الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ هَذَا الْيَوْمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَى الْمَحَلِّ دُونَ الْوَقْتِ اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا بِهَا وَيَزْرَعَهَا أَوْ يَسْقِيَهَا وَيَزْرَعَهَا صَحَّ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ مُلَائِمٌ لَهُ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، قَالَ رحمه الله (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُثْنِيَهَا أَوْ يُكْرِيَ أَنْهَارَهَا أَوْ يُسَرْقِنَهَا أَوْ يَزْرَعَهَا بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى) لَا يُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ أَثَرَ التَّثْنِيَةِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَالسَّرْقَنَةِ يَبْقَى بَعْدَ مُضِيِّ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ عَقْدٌ فِيهِ نَفْعٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَهُوَ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ؛ وَلِأَنَّ مُؤَجِّرَ الْأَرْضِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا مَنَافِعَ الْأَجْرِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَصِيرُ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَبْقَى بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً لَوْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ لَا يَفْسُدُ اشْتِرَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّثْنِيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يُكْرِيَهَا مَرَّتَيْنِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذَا اُشْتُرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً بَعْدَ الْإِجَارَةِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ، إنْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَجَّرْتُك بِكَذَا بِأَنْ تَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً بَعْدَ مُضِيِّ الْعَقْدِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا قَالَ أَجَّرْتُك عَلَى أَنْ تُكْرِيَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْعَقْدُ فَاسِدٌ وَإِنْ أَطْلَقَ الْكِرَابَ يَنْصَرِفُ إلَى مَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَ أَنْ يُكْرِيَ أَنْهَارَهَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجَدَاوِلِ وَالْأَنْهَارِ فَقَالَ اشْتِرَاطُ كَرْيِ الْجَدَاوِلِ صَحِيحٌ. قَالَ فِي الْكَافِي الصَّحِيحُ لَا يَفْسُدُ بِهَذَا الْعَقْدِ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ كَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَأَمَّا إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَرْقِنَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ السِّرْقِينُ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَيْنًا هُوَ مَالٌ فَإِنْ كَانَ تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ إلَى الْعَامِ الثَّانِي لَا يَفْسُدُ كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنْ يُفَصَّلَ فِيهَا بِأَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْأَرْضُ لَا يَظْهَرُ رِيعُهَا إلَّا بِالسِّرْقِينِ فَهُوَ شَرْطٌ مُلَائِمٌ لِلْعَقْدِ فَلَا يَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ يَظْهَرُ رِيعُهَا مِنْ غَيْرِ سَرْقَنَةٍ فَهُوَ شَرْطٌ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَيَفْسُدُ، وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ بِأَرْضٍ أُخْرَى لِيَزْرَعَهَا الْآخَرُ يَكُونُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ نَسِيئَةً وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ رحمه الله (لَا كَإِجَارَةِ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى) يَعْنِي لَا يَجُوزُ إجَارَةُ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ حِينَ كَتَبَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ لِمَ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ سُكْنَى دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى بِقَوْلِهِ فِي جَوَابِهِ أَطَلْت الْفِكْرَةَ وَأَصَابَتْك الْحِيرَةُ وَجَالَسْت الْحَيَارَى أَيْ فَكَانَ مِنْك ذِلَّةٌ وَمَا عَلِمْت أَنَّ إجَارَةَ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى بِالدَّيْنِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِنَسِيئَةٍ، قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ النَّسَاءَ مَا يَكُونُ عَنْ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ فِي الْعَقْدِ وَتَأْخِيرُ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالثَّانِي أَنَّ النَّسَاءَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي مُبَادَلَةِ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ بِمَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَإِنَّمَا يَحْدُثَانِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَا عَلَى عَقْدٍ يَتَأَخَّرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا كَانَ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ مِنْ الْمَشْرُوطِ فَالْحَقُّ بِهِ دَلَالَةٌ احْتِيَاطًا عَنْ شُبْهَةِ الْحُرْمَةِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الَّذِي لَمْ تَصْحَبْهُ الْبَاءُ تُقَامُ فِيهِ الْعَيْنُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ دُونَ مَا تَصْحَبُهُ لِفُقْدَانِهَا فِيهِ وَلَزِمَ وُجُودُ أَحَدِهِمَا حُكْمًا وَعَدَمُ الْآخَرِ فَيَتَحَقَّقُ النَّسَاءُ، وَفِي الشَّارِحِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِجَارَةَ أُجِيزَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِئْجَارِ الْمَنْفَعَةِ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسِهَا، وَلَوْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا الْمَنْفَعَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ اهـ.
[اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا]
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ) يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا لَا يُسْتَحَقُّ الْمُسَمَّى وَلَا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ حَمْلُ النِّصْفِ شَائِعًا وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ فِي الشَّائِعِ وَلِهَذَا يَحْرُمُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَضَرْبُهَا وَإِذَا لَمْ يَنْعَقِدْ لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ أَصْلًا؛ وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ يَحْمِلُهُ إلَّا وَهُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِيَضَعَ فِيهَا الطَّعَامَ حَيْثُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ وَيَسْتَحِقُّ بِتَحَقُّقِ تَسْلِيمِهَا بِدُونِ وَضْعِ الطَّعَامِ وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ حَيْثُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لِيَخِيطَ لَهُ قَمِيصًا لَكِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ نَصِيبُ الْأَجْرِ وَهُوَ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِي الشَّائِعِ وَبِخِلَافِ إجَارَةِ الْمَشَاعِ عِنْدَ الْإِمَامِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْعَقْدِ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ، وَإِذَا سَكَنَ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ
يَجُوزُ وَفِي الْعُيُونِ وَالْكُبْرَى كُلُّ شَيْءٍ اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِمَّا يَكُونُ الْعَمَلُ فِيهِ لَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَمِلَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَذَلِكَ مِثْلُ الدَّابَّةِ يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُشْتَرَكَةً لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِمَّا لَا يَكُونُ الْعَمَلُ فِيهِ لَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ نَحْوُ الْجَوَالِقِ وَالسَّفِينَةِ وَالدَّارِ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْعُيُونِ وَفِي النَّوَادِرِ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ لِيَحْمِلَا لَهُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ إلَى مَنْزِلِهِ بِدِرْهَمٍ فَحَمَلَهَا أَحَدُهُمَا فَلَهُ نِصْفُ الدِّرْهَمِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ إذَا لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْعَمَلِ يَجِبُ الْأَجْرُ كُلُّهُ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وَفِي الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا لِيَحْفِرُوا لَهُ سِرْدَابًا إجَارَةً صَحِيحَةً فَعَمِلُوا وَتَعَاوَنُوا فِي الْعَمَلِ إنْ كَانَ يَسِيرًا قُسِمَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ لِرَجُلٍ بَيْتٌ عَلَى نَهْرٍ فَجَاءَ آخَرُ بِحَجَرٍ وَمَتَاعِهَا فَوَضَعَهُمَا فِي الْبَيْتِ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَطْحَنَا حُبُوبَ النَّاسِ فَمَا حَصَلَ قَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ جَازَ وَهُوَ شَرِكَةُ التَّقَبُّلِ وَلَيْسَ لِلْبَيْتِ وَالْمَتَاعِ أَجْرٌ.
قَالَ رحمه الله (كَرَاهِنٍ اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الشَّرِيكِ هُنَا كَمَا لَا يَجُوزُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَالْمُرْتَهِنُ لَيْسَ بِمَالِكٍ حَتَّى يُؤَجِّرَهُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ مُحَالٌ وَالرَّاهِنُ إنَّمَا يُمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَلَكَهُ وَمَنْ انْتَفَعَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ.
قَالَ رحمه الله (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا أَوْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا فَزَرَعَهَا فَمَضَى الْأَجَلُ فَلَهُ الْمُسَمَّى) لِأَنَّ الْأَرْضَ تُؤَجَّرُ لِلزِّرَاعَةِ وَلِغَيْرِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْمُرَاحِ وَنَصْبِ الْخِيَمِ، وَكَذَا مَا يُزْرَعُ فِيهَا يَخْتَلِفُ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ حَتَّى يُبَيِّنَ مَا يَزْرَعُ وَيُبَيِّنَ جِنْسَهُ، وَإِذَا زَرَعَ وَمَضَى الْأَجَلُ جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ ارْتَفَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَيَنْقَلِبُ جَائِزًا قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي حِلِّ قَوْلِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَى ذِي تَأَمُّلٍ إنْ جَعَلَ الْعَقْدَ تَامًّا يُنْقَضُ الْحُكْمُ مِمَّا لَا تَقْبَلُهُ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ مِنْ الْأَصْلِ بِنَقْضِ الْحَاكِمِ إيَّاهُ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَتِمَّ بِهِ وَتَمَامُ الشَّيْءِ مِنْ أَثَرِ بَقَائِهِ بِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْعَقْدِ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ إذَا ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ بِمُجَرَّدِ الزِّرَاعَةِ لَمْ يَرْتَفِعْ مَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ وَهُوَ احْتِمَالُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ فَكَيْفَ يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ بِتَحَقُّقِ شَيْءٍ احْتِمَالُهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِتَعْيِينِهِمَا صَوْنًا عَنْ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِ وَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا، قُلْت الْأَصْلُ إجَارَةُ الْعَقْدِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ تَصِحُّ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَالْمَانِعُ الَّذِي فَسَدَ الْعَقْدُ بِاعْتِبَارِهِ تُوقِعُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا، وَعِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ يَزُولُ هَذَا. اهـ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَعْدَ نَقْضِ الْقَاضِي الْعَقْدَ. اهـ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ: وَهَذَا تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَاتِبِ يَعْنِي إذَا كَانَ بَعْدَهُ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُقَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُتَكَرِّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ إنْ بَيَّنَ مَا يَزْرَعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ مَا يَصِحُّ مِنْ الْعُقُودِ وَذِكْرُهَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَفْسُدُ مِنْ الْعُقُودِ قَالَ الْأَكْمَلُ لَا يُقَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُتَكَرِّرَةٌ مَعَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْبَابِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَضْعُ الْقُدُورِيُّ، وَهَذَا مَوْضِعُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةِ قَوْلِهِ فَلَهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ انْعَقَدَ فَاسِدًا وَزَالَ الْفَسَادُ بِالزَّرْعِ عَلَى مَا فِيهِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى مَكَّةَ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ فَحَمَلَ مَا يَحْمِلُ النَّاسُ فَنَفَقَ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ يُعْتَبَرُ بِالصَّحِيحِ لِكَوْنِهِ مَشْرُوعًا مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَتَعَدَّ فَإِذَا تَعَدَّى ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، قَالَ رحمه الله (وَإِنْ بَلَغَ مَكَّةَ فَلَهُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ كَانَ لِجَهَالَةِ مَا يُحْمَلُ فَإِذَا حَمَلَ عَلَيْهِ شَيْئًا تَعَيَّنَ ذَلِكَ فَانْقَلَبَ صَحِيحًا لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لِلْفَسَادِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَجَحَدَ الْإِجَارَةَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا رَكِبَ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِمَا بَعْدَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ صَارَ غَاصِبًا وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ الْأَجْرُ كُلُّهُ. اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ تَشَاحَّا قَبْلَ الزَّرْعِ وَالْحَمْلِ نُقِضَتْ الْإِجَارَةُ دَفْعًا لِلْفَسَادِ) إذْ الْفَسَادُ بَاقٍ قَبْلَ أَنْ تَرْتَفِعَ الْجَهَالَةُ بِالتَّعْيِينِ بِالزَّرْعِ وَالْحَمْلِ، فَإِنْ قُلْت حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ نَقْضُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأُجْرَةِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ قُلْنَا قَدَّمَ الْأُجْرَةَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فَتَأَمَّلْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ رَفْعَ الْفَاسِدِ وَاجِبٌ سَوَاءٌ تَشَاحَّا أَوْ لَمْ يَتَشَاحَّا فَكَانَ