الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَلَا يُؤْكَلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ حُكْمًا لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ التَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ، إذْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الذَّبْحِ بِعَيْنِهِ حَقِيقَةً لِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْكِيَاسَةِ وَالْهِدَايَةِ فِي أَمْرِ الذَّبْحِ وَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى ثُبُوتِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُشَاهَدُ الْمُعَايَنُ فَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ إلَّا بِالذَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَيَاتُهُ خَفِيَّةً أَوْ بَيِّنَةً لِجَرْحِ الْمُعَلَّمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ السِّبَاعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] اسْتَثْنَاهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ حَيٍّ مُطْلَقًا وَكَذَا «قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام لِعَدِيٍّ فَإِذَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيًّا فَاذْبَحْهُ» مُطْلَقٌ فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ حَيٍّ مُطْلَقًا وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ، وَفَصَّلَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْصِيلًا آخَرَ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فَقَالَ: إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّبْحِ لِفَقْدِ الْآلَةِ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ كَانَ لِضِيقِ الْوَقْتِ أُكِلَ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا تَلَوْنَا وَمَا رَوَيْنَا وَأَمَّا إذَا خَنَقَهُ الْكَلْبُ.
وَلَمْ يَجْرَحْهُ فَلِمَا بَيَّنَّا عِنْدَ قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْلِيمِ وَالتَّسْمِيَةِ وَالْجَرْحِ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ، وَالْكَسْرُ كَالْخَنْقِ حَتَّى لَا يُعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى خُرُوجِ الدَّمِ وَأَمَّا إذَا شَارَكَهُ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبٌ مَجُوسِيٌّ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَلِمَا رَوَيْنَا عَنْ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي فَأُسَمِّي قَالَ إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَكُلْ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ قُلْت: إنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ غَيْرَهُ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَ فَقَالَ لَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِك فَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِك كَلْبًا غَيْرَهُ وَقَدْ قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ؛ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا صَحِيحٌ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِأَكْلِ الْكَلْبِ الصَّيْدُ وَعَلَى الشَّافِعِيِّ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَيْضًا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ فَيَغْلِبُ فِيهِ جِهَةُ الْحُرْمَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا وَقَدْ غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» وَإِنَّ الْحَرَامَ وَاجِبُ التَّرْكِ، وَالْحَلَالَ جَائِزُ التَّرْكِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي التَّرْكِ وَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْكَلْبُ وَلَمْ يَجْرَحْهُ مَعَهُ وَمَاتَ بِجَرْحِهِ الْأَوَّلِ يُكْرَهُ أَكْلُهُ لِوُجُودِ الْمُعَاوَنَةِ فِي الْأَخْذِ وَفَقْدِهَا فِي الْجَرْحِ ثُمَّ قِيلَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْجَرْحِ وَالْأَخْذِ غُلِّبَ جَانِبُ الْحِلِّ فَصَارَ حَلَالًا، وَأَوْجَبَ إعَانَةُ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ الْكَرَاهَةَ دُونَ الْحُرْمَةِ وَقِيلَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَلْوَانِيِّ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ الْمَجُوسِيُّ نَفْسُهُ حَيْثُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجُوسِيِّ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْكَلْبِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُشَارَكَةُ مِنْ وَجْهٍ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ الْكَلْبُ الثَّانِي عَلَيْهِ لَكِنَّ اشْتَدَّ عَلَى الْأَوَّلِ فَاشْتَدَّ الْأَوَّلُ عَلَى الصَّيْدِ بِسَبَبِهِ فَأَخَذَهُ فَقَتَلَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الثَّانِي أَثَّرَ فِي الْكَلْبِ الْأَوَّلِ حَتَّى ازْدَادَ طَلَبًا وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي الصَّيْدِ فَكَانَ تَبَعًا لِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى التَّبَعِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ تَبَعًا فَيُضَافُ إلَيْهِمَا وَلَوْ رَدَّهُ سَبُعٌ أَوْ ذُو مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُعَلَّمَ فَيُصَادَ بِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْكَلْبُ فِيمَا ذَكَرْنَا لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ فِي الْفِعْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ مَا لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهِ كَالْجَمَلِ وَالْبَقَرِ.
