الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنْ ادَّعَى شُبْهَةً فَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ فَإِذَا سَقَطَ الْحَدُّ وَجَبَ الْعُقْرُ كَمَا فِي الْحُرِّ، ثُمَّ يُؤَاخَذُ بِهَذَا الْمَهْرِ فِي الْحَالِ وَلَا يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوَعَةً لَا يُؤَاخَذُ بِالْمَهْرِ لِلْحَالِّ وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالُوا فِي الْمَجْنُونِ إذَا وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ فَوَطِئَهَا فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوَعَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ هَذَا إذَا ادَّعَى نِكَاحًا وَأَنْكَرَتْ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالْمَهْرِ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ مُطَاوَعَةً.
[فَصْلٌ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا]
(فَصْلٌ)
ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِصَاصِهَا بِأَحْكَامٍ تُخَالِفُ مَا سَبَقَ قَالَ رحمه الله (وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا أَوْ عَجَزَتْ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمَّا ادَّعَاهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ مِنْهُ فَتَلْقَاهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ عَاجِلَةٍ بِبَدَلٍ وَهِيَ الْكِتَابَةُ وَآجِلَةٍ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَهِيَ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ فَتَخْتَارُ أَيَّهمَا شَاءَتْ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهَا؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ رَقَبَةً بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى وَلَدُ جَارِيَةِ الْمُكَاتَبَةِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ حَقِيقَةً فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبَةِ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ فَيَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَصْدِيقِهَا فَإِذَا مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ عُقْرَهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا مَالُ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ لَهَا بِغَيْرِ بَدَلٍ بِالِاسْتِيلَادِ، وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الِاكْتِسَابَ تُسُلِّمَ لَهَا، وَكَذَا أَوْلَادُهَا الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وَهَذَا آيَةُ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ قُلْنَا الْكِتَابَةُ تُشْبِهُ الْمُعَاوَضَةَ وَبِالنَّظَرِ إلَى ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْبَدَلُ وَتُشْبِهُ الشَّرْطَ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ يَسْقُطُ قُلْنَا بِسَلَامَةِ الِاكْتِسَابِ عَمَلًا بِجِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الْبَدَلِ عَمَلًا بِجِهَةِ الشَّرْطِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ مِرَارًا أَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّبَهَيْنِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جِهَةَ كَوْنِ الْكِتَابَةِ مُعَاوَضَةً تَسْتَلْزِمُ عَدَمَ سُقُوطِ الْبَدَلِ وَجِهَةَ كَوْنِهِ شَرْطًا يَسْتَلْزِمُ السُّقُوطَ وَالسُّقُوطُ وَعَدَمُهُ مُتَنَافِيَانِ قَطْعًا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَتَنَافِي اللَّازِمَيْنِ يُوجِبُ تَنَافِي الْمَلْزُومَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا.
وَالصَّوَابُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ لَهَا الْبَدَلَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِي حَقِّ الْبَدَلِ وَبَقِيَتْ فِي حَقِّ الِاكْتِسَابِ وَالْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِلنَّظَرِ لَهُمَا وَالنَّظَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ مَا لَا يُؤَدَّى كِتَابَتُهَا مِنْهُ وَمَا بَقِيَ لِوَلَدِهَا مِيرَاثًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِتْقُهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ مَالًا فَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِ وَوَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ إنَّمَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى إذَا كَانَ وَطْؤُهَا حَلَالًا، وَإِذَا عَجَزَتْ نَفْسُهَا وَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدًا فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ الْعُلُوقُ بَعْدَ التَّعْجِيزِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى إلَّا إذَا نَفَاهُ صَرِيحًا، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ الثَّانِي وَمَاتَتْ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ سَعَى هَذَا الْوَلَدُ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ تَبَعًا لَهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ وَبَطَلَ عَنْهُ السِّعَايَةُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ مُكَاتَبَةٌ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مُفْرَدَةً بِالْعَقْدِ أَوْ مُكَاتَبَةً مَعَ أُخْرَى وَمَا ذَكَرَهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى.
قَالَ فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ كَاتَبَ جَارِيَتَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ اسْتَوْلَدَ أَحَدَهُمَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَالْأُمُّ مُكَاتَبَةٌ كَمَا كَانَتْ وَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ فَعَلِقَ حُرًّا وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا إلَى الرِّقِّ بِدُونِ الْأُخْرَى، وَلَوْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا بِنْتًا فَاسْتَوْلَدَ الْمَوْلَى الْبِنْتَ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِغَيْرِ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْجِزَ نَفْسَهَا وَتُبْطِلَ الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأُمِّهَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ فَسْخُ الْكِتَابَةِ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ اهـ.
فَلَوْ قَالَ بِعَقْدٍ مُفْرَدٍ لَسَلِمَ وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا ادَّعَى الْمَوْلَى حَبَلَ الْمُكَاتَبَةِ فَضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَإِنَّ فِي الْوَلَدِ غُرَّةً لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِدَعْوَتِهِ فَكَانَ مِيرَاثًا لَهُ وَلَا تَرِثُ شَيْئًا، وَلَكِنَّهَا تَأْخُذُ الْعُقْرَ إنْ اخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ اهـ.
فَلَوْ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى حَبَلَهَا فَضَرَبَ آخَرُ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا مَضَتْ إلَى آخِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حُكْمَ مَا إذَا وَلَدَتْهُ فَادَّعَاهُ بِالْأَوْلَى وَفِي الْمَبْسُوطِ أَيْضًا وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ مَوْلَاهَا، ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهَا أَمَةٌ لِفُلَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ قَدْ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِهَا فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي بِعْتهَا مِنْك بِأَلْفٍ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْمَوْلَى زَوَّجَتْنِي وَالْأَمَةُ مَعْرُوفَةٌ لِلْمُدَّعِي فَعَلَى الْمَوْلَى الْمَهْرُ لِمُسْتَوْفِيهِ قِصَاصًا مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قِيمَةٌ فِي الْأُمِّ وَلَا فِي الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي ضَمِنَ الْقِيمَةَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْبَيْعَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الثَّمَنِ اهـ.
وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا لِيَحْتَرِزَ عَنْ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ
الْوَلَدِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ هَذَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ اشْتَرَاهَا فَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ غُلَامًا مِنْ السُّوقِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُكَاتَبِ عَبْدًا كَاتَبَهُ وَكَاتَبَ الْعَبْدُ أَمَةً، ثُمَّ وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَلَدًا فَادَّعَاهُ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يُصَدِّقَاهُ فِي ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبَاهُ أَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَصَدَّقَاهُ فِي ذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَإِنْ كَذَّبَاهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِبْرَةُ هُنَا بِتَصْدِيقِ الْمُكَاتَبَةِ دُونَ الْمُكَاتَبِ وَالْعِبْرَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِتَصْدِيقِ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْمُكَاتَبَةِ وَيَجِبُ الْعُقْرُ لَهَا.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ غَيْرَ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَقْدُ إثْبَاتِ هَذِهِ الْمُكَاتَبَةِ لَهَا بِالْبَدَلِ؛ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا مُحْتَرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَانَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْقِصَاصِ وَعَقَدِ الْكِتَابَةَ لِيَرُدَّ عَلَى الْمَمْلُوكِ لِحَاجَتِهِ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى مِلْكِ السَّيِّدِ فِي الْحَالِّ وَالْحُرِّيَّةِ فِي الْمَآلِ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي هَذَا كَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ يَدًا وَرَقَبَةً فَإِنَّهَا تَمْلِكُ مَا يَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ فِي الْحَالِّ وَالْمَآلِ وَكَسْبُهَا لِلْوَلِيِّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا تَتَلَقَّاهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ قَالَ صَاحِبُ الْغِيَاثِيَّةِ لَا يُقَالُ أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ بِبَدَلٍ وَالْآخَرُ بِلَا بَدَلٍ وَالْعِتْقُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا فَكَانَا مُتَنَافِيَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِمَا جِهَتِي عِتْقٍ تَلْقَاهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَعُورِضَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْوَحْدَةَ الشَّخْصِيَّةَ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ كَيْفَ وَفِي الْعِتْقِ بِالْكِتَابَةِ تُسَلَّمُ لَهَا الْأَكْسَابُ وَإِنْ أَرَادَ النَّوْعِيَّةَ فَلَا تَنَافِي وَفِي الْمُحِيطِ وَمَنْ كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى خِدْمَتِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا جَازَ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَى خِدْمَتِهَا وَرَقَبَتِهَا أَنْ تَصِيرَ أَحَقَّ بِخِدْمَتِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا بِأَنْ كَاتَبَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَصِيرَ أَحَقَّ بِخِدْمَتِهَا أَوْ بِرَقَبَتِهَا فَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْخِدْمَةِ بِدُونِ الْمُدَّةِ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا الرَّقَبَةُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا وَمُبْدَلًا، وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَمَا كَاتَبَهَا يَجِبُ الْعُقْرُ؛ لِأَنَّ الْعُقْرَ وَالْأَرْشَ بِمَنْزِلَةِ الْكَسْبِ.
