الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَبْضُ الرِّجْلِ وَقِيَامُ الشَّعْرِ لَيْسَ بِاسْتِرْخَاءٍ بَلْ حَرَكَاتٌ تَخْتَصُّ بِالْحَيِّ فَتَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا شَقَّ الذِّئْبُ بَطْنَ الشَّاةِ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذُبِحَتْ حَلَّتْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
وَلَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ عَلَى سَطْحٍ فَوَقَعَتْ فَمَاتَتْ تَحِلُّ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُذَكَّاةً بِقَطْعِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا شَقَّ الذِّئْبُ بَطْنَ الشَّاةِ إنْ كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّتْ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا لَا سَوَاءٌ عَاشَ، أَوْ لَمْ يَعِشْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
قَالَ رحمه الله: (وَإِنْ عُلِمَ حَيَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ) يَعْنِي إذَا عُلِمَ حَيَاةُ الشَّاةِ وَقْتَ الذَّبْحِ حَلَّتْ بِالذَّكَاةِ تَحَرَّكَتْ أَوْ لَا خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ، أَوْ لَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]
أَوْرَدَهُ عَقِبَ الذَّبَائِحِ لِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ خَاصَّةٌ وَالذَّبَائِحَ عَامٌّ، وَالْخَاصُّ بَعْدَ الْعَامِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا أَنَّ الْخَاصَّ بَعْدَ الْعَامِّ فِي الْوُجُودِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ أَنْ لَا وُجُودَ لِلْعَامِّ إلَّا فِي ضِمْنِ الْخَاصِّ، وَإِنْ أَرَادُوا فِي التَّعَقُّلِ فَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْعَامُّ ذَاتِيًّا لِلْخَاصِّ وَكَانَ الْخَاصُّ مَعْقُولًا كَمَا عُرِفَ وَكَوْنُ الْأَمْرِ كَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَمْنُوعٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تَمَيُّزُ الذَّاتِيِّ مِنْ الْعَرَضِيِّ إنَّمَا يَتَعَسَّرُ فِي الْحَقَائِقِ النَّفْسَانِيَّةِ، وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ الْوَضْعِيَّةِ وَالِاعْتِبَارِيَّة كَمَا نَحْنُ فِيهِ فَكُلُّ مَنْ اُعْتُبِرَ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ شَيْءٍ يَكُونُ ذَاتِيًّا لَهُ وَيَكُونُ تَصَوُّرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ تَصَوُّرًا لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْنَى الذَّبْحِ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْأُضْحِيَّةِ فَتَوَقَّفَ تَعَقُّلُهَا عَلَى تَعَقُّلِ مَعْنَى الذَّبْحِ فَيَتِمُّ التَّعْرِيفُ عَلَى اخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ شَاةٌ نَحَرَهَا تُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ مِنْ أَنَّهَا شَاةٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ نَحَرَهَا لِأَنَّ لَفْظَ النَّحْرِ مُرَادٌ بِدَلِيلِ الْأُضْحِيَّةِ وَتُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيَّ بِالتَّشْدِيدِ، وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ وَضَحَايَا كَهَدِيَّةٍ وَهَدَايَا وَيُقَالُ أَضْحَاةٌ وَتُجْمَعُ عَلَى أَضْحًى وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ وَهِيَ الشَّاةُ فَصَاعِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ تُذْبَحُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ. اهـ.
وَلَهَا شَرَائِطُ وُجُوبٍ وَشَرَائِطُ أَدَاءٍ وَصِفَةٍ فَالْأَوَّلُ كَوْنُهُ مُقِيمًا مُوسِرًا مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي وَالْإِسْلَامُ شَرْطٌ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مَالٌ فَإِنَّهُ يُضَحِّي عَنْهُ أَبُوهُ وَأَمَّا شَرَائِطُ أَدَائِهَا فَمِنْهَا الْوَقْتُ فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الْأُضْحِيَّةِ لَا مَكَانُ الْمُضَحِّي وَسَبَبُهَا طُلُوعُ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَرُكْنُهَا ذَبْحُ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي صِفَتِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقُرْبَةَ الْمَالِيَّةَ نَوْعَانِ نَوْعٌ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ كَالصَّدَقَاتِ وَنَوْعٌ بِطَرِيقِ الْإِتْلَافِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ اجْتَمَعَ الْمَعْنَيَانِ فَإِنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَهُوَ إتْلَافٌ، ثُمَّ بِالتَّصَدُّقِ بِاللَّحْمِ فَيَكُونُ تَمْلِيكًا اهـ.
قَالَ رحمه الله: (تَجِبُ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ مُوسِرٍ مُقِيمٍ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ طِفْلِهِ شَاةٌ، أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ فَجْرَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِهِ) يَعْنِي صِفَتُهَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا سُنَّةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَهُمْ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَجَمَاعَةٌ أُخْرَى وَالتَّعْلِيقُ بِالْإِرَادَةِ يُنَافِي الْوُجُوبَ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْمُقِيمِ لَوَجَبَتْ عَلَى الْمُسَافِرِ كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ بِالْعِبَادَةِ الْمَالِيَّةِ وَدَلِيلُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَمِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يَلْحَقُ بِتَرْكِ غَيْرِ الْوَاجِبِ وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ بِإِعَادَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ «مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ الْأُضْحِيَّةَ» ، وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ لِأَنَّ أَدَاءَهَا مُخْتَصٌّ بِأَسْبَابٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِدَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ كَالْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهُمَا لَا يَفُوتَانِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَا يَخْرُجُ، وَأَمَّا الْعَتِيرَةُ فَذَبِيحَةٌ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ نُسِخَ فِي الْإِسْلَامِ.
كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى الْفَقِيرُ شَاةً فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ أَيْسَرَ فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّحْرِ قِيلَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا وَقِيلَ لَا وَلَوْ افْتَقَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَلَوْ بَعْدَهَا لَمْ تَسْقُطْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَيَّدَ بِالْحُرِّ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ وَلَوْ مَلَكَ. وَبِالْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهَا، وَبِالْيَسَارِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ وَهُوَ الْغَنِيُّ دُونَ الْفَقِيرِ وَمِقْدَارُهُ
مِقْدَارُ مَا تَجِبُ فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْ النِّهَايَةِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوسِرَ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ افْتَقَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا، أَوْ بِقِيمَتِهَا وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ فَلَوْ كَانَتْ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لَكَانَ دَوَامُهَا شَرْطًا كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ حَيْثُ يَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ وَالْخَارِجِ، وَاصْطِلَامُ الزَّرْعِ آفَةٌ لَا يُقَالُ أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَرْءُ مِنْ إقَامَتِهَا تَمَلُّكُ قِيمَةِ مَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَلَمْ تَجِبُ إلَّا بِمِلْكِ النِّصَابِ فَدَلَّ أَنَّ وُجُوبَهَا بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ النِّصَابِ لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا بِالْمُمْكِنَةِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَهَذَا لِأَنَّهَا وَظِيفَةٌ مَالِيَّةٌ نَظَرًا إلَى شَرْطِهَا وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْغِنَى كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لَا يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ التَّمْلِيكُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ الْمَالِيَّةَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْإِتْلَافِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْمُضَحِّي إذَا تَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ فَقَدْ حَصَلَ النَّوْعَانِ أَعْنِي التَّمْلِيكَ وَالْإِتْلَافَ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَصَلَ الْأَخِيرُ.
إلَى هُنَا لَفْظُ الْعِنَايَةِ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ زَكَّى نِصَابَهُ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ أَيَّامُ النَّحْرِ وَنِصَابُهُ نَاقِصٌ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَلَا يُعَدُّ فَقِيرًا بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِأَنَّ قَدْرَ الْمُؤَدَّى يُعَدُّ قَائِمًا شَرْعًا وَلَوْ انْتَقَصَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِغَيْرِ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ لِأَنَّ الْمُؤَدَّى لَا يُعَدُّ قَائِمًا حُكْمًا فَيُعَدُّ فَقِيرًا وَقَوْلُهُ: عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَا عَنْ طِفْلِهِ يَعْنِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُضَحِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ، أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَالِ الْأَبِ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ إتْلَافٌ، وَالْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُضَحِّي مِنْ مَالِهِ وَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ وَيَبْتَاعُ بِمَا بَقِيَ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَفِي الْكَافِي الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ.