وَالْبَازِي فِي ذَلِكَ كَالْكَلْبِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ حَلَالٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَمَاهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ فِي الْحِلِّ لَا يَحِلُّ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ فِي الْحَرَمِ وَقَتَلَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ لَا يَحِلُّ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي حَقِّ الْمِلْكِ لِوَقْتِ الْإِصَابَةِ وَفِي حَقِّ الْأَكْلِ لِوَقْتِ الرَّمْيِ هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ وَلِهَذَا قُلْنَا: الْمُسْلِمُ إذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ ثُمَّ ارْتَدَّ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ حَلَّ تَنَاوُلُهُ وَالْمُرْتَدُّ إذَا رَمَى إلَى صَيْدٍ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ.
[أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ]
قَالَ: رحمه الله (وَإِنْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ حَلَّ وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ حَرُمَ) وَالْمُرَادُ بِالزَّجْرِ الْإِغْرَاءُ بِالصِّيَاحِ عَلَيْهِ، وَبِالِانْزِجَارِ يَحْصُلُ زِيَادَةُ الطَّلَبِ لِلصَّيْدِ كَذَا فِي الْهِدَايَة وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ: فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ إلَى آخِرِهِ فَشَمَلَ مَا إذَا زَجَرَهُ فِي حَالِ طَلَبِهِ أَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ فَانْزَجَرَ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّيْدِ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ إنَّمَا يَحِلُّ إذَا زَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ فِي ذَهَابِهِ أَمَّا إذَا وَقَفَ الْكَلْبُ عَنْ سُنَنِ الْإِرْسَالِ ثُمَّ زَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ بَعْدَ ذَلِكَ فَانْزَجَرَ لَا يُؤْكَلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ إرْسَالَ الْمُسْلِمِ قَدْ صَحَّ، وَصَيْحَةُ الْمَجُوسِيِّ لَا تُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّهُ تَقْوِيَةٌ لِلْإِرْسَالِ
وَتَحْرِيضٌ لِلْكَلْبِ وَلَيْسَ بِابْتِدَاءِ إرْسَالٍ مِنْهُ فَلَا يَنْقَطِعُ الْإِرْسَالُ بِالزَّجْرِ فَبَقِيَ صَحِيحًا فَأَمَّا الْإِرْسَالُ مِنْ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالزَّجْرِ وَكَذَا إذَا أَرْسَلَ وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ وَسَمَّى لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ وُجِدَتْ التَّسْمِيَةُ مِنْ الْمُرْسِلِ فَزَجَرَهُ مَنْ لَمْ يُسَمِّ حَلَّ وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا ذَبَحَ فَأَمَرَّ الْمَجُوسِيُّ السِّكِّينَ بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَوْ ذَبَحَ الْمَجُوسِيُّ، وَأَمَرَّ الْمُسْلِمُ بَعْدَهُ لَمْ يَحِلَّ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ أَصْلَ الْفِعْلِ مَتَى وَقَعَ صَحِيحًا لَا يَنْقَلِبُ فَاسِدًا وَمَتَى وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَكَذَا مُحْرِمٌ دَلَّ حَلَالًا عَلَى الصَّيْدِ فَقَتَلَهُ يَحِلُّ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهُ حَصَلَ بِفِعْلِ الْحَلَالِ لَا بِدَلَالَةِ الْمُحْرِمِ وَنَصَّ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِحَدِيثِ قَتَادَةَ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «هَلْ أَعَنْتُمْ هَلْ أَشَرْتُمْ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: إذَنْ فَكُلُوا» عَلَّقَ الْإِبَاحَةَ بِعَدَمِ الْإِعَانَةِ وَفِي الدَّلَالَةِ نَوْعُ إعَانَةٍ وَلَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ الصَّيْدَ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ مُعَلَّمٌ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَزْجُرْهُ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ وَأَخَذَهُ الْأَوَّلُ وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ اشْتَدَّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ يَتْبَعُ أَثَرَ الْمُرْسَلِ حَتَّى قَتَلَهُ الْأَوَّلُ حَلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الثَّانِي أَثَّرَ فِي الْكَلْبِ الْمُرْسَلِ لَا فِي الصَّيْدِ فَصَارَ فِعْلُهُ تَبَعًا لِفِعْلِ الْمُرْسَلِ فَانْضَافَ الْأَخْذُ إلَى الْمُرْسَلِ لَا إلَى الْمُحَرِّضِ وَالْمُشِدِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِعْلَهُ أَثَّرَ فِي الصَّيْدِ لَا فِي الْكَلْبِ فَصَارَ الْأَخْذُ مُضَافًا إلَيْهِمَا.
