الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِيرُ أَصْلًا حَالَ الِانْفِصَالِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا أَلْفٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَأَلْفٌ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً وَلَا يُدْفَعُ الْوَلَدُ بِجِنَايَةِ الْأُمِّ، وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْجِنَايَةِ لَا تَجِبُ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي بَلْ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ، وَالْوَلَدُ لَيْسَ بِجَانٍ فَلَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ.
قَالَ رحمه الله (وَقُسِمَ ثَمَنُهُ بِالْحِصَصِ) أَيْ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ دُيُونَهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ فَيَتَحَاصَصُونَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَفَاءً مِنْ الْبَدَلِ كَمَا فِي التَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالثَّمَنِ وَفَاءٌ يَضْرِبُ كُلُّ غَرِيمٍ فِي الثَّمَنِ بِقَدْرِ حَقِّهِ كَالتَّرِكَةِ إذَا ضَاقَتْ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ دُيُونِهِ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُبَاعُ ثَانِيًا كَيْ لَا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنْ شِرَاءِ الْمَأْذُونِ وَدَفْعِهَا لِلضَّرُورَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُؤْذِنْ فِي التِّجَارَةِ فَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِبَيْعِهِ وَلَا يَلْزَمُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ الْإِذْنُ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا، وَإِنْ كَانَ رَاضِيًا لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَبَدَّلَ، وَتَبَدُّلُ الْمِلْكِ لَا يُبَدِّلُ الْعَيْنَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَصْلِ أَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى وَلِهَذَا يُقَدَّمُ دَيْنُ الْعَبْدِ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى فِي الْإِيفَاءِ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَهُنَا مَسَائِلُ أَحَدُهَا فِي دَيْنِ الْوَارِثِ عَلَى عَبْدِ الْمَيِّتِ مَعَ دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَالثَّانِي فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ وَدَيْنِ الْعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ، وَالثَّالِثُ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ الْأَوَّلُ إذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلِأَحَدِ الِابْنَيْنِ عَلَى الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ يُبَاعُ الْعَبْدُ وَيَسْتَوْفِي الِابْنُ دَيْنَهُ ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْأَجْنَبِيُّ خَمْسَمِائَةٍ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْوَارِثِ دَيْنُ الْعَبْدِ وَدَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ دَيْنٌ عَلَى الْمَوْلَى وَدَيْنَ الْعَبْدِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَيِّتِ خَمْسَمِائَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَسْقُطُ نِصْفُ دَيْنِ الِابْنِ وَيُسْتَوْفَى نِصْفُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْأَجْنَبِيُّ دَيْنَهُ خَمْسَمِائَةٍ بَقِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ثُلُثَاهَا لِلِابْنِ الْمَدِينِ وَثُلُثُهَا لِلِابْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ مُحِيطٍ وَصَارَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَسَقَطَ نِصْفُ دَيْنِ الِابْنِ الَّذِي فِي نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا.
الثَّانِي هَلَكَ عَنْ دَيْنٍ خَمْسِمِائَةٍ وَابْنَيْنِ وَعَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ خَمْسُمِائَةٍ بِثُلُثِ مَالِهِ بَطَلَ ثُلُثُ الدَّيْنِ الْمُوصَى لَهُ وَيَسْتَوْفِي ثُلُثَيْهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ خَمْسَمِائَةٍ دَيْنَهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ مُحِيطٍ بِالتَّرِكَةِ وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ دَيْنِهِ وَبَقِيَ ثُلُثُ دَيْنِهِ فِي نَصِيبِ الْوَرَثَةِ فَيُوفُوا ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهِيَ أَلْفٌ ثُمَّ يَأْخُذُ الْغَرِيمُ كَمَالَ حَقِّهِ خَمْسَمِائَةٍ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمُوصَى لَهُ نِصْفَانِ وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْمَيِّتِ أَلْفًا يَسْتَوْفِي الْمُوصَى لَهُ تَمَامَ دَيْنِهِ أَوَّلًا ثُمَّ غَرِيمُ الْمَيِّتِ خَمْسَمِائَةٍ.
الثَّالِثُ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَهَبَهُ فِي مَرَضِهِ مِمَّنْ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا دَيْنَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ سُلِّمَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ وَسَقَطَ دَيْنُهُ، وَإِنْ أَبَتْ رَدَّتْ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِغَيْرِ دَيْنِهِ وَسُلِّمَ لَهُ ثُلُثُهُ.
[شَرِيكَانِ أَذِنَا لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ]
وَفِي الْمَبْسُوطِ شَرِيكَانِ أَذِنَا لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ مِلْكٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ أَوْ عِنَانٍ، فَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْ مِلْكٍ أَذِنَا لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ فَأَدَانَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَدَانَهُ الْأَجْنَبِيُّ مِائَةً فَاشْتَرَى عَبْدًا فَبِيعَ الْعَبْدُ بِمِائَةٍ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مِائَةٍ كَانَ نِصْفُهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَالنِّصْفُ بَيْنَهُمَا فَالْإِمَامُ قَالَ تُعْتَبَرُ الْقِسْمَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ وَفِيهَا الْقِسْمَةُ عِنْدَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا.
وَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا وَبَيْنَهُمَا عَبْدٌ لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَأَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا وَأَجْنَبِيٌّ مِائَةً فَبِيعَ الْعَبْدُ بِمِائَةٍ فَثُلُثَاهَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَثُلُثُهَا بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَجَبَ كُلُّهُ وَدَيْنَ الْمَوْلَى ثَبَتَ نِصْفُهُ وَعِنْدَهُمَا قِيلَ يُقْسَمُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَرُبْعُهَا بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ وَيُطْلَبُ بَيَانُ التَّعْلِيلِ فِي الْمَبْسُوطِ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْمِائَةُ كُلُّهَا لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لِلشَّرِكَةِ، وَالْعَبْدَ لِلشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ مَأْذُونٌ فَأَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَأَجْنَبِيٌّ مِائَةً وَغَابَ الَّذِي لَمْ يُدِنْ وَحَضَرَ الْأَجْنَبِيُّ، فَإِنَّ نَصِيبَ الَّذِي أَدَانَ فِي دَيْنِهِ وَيُؤَاخَذُ كُلُّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْغَائِبِ.
قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا شَهِدَ لِمُسْلِمٍ مُسْلِمَانِ عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ تَاجِرٍ بِأَلْفٍ وَمَوْلَاهُ مُسْلِمٌ وَلِمُسْلِمٍ كَافِرَانِ بِأَلْفٍ بِيعَ الْعَبْدُ وَبُدِئَ بِدَيْنِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلْآخَرِ، وَإِنَّمَا بُدِئَ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَالْعَبْدِ وَحُجَّةُ الثَّانِي قَاصِرَةٌ؛ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ دُونَ الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَافِرًا، فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ وَلَوْ صُدِّقَ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرُ اشْتَرَكَا جَمِيعًا وَلَوْ شَهِدَ لِمُسْلِمٍ كَافِرَانِ وَلِكَافِرٍ مُسْلِمَانِ تَحَاصَّا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَوَتْ فِي كَوْنِهَا حُجَّةً فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ أَرْبَابُ الدَّيْنِ ثَلَاثَةً مُسْلِمَانِ وَكَافِرٌ فَشَهِدَ لِلْكَافِرِ
مُسْلِمَانِ وَلِأَحَدِ الْمُسْلِمَيْنِ كَافِرَانِ وَلِلْآخَرِ مُسْلِمَانِ بُدِئَ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ وَمَا بَقِيَ يَسْتَوِيَانِ فِيهِ لِاسْتِوَاءِ حُجَّتِهِمَا.
عَبْدٌ كَافِرٌ مَأْذُونٌ لَهُ مَوْلَاهُ مُسْلِمٌ فَأَقَامَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ كَافِرَيْنِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ كَانَتْ لَهُ فَيَسْتَرِدُّ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَيَدْفَعُ إلَى الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اقْتَرَنَا أَوْ أَقَامَا مَعًا قُدِّمَتْ حُجَّةُ الْمُسْلِمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ مُسْلِمَانِ عَلَيْهِمَا فَكَذَا إذَا تَأَخَّرَتْ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَافِرًا شَارَكَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الْأَوَّلَ وَلَوْ شَهِدَ لِمُسْلِمٍ حَرْبِيَّانِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ عَلَى عَبْدٍ تَاجِرٍ حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَشَهِدَ لِمُسْلِمٍ ذِمِّيَّانِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ وَشَهِدَ مُسْلِمَانِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ فَبِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ يَكُونُ الْحَرْبِيُّ، وَالذِّمِّيُّ نِصْفَيْنِ وَيَأْخُذُ الْمُسْلِمُ نِصْفَ مَا أَخَذَ الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْحَرْبِيَّةَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ أَصْلًا فَصَارَ كَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فِي حَقِّهِمَا وَبَيِّنَةُ الذِّمِّيِّ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنَّا دَارًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِزِيَادَةِ حُجَّتِهِ ثُمَّ الْمُسْلِمُ مَعَ الذِّمِّيِّ اسْتَوَيَا فِي الْحُجَّةِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْحَرْبِيِّ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْحَرْبِيِّ، وَالْبَيِّنَةُ الْمُسَلَّمَةُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَلَوْ شَهِدَ لِذِمِّيٍّ حَرْبِيَّانِ وَشَهِدَ لِمُسْلِمٍ ذِمِّيَّانِ وَشَهِدَ لِحَرْبِيٍّ مُسْلِمَانِ كَانَ الثَّمَنُ لِلْحَرْبِيِّ، وَالْمُسْلِمِ ثُمَّ يُشَارِكُ الذِّمِّيُّ الْحَرْبِيَّ فِيمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْحَرْبِيِّ وَشَهَادَةَ الْحَرْبِيِّ لِلْمُسْلِمِ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْحُجَّةِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يَدْخُلُ فِي نَصِيبِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ شَهِدَ الْمُسْلِمَانِ لِلذِّمِّيِّ، وَالذِّمِّيَّانِ لِلْحَرْبِيِّ، وَالْحَرْبِيَّانِ لِلْمُسْلِمِ كَانَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ، وَالْحَرْبِيِّ نِصْفَانِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُسْلِمُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ الْحَرْبِيُّ قَالَ رحمه الله (وَمَا بَقِيَ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ) يَعْنِي مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ قِسْمَةِ الثَّمَنِ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءُوا بَاعُوهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُ فِي غَيْرِهِ وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ تَارَةً يَكُونُ شَائِعًا فَلَا يُحْجَرُ إلَّا بِالْحَجْرِ الشَّائِعِ وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَ شَائِعٍ فَيَنْجَبِرُ بِالْحَجْرِ غَيْرِ الشَّائِعِ.
قَالَ رحمه الله (وَيُحْجَرُ بِحَجْرٍ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْحَجْرُ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَلَنَا أَنَّ حَجْرَهُ لَوْ صَحَّ بِدُونِ عِلْمِهِمْ لَتَضَرَّرُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ شَيْئًا فَالْمَوْلَى يَأْخُذُهُ فَيَتَأَخَّرُ حَقُّهُمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَهُوَ مَوْهُومٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ وَقَدْ لَا يُعْتَقُ وَقُيِّدَ بِالْأَكْثَرِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ؛ لِأَنَّ إعْلَامَ الْكُلِّ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْأَقَلِّ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ مَنْ عَلِمَ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي حَقِّ مَنْ عَلِمَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَجَزَّأُ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْعَبْدِ أَيْضًا وَبَقِيَ مَأْذُونًا لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْحَجْرِ وَفِي الْمُحِيطِ أَصْلُهُ أَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ لَا يَرِدُ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ وَيَرِدُ عَلَى الْإِذْنِ الْخَاصِّ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ بِمَحْضَرِ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ فَحَجَرَ بِمَحْضَرِ هَؤُلَاءِ يَصِحُّ وَلَوْ رَآهُ الْمَوْلَى يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بَعْدَمَا حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ فَلَمْ يَنْهَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَبْدُ بِالْحَجْرِ يَبْقَى مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُهُ أَنَّ سُكُوتَ الْمَوْلَى أَجَازَهُ حَالَ رُؤْيَةِ عَبْدِهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بِرَفْعِ الْحَجْرِ الثَّابِتِ فَلَأَنْ يُرْفَعَ الْمَوْقُوفُ أَوْلَى وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ صَبِيًّا يُخْبِرُهُ بِحَجْرِهِ أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ صَارَ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ، وَالْكِتَابَةَ مِنْ الْغَائِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَافَهَةِ مِنْ الْحَاضِرِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّسُولُ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِالْحَجْرِ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ رِسَالَةٍ لَمْ يَكُنْ حَجْرٌ حَتَّى يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ يَعْرِفُهُ الْعَبْدُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَانَ الْمُخْبِرُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ صَبِيًّا وَفِي الْخَانِيَّةِ فَرَّقَ الْإِمَامُ بَيْنَ الْإِذْنِ، وَالْحَجْرِ فَعِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا أَوْ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ خُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ وَكَذَا الْحَجْرُ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ.
هَذَا إذَا حَضَرَ الْمَوْلَى وَصَدَّقَهُ فَلَوْ حَضَرَا لِمَوْلًى وَكَذَّبَهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ.
وَإِذَا أَذِنَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَحْجُرُ عَلَى الثَّانِي وَمِثْلُهُ لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ لَمْ يَحْجُرْ عَلَى الثَّانِي فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى إذْنَ الْعَبْدِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْمَوْلَى يَمْلِكُ أَنْ يَأْذَنَ لِلثَّانِي فَصَارَ الْمَوْلَى آذِنًا لِلثَّانِي حُكْمًا، وَالْمَوْلَى لَوْ أَذِنَ لِلثَّانِي حَقِيقَةً ثُمَّ حَجَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَحْجُرْ عَلَى الثَّانِي فَكَذَا حُكْمًا وَلَمْ يَجُزْ حَجْرُ الْمَوْلَى عَلَى مَأْذُونِ مُكَاتَبِهِ وَيَنْحَجِرُ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَلَدٍ فَأَذِنَ الْوَلَدُ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ فَإِذْنُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مَا دَامَتْ مَشْغُولَةً لَا يَمْلِكُهَا الْوَارِثُ فَلَوْ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ صَحَّ