وَقَوْلُهُ " شَاةٌ، أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ " بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا الْبَدَنَةُ كُلُّهَا إلَّا عَنْ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ قُرْبَةٌ لَا تَتَجَزَّأُ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِالْأَثَرِ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» وَلَا نَصَّ فِي الشَّاةِ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَتَجُوزُ عَنْ سِتَّةٍ، أَوْ خَمْسَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ عَنْ سَبْعَةٍ فَمَا دُونَهَا أَوْلَى، وَلَا يَجُوزُ عَنْ ثَمَانِيَةٍ لِعَدَمِ النَّقْلِ فِيهِ وَكَذَا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ أَقَلَّ مِنْ سُبُعِ بَدَنَةٍ لَا يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ بَعْضُهُ إذَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً خَرَجَ كُلُّهُ وَيَجُوزُ عَنْ اثْنَيْنِ نِصْفًا فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا جَازَ عَنْ الشَّرِكَةِ يُقْسَمُ اللَّحْمُ بِالْوَزْنِ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ، وَإِذَا قَسَمُوا جُزَافًا لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ الْأَكَارِعِ وَالْجِلْدِ كَالْبَيْعِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ، ثُمَّ اشْتَرَكَ فِيهَا مَعَهُ سِتَّةٌ أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّهُ أَعَدَّهَا قُرْبَةً فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ قَدْ يَجِدُ بَقَرَةً سَمِينَةً وَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِالشُّرَكَاءِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَيَشْتَرِيهَا، ثُمَّ يَطْلُبُ الشُّرَكَاءَ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَحَرَّجُوا وَهُوَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَعَنْ الْإِمَامِ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ قَالَ الْقُدُورِيُّ الْوَاجِبُ عَلَى مَرَاتِبَ بَعْضُهَا آكَدُ مِنْ بَعْضٍ، وَوُجُوبُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ آكَدُ مِنْ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وُجُوبُهَا آكَدُ مِنْ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ،.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْمُوسِرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مَا بَلَغَ ذَلِكَ سِوَى سَكَنِهِ وَمَتَاعِهِ وَمَرْكَبِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي فِي حَاجَتِهِ، وَفِي الْأَصْلِ وَلَوْ جَاءَ يَوْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا مَالَ ثُمَّ اسْتَفَادَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ مِلْكٌ قِيمَةُ الْعَقَارِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَالْفَقِيهُ عَلَى الرَّازِيّ اعْتَبَرَا الْقِيمَةَ وَأَوْجَبَا الْأُضْحِيَّةَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْهَا قُوتُ السَّنَةِ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ حَيْثُ كَانَ الْقُوتُ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي عِيَالَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِ فَهُوَ مُعْسِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ وَقْفًا يُنْظَرُ إنْ وَجَبَ لَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ قَدْرُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِلَّا فَلَا رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْنِ وَالْمَرْأَةُ تُعْتَبَرُ مُوسِرَةً بِالْمَهْرِ إذْ الزَّوْجُ مَلِيًّا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا تُعْتَبَرُ مَلِيَّةً بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ خَبَّازٌ عِنْدَهُ حِنْطَةٌ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مُصْحَفٌ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَهُوَ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ فِيهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِ، أَوْ لَا يَقْرَأُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَنْ لَا يَقْرَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَفِي الْكَافِي عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ
الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ الْأَضَاحِيِّ عَنْ الزَّعْفَرَانِيِّ فِيمَا إذَا ضَحَّى الْأَبُ عَنْ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ، وَفِي الْيَنَابِيعِ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ كَالصَّحِيحِ وَلَوْ كَانَ الْمَجْنُونُ مُوسِرًا يُضَحِّي عَنْهُ وَلِيُّهُ مِنْ مَالِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَرُوِيَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ أَنْ يُضَحَّى بِهَا لَا تَجِبُ فِي مَالِ الْمَجْنُونِ، وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى شَاةً لِيُضَحِّيَ بِهَا فَمَاتَ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَمَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَالِهِ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ فَهُوَ فَقِيرٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِالنَّذْرِ فَلَوْ قَالَ كَلَامًا نَفْسِيًّا: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ وَلَمْ يَذْكُرْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا فَاشْتَرَى شَاةً بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَنِيًّا لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ غَيْرَهَا، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَرَوَى الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً وَأَشَارَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَوْ صَرَّحَ بِلِسَانِهِ - وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا - تَصِيرُ وَاجِبَةً بِشِرَاءِ نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فَقِيرًا، وَفِي الْخَانِيَّةِ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ بَاعَهَا وَاشْتَرَى أُخْرَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ: اشْتَرَى شَاةً يَنْوِي بِهَا الْأُضْحِيَّةَ لَا تَصِيرُ مَا لَمْ يُوجِبْهَا بِلِسَانِهِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَفِي الْكُبْرَى قَالَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ لَا يَكُونُ يَمِينًا. رَجُلٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَأَوْجَبَهَا فَضَلَّتْ، ثُمَّ اشْتَرَى أُخْرَى فَأَوْجَبَهَا، ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى إنْ كَانَ أَوْجَبَ الثَّانِيَةَ بِلِسَانِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، وَإِنْ أَوْجَبَهَا بَدَلًا عَنْ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَمْ يُفْصَلْ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ، وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: الْفَقِيرُ إذَا أَوْجَبَ شَاةً عَلَى نَفْسِهِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا قَالَ بَدِيعُ الدِّينِ: نَعَمْ وَقَالَ الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ: لَا يَحِلُّ، وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: الْفَقِيرُ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَسُرِقَتْ فَاشْتَرَى مَكَانَهَا، ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، وَلَوْ ضَلَّتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا أُضْحِيَّةً يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَهَلَكَتْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَجَاءَ يَوْمَ الْخَمِيسِ الْأَضْحَى لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ لِفَقْرِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ إذَا انْتَقَصَ نِصَابُهُ يَوْمَ الْأَضْحَى سَقَطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَعَنْ ابْنِ سَلَّامٍ: وَكَّلَ رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَيَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَضَاعَتْ إحْدَاهُمَا فَضَحَّى بِالثَّانِيَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَحَدُهُمَا وَأَيَّهُمَا ضَحَّى بِهَا فَهِيَ الْمُعَيَّنَةُ.
وَلَوْ ضَحَّى الْفَقِيرُ، ثُمَّ أَيْسَرَ أَعَادَ، وَفِي رِوَايَةٍ، وَإِذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ بَاعَهَا جَازَ الْبَيْعُ، وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ عَشْرَ أَضَاحٍ قَالُوا: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا شَاتَانِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ الْكُلُّ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ الْكُلُّ، وَفِي الْحَاوِي: وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا بَلْ لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ نَوَى أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا وَمَضَى أَيَّامُ النَّحْرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ لَوْ ضَحَّى بِشَاتَيْنِ لَا تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ إلَّا وَاحِدَةً وَفِي الْمُحِيطِ: الْأَصَحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ بِهِمَا وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ بِالْأُضْحِيَّةِ بِالشَّاةِ أَوْ بِالشَّاتَيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَفِي الْأَصْلِ النَّاذِرُ لَا يَأْكُلُ مِمَّا نَذَرَهُ وَلَوْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ، وَفِي أَضَاحِيِّ الزَّعْفَرَانِيِّ إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاتَيْنِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ بِالْإِيجَابِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ فَضَحَّى بِبَدَنَةٍ، أَوْ بِبَقَرَةٍ جَازَ. اهـ.
وَفِي الشَّارِحِ إذَا نَذَرَ وَأَرَادَ بِهَا الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا، وَإِنْ أَرَادَ الْوَاجِبَ بِسَبَبِ الْغِنَى يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا اهـ.
قَالَ رحمه الله:. (وَلَا يَذْبَحُ مِصْرِيٌّ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَذَبَحَ غَيْرُهُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يَذْبَحُوا الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْقُرَى وَالْبَادِيَةِ أَنْ يَذْبَحُوا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَلْيُعِدْ ذَبِيحَتَهُ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ هَذَا يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَجْزِيهِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ لَا لِعَدَمِ الْوَقْتِ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «أَوَّلُ نُسُكِنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ الْأُضْحِيَّةُ» وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ فَيَذْبَحُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