مَجُوسِيٌّ أَرْسَلَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَاصْطَادَ كَلْبُهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ زَجَرَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَانْزَجَرَ لِزَجْرِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا حَالَةَ الْإِرْسَالِ فَصَارَ مُرْتَدًّا حَالَةَ الْأَخْذِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ لَا حَالَةُ الْأَخْذِ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ وَالرَّمْيَ فِعْلُ الذَّكَاةِ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ فَيُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ وَتَمَجُّسُهُ وَرِدَّتُهُ عِنْدَ الذَّبْحِ لَا عِنْدَ زُهُوقِ الرُّوحِ فَكَذَا هُنَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ وَكُفْرُهُ وَقْتَ الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ لَا بَعْدَهُ وَفِي النَّوَادِرِ وَلَوْ ضَرَبَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَرَقَّدَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ ثَانِيَةً فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَيْنِ فَضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا فَرَقَّدَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ كَلْبَهُ فَرَقَّدَهُ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ جَرْحَ الْكَلْبِ بَعْدَ الْجَرْحِ فَصَارَ كَأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا صَارَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ فَلَا يُزِيلُ مِلْكَهُ الثَّانِي، وَفِي الْأَصْلِ وَمِنْ شَرَائِطِ الْإِرْسَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُرْسِلُ مُحْرِمًا، وَأَنْ لَا يَمُوتَ فِي الْحَرَمِ حَتَّى لَا يَجُوزَ أَكْلُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَا مَا اصْطَادَهُ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ، وَذَكَرَ زَجْرَ الْمَجُوسِيِّ لِيُفِيدَ زَجْرَ الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ أَوْلَى قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْحَلَالُ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فَزَجَرَهُ الْمُحْرِمُ فَانْزَجَرَ حَلَّ أَكْلُهُ، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: أَنَّ عَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: رحمه الله (وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ حَلَّ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحِلَّ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ جُعِلَ ذَكَاةً عِنْدَ الِاضْطِرَارِ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْإِرْسَالُ انْعَدَمَ الذَّكَاةُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَلَا يَحِلُّ وَالزَّجْرُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الزَّجْرَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِرْسَالِ يُجْعَلُ إرْسَالًا؛ لِأَنَّ انْزِجَارَهُ عَقِيبَ زَجْرِهِ دَلِيلُ طَاعَتِهِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ فَيَحِلُّ، إذْ لَيْسَ فِي اعْتِبَارِهِ إبْطَالُ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَلَا يُقَالُ الزَّجْرُ دُونَ الِانْفِلَاتِ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ فَلَا يَرْتَفِعُ الِانْفِلَاتُ فَصَارَ مِثْلَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَالْجَامِعُ أَنَّ الزَّاجِرَ فِيهِمَا بِنَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الزَّجْرُ إنْ كَانَ دُونَ الِانْفِلَاتِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ فَوْقَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَاسْتَوَيَا فَنُسِخَ الِانْفِلَاتُ؛ لِأَنَّ آخِرَ الْمِثْلَيْنِ يَصْلُحُ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا فِي نَسْخِ الْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الزَّجْرَ لَا يُنَافِي الْإِرْسَالَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِعْلُ الْمُكَلَّفِ.
، وَالزَّجْرُ بِنَاءٌ عَلَى الْإِرْسَالِ فَكَانَ دُونَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ، وَالْبَازِي كَالْكَلْبِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ مُعَيَّنٍ فَأَخَذَ غَيْرَهُ وَهُوَ عَلَى سُنَنِهِ حَلَّ، وَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله تَعَالَى: لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إرْسَالٍ، إذْ الْإِرْسَالُ يَخْتَصُّ بِالْمُشَارِ وَالتَّسْمِيَةُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَلَا تَتَحَوَّلُ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَضْجَعَ شَاةً وَسَمَّى عَلَيْهَا وَخَلَّاهَا فَذَبَحَ غَيْرَهَا بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَتَعَيَّنُ الصَّيْدُ بِالتَّعْيِينِ، مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ حَتَّى لَا يَحِلَّ غَيْرُهُ بِذَلِكَ الْإِرْسَالِ وَلَوْ أَرْسَلَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ يَحِلُّ مَا أَصَابَهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ التَّعْيِينَ شَرْطٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَكِنْ إذَا عُيِّنَ يَتَعَيَّنُ وَعِنْدَنَا التَّعْيِينُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ أَنْ لَا يُكَلَّفَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي فِي وُسْعِهِ إيجَادُ الْإِرْسَالِ دُونَ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَلِّمَ الْبَازِيَ وَالْكَلْبَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَأْخُذُ إلَّا مَا عَيَّنَهُ لَهُ وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ غَيْرُ مُفِيدٍ فِي حَقِّهِ وَلَا فِي الْكَلْبِ فَإِنَّ الصُّيُودَ كُلَّهَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَقْصُودِهِ
سَوَاءٌ وَكَذَا فِي حَقِّ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَخْذُ كُلِّ صَيْدٍ تَمَكَّنَ مِنْ صَيْدِهِ بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الشَّاةِ مُمْكِنٌ وَكَذَا غَرَضُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُعَيَّنٍ فَتَتَعَلَّقُ التَّسْمِيَةُ هُنَا بِالضَّجْعِ بِالذَّبْحِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِالْآلَةِ.
وَمَنْ أَرْسَلَ فَهْدًا فَكَمَنَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّيْدِ ثُمَّ أَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةٌ لَهُ يَحْتَالُ لِأَخْذِهِ لِاسْتِرَاحَتِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ فَوْرُ الْإِرْسَالِ وَكَيْفَ يَنْقَطِعُ وَقَصْدُ صَاحِبِهِ يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ لِلْفَهْدِ خِصَالٌ حَمِيدَةٌ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ، مِنْهَا أَنْ يَكْمُنَ لِلصَّيْدِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْهُ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لَا يُجَاهِرَ عَدُوَّهُ بِالْخِلَافِ وَلَكِنْ يَطْلُبُ الْفُرْصَةَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَيَحْصُلَ مَقْصُودُهُ مِنْ غَيْرِ إتْعَابِ نَفْسِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَعْدُو خَلْفَ صَاحِبِهِ حَتَّى يُرِيَهُ خَلْفَهُ وَهُوَ يَقُولُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيَّ فَلَا أُذَلُّ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لَا يُذِلَّ نَفْسَهُ فِيمَا يَفْعَلُ لِغَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّمُ بِالضَّرْبِ وَلَكِنْ يُضْرَبُ الْكَلْبُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ فَيَتَعَلَّمُ بِذَلِكَ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَّعِظَ بِغَيْرِهِ كَمَا قِيلَ السَّعِيدُ مَنْ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ الْخَبِيثَ مِنْ اللَّحْمِ وَإِنَّمَا يَطْلُبُ مِنْ صَاحِبِهِ اللَّحْمَ الطَّيِّبَ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ إلَّا الطَّيِّبَ وَمِنْهَا أَنْ يَثِبَ أَثْلَاثًا أَوْ خَمْسًا فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ تَرَكَهُ وَيَقُولُ: لَا أَقْتُلُ نَفْسِي فِيمَا أَعْمَلُ لِغَيْرِي وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا اعْتَادَ الِاخْتِفَاءَ لَا يَنْقَطِعُ فَوْرُ الْإِرْسَالِ لِمَا بَيَّنَّا فِي الْفَهْدِ وَيَنْقَطِعُ الْإِرْسَالُ بِمُكْثِهِ طَوِيلًا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِيلَةً مِنْهُ لِلْأَخْذِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِرَاحَةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَرْسَلَ بَازَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَوَقَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ اتَّبَعَ الصَّيْدَ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ يُؤْكَلُ إذَا لَمْ يَمْكُثْ زَمَانًا طَوِيلًا لِلِاسْتِرَاحَةِ وَإِنَّمَا مَكَثَ سَاعَةً طَوِيلَةً لِلتَّمَكُّنِ وَلَوْ أَنَّ بَازِيًا مُعَلَّمًا أَخَذَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَلَا يَدْرِي أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ أَوْ لَا لَا يُؤْكَلُ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْإِرْسَالِ وَلَا تَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ بِدُونِهِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَالُ الْغَيْرِ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.
قَالَ رحمه الله: (وَإِنْ رَمَى وَسَمَّى وَجَرَحَ أَكَلَ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ الْآلَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْآلَةِ الْجَمَادِيَّةِ فَتَقْدِيمُ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ يَعْنِي إذَا رَمَى بِآلَةٍ جَارِحَةٍ وَسَمَّى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَجَرَحَهُ يُؤْكَلُ إذَا جَرَحَ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قَتَلَ فَكُلْ إلَّا أَنْ تَجِدَهُ قَدْ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَشُرِطَ لِمَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا رَمَيْتَ فَسَمَّيْتَ فَجَرَحْتَ فَكُلْ وَإِنْ لَمْ تَخْرِقْ فَلَا تَأْكُلْ مِنْ الْمِعْرَاضِ إلَّا مَا ذَكَّيْتَ وَلَا تَأْكُلْ مِنْ الْبُنْدُقَةِ إلَّا مَا ذَكَّيْتَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُصِيبَ الْمَرْمِيَّ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّيْدِ كَمَا فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَفِي إطْلَاقِ قَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ رَمَى وَسَمَّى وَجَرَحَ أُكِلَ إشَارَةٌ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَرْمِيَّ وَلَا الْمُصَابَ حَتَّى يَدْخُلَ تَحْتَهُ مَا إذَا سَمِعَ حِسًّا وَظَنَّهُ صَيْدًا فَرَمَاهُ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَ مَا سَمِعَ حِسَّهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ يَحِلُّ أَكْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّيْدُ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْمُصَابُ مَأْكُولًا لِأَنَّهُ وَقَعَ اصْطِيَادًا مَعَ قَصْدِهِ ذَلِكَ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ الْخِنْزِيرَ لِغِلَظِ حُرْمَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّهُ يُورَثُ فِي جِلْدِهِ وَزُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَصَّ مِنْهَا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ؛ لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ لَا يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ فِيهِ وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ اسْمَ الِاصْطِيَادِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَأْكُولِ فَيَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] فَكَانَ اصْطِيَادُهُ مُبَاحًا، وَإِبَاحَةُ التَّنَاوُلِ تَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَتَثْبُتُ بِقَدْرِ مَا يَقْبَلُهَا لَحْمًا أَوْ جِلْدًا وَقَدْ لَا تَثْبُتُ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا لَمْ يَقْبَلُهَا الْمَحَلُّ وَإِذَا وَقَعَ اصْطِيَادًا صَارَ كَأَنَّهُ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ جَرَادٍ أَوْ سَمَكٍ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُغْنِي أَنَّ الْمُصَابَ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَقَعُ عَلَيْهِمَا فَلَا يَكُونُ الْفِعْلُ ذَكَاةً، وَأُورِدَ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ يُحْتَاجُ فِي حِلِّ أَكْلِهِ إلَى الذَّبْحِ أَوْ الْجَرْحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي آخِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَلَوْ رَمَى إلَى سَمَكٍ أَوْ جَرَادٍ وَأَصَابَ صَيْدًا يَحِلُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَكَاةَ فِيهِمَا فَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَرِّجَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْحِلِّ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ ذَلِكَ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان لَوْ رَمَى إلَى جَرَادٍ أَوْ سَمَكٍ وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ فَأَصَابَ طَائِرًا أَوْ صَيْدًا آخَرَ فَقَتَلَهُ حَلَّ أَكْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ الْكُلِّ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ
أَصْلًا وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ آدَمِيٌّ أَوْ حَيَوَانٌ أَهْلِيٌّ أَوْ ظَبْيٌ مُسْتَأْنِسٌ أَوْ مُوثَقٌ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَقَعْ اصْطِيَادًا وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الذَّكَاةِ وَلَوْ رَمَى إلَى الطَّائِرِ فَأَصَابَ غَيْرَهُ مِنْ الصُّيُودِ أَوْ فَرَّ الطَّائِرُ وَلَا يَدْرِي أَهُوَ وَحْشِيٌّ أَمْ لَا حَلَّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ التَّوَحُّشُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى إلَى بَعِيرٍ فَأَصَابَ صَيْدًا وَلَا يَدْرِي أَهُوَ نَادٍّ أَمْ لَا حَيْثُ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الِاسْتِئْنَاسُ فَيُحْكَمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِظَاهِرِ حَالِهِ وَلَوْ أَصