الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا أَنَّهُ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ فَإِنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ مَسَّهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْلِمَ الطَّاهِرَ مِنْ الْجَنَابَةِ إذَا اعْتَادَ الْمُرُورَ فِي الْمَسْجِدِ لِيَنْظُرَ مَا فِيهِ مِنْ الْعِبَادَةِ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ لِيُذَكِّرَهُ بِالصَّلَاةِ لَا يَأْثَمُ وَلَا يَفْسُقُ وَقَوْلُهُمْ " مُعْتَادُ الْمُرُورِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اعْتَادَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالِ الدُّخُولِ، أَوْ جَعَلَهُ طَرِيقًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَصْفُهُ بِالْإِثْمِ وَالْفِسْقِ اهـ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ الْغُسْلِ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِيهَا جَازَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِنَجَاسَةِ الْأَوَانِي وَإِذَا عَلِمَ حَرُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَالصَّلَاةُ فِي ثِيَابِهِمْ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْمَجُوسِ كُلِّهَا إلَّا الذَّبِيحَةَ وَفِي التَّتِمَّةِ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ دُخُولُ الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ؛ لِأَنَّهَا مَجْمَعُ الشَّيَاطِينِ. اهـ. .
قَالَ رحمه الله. (وَعِيَادَتُهُ) يَعْنِي تَجُوزُ عِيَادَةُ الذِّمِّيِّ الْمَرِيضِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ «يَهُودِيًّا مَرِضَ بِجِوَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قُومُوا بِنَا نَعُودُ جَارَنَا الْيَهُودِيَّ فَقَامُوا وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ لَهُ: قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ الْمَرِيضُ إلَى أَبِيهِ فَقَالَ أَجِبْهُ فَنَطَقَ بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَ بِي نَسَمَةً مِنْ النَّارِ» الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ الْعِيَادَةَ نَوْعٌ مِنْ الْبِرِّ وَهِيَ مِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَيَرُدُّ السَّلَامَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَا يَزِدْهُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْدَؤُهُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إلَيْهِ حَاجَةٌ فَلَا بَأْسَ بِبُدَاءَتِهِ، وَلَا يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَيَدْعُو لَهُ بِالْهُدَى وَلَوْ دَعَا لَهُ بِطُولِ الْعُمْرِ قِيلَ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ بِالْجِزْيَةِ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا الدُّعَاءُ بِالْعَافِيَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا لَا يَعُودُهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ: يَعُودُهُ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ وَتَرْغِيبَهُ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي عِيَادَةِ الْفَاسِقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَالْعِيَادَةُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا مَاتَ الْكَافِرُ قِيلَ لِوَالِدِهِ أَوْ لِقَرِيبِهِ فِي تَعْزِيَتِهِ " أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا مِنْهُ، وَأَصْلَحَكَ وَرَزَقَكَ وَلَدًا مُسْلِمًا "؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ تُطَهِّرُ، وَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ وَرَحِمَ مَيِّتَكَ، وَأَكْثَرَ عَدَدَكَ وَفِي النَّوَازِلِ: وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْمُشْرِكَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا مُحَارِبًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، وَأَرَادَ بِالْمُحَارِبِ الْمُسْتَأْمَنَ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَأْمَنٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَصِلَهُ بِشَيْءٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَانَ الْحَالُ حَالَ صُلْحٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِلَهُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُكْرَهُ لَنَا أَنْ نَقْبَلَ هَدِيَّةَ الْمُشْرِكِ أَوْ لَا نَقْبَلَ، ذُكِرَ فِيهِ قَوْلَانِ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: مُسْلِمٌ دَعَاهُ نَصْرَانِيٌّ إلَى دَارِهِ ضَيْفًا حَلَّ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُ وَفِي النَّوَازِلِ الْمَجُوسِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ إذَا دَعَا رَجُلًا إلَى طَعَامٍ تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ السُّوقِ فَإِنْ كَانَ الدَّاعِي يَهُودِيًّا فَلَا بَأْسَ.
[خَصِيُّ الْبَهَائِمِ]
قَالَ رحمه الله (وَخَصِيُّ الْبَهَائِمِ) يَعْنِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» وَالْمَوْجُوءُ هُوَ الْخَصِيُّ وَلِأَنَّ لَحْمَهُ يَطِيبُ بِهِ، وَيَتْرُكُ النِّكَاحَ فَكَانَ حَسَنًا وَلَك أَنْ تَقُولَ الدَّلِيلُ لَا يُفِيدُ جَوَازَ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا يُفِيدُ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ جَوَازُ الْفِعْلِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَهَائِمَ كَانَتْ تَكْثُرُ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم فَتُكْوَى بِالنَّارِ لِأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمَالِكِ فَكَذَا يَجُوزُ هَذَا الْفِعْلُ لِتَعُودَ الْمَنْفَعَةُ لِلْمَالِكِ وَفِي الصِّحَاحِ جَمْعُ خَصِيٍّ هُوَ خِصًا بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالرَّجُلُ خَصِيٌّ وَخَصِيَّةٌ اهـ.
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَالْخُصْيَانُ بِضَمِّ الْخَاءِ جَمْعُ خَصِيٍّ وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَصْلَ إيصَالُ الْأَلَمِ إلَى الْحَيَوَانِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ إلَى الْحَيَوَانِ يَجُوزُ وَلَا بَأْسَ بِكَيِّ الْبَهَائِمِ لِلْعَلَامَةِ وَيُكْرَهُ كَسْبُ الْخَصِيِّ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَقَتْلُ النَّمْلَةِ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ بَدَأَتْ بِالْأَذَى فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَبْتَدِئْ يُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَيُكْرَهُ إلْقَاؤُهَا فِي الْمَاءِ وَقَتْلُ الْقَمْلَةِ يَجُوزُ بِكُلِّ حَالٍ.
قَرْيَةٌ فِيهَا كِلَابٌ كَثِيرَةٌ وَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مِنْهَا ضَرَرٌ يُؤْمَرُ أَرْبَابُ الْكِلَابِ بِأَنْ يَقْتُلُوا كِلَابَهُمْ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَاجِبٌ وَإِنْ أَبَوْا أَلْزَمَهُمْ الْقَاضِي وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ فِي بَيْتِهِ كَلْبًا إلَّا كَلْبَ الْحِرَاسَةِ.
الْهِرَّةُ إذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً يَذْبَحُهَا بِالسِّكِّينِ وَيُكْرَهُ ضَرْبُهَا وَفَرْكُ أُذُنِهَا. اهـ.
وَأَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَهَائِمِ فَشَمِلَ الْخَيْلَ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَيُكْرَهُ خَصِيُّ الْفَرَسِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ خَصِيَّ الْفَرَسِ حَرَامٌ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الطِّفْلِ اهـ.
وَفِي النَّوَازِلِ يُقَلِّمُ الظُّفُرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» وَزِيَادَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ أَوْ جَزَّ شَعْرَهُ يَجِبُ
أَنْ يَدْفِنَ وَإِنْ رَمَاهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ رَمَاهُ فِي الْكَنِيفِ أَوْ الْمُغْتَسَلِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ يُدْفَنُ أَرْبَعَةٌ الظُّفُرُ وَالشَّعْرُ وَخِرْقَةُ الْحَيْضِ وَالدَّمِ وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ حَتَّى يُوَازِيَ الطَّرَفَ الْعُلْيَا مِنْ الشَّفَةِ وَيَصِيرَ مِثْلَ الْحَاجِبِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُنْدَبُ تَطْوِيلُ الْأَظْفَارِ وَيُنْدَبُ تَطْوِيلُ الشَّعْرِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ وَفِي التَّتِمَّةِ حَلْقُ شَعْرِ صَدْرِهِ وَظَهْرِهِ فِيهِ تَرْكُ الْأَدَبِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى قَبْضَةٍ جَزَّهُ وَلَا بَأْسَ إذَا طَالَتْ لِحْيَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِهَا وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرَ وَجْهِهِ مَا لَمْ يُشْبِهْ الْمُخَنَّثَ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْلِقَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَيُرْسِلَ شَعْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْتِلَهُ فَإِنْ فَتَلَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ بَعْضَ الْكَفَرَةِ وَإِذَا حَلَقَتْ الْمَرْأَةُ شَعْرَ رَأْسِهَا فَإِنْ كَانَ لِوَجَعٍ أَصَابَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ حَلَقَتْ تُشْبِهُ الرِّجَالَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِذَا وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشَعْرِ غَيْرِهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ مِنْهَا فِي هَذِهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ شَعْرٌ فِي لِحْيَتِهِ فَلَا بَأْسَ لِلتُّجَّارِ أَنْ يُشْعِرُوا عَلَى جَبْهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ وَفِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ حَلْقُ الْعَانَةِ بِيَدِهِ وَإِنْ حَلَقَ الْحَجَّامُ جَازَ إذَا غَضَّ بَصَرَهُ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُلْقِيَ الْأَذَى عَنْ وَجْهِهَا اهـ.
وَفِي النَّوَادِرِ: امْرَأَةٌ حَامِلٌ اعْتَرَضَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِقَطْعِهِ أَرْبَاعًا وَلَوْ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ يُخَافُ عَلَى أُمِّهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَيِّتًا فِي الْبَطْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ نَفْسٍ بِقَتْلِ نَفْسٍ أُخْرَى لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ.
امْرَأَةٌ حَامِلٌ مَاتَتْ فَاضْطَرَبَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ حَيٌّ يَشُقُّ بَطْنَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَسَبُّبٌ فِي إحْيَاءِ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ بِتَرْكِ تَعْظِيمِ الْمَيِّتِ فَالْإِحْيَاءُ أَوْلَى وَيَشُقُّ بَطْنَهَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَلَوْ لَمْ يَشُقَّ بَطْنَهَا حَتَّى دُفِنَتْ وَرُئِيَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ لَا يُنْبَشُ الْقَبْرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا.
امْرَأَةٌ عَالَجَتْ فِي إسْقَاطِ وَلَدِهَا لَا تَأْثَمُ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةً أَوْ دَنَانِيرَ لِآخَرَ فَمَاتَ الْمُبْتَلِعُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَا يَشُقُّ بَطْنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْطَالُ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ لِأَجْلِ الْأَمْوَالِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَنَقَلَ الْجُرْجَانِيُّ شَقَّ بَطْنَهُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ حُرْمَةُ الْمَيِّتِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ حَقَّ الْمَيِّتِ فَحَقُّ الْآدَمِيِّ الْحَيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَيِّتِ لِاحْتِيَاجِ الْحَيِّ إلَى حَقِّهِ.
نَعَامَةٌ ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً لِلْغَيْرِ أَوْ دَخَلَ قَرْنُ شَاةٍ فِي قِدْرِ الْبَاقِلَّانِيِّ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ يُنْظَرُ إلَى أَيِّهِمَا أَكْثَرَ قِيمَةً فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِذَا لَوْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ فِي دَارٍ وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِهَدْمِ الدَّارِ يُنْظَرُ إلَى أَيِّهِمَا أَكْثَرُ قِيمَةً فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ فَيُهْدَمُ الْآخَرُ أَوْ تُذْبَحُ وَلَا بَأْسَ بِإِلْقَاءِ النَّيْلَقِ فِي الشَّمْسِ لِتَمُوتَ الدِّيدَانُ الَّتِي فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةَ النَّاسِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي بِالْعَظْمِ إذَا كَانَ عَظْمَ شَاةٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ إلَّا عَظْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّدَاوِي بِهِمَا وَلَا فَرْقَ فِيمَا يَجُوزُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ ذَكِيًّا أَوْ مَيِّتًا رَطْبًا أَوْ يَابِسًا.
وَفِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ سَقَطَ سِنُّهُ فَأَخَذَ سِنَّ الْكَلْبِ فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِ سِنِّهِ فَثَبَتَتْ لَا يَجُوزُ وَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ أَعَادَ سِنَّهُ ثَانِيًا وَثَبَتَ قَالَ: يُنْظَرُ إنْ كَانَ يُمْكِنُ قَلْعُ سِنِّ الْكَلْبِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يُقْلَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِضَرَرٍ لَا يُقْلَعُ وَفِي التَّتِمَّةِ يَتَّخِذُ الدَّوَاءَ مِنْ الضُّفْدَعِ وَلَوْ أَكَلْت الْمَرْأَةُ شَيْئًا لِسِمَنِ نَفْسِهَا لِزَوْجِهَا لَا بَأْسَ بِهِ وَفِي النَّوَازِلِ مَرِضَ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: أَخْرِجْ الدَّمَ فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى مَاتَ لَا يَكُونُ مَأْجُورًا وَلَوْ تَرَكَ الدَّوَاءَ حَتَّى مَاتَ لَا يَأْثَمُ وَفِي الْخُلَاصَةِ صَامَ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الصِّيَامِ حَتَّى مَاتَ أَثِمَ وَفِي الْخَانِيَّةِ جَامَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْأَكْلِ كَانَ آثِمًا فُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِقْدَارَ قُوتِهِ.
التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ حَاذِقٌ أَنَّ الشِّفَاءَ فِيهِ جَازَ فَصَارَ حَلَالًا وَخَرَجَ عَنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ» لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُضْطَرِّ وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ أَدْخَلَ الْمَرَارَةَ فِي أَصَابِعِهِ لِلتَّدَاوِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكْرَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ شُرْبُ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِلتَّدَاوِي وَفِي النَّوَازِلِ الْعَجِينُ إذَا وُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ لِلتَّدَاوِي وَعُرِفَ أَنَّ التَّدَاوِيَ بِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَتَعْلِيقُ الْحِجَابِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيَنْزِعُهُ عِنْدَ الْخَلَاءِ وَالْقُرْبَانِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا فِعْلُ الْعَوَامّ وَالْجُهَّالِ.
الِاكْتِحَالُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ، ضَرْبُ الدِّفَافِ عَلَى الْأَبْوَابِ أَيَّامَ النَّيْرُوزِ لَا يَحِلُّ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ الْحِجَامَةُ بَعْدَ نِصْفِ الشَّهْرِ حَسَنٌ نَافِعٌ جِدًّا وَيُكْرَهُ قَبْلَ نِصْفِ الشَّهْرِ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا عَزَلَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