الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْعَامِلِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ إنْ شَاءَ قَلَعَ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ قِيلَ: بِأُجْرَةٍ مِثْلِ عَمَلِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ نَحْلًا مُعَامَلَةً، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ فَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُزَارَعَةَ هَلْ يَصِحُّ قَالُوا: إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَرِدْ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ تَصِحُّ إجَارَتُهُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَبَعْدَهَا فَلَا تَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ رحمه الله: (وَنَفَقَةُ الزَّرْعِ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حُقُوقِهِمَا كَأُجْرَةِ الْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ) تَجِبُ عَلَيْهِمَا نَفَقَةُ الزَّرْعِ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدِّيَاسَةِ وَالتَّذْرِيَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ أَمَّا نَفَقَةُ الزَّرْعِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلِمَا بَيَّنَّا وَأَمَّا وُجُوبُ الْحَصَادِ وَمَا ذُكِرَ فَلِأَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ يُوجِبُ عَلَى الْعَامِلِ عَمَلًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى انْتِهَاءِ الزَّرْعِ لِيَزْدَادَ الزَّرْعُ بِذَلِكَ فَيَبْقَى ذَلِكَ بِاشْتِرَاكٍ بَيْنَهُمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا.
قَالَ رحمه الله: (فَإِنْ شَرَطَاهُ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ) يَعْنِي شَرَطَا الْعَمَلَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الزَّرْعِ كَالْحَصَادِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى الْعَامِلِ، أَوْ النَّفَقَةِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي عَمَلَ الْمُزَارِعِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْمُزَارَعَةِ فَكَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَيَكُونُ شَرْطُهَا مُفْسِدًا كَشَرْطِ الْحَمْلِ وَالطَّحْنِ عَلَى الْعَامِلِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ كَانُوا يُفْتُونَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَزِيدُونَ عَلَى هَذَا وَيَقُولُونَ: وَيَجُوزُ شَرْطُ التَّنْقِيَةِ وَالْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ مُتَعَامَلَةٌ بَيْنَ النَّاسِ وَيَجُوزُ تَرْكُ الْقِيَاسِ بِالتَّعَامُلِ، أَوْ اخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ: هُوَ الْأَصَحُّ فِي دِيَارِنَا وَلَوْ شُرِطَ الْجَذَاذُ عَلَى الْعَامِلِ وَالْحَصَادُ عَلَى غَيْرِ الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ التَّعَامُلِ لَوْ أَرَادَ فَصْلَ الْفَصِيلِ أَوْ جَدَّ التَّمْرِ بُسْرًا، أَوْ الْتِقَاطَهُ الرُّطَبَ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَيْهِمَا وَفِي الْأَصْلِ، وَإِذَا أَدْرَكَ الْبَاذِنْجَانُ، أَوْ الْبِطِّيخُ فَالْتِقَاطُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَالْحَمْلُ وَالْبَيْعُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا الْحَصَادُ عَلَيْهِمَا. اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكُلُّ عَمَلٍ يَزِيدُ فِي الزَّرْعِ وَلَا بُدَّ لِلْمُزَارِعِ مِنْهُ يَجِبُ عَلَى الْمُزَارِعِ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَالسَّفَرِ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]
(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) قَالَ: فِي غَايَةِ الْبَيَانِ كَانَ مِنْ حَقِّ الْوَضْعِ أَنْ يُقَدَّمَ كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَلِهَذَا قَدَّمَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ كِتَابَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ إلَّا أَنَّ الْمُزَارَعَةَ لَمَّا كَانَتْ كَثِيرَةَ الْوُقُوعِ فِي عَامَّةِ الْبِلَادِ كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَاقَاةِ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْمُسَاقَاةِ اهـ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ: وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعًا إلَّا أَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ دَفْعَ الْأَرْضِ وَهِيَ الْأَصْلُ وَفِي الْمُسَاقَاةِ الْمَقْصُودُ دَفْعُ الْأَشْجَارِ وَهِيَ فَرْعٌ فَقُدِّمَ الْأَصْلُ وَهُوَ دَفْعُ الْأَرْضِ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ السَّقْيِ وَسَبَبُ جَوَازِهَا حَاجَةُ النَّاسِ إلَيْهَا، وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالِارْتِبَاطُ، وَدَلِيلُهَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْعَاقِدِ وَالسَّاقِي مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ، وَشَرْطُ صِحَّتِهَا كَوْنُ الثَّمَرَةِ تَزِيدُ بِالْعَمَلِ، وَصِفَتُهَا أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَحُكْمُهَا وُجُوبُ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا سَنَذْكُرُهُ قَالَ رحمه الله:(هِيَ مُعَاقَدَةُ دَفْعِ الْأَشْجَارِ إلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا) فَقَوْلُهُ " مُعَاقَدَةُ " جِنْسٌ وَقَوْلُهُ " دَفْعِ الْأَشْجَارِ " أَخْرَجَ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَا دَفْعِهَا، وَقَوْلُهُ " إلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا " أَخْرَجَ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا دَفْعٌ لِلِانْتِفَاعِ لَا لِيَعْمَلَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ " عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا " أَخْرَجَ الْمُزَارَعَةَ وَأَطْلَقَ مَنْ يَعْمَلُ فَشَمِلَ الشَّرِيكَ وَغَيْرَهُ وَلَوْ زَادَ الْأَجْنَبِيَّ لِيَعْمَلَ فِيهَا إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ وَهُمَا مَالِكَانِ لَا يَصِحُّ قَالَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا كَانَ النَّخْلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهُ لِلدَّافِعِ وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ فَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا مُزَارَعَةٌ بِأَنْ كَانَتْ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَدَفَعَهَا أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ ثُلُثُهُ لِلدَّافِعِ وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ جَازَ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ اهـ.
قَالَ رحمه الله: (وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَشَرْطُهَا عِنْدَهُمَا شُرُوطُ الْمُزَارَعَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءِ أَحَدُهَا إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُضِيِّ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الثَّانِي إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ تُتْرَكُ بِلَا أُجْرَةٍ عَلَى مَا تَبَيَّنَ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ الثَّالِثُ إذَا اُسْتُحِقَّ النَّخْلُ
يَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالزَّارِعُ بِقِيمَةِ الزَّرْعِ وَالرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمُدَّةِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ فِيهَا فَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ التَّيَقُّنَ وَقْتَ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ مَعْلُومٌ وَقَلَّ مَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ فَيَدْخُلُ مَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ، وَإِدْرَاكُ الْبَذْرِ فِي أُصُولِ الرُّطَبَةِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ إدْرَاكِ الثِّمَارِ لِأَنَّ لَهَا نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ يَخْتَلِفُ، وَالِانْتِهَاءَ يَنْبَنِي عَلَيْهِ فَتَدْخُلُهُ الْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ غَرْسًا قَدْ نَبَتَ وَلَمْ يُثْمِرْ بَعْدُ مُعَامَلَةً حَيْثُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِقُوَّةِ الْأَرْضِ وَضَعْفِهَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى أَوَّلِ ثَمَرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ نَخْلًا، أَوْ أُصُولَ رُطَبَةٍ عَلَى أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا حَتَّى يَذْهَبَ أُصُولُهَا وَنَبْتُهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَتَى يَنْقَطِعُ النَّخْلُ.
أَوْ الرُّطَبُ لِأَنَّ الرُّطَبَ ثَمَرٌ مَا دَامَتْ أُصُولُهَا فَتَكُونُ مَجْهُولَةً فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ فِي الرُّطَبَةِ وَلَمْ يُرِدْ فِي قَوْلِهِ حَتَّى يَذْهَبَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ فِي النَّخْلِ حَيْثُ يَجُوزُ وَيَنْصَرِفُ إلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ مِنْهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ لِإِدْرَاكِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ فِي الرُّطَبَةِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهُ حَتَّى لَوْ عُرِفَ جَازَ لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ وَلَوْ أَطْلَقَ فِي النَّخْلِ وَلَمْ يُثْمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ انْقَطَعَتْ الْمُعَامَلَةُ فِيهَا لِانْتِهَاءِ مُدَّتِهَا فَإِنْ سَمَّى فِيهَا مُدَّةً يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَخْرُجُ فِي الْمُدَّةِ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الثِّمَارِ، وَإِنْ ذَكَرَا مُدَّةً يُحْتَمَلُ الطُّلُوعُ فِيهَا جَازَتْ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ، ثُمَّ إنْ خَرَجَ فِي الْوَقْتِ الْمُسَمَّى فَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِي الْمُدَّةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ أَصْلًا لِأَنَّ الذَّهَابَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَقْدَ كَانَ فَاسِدًا فَبَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَلَا شَيْءَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ ذَكَرَا مُدَّةً قَدْ يَخْرُجُ وَقَدْ لَا يَخْرُجُ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ إنْ أَخْرَجَتْ فِي الْمُدَّةِ صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فَسَدَتْ وَهَذَا إذَا خَرَجَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فَإِنْ أَخْرَجَتْ فِي شَيْءٍ لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ رُطَبَةً ثَابِتَةً فِي الْأَرْضِ وَقَدْ انْتَهَى جَوَازُهَا لَكِنْ بَذْرُهَا لَمْ يَخْرُجْ لِيُقَوَّمَ لِيَخْرُجَ الْبَذْرُ عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَمْ يُسَمِّيَا وَقْتًا جَازَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأُجْرَةَ بَعْضَ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ وَلَوْ شَرَطَا أَنَّ الرُّطَبَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ مَا أُوجِدَ قَبْلَ عَمَلِهِ مَقْصُودًا، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُعَامَلَةً خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ سَنَةٍ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَجُزْ اهـ.
قَالَ رحمه الله: (وَتَصِحُّ فِي الْكَرْمِ وَالشَّجَرِ وَالرُّطَبِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْجَدِيدِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ» وَهَذَا مُطْلَقٌ فَلَا يَجُوزُ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ الْأَشْجَارِ دُونَ بَعْضٍ لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ فَلَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ دَفَعَ كَرْمًا مُعَامَلَةً وَفِيهِ أَشْجَارٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ يَذْهَبُ ثَمَرُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَلَا نَصِيبَ لِلْعَامِلِ فِيهَا، وَفِي التَّجْرِيدِ: رَجُلٌ دَفَعَ نَخْلًا إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمْ السُّدُسَ وَلِلْآخَرِ النِّصْفَ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ فَهِيَ جَائِزَةٌ وَلَوْ شَرَطُوا لِصَاحِبِ النَّخْلِ الثُّلُثَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلثَّالِثِ أَجْرَ مِائَةٍ عَلَى الْعَامِلِ فَهَذَا فَاسِدٌ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخْلِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ وَلِرَبِّ النَّخْلِ الثُّلُثَانِ وَلِلثَّالِثِ الثُّلُثُ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ أَرْضَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ الْعَامِلُ فِيهَا أَغْرَاسًا وَالْغِرَاسُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا يَجُوزُ فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ يَضُرُّهَا ضَرَرًا فَاحِشًا فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ لِلْغِرَاسِ عَلَى أَنَّ الْغِرَاسَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَغَرْسُ الْغِرَاسِ كُلِّهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَامِلِ وَقَالَ لَهُ اغْرِسْهَا فَالْغِرَاسُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْعَامِلِ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ لَوْ غَرَسَ حَافَّتَيْ نَهْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ: غَرَسْت لِي لِأَنَّك كُنْت خَادِمِي، وَفِي عِيَالِي وَقَالَ الْغَارِسُ لِنَفْسِي فَإِنْ عُرِفَ أَنَّ الْغَارِسَ كَانَ وَقْتَ الْغِرَاسِ فِي عِيَالِهِ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ فَالشَّجَرُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فَلِلْغَارِسِ ذَلِكَ اهـ.
قَالَ رحمه الله: (فَإِنْ دَفَعَ نَخْلًا فِيهِ ثَمَرٌ مُسَاقَاةً وَالثَّمَرُ يَزِيدُ بِالْعَمَلِ صَحَّتْ