الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَيَأْخُذُ أَيَّهُمَا غَلَبَ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ لَا يَغْرَمُ عَلَى التَّقَادِيرِ كُلِّهَا قَطْعًا وَيَقِينًا، وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ أَوَّلًا يَأْخُذُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِمَارًا فَصَارَ كَمَا إذَا شَرَطَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْقِمَارَ هُوَ الَّذِي يُسْتَوْفَى فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي احْتِمَالِ الْغَرَامَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُرْسَانِ أَوْ لِلِاثْنَيْنِ فَمَنْ سَبَقَ فَلَهُ كَذَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ قَالَ لِلرُّمَاةِ مَنْ أَصَابَ الْهَدَفَ فَلَهُ كَذَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنْفِيلِ فَإِذَا كَانَ لِلتَّنْفِيلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالسَّلْبِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ فَمَا ظَنُّك بِخَالِصِ مَالِهِ.
فَصَارَ أَنْوَاعُ السَّبْقِ أَرْبَعَةً: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا جَائِزَةٌ وَوَاحِدَةٌ مِنْهَا لَا تَجُوزُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْجَمِيعَ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ وَعَلَى هَذَا الْفُقَهَاءُ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْمَسَائِلِ وَشَرَطَ لِلْمُصِيبِ مِنْهُمْ جُعْلًا جَازَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَجْمَعُ الْكُلَّ إذْ التَّعْلِيمُ فِي الْبَابَيْنِ يَرْجِعُ إلَى قُوَّةِ الدَّيْنِ أَوْ إعْلَاءِ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ الْحِلُّ لَا الِاسْتِحْقَاقُ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَغْلُوبُ مِنْ الدَّفْعِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ.
[مسائل في الصلاة على النبي وغيره والدعاء بالرحمة والمغفرة]
قَالَ رحمه الله (وَلَا يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ) ؛ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَوَاتِ وَهِيَ زِيَادَةُ الرَّحْمَةِ وَالتَّقَرُّبِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ مِمَّا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْخَطَأُ وَالذُّنُوبُ وَإِنَّمَا يُدْعَى لَهُ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ، وَقَوْلُهُ إلَّا تَبَعًا بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرَحُّمِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ مِثْلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِهَذَا اللَّفْظِ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ مَرْحُومٌ قَطْعًا فَيَكُونُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، وَقَدْ اسْتَغْنَيْنَا عَنْ هَذِهِ بِالصَّلَاةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَشْوَقِ الْعِبَادِ إلَى مَزِيدٍ رحمه الله.
وَمَعْنَاهَا مَعْنَى الصَّلَاةِ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلصَّحَابَةِ بِالرِّضَا فَيَقُولُ رضي الله عنهم: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَالِغُونَ فِي طَلَبِ الرِّضَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَيَجْتَهِدُونَ فِي فِعْلِ مَا يُرْضِيهِ وَيَرْضَوْنَ بِمَا لَحِقَهُمْ مِنْ الِابْتِلَاءِ مِنْ جِهَتِهِ أَشَدَّ الرِّضَا فَهَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِالرِّضَا وَغَيْرُهُمْ وَلَا يَلْحَقُ أَدْنَاهُمْ وَلَوْ أَنْفَقَ مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَالتَّابِعِينَ بِالرَّحْمَةِ فَيَقُولُ رحمهم الله وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ فَيَقُولُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ وَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِمْ أَوْ لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ.
[وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ]
قَالَ رحمه الله (وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ) أَيْ الْهَدَايَا بِاسْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ حَرَامٌ بَلْ كُفْرٌ وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ رحمه الله لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى خَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ جَاءَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ وَأَهْدَى إلَى بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ بَيْضَةً يُرِيدُ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقَدْ كَفَرَ وَحَبَطَ عَمَلُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ إذَا أَهْدَى يَوْمَ النَّيْرُوزِ إلَى مُسْلِمٍ آخَرَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ وَلَكِنْ عَلَى مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَاصَّةً وَيَفْعَلُهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِكَيْ لَا يَكُونَ تَشْبِيهًا بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ رَجُلٌ اشْتَرَى يَوْمَ النَّيْرُوزِ شَيْئًا يَشْتَرِيهِ الْكَفَرَةُ مِنْهُ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا تُعَظِّمُهُ الْمُشْرِكُونَ كَفَرَ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالتَّنَعُّمَ لَا يَكْفُرُ.
[مسائل متفرقة في اللباس]
قَالَ رحمه الله (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَانِسِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ قَلَانِسُ يَلْبَسُهَا، وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَيُسَنُّ لُبْسُ السَّوَادِ وَإِرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ) ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْغَنَائِمِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لُبْسَ السَّوَادِ مُسْتَحَبٌّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُجَدِّدَ اللَّفَّ لِلْعِمَامَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا كَوْرًا فَكَوْرًا فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ مِنْ رَفْعِهَا عَلَى الرَّأْسِ وَإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الذَّنَبِ قِيلَ شِبْرٌ وَقِيلَ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ وَقِيلَ إلَى مَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَكَانَ مُحَمَّدٌ رحمه الله يَتَعَمَّمُ بِالْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ يَوْمًا مَسْتُورَةُ فَبَقِيَتْ تَنْظُرُ إلَى وَجْهِهِ وَهِيَ مُتَحَيِّرَةٌ فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُك فَقَالَتْ أَتَعَجَّبُ مِنْ بَيَاضِ وَجْهِك تَحْتَ سَوَادِ عِمَامَتِك فَوَضَعَهَا عَنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يَتَعَمَّمْ بِالْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَيَلْبَسُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الزِّينَةَ بِقَوْلِهِ {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ أَحَبَّ