الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعَ الْبَاقِيَ مِنْهُ وَمِنْ الْحِيَلِ أَنْ يُوَكِّلَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَيَشْتَرِي الْوَكِيلُ وَيَغِيبُ وَلَا يَكُونُ الْمُوَكِّلُ خَصْمًا لِلشَّفِيعِ فَهَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ خَصْمًا لَهُ اهـ.
[الْحِيلَةُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ وَالزَّكَاةِ]
قَالَ رحمه الله (وَلَا تُكْرَهُ الْحِيلَةُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ وَالزَّكَاةِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِ حَرَامٌ فَكَانَتْ مَكْرُوهَةً ضَرُورَةً وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَالْحِيلَةُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ مَشْرُوعٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِفُرُوعِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ قَبْلَ الْوُجُوبِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ إجْمَاعُ الْمُجْتَهِدِينَ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ يُرَادَ إجْمَاعُ الْمَشَايِخِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الرِّوَايَةِ أَيُّمَا كَانَ لَا يَخْلُو عَنْ اضْطِرَابٍ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مُقَرَّرٌ وَبَيْنَ الْمَشَايِخِ أَيْضًا مُقَرَّرٌ.
قَالَ رحمه الله (وَأَخْذُ حَظِّ الْبَعْضِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي لَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا تَعَدَّدَ بِأَنْ اشْتَرَى جَمَاعَةٌ عَقَارًا وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ يَتَعَدَّدُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِهِمْ حَتَّى كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ بِأَنْ بَاعَ جَمَاعَةٌ عَقَارًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ لَا يَتَعَدَّدُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّفِيعَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَوْ أَخَذَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَتَضَرَّرُ بِعَيْبِ الشِّرْكَةِ وَهِيَ شُرِعَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الشَّفِيعِ فَلَا تُشْرَعُ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي ضَرَرًا زَائِدًا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَفِي الْأَوَّلِ لَا تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الصَّحِيحِ إلَّا أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا اخْتَارَ أَخْذَ الْجَمِيعِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ إذَا نَقَدَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَنْقُدَ الْجَمِيعُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ الْيَدِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِينَ أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا فَنَقَدَ الْبَعْضُ مِنْ الثَّمَنِ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلٍّ ثَمَنًا أَوْ سَمَّى الْكُلَّ جُمْلَةً؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ لَا لِاتِّحَادِ الثَّمَنِ وَاخْتِلَافِهِ وَالْعِبْرَةُ فِي التَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ لِلْعَاقِدِ دُونَ الْمَالِكِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَوْا لَهُ عَقَارًا وَاحِدًا بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَعَدَّدُ وَأَخْذُهُ يَتَعَدَّدُ وَكَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ.
وَلَوْ وَكَّلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ وَهُوَ أَصْلٌ فِيهِ فَيَتَحَدَّدُ بِاتِّحَادِهِ وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الصَّحِيحِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ فَصَّلَ فَقَالَ إنْ أَخَذَ قَبْلَ الْقَبْضِ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الْبَعْضِ مِنْهُ بِتَفْرِيقِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَبَعْدَهُ لَا يَتَضَرَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ يَدٌ وَجَوَابُهُ لَهُ أَنْ يُحْبَسَ الْجَمِيعُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الثَّمَنِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَفْرِيقِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَشَفِيعُهَا وَاحِدٌ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ كَانَا مُتَلَاصِقَيْنِ وَشَفِيعُ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً وَلَوْ كَانَا أَرْضَيْنِ أَوْ قَرْيَةً أَوْ أَرْضَهَا أَوْ قَرْيَتَيْنِ وَأَرْضَهُمَا وَهُوَ شَفِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ ذَلِكَ أَوْ يَدَعَهُ سَوَاءٌ كَانَا مُتَلَاصِقَيْنِ أَوْ فِي مِصْرَيْنِ أَوْ قَرْيَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَفْقَةً.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ الَّذِي هُوَ شَفِيعُهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ اشْتَرَى الدَّارَ بِمَتَاعٍ فِيهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الدَّارَ مَعَ الْمَتَاعِ أَوْ يَدَعُ الْكُلَّ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا هَذَا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يَأْخُذُ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يَأْخُذُ الَّذِي هُوَ شَفِيعُهَا خَاصَّةً وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى دَارَيْنِ وَرَفَعَ الْحَائِطَ مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى وَجَعَلَهَا دَارًا وَاحِدَةً أَخَذَ الشَّفِيعُ كُلَّهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَابُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ دَارٌ لَهَا بَابَانِ وَلَوْ فَتَحَ بَابَ الْبَيْتِ الَّتِي اشْتَرَاهَا إلَى دَارِهِ وَسَدّ الْبَابَ الْأَوَّلَ وَصَارَ مَعْرُوفًا بِهَذَا الْبَيْتِ مَعَهَا أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ غَيْرَ مَقْسُومٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ حَظَّ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ غَيْرَ مَقْسُومٍ فَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ نَصِيبَ الْمُشْتَرِي الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِقِيمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ بِقَضَاءٍ أَوْ تَرَاضٍ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْمِيلِ الِانْتِفَاعِ وَالشَّفِيعُ لَا يَنْقُضُ الْقَبْضَ لِيَجْعَلَ الْعُهْدَةَ عَلَى الْبَائِعِ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ أَوْ أَجَّرَ يَطِيبُ لَهُ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ
فِيهِ مِلْكٌ، وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ تَصَرُّفَاتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَنْقُضُ تَصَرُّفًا يُبْطِلُ حَقَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا ضَرَرَ فِي الْقِسْمَةِ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ مَا لَهُ حُكْمُهُ وَهُوَ الْقَبْضُ بِجِهَتِهِ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَأْخُذُ سَوَاءٌ وَقَعَ فِي جَانِبِ الدَّارِ الْمَشْفُوعِ بِهَا أَوْ لَا وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَأْخُذُ النَّصِيبَ الَّذِي أَصَابَ الْمُشْتَرِي إذَا وَقَعَ فِي جَانِبِ الدَّارِ الْمَشْفُوعِ بِهَا وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ أَنَّ الْقِسْمَةَ إذَا كَانَتْ بِحُكْمٍ فَفِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ رِوَايَتَانِ.
قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ وَالْمُخْتَارُ لَا نَقْضَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيَنْقُضُهُ الشَّفِيعُ كَمَا يَنْقُضُ بَيْعَهُ وَهِبَتَهُ وَفِي التَّجْرِيدِ رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَهُمَا شَفِيعَانِ وَلَهُمَا شَفِيعٌ ثَالِثٌ اقْتَسَمَاهَا ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ اقْتَسَمَاهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ. اهـ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَيَأْخُذُ نَصِيبَ الْمُشْتَرِي فِي أَيِّ جَانِبٍ كَانَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِالشِّرَاءِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ فَيَأْخُذُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَدَّمْنَا قَوْلَ الْإِمَامِ وَإِطْلَاقُ الْمَاتِنِ صَادِقٌ عَلَى مَا إذَا قَاسَمَ الْبَائِعَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ زَادَ أَوْ قَاسَمَ الْبَائِعَ لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَلِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ سَيِّدِهِ كَعَكْسِهِ) يَعْنِي إذَا بَاعَ رَجُلٌ دَارًا وَلِلْبَائِعِ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ وَمَالِهِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ هُوَ الْبَائِعَ فَلِمَوْلَاهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَشِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنْ صَاحِبِهِ جَائِزٌ إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ لِلْعَبْدِ لِكَوْنِ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ أَوْ لِكَوْنِ الْعَبْدِ أَحَقَّ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالْعَبْدُ بَائِعٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لِمَوْلَاهُ وَلَا شُفْعَةَ لِمَنْ يَبِيعُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى؛ لِأَنَّهُ اُبْتِيعَ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَوْ اُبْتِيعَ لَهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَلَوْ قَيَّدَ بِالْمَدْيُونِ لَكَانَ أَوْلَى.
قَالَ رحمه الله (وَصَحَّ تَسْلِيمُهُمْ الشُّفْعَةَ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ) يَعْنِي أَنَّ الْحَمْلَ وَالصَّغِيرَ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ كَالْكَبِيرِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِهِ فَيَقُومُ بِالطَّلَبِ وَالْأَخْذِ وَالتَّسَلُّمِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَهُوَ الْأَبُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ أَبٌ الْأَبِ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يُدْرِكَ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ بُطْلَانُ الشُّفْعَةِ بِسُكُوتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالشِّرَاءِ لِلْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ أَنَّ هَذَا إبْطَالٌ لِحَقِّ الصَّبِيِّ فَلَا يَصِحُّ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ وَإِعْتَاقِ عَبْدِهِ وَإِبْرَاءٍ عَنْ يَمِينِهِ وَلِأَنَّ تَصْرِفَهُمَا نَظَرِيٌّ وَالنَّظَرُ فِي الْأَخْذِ يَتَعَيَّنُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ فِي إبْطَالِهِ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِ فَلَا يَمْلِكُ وَلَهُمَا أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ بَلْ هُوَ عَيْنُهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَتَرْكُ الْأَخْذِ بِهَا تَرْكُ التِّجَارَةِ فَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ تَرْكَ التِّجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ جَازَ.
فَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ جَازَ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى الصَّبِيِّ وَفِي الْأَوَّلِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَ؛ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ دَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ أَنْفَعَ بِإِيفَاءِ الثَّمَنِ عَلَى مِلْكِ الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضٌ غَيْرُ مُتَرَدِّدٍ وَلِأَنَّهُ إبْطَالٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ هَذَا إذَا بِيعَتْ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ بِيعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ قِيلَ جَازَ التَّسْلِيمُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مُتَعَيِّنٌ فِيهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ التَّسْلِيمُ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ فَلَا يَمْلِكُ التَّسْلِيمَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ بِيعَتْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا بِمُحَابَاةٍ كَثِيرَةٍ فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ التَّسْلِيمُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ بِالْأَوْلَى وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْأَبَ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَكَذَا فِي الْأَخْذِ وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي هَذَا إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ بِالصَّغِيرِ ظَاهِرٌ حَتَّى إذَا كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لَا يَجُوزُ.
وَكَذَا إذَا بَاعَ مِنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ وَفِي الْأَبِ يَجُوزُ إذَا كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فِيهِمَا ثُمَّ كَيْفِيَّةُ طَلَبِهِ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت وَأَخَذْت بِالشُّفْعَةِ