الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خُرُوجَ الْمِلْكِ عَنْ الْبَائِعِ وَلَوْ أُسْقِطَ لَفْظُ سَيِّدِهِ وَذُكِرَ مَكَانُهُ وَمَوْتُ غَيْرِ الْقَاضِي أَوْ أَرَادَ فِيهِ كِتَابَ الشُّبْهَةِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ السَّيِّدَ، وَالْأَبَ، وَالْوَصِيَّ وَأُخْرِجَ مَوْتُ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَجُنُونُ أَحَدِهِمَا وَلُحُوقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ جُنُونَ الْعَبْدِ وَلُحُوقَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً.
قَالَ رحمه الله (وَالْإِبَاقِ) يَعْنِي بِالْإِبَاقِ أَيْضًا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حُكْمًا عَلِمَ أَهْلُ السُّوقِ أَوْ لَا وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْإِبَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْآبِقِ صَحَّ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ إذَا بَلَغَهُ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ الْإِبَاقَ أَوْلَى وَصَارَ كَمَا إذَا غَصَبَ وَلَنَا أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ عَبْدِهِ الْمُتَمَرِّدِ عَنْ طَاعَتِهِ عَادَةً فَصَارَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ دَلَالَةً، وَالْحَجْرُ يَثْبُتُ دَلَالَةً كَالْإِذْنِ، وَالْإِبَاقُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ وَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَالدَّلَالَةُ سَاقِطَةٌ لِغَيْرِهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلدَّلَالَةِ اعْتِبَارٌ عِنْدَ وُجُودِ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ الْآبِقُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي أَيْضًا لِوُجُودِ التَّصْرِيحِ مِنْ الْمَوْلَى بِالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَانَ دَلَالَةُ الْحَجْرِ فِي الْبَقَاءِ مُخَالِفَةً لِدَلَالَةِ التَّصْرِيحِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعْتَبَرَ.
وَالْجَوَابُ بِأَنَّ وُجُودَ التَّصْرِيحِ بِالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَقْتَضِي وُجُودَهُ إلَى حَالِ الْإِبَاقِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ فِي الْبَقَاءِ بِاعْتِبَارِ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَهِيَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَلِهَذَا تَكُونُ دَافِعَةً لَا مُثْبِتَةً فَيَجُوزُ أَنْ تَتَرَجَّحَ الدَّلَالَةُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْغَصْبُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِأَنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ أَوْ كَانَ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ بِهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً وَلَوْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَعُودُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَأْبَقْ وَلَكِنْ بَعَثَهُ الْمَوْلَى فِي حَاجَةٍ وَجَحَدَ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْبَيِّنَةُ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُتَمَسِّكٌ بِمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْأَصْلِ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَالْمَوْلَى ادَّعَى أَمْرًا عَارِضًا فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُتَمَسِّكِ بِالْأَصْلِ وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ جَوَازَ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى تَنْفِي جَوَازَهُ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَنْفِيِّ لَا تُقْبَلُ.
وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا مَحْجُورًا وَلَا إذْنَ لِلْمَوْلَى وَحَلَفَ الْغَاصِبُ فَتَصَرَّفَ الْعَبْدُ وَمَوْلَاهُ سَاكِتٌ ثُمَّ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَاسْتَرَدَّهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ وَلَا يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمَوْلَى إذْنٌ حُكْمِيٌّ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ صَرِيحًا، وَالْغَاصِبُ جَاحِدٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ فَالْحُكْمِيُّ أَوْلَى.
وَإِنْ أُسِرَ الْعَبْدُ وَأُحْرِزَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا اهـ.
[الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا تَصِيرُ مَحْجُورَةً بِاسْتِيلَادِ الْمَوْلَى]
قَالَ رحمه الله (وَالِاسْتِيلَادِ) يَعْنِي الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا تَصِيرُ مَحْجُورَةً بِاسْتِيلَادِ الْمَوْلَى لَهَا وَقَالَ زُفَرُ لَا تَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ أَذِنَ لِأُمِّ وَلَدِهِ ابْتِدَاءً يَجُوزُ فَالنَّفْيُ أَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِتَحْصِينِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَأَنَّهُ لَا يَرْضَى بِخُرُوجِهَا وَاخْتِلَاطِهَا بِالرِّجَالِ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَالتِّجَارَةِ وَدَلِيلُ الْحَجْرِ كَصَرِيحِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لِأُمِّ وَلَدِهِ صَرِيحًا كَمَا تَقَدَّمَ وَنَظِيرُهُ إذَا قَدَّمَ لِآخَرَ طَعَامًا لِيَأْكُلَهُ حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ، فَإِذَا نَهَاهُ صَرِيحًا حَرُمَ عَلَيْهِ التَّنَاوُلُ لِقُوَّةِ الصَّرِيحِ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ وَطِئَ جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى فِيهَا حَقَّ الْمِلْكِ وَذَلِكَ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ كَالْأَبِ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَادَّعَاهُ، فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ أَخَذَهَا وَعَقَرَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا عَلَى عَبْدِهِ وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ.
قَالَ رحمه الله (لَا بِالتَّدْبِيرِ) يَعْنِي الْمَأْذُونُ لَهَا لَا تَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِتَحْصِينِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ الْحَجْرِ فَبَقِيَتْ عَلَى مَا كَانَتْ إذْ لَا تَنَافِي بَيْنَ حُكْمَيْ التَّدْبِيرِ، وَالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التَّدْبِيرِ انْعِقَادُ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمَآلِ، وَحُكْمَ الْإِذْنِ فَكُّ الْحَجْرِ وَحَقُّ الْحُرِّيَّةِ لَا يَمْنَعُ فَكَّ الْحَجْرِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْحُسَامِيِّ جَارِيَةٌ أَذِنَ لَهَا مَوْلَاهَا فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَدَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَدَبَّرَهَا الْمَوْلَى فَهِيَ مَأْذُونَةٌ، وَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ وَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ حَجَرَ عَلَيْهَا وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِلْغُرَمَاءِ. اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَيَضْمَنُ بِهِمَا قِيمَتَهُمَا لِلْغُرَمَاءِ) يَعْنِي ضَمِنَ الْمَوْلَى بِالتَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ قِيمَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بِالتَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ تَعَلُّقَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَبِالْبَيْعِ يُقْضَى حَقُّهُمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ، فَإِذَا ضَمِنَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى
الْقِيمَةَ وَاسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِمْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِثَلَاثَةٍ لِكُلٍّ أَلْفٌ اخْتَارَ اثْنَانِ ضَمَانَ الْمَوْلَى فَضَمِنَاهُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَاخْتَارَ الثَّالِثُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِ جَازَ وَلَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا، فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَضَمِنَ أَنْ يَضْمَنَ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِ الْغُرَمَاءِ فَلَوْ زَادَ إنْ شَاءُوا لَكَانَ أَوْلَى.
قَالَ رحمه الله: (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فِي يَدِهِ بَعْدَ حَجْرِهِ صَحَّ) وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَقَرَّ أَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ أَمْ غَصْبٌ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فَيَقْضِيهِ مِنْهُ وَقَالَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِإِقْرَارِهِ الْإِذْنُ وَقَدْ زَالَ بِالْحَجْرِ وَيَدُهُ عَنْ أَكْسَابِهِ قَدْ بَطَلَتْ بِالْحَجْرِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَحْجُورِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ قَبْلَ إقْرَارِهِ أَوْ ثَبَتَ حَجْرُهُ بِالْبَيْعِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِمَا فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ فَأَقَرَّ بَعْدَهُ أَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ حَصَلَ بَعْدَ الْحَجْرِ بِالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي رَقَبَتِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ حَتَّى لَا تُبَاعَ رَقَبَتُهُ بِالدَّيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا عَدَمُ أَخْذِ الْمَوْلَى مَا أَوْدَعَهُ عَبْدُهُ الْغَائِبُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَوْلَى مِنْ أَخْذِهِ هُنَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَسْبُ الْعَبْدِ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْإِقْرَارِ بَعْدَ الْحَجْرِ هُوَ الْيَدُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ فِيمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى، وَالْيَدُ بَاقِيَةٌ حَقِيقَةً وَشَرْطُ بُطْلَانِهَا بِالْحَجْرِ فَرَاغُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْأَكْسَابِ عَنْ حَاجَتِهِ وَإِقْرَارُهُ دَلِيلٌ عَلَى حَاجَتِهِ بِخِلَافِ مَا انْتَزَعَهُ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَبِخِلَافِ إقْرَارِهِ بَعْدَمَا بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ صَارَ كَعَيْنٍ أُخْرَى وَلَمَّا عُرِفَ أَنَّ تَبَدُّلَ الْمِلْكِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ أَصْحَابِ الدَّيْنِ تَعَلَّقَ بِمَا فِي يَدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي إبْطَالِ حَقِّهِمْ فَيُقَدَّمُونَ كَالْمَرِيضِ إذَا أَقَرَّ وَبِخِلَافِ رَقَبَتِهِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَمَا حُجِرَ عَلَيْهِ وَكَانَتْ فِي يَدِهِ أَلْفٌ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ فَأَقَرَّ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ أَقَرَّ بِعَيْنٍ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ كَسْبِ الْإِذْنِ شَيْءٌ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ غَصْبًا فِي يَدِهِ لَزِمَهُ إذَا أُعْتِقَ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ وَلَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَاهُ لَزِمَهُ إذَا عَتَقَ وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفٌ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا دَيْنٌ أَلْفٌ وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِمَا مُنْفَصِلًا أَوْ مُتَّصِلًا وَكُلُّ وَجْهٍ إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِمَا مُنْفَصِلًا بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَلْفُ كُلُّهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَوَّلًا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَصَارَتْ الْأَلْفُ مَشْغُولَةً بِهَا فَإِقْرَارُهُ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ فَلَا يُقْبَلُ وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالدَّيْنِ فَالْأَلْفُ كُلُّهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهَا مُتَّصِلًا بِأَنْ قَالَ بَادِئًا بِالدَّيْنِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ دَيْنٌ وَهَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ تَكُونُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ بَدَأَ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ فَالْأَلْفُ كُلُّهَا لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ بَيَانُ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَدِيعَةِ فَالْبَيَانُ وُجِدَ، وَالْمَحَلُّ فِي مِلْكِهِ صَحَّ الْبَيَانُ مِنْهُ فَيَتَنَصَّفُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا بَيَانٌ بِعَيْنٍ لَا تَقْدِيرٍ فَيَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا، وَإِذَا أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالدَّيْنِ فَالْبَيَانُ وُجِدَ، وَالْأَلْفُ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ وَلَوْ ادَّعَيَا عَلَيْهِ فَقَالَ صَدَقْتُمَا كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَيُؤْخَذُ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِعَبْدٍ مَحْجُورٍ أَلْفًا فَلَمْ يَأْخُذْهَا الْمَوْلَى حَتَّى اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ آخَرَ أَلْفًا ثُمَّ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ آخَرَ أَلْفًا كَانَتْ الْأَلْفُ لِلْمَوْلَى، وَالدَّيْنَانِ فِي رَقَبَتِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ أَلْفًا ثُمَّ وَهَبَ لَهُ الْأَلْفَ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ تُصْرَفُ الْهِبَةُ إلَى الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الثَّانِيَ لَزِمَهُ وَلَيْسَ لَهُ كَسْبٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ الْمُقَرَّ لَهُ فَشَمِلَ الْمَوْلَى.
وَفِي الْأَصْلِ، وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لِمَوْلَاهُ إنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ سَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُهُ دَيْنٌ أَوْ لَا، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّ إقْرَارُهُ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا الْتَقَطَ لَقِيطًا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَقَالَ الْمَوْلَى كَذَبْت بَلْ هُوَ عِنْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِغَيْرِ الْمَوْلَى صَحَّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى فِي قَوْلِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ إلَخْ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوَّلًا وَصَادَقَ بِمَا فِي يَدِهِ كَسَبَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَصَادَقَ بِمَا إذَا ثَبَتَ الْحَجْرُ بِالْبَيْعِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ: وَإِنْ أَقَرَّ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ بَعْدَ حَجْرِهِ بِمَا فِي يَدِهِ قَبْلَهُ مَعَ بَقَائِهِ