قَالَ رحمه الله (وَعَتَقَتْ مَجَّانًا بِمَوْتِهِ) أَيْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى بِغَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهَا وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَتُسَلَّمُ لَهَا الْأَوْلَادُ وَالْأَكْسَابُ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ وَمِلْكَهُ يَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِ الْغَيْرِ فَصَارَ فِيهِ كَمَا إذَا أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَلَئِنْ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فِي حَقِّهَا بَقِيَتْ الْحُرِّيَّةُ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ وَالْأَكْسَابُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِلنَّظَرِ وَالنَّظَرُ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ أَدَّتْ الْبَدَلَ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ كَبَقَائِهَا إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَبِالْأَدَاءِ تَقَرَّرَ وَلَا يَبْطُلُ قَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ النَّظَرُ فِي إيفَاءِ حَقِّهَا وَحَقُّهَا حَصَلَ لَا فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ حَصَلَ لَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَكَلَامَنَا فِيهِ وَلَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى، بَلْ حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ لِلْمَوْلَى لَا لَهَا قَالَ رحمه الله (وَسَعَى الْمُدَبَّرُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ أَوْ كُلِّ الْبَدَلِ بِمَوْتِهِ فَقِيرًا) يَعْنِي لَوْ مَاتَ مِنْ كِتَابَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ أَوْ جَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَ الثَّانِي يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَقَالَ الثَّالِثُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَثُلُثَيْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَالْخِلَافُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي الْخِيَارِ وَفِي الْمِقْدَارِ.
وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ الْمِقْدَارِ وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي نَفْيِ الْخِيَارِ وَالْكَلَامُ فِي الْخِيَارِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ فَعِنْدَهُ لَمَّا كَانَ مُتَجَزِّئًا بَقِيَ مَا وَرَاءَ الثُّلُثِ عَبْدًا وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ عِتْقِ الثُّلُثِ فَتَوَجَّهَ لِعِتْقِهِ جِهَتَانِ كِتَابَةٌ مُؤَجَّلَةٌ وَسِعَايَةٌ مُعَجَّلَةٌ فَيَتَخَيَّرُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ بِعِتْقِ ثُلُثِهِ فَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ فَلَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ وَالدَّلِيلُ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْإِعْتَاقَ لَمَّا لَمْ يَتَجَزَّأْ عِنْدَهُمَا لَمَّا عَتَقَ ثُلُثُهُ عَتَقَ كُلُّهُ فَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فَوَجَبَتْ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لَا غَيْرَ وَأُجِيبَ بِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الْكِتَابَةِ نَظَرًا لَهَا فَيَقْبِضَاهَا كَذَلِكَ فَلَرُبَّمَا يَكُونُ لَهَا أَقَلُّ فَيَحْصُلُ النَّظَرُ بِوُجُوبِهِ لَهَا، وَأَمَّا الْمِقْدَارُ فَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْقُطُ عَنْهُ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ صَادَفَتْ ثُلُثَهُ وَعَتَقَ ثُلُثُهُ بِالتَّدْبِيرِ فَيَبْطُلُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الْبَدَلِ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَالَ قُوبِلَ بِمَا تَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ بِهِ وَبِمَا لَا تَصِحُّ فَانْصَرَفَ كُلُّهُ إلَى مَا لَا تَصِحُّ وَالتَّدْبِيرُ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ ثُلُثِ رَقَبَتِهِ لَا مَحَالَةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْكِتَابَةِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبَتَهُ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ هُنَاكَ مُقَابَلٌ بِكُلِّ الرَّقَبَةِ إنْ لَمْ