةِ وَكَيْفِيَّةِ مِقْدَارِهَا أَمَّا كَيْفِيَّةُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فَفِي نَفْسِ الْحُرِّ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ يَسْتَوِي فِيهَا الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْوَضِيعُ وَالشَّرِيفُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَفِي الْمَجُوسِ ثَمَانُمِائَةٍ وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِدِيَةِ الْمُسْتَأْمَنِينَ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عُمَرُ وَابْنُ أَبِي أُمَيَّةَ كَدِيَةِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ» وَعَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَضَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ بِمِثْلِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَلِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْعِصْمَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ دِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا وَأَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَنَقْصُ الْكُفْرِ يُؤَثِّرُ فِي أَحْكَامِ الْعَقَائِدِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الدِّيَةِ قَالَ فِي الْكَافِي الدِّيَةُ الْمَالُ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ وَالْأَرْشُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ. اهـ.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ مُخْتَصَّةً بِمَا هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ وَيُنَافِيهِ مَا سَيَجِيءُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ أَنَّ فِي الْمَارِنِ الدِّيَةَ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ وَفِي اللِّحْيَةِ الدِّيَةُ وَفِي شَعْرِ الرَّأْسِ الدِّيَةُ وَفِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي أُطْلِقَتْ الدِّيَةُ فِيهَا عَلَى مَا هُوَ بَدَلُ مَا دُونَ النَّفْسِ وَكَذَا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «فِي النَّفْسِ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الْمَارِنِ» وَهَكَذَا هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه كَمَا سَيَأْتِي فَالْأَظْهَرُ فِي تَفْسِيرِ الدِّيَةِ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ آخِرًا فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُغْرِبِ وَعَامَّةِ الشُّرُوحِ قَالَ وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِضَمَانٍ يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيِّ أَوْ طَرَفٍ مِنْهُ سُمِّيَ بِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدَّى عَادَةً لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَجْرِي فِيهِ الْعَفْوُ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْآدَمِيِّ. اهـ.
وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْفِقْهِ بَيَانَ الْأَحْكَامِ لَا بَيَانَ الْحَقَائِقِ تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ بَيَانَ الْحَقِيقَةِ وَشَرَعَ يُبَيِّنُ أَنْوَاعَهَا.
قَالَ رحمه الله (دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إلَى جَذَعَةٍ) يَعْنِي خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَلَا إنَّ قَتِيلَ الْخَطَإِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ وَفِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا ثَنِيَّةً إلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهُنَّ خَلِفَةٌ» وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِيهِ وَاجِبٌ لِشِبْهِهِ بِالْعَمْدِ وَمَعْنَى التَّغْلِيظِ يَتَحَقَّقُ بِإِيجَابِ شَيْءٍ لَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَلَهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى فِي الدِّيَةِ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَطَأَ لِأَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ أَخْمَاسًا فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شِبْهُ الْعَمْدِ ولِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّ الدِّيَةَ مُقَدَّرٌ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّغْلِيظِ فَذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه إلَى أَنَّهَا أَرْبَاعٌ مِثْلُ مَذْهَبِنَا، وَمَذْهَبُ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهَا أَثْلَاثٌ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ خَلِفَةً.
قَالَ رحمه الله (وَلَا تَتَغَلَّظُ الدِّيَةُ إلَّا فِي الْإِبِلِ) لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهِ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَالْمُقَدَّرَاتُ لَا تُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا إذْ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهَا فَلَمْ تَتَغَلَّظْ بِغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ بِالتَّقْدِيرِ بِغَيْرِ الْإِبِلِ.
قَالَ رحمه الله (وَفِي الْخَطَأِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا) أَيْ دِيَةُ الْخَطَأِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا ابْنُ مَخَاضٍ إلَخْ أَيْ عِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، فَإِذَا كَانَتْ أَخْمَاسًا يَكُونُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ عِشْرِينَ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ وَالشَّافِعِيُّ أَخَذَ بِمَذْهَبِنَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ يَجِبُ عِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ مَكَانَ ابْنَ مَخَاضٍ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ
مَا قُلْنَاهُ أَخَفُّ لِإِقَامَةِ ابْنِ الْمَخَاضِ مَقَامَ ابْنِ لَبُونٍ فَكَانَ ابْنُ لَبُونٌ أَلْيَقَ بِحَالِ الْمُخْطِئِ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ ابْنَ اللَّبُونِ بِمَنْزِلَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ فِي الزَّكَاةِ حَيْثُ أَخَذَهُ مَكَانَهَا فَإِيجَابُ الْعِشْرِينَ مِنْهُ مَعَ الْعِشْرِينَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ كَإِيجَابِ أَرْبَعِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بَلْ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّغَايُرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُرِدْ بِتَغْيِيرِ أَسْنَانِ الْإِبِلِ إلَّا التَّخْفِيفَ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّخْفِيفُ فَلَا يَجُوزُ.
قَالَ رحمه الله (أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الدِّيَةُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِمَا رَوَيَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «رَجُلًا قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَلْفُ دِينَارٍ وَكَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيلٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» وَمَا قُلْنَا أَوْلَى لِلتَّيَقُّنِ بِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا رَوَيَاهُ عَلَى وَزْنِ خَمْسَةٍ وَمَا رَوَيْنَاهُ عَلَى وَزْنِ سِتَّةٍ وَهَكَذَا كَانَتْ دَرَاهِمُهُمْ مِنْ زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى زَمَانِ عُمَرَ عَلَى مَا حَكَاهُ الْخَبَّازِيُّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ قَالَ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةً الْوَاحِدُ مِنْهَا وَزْنُ عَشَرَةٍ أَيْ الْعَشَرَةُ مِنْهُ وَزْنُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَهُوَ قَدْرُ الدِّينَارِ وَالثَّانِي وَزْنُ سِتَّةٍ أَيْ الْعَشَرَةُ مِنْهُ وَزْنُ سِتَّةٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَجَمَعَ عُمَرُ رضي الله عنه بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَخَلَطَ فَجَعَلَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَصَارَ ثُلُثُ الْمَجْمُوعِ دِرْهَمًا فَكَشَفَ هَذَا أَنَّ الدِّينَارَ عِشْرُونَ قِيرَاطًا فَوْقَ الْعَشَرَةِ يَكُونُ مِثْلَهُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا ضَرُورَةَ اسْتِوَائِهِمَا وَوَزْنُ السِّتَّةِ يَكُونُ نِصْفَ الدِّينَارِ وَعَشَرَةً فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ قِيرَاطًا وَزْنُ الْخَمْسَةِ يَكُونُ نِصْفَ الدِّينَارِ فَيَكُونُ عَشَرَةَ قَرَارِيطَ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ قِيرَاطًا فَإِنْ جَعَلْتهَا أَثْلَاثًا صَارَ كُلُّ ثُلُثٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُهُمْ.
فَإِذَا حُمِلَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى وَزْنِ خَمْسَةٍ وَمَا رَوَيْنَاهُ عَلَى وَزْنِ سِتَّةٍ اسْتَوَيَا وَاَلَّذِي يُرَجِّحُ مَذْهَبَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجَنِينِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَعِنْدَنَا عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ إنْ كَانَ أُنْثَى وَنِصْفُ الْعُشْرِ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ دِيَةَ الْأُمِّ خَمْسَةُ آلَافٍ وَدِيَةَ الرَّجُلِ ضِعْفُ ذَلِكَ وَهُوَ عَشَرَةُ آلَافٍ وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا أَنَّهَا مِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَالدِّينَارُ مُقَوَّمٌ فِي الشَّرْعِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَلَا تَرَى أَنَّ نِصَابَ الْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ مُقَدَّرٌ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَنِصَابُ الذَّهَبِ فِيهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ غَنِيًّا بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ الزَّكَاةُ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْغَنِيِّ فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّ الدِّينَارَ مُقَدَّرٌ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ الْخِيَارُ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ إلَى الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ إلَيْهِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلَا تَثْبُتُ الدِّيَةُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا يَجِبُ مِنْهَا وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفُ شَاةٍ وَمِنْ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ هَذِهِ الشِّيَاهِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى أَهْلِ كُلِّ مَالٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَكُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي النِّهَايَةِ قِيلَ فِي زَمَانِنَا قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَلَهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ بِشَيْءٍ مَعْلُومِ الْمَالِيَّةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَجْهُولَةُ الْمَالِيَّةِ وَلِهَذَا لَا يُقَدَّرُ بِهَا ضَمَانُ الْمُتْلَفَاتِ وَالتَّقْدِيرُ بِالْإِبِلِ عُرِفَ بِالْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا فَلَا يُعْدَلُ عَنْ الْقِيَاسِ وَالْآثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا تَحْتَمِلُ الْقَضَاءَ فِيهَا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ فَلَا يَلْزَمُ حُجَّةٌ وَذَكَرَ فِي الْمَعَاقِلِ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى مِائَتَيْ حُلَّةٍ أَوْ مِائَتِي بَقَرَةٍ لَا يَجُوزُ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ قَوْلُهُمَا.
قَالَ رحمه الله (وَكَفَّارَتُهُمَا مَا ذُكِرَ فِي النَّصِّ) أَيْ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ خَطَأً وَشِبْهِ الْعَمْدِ هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَالصَّوْمُ عَلَى التَّرْتِيبِ مُتَتَابِعًا كَمَا ذُكِرَ فِي النَّصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَشِبْهُ الْعَمْدِ خَطَأٌ فِي حَقِّ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فِي حَقِّ الضَّرْبِ فَتَتَنَاوَلُهُمَا الْآيَةُ وَلَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ لِعَدَمِ النَّقْلِ بِالِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ حَيْثُ تَجِبُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةً لِوُجُودِ التَّوْفِيقِ فِي التَّغْلِيظِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ وَالْمَقَادِيرُ لَا تَجِبُ إلَّا سَمَاعًا قَالَ رحمه الله (وَلَا يَجُوزُ الْإِطْعَامُ وَالْجَنِينُ) لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَمْ يَرِدْ بِهِ النَّصُّ وَالْمَقَادِيرُ لَمْ تُعْرَفْ إلَّا سَمَاعًا وَلِأَنَّ الْمَذْكُورَ كُلُّ الْوَاجِبِ إمَّا فِي الْجَوَابِ أَوْ لِكَوْنِهِ كُلَّ الْمَذْكُورِ وَالْجَنِينُ لَمْ تُعْرَفْ حَيَاتُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ فَلَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