الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَيْفَ ذَلِكَ؟ الْجَوَابُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجُهَا ابْنُ عَمٍّ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَةً، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَصَارَ لِابْنَتِهَا مِنْ مِيرَاثِهَا النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِزَوْجِهَا وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا.
مَسْأَلَةٌ.
وَلَوْ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ وَجَدَّتِهَا أُمِّ الْأُمِّ وَوَرِثَا مَالًا بِالسَّوِيَّةِ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا رَجُلٌ زَوَّجَ بِنْتَ أُخْتِهِ لِابْنِ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ لَهُمَا بِنْتًا مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ وَتَرَكَ بِنْتَ ابْنِ ابْنِهِ وَأُخْتَهُ وَهِيَ جَدَّتُهَا أُمُّ أُمِّهِ فَصَارَ لِابْنَةِ ابْنِ ابْنِهِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَ الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى إلَّا إذَا عُلِمَ تَرْتِيبُ الْمَوْتِ) أَيْ إذَا مَاتَ جَمَاعَةٌ فِي الْغَرَقِ أَوْ الْحَرْقِ وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا جُعِلُوا كَأَنَّهُمْ مَاتُوا جَمِيعًا فَيَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِوَرَثَتِهِ وَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا عُرِفَ تَرْتِيبُ مَوْتِهِمْ فَيَرِثُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَزَيْدٍ وَأَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ يُبْنَى عَلَى الْيَقِينِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَرْطُهُ وَهُوَ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرَّثِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا مَاتُوا بِهَدْمِ الْجِدَارِ عَلَيْهِمْ أَوْ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا. وَفِي الْأَصْلِ أَخَوَانِ غَرِقَا وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا بِنْتًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا وَخَلَّفَ الْآخَرُ بِنْتًا وَعَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ مِنْ الْمَالِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِابْنِ الْعَمِّ، وَمَا تَرَكَهُ الْآخَرُ لِابْنِهِ أَخَوَانِ مُعْتَقَانِ غَرِقَا وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَبِنْتًا وَخَلَّفَ الْآخَرُ بِنْتَ ابْنٍ وَمَوْلَى فَاَلَّذِي خَلَّفَ ابْنَةَ ابْنٍ مَالُهُ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ بَيْنَ ابْنَةِ ابْنِهِ وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيهِ الَّذِي غَرِقَ مَعَهُ نِصْفَانِ النِّصْفُ لِابْنَةِ الِابْنِ وَالنِّصْفُ لِابْنِ الْأَخِ وَحْدَهُ.
امْرَأَةٌ وَابْنُهَا غَرِقَا وَخَلَّفَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا هُوَ أَبُ الِابْنِ وَخَلَّفَ الِابْنُ أَبَاهُ وَابْنًا فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ مَالُ الْمَرْأَةِ يُقْسَمُ بَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ ابْنِ ابْنِهَا وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي لِابْنِ الِابْنِ وَمَالُ الِابْنِ يُقْسَمُ بَيْنَ ابْنِهِ وَبَيْنَ الْأَبِ لِلْأَبِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
[مِيرَاث ذَوِي الْأَرْحَام]
قَالَ رحمه الله (وَذُو رَحِمٍ) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَذُو فَرْضٍ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ (وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ) أَيْ ذُو الرَّحِمِ وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِوَارِثٍ بِفَرْضٍ وَلَا بِعَصَبَةٍ وَهَذَا عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْوَارِثُ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ قَرِيبٌ وَهُوَ ذُو سَهْمٍ وَقَرِيبٌ هُوَ عَصَبَةٌ وَقَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ فَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَبَقِيَ فِي الثَّالِثِ فَنَقُولُ عِنْدَنَا هُمْ يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِ النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم غَيْرَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَا مِيرَاثَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ بَلْ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ عَمَّتَهُ وَخَالَتَهُ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: لَا شَيْءَ لَهُمَا وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ لَا أَرَى يَنْزِلُ عَلَيَّ شَيْءٌ لَا شَيْءَ لَهُمَا، وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَا أَجِدُ لَهُمَا شَيْئًا» وَإِذَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِالرَّأْيِ، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] فَتَوَارَثُوا بِذَلِكَ» وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ مَعْدِي عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا «وَحِينَ مَاتَ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ وَكَانَ غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ مَنْ أَيْنَ هُوَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو لُبَابَةَ بْنُ الْمُنْذِرِ ابْنُ أُخْتِهِ فَأَعْطَاهُ مِيرَاثَهُ» .
وَعَنْ أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا خَالًا فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِث لَهُ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا آثَارٌ مُتَّصِلَةٌ قَدْ تَوَارَثَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى هَذَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم حَتَّى رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي عَمٍّ لِأُمٍّ وَخَالَةٍ أَعْطَى الْعَمَّ الثُّلُثَيْنِ وَالْخَالَةَ الثُّلُثَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام «لَا شَيْءَ لَهُمَا» أَرَادَ بِهِ الْفَرْضَ أَيْ لَا فَرْضَ لَهُمَا مُقَدَّرٌ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فَإِنْ قِيلَ: لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِرَدِّ التَّوَارُثِ بِالْإِخَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا الْعَصَبَةَ وَأَصْحَابَ السِّهَامِ وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غَيْرُهُمْ قُلْنَا الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ وَهِيَ عَامَّةٌ فَيُعْمَلُ بِعُمُومِهَا عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ
أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمْ شُرَيْحٌ خَالَفُوهُ وَذَهَبُوا إلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ اخْتِيَارُ فُقَهَائِهِمْ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ فَصَرْفُهُ فِي غَيْرِ الْمَصَارِفِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَا يَرِثُ مَعَ ذِي سَهْمٍ وَعَصَبَةٍ سِوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِمَا) أَيْ لَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِ ذَوِي فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ إلَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَرْضِ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فَيَرِثُونَ مَعَهُ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ أَوْلَى.
وَكَذَا الرَّدُّ عَلَى ذِي السِّهَامِ أَوْلَى مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إلَّا الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا قَرَابَةَ لَهُمَا مَعَ الْمَيِّتِ فَلِهَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا مَا فَضَلَ مِنْ فَرْضِهِمَا، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَرُدُّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَيْضًا، وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ رحمه الله (وَتَرْتِيبُهُمْ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ) يَعْنِي: تَرْتِيبُ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْإِرْثِ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ يُقَدَّمُ فُرُوعُ الْمَيِّتِ كَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ، وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ أُصُولُهُ كَالْأَجْدَادِ الْفَاسِدِينَ وَالْجَدَّاتِ الْفَاسِدَاتِ، وَإِنْ عَلَوْا، ثُمَّ فُرُوعُ أَبَوَيْهِ كَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ، وَإِنْ نَزَلُوا، ثُمَّ فَرْعُ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ كَالْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ لِأُمٍّ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَإِنْ بَعُدُوا فَصَارُوا أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ الْأُصُولُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ أَقْرَبُ كَمَا فِي الْعَصَبَاتِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُمْ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ: الْبَنَاتُ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْأَخِ، وَبِنْتُ الْعَمِّ، وَالْخَالُ، وَالْخَالَةُ، وَأَبُ الْأُمِّ وَعَمُّ الْأُمِّ وَالْعَمَّةُ وَوَلَدُ الْأَخِ وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ وَفِي الْعُثْمَانِيِّ وَهُمْ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ أَوَّلُهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَالثَّانِي الْجَدُّ الْفَاسِدُ وَالْجَدَّاتُ، وَالثَّالِثُ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ، وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ، وَالْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَةِ كُلُّهُمْ وَالرَّابِعُ الْأَعْمَامُ لِأُمٍّ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ، وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ وَالْخَامِسُ عَمَّاتُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ كُلُّهُمْ وَأَخْوَالُهُمْ وَخَالَاتُهُمْ وَأَعْمَامُ الْأَبَاءِ بِالْأُمِّ وَأَعْمَامُ الْأُمَّهَاتِ كُلُّهُمْ وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ فَأَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَوَّلُهُمْ، ثُمَّ ثَانِيهِمْ، ثُمَّ ثَالِثُهُمْ، ثُمَّ رَابِعُهُمْ، ثُمَّ خَامِسُهُمْ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادِ بَنَاتِ الِابْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ الْفَاسِدِ، أَبُو الْأُمِّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَوْلَى مِنْ وَلَدِهِ، وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَوْلَى مِنْ أَبَوَيْهِ عِنْدَهُمَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِمَا فِي تَقْدِيمِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْحُكْمُ فِيهِمْ أَنَّهُ إذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَالِ وَهَذَا لِأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَرِثُونَ عَلَى التَّعْصِيبِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْقَرَابَةِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ، وَالْعَصَبَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ذَكَرٌ يُدْلِي بِعَصَبَةٍ ذَكَرٍ، وَلَا يَكُونُ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ فَفِي حَقِّ ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا لَمْ تُوجَدْ الذُّكُورَةُ وَالْإِدْلَاءُ إلَى الْمَيِّتِ بِعَصَبَةٍ ذَكَرٍ وُجِدَ الْمَعْنَى الْآخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَرِيبٌ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ وَكَانُوا عَصَبَةً مِنْ وَجْهٍ فَيُعْتَبَرُ بِمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَنْ يَسْتَحِقَّ جَمِيعَ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَ، وَكَذَا هُنَا وَهُمْ فِي الْحَاصِلِ أَصْنَافٌ صِنْفٌ يَنْتَهِي إلَى الْمَيِّتِ، وَهُوَ السَّاقِطُ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا بِالسَّاقِطِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ثَابِتٌ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَهُوَ بِنْتُ الِابْنِ أَوْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَصَبَاتِ وَهُوَ ابْنُ الِابْنِ وَسَاقِطٌ هُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَيْهِ الْمَيِّتُ كَالْجَدِّ الْفَاسِدِ وَالْجَدَّةِ الْفَاسِدَةِ، وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ الْمَيِّتِ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ كُلِّهَا.
وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى جَدَّيْ الْمَيِّتِ كَالْأَعْمَامِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِأَبٍ وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ جَدَّيْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ أَعْمَامُ الْأَبِ وَعَمَّاتُهُ وَأَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ وَأَعْمَامُ الْأُمِّ كُلُّهُمْ وَعَمَّاتُهَا وَأَخْوَالُهَا وَخَالَاتُهَا وَأَوْلَادُهُمْ وَفِي الْكَافِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يُحْجَبُونَ بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَيْ يَرِثُونَ مَعَهَا فَيُعْطَى الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ نَصِيبَهُ، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا سَنَعْرِفُهُ مِثَالُهُ زَوْجٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَخَالَةٌ وَبِنْتُ عَمٍّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْبِنْتِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الصِّنْفِ الْأَوَّلِ فَأَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ حَتَّى كَانَتْ بِنْتُ الْبِنْتِ أَوْلَى مِنْ بِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَمَنْ كَانَ وَلَدَ الْوَارِثِ فَهُوَ أَوْلَى مِثَالُهُ إذَا تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنٍ فَالْمَالُ لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا وَارِثَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ ابْنَ ابْنِ بِنْتٍ، وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنٍ فَالْمَالُ لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ، وَالْآخَرُ وَلَدَ الْوَارِثِ لَا يَكُونُ أَوْلَى، وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى إنَّهُ إذَا تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ الْبِنْتِ وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنِ ابْنٍ كَانَ بِنْتُ بِنْتِ الْبِنْتِ أَوْلَى لِكَوْنِهَا
أَقْرَبَ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِيهِمْ وَلَدُ الْوَارِثِ فَالْمَالُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا كُلُّهُمْ أَوْ إنَاثًا كُلُّهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهُنَا بِلَا خِلَافٍ إذَا اتَّفَقَ صِفَةُ الْأُصُولِ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَعْنِي بِالْأُصُولِ الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ، وَاتَّفَقَ صِفَةُ أَبْدَانِ الْفُرُوعِ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْأُصُولِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ أَبْدَانُ الْفُرُوعِ وَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إنْ كَانُوا ذُكُورًا كُلُّهُمْ أَوْ إنَاثًا كُلُّهُنَّ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ كُلَّ بَطْنٍ فَهُوَ لِوَلَدِهِ، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ أَوَّلًا يَقُولُ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خواهر زاده وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا يَجْعَلُونَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا تَرَكَ بِنْتَ بِنْتٍ وَابْنَ بِنْتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]
وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ ابْنَ ابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ، وَلَوْ تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ ابْنِ بِنْتٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ اعْتِبَارًا لِأَبْدَانِهِمَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَثُلُثُهُ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ اعْتِبَارًا بِأُصُولِهِمَا كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ وَوَلَدَيْ ابْنِ بِنْتٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ عَلَى سِتَّةٍ لِكُلِّ ذَكَرٍ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ أُنْثَى سَهْمٌ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ الْآبَاءِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ تَرَكَ بِنْتَ بِنْتٍ وَابْنَ بِنْتٍ فَيَكُونُ ثُلُثَا الْمَالِ لِابْنِ الْبِنْتِ، وَالثُّلُثُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ ابْنَ الْبِنْتِ يُقْسَمُ بَيْنَ وَلَدَيْهِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِابْنِهِ وَثُلُثُهُ لِبِنْتِهِ.
وَمَا أَصَابَ بِنْتَ الْبِنْتِ يُقْسَمُ بَيْنَ وَلَدَيْهَا أَثْلَاثًا أَيْضًا ثُلُثُهُ لِبِنْتِهَا وَثُلُثَاهُ لِابْنِهَا فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ تِسْعَةٍ.
وَفِي الْكَافِي: وَلَوْ تَرَكَ بِنْتَيْ ابْنِ الْبِنْتِ وَابْنَ بِنْتِ بِنْتٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ أَخْمَاسًا خُمُسُ الْمَالِ لِابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَبِنْتَيْ ابْنِ الْبِنْتِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ابْنَيْ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ فَمَا أَصَابَ بِنْتَ الْبِنْتِ فَلِوَلَدِهَا وَمَا أَصَابَ الِابْنَ فَلِوَلَدِهِ
، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ ابْنِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَيْ بِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَ الْفُرُوعِ أَسْبَاعًا بِاعْتِبَارِ أَبْدَانِهِمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ الْمَالُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي أَسْبَاعًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْفُرُوعِ الْأُصُولِ؛ إذْ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ لَبِنْتَيْ بِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا، وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَهُوَ نَصِيبُ الْبِنْتَيْنِ يُقْسَمُ عَلَى وَلَدَيْهِمَا فِي الْبَطْنِ الثَّالِثِ أَيْضًا فَنِصْفُهَا لِبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أَبِيهَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِابْنَيْ بِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أُمِّهَا وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ.
وَلَوْ تَرَكَ وَلَدَيْ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ ابْنِ بِنْتٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ بِاعْتِبَارِ أَبْدَانِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ، وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِوَلَدَيْ بِنْتِ الْبِنْتِ، سَهْمَانِ لِلِابْنِ، وَسَهْمٌ لِلْبِنْتِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْقَسْمُ بِاعْتِبَارِ الْآبَاءِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ابْنِ بِنْتٍ وَعَنْ بِنْتِ بِنْتٍ فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِابْنِ الْبِنْتِ وَثُلُثُهُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ ابْنَ الْبِنْتِ يُسَلَّمُ لِوَلَدِهِ وَمَا أَصَابَ بِنْتَ الْبِنْتِ يُقْسَمُ بَيْنَ وَلَدَيْهَا أَثْلَاثًا الثُّلُثَانِ لِلِابْنِ وَالثُّلُثُ لِلْبِنْتِ فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ يُقْسَمُ ثُلُثُهُ أَثْلَاثًا، وَأَقَلُّ ذَلِكَ تِسْعَةٌ.
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَشَايِخُ بُخَارَى أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَعْدَ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَيْ الْأَصْنَافُ أَوْلَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ أَوْلَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ أَوْلَى لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَخَوَاتِ أَوْلَادُ صَاحِبَاتِ فَرْضٍ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ أَوْلَادُ عَصَبَةٍ، وَالْجَدَّاتُ لَيْسُوا وَلَدَ صَاحِبِ فَرْضٍ وَلَا وَلَدَ عَصَبَةٍ وَلَا وَلَدَ ذِي سَهْمٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ ذَوُو الْأَرْحَامِ يُوَرَّثُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْصِيبِ مِنْ وَجْهٍ، وَفِي الْعَصَبَاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْجَدَّاتُ يَرِثُونَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ عِنْدِي حَتَّى إنَّ أَوْلَادَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ عِنْدَنَا فَكَذَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ الْجَدَّاتُ لِأُمٍّ هُمْ فِي دَرَجَةِ أَبِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّصِلُ بِالْمَيِّتِ بِتَوَجُّهٍ كَأَبِ الْأَبِ يَصِيرُ مُقَدَّمًا عَلَى أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ فَتَصِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِهِ فَشَرَعَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ.
وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْأَجْدَادِ الْفَاسِدَةِ وَالْجَدَّاتِ الْفَاسِدَةِ فَأَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي سَهْلٍ الْفَرَائِضِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِوَارِثِ فَهُوَ أَوْلَى
وَفِي الْمُغْرِبِ أَدْلِيَةُ الدَّلْوِ سَلَبُهَا فِي الْبِئْرِ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ أَيْ يَتَّصِلُ، وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيُّ مَنْ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْوَارِثِ لَيْسَ بِأَوْلَى، بَيَانُهُ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَبَا أُمِّ الْأَبِ وَأَبَ أَبِ الْأُمِّ لَا يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْوَارِثِ،.
وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ الشَّهِيدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي سُلَيْمَانَ ثُلُثَا الْمَالِ لِأَبِ أُمِّ الْأَبِ، وَالثُّلُثُ لِأَبِ أَبِ الْأُمِّ، وَكَذَا إذَا تَرَكَ أَبَ الْأُمِّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي سَهْلٍ لَا شَيْءَ لِأَبِ أَبِ الْأُمِّ، وَالْمَالُ لِأَبِ أُمِّ الْأُمِّ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي سُلَيْمَانَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْوَارِثَاتِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي فَرَائِضِ الْأَصْلِ هَذِهِ الصُّورَةَ وَهُوَ مَا إذَا تَرَكَ أَبَ أُمِّ الْأَبِ، وَأُمَّ أُمِّ الْأُمِّ وَذَكَرَ أَنَّ الْمَالَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِأَبِ أُمِّ الْأَبِ وَثُلُثُهُ لِأَبِ أُمِّ الْأُمِّ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّهِيدُ: هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْأُمِّ مَعَ أَبِ الْأَبِ إذَا اجْتَمَعَتَا اسْتَوَيَا، أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لِأُمٍّ مَعَ بِنْتِ الْأَخِ لِأُمٍّ لَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَمَّا كَانَ لَا يَفْضُلُ الْأَخُ لِأُمٍّ عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ كَذَا هُنَا.
، وَلَوْ تَرَكَ أُمَّ أَبِ الْأُمِّ وَأُمَّ أَبِ الْأَبِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ؛ لِأَنَّهُمَا يُدْلِيَانِ إلَى الْمَيِّتِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ فَيُقْسَمُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ أَبْدَانِهَا بِلَا خِلَافٍ كَعَمَّةِ الْأُمِّ وَعَمِّهَا وَخَالَةِ الْأُمِّ وَخَالِهَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ الْمَيِّتِ جَدٌّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَبِ أُمِّ أَبِ أُمٍّ كَذَلِكَ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَثُلُثُهُ لِلْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، ثُمَّ مَا أَصَابَ جَدَّتَيْ الْأَبِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَثُلُثُهُ لِلْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْوَارِثِ لَيْسَ بِأَوْلَى فَإِنَّ أَبُ أُمِّ الْأَبِ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْوَارِثِ، وَمَعَ هَذَا لَا يَكُونُ أَوْلَى، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي أَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ أَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ أَوْلَادُ أَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الْمَالُ بَيْنَهُمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَلَدَ وَارِثٍ فَهُوَ أَوْلَى عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَمِثَالُهُ بِنْتُ بِنْتِ أَخٍ، وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ بِنْتُ ابْنِ الْأَخِ أَوْلَى، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا وَلَدَ عَصَبَةٍ، وَالْآخَرُ وَلَدَ صَاحِبِ فَرْضٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْآبَاءِ مِثَالُهُ بِنْتُ أَخٍ وَابْنُ أَخٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الثُّلُثَانِ لِابْنِ الْأَخِ وَالثُّلُثُ لِابْنِ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ أَخًا وَأُخْتًا تَوْجِيهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ مِيرَاثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ يُعْتَبَرُ بِالْأُصُولِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْفُرُوعِ وَتُعْتَبَرُ بِالْأَبْدَانِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْأُصُولِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي بِنْتِ الْخَالِ وَبِنْتِ الْعَمِّ أَنَّ لِلْعَمِّ الثُّلُثَيْنِ، وَلِلْخَالِ الثُّلُثُ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ أُصُولِهِمَا وَهُوَ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَقَالُوا فِي الْعَمَّةِ وَالْعَمِّ لِأُمٍّ إنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ مُتَّفَقٌ وَقَالُوا فِي أَوْلَادِ ذَوِي الْأَرْحَامِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأُصُولِ بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ وَبِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ.
وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِوَلَاءِ الْأَوْلَادِ دُونَ الْأُصُولِ فَإِذَا اتَّحَدَ جِهَةُ الِاسْتِحْقَاقِ يَجِبُ اعْتِبَارُ الْأَبْدَانِ لَا اعْتِبَارُ الْأُصُولِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا فِي أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ إنَّ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَمْ يَقُلْ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَالْآخَرُ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ فَيَكُونُ الثُّلُثُ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ لِقَرَابَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْ اخْتَلَفَتْ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَةَ وَالْخُؤُولَةَ اخْتَلَفَ فِيهَا جِهَةُ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِيهِمْ وَلَدُ عَصَبَةٍ، وَلَا وَلَدُ صَاحِبِ فَرْضٍ فَالْمَالُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوِيَّةِ إذَا كَانُوا ذُكُورًا كُلُّهُمْ وَإِنَاثًا كُلُّهُنَّ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلَطِينَ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْأُصُولُ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأُصُولُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارًا لِإِتْيَانِ الْفُرُوعِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنْ يُعْتَبَرَ أَوَّلُ بَطْنٍ مُخْتَلِفٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الصِّنْفِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَنْ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ كَانَ لِأُمٍّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ الْأُصُولُ، مِثَالُهُ إذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ بِنْتَ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَ أَخٍ لِأَبٍ وَبِنْتَ أَخٍ لِأُمٍّ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: الْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: سُدُسُ الْمَالِ لِبِنْتِ الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَإِنْ اجْتَمَعَ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى كَالْأُصُولِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَفْضُلُ بِخِلَافِ الْأُصُولِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ تَرَكَ وَلَدَيْ أُخْتٍ لِأُمٍّ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ وَلَدَيْ الْأَخِ لِأُمٍّ وَوَلَدَيْ الْأُخْتِ لِأُمٍّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَرْبَاعًا.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ بَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَنْ كَانَتْ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَهِيَ أَوْلَى مِمَّنْ كَانَتْ لِأَبٍ وَهِيَ أَوْلَى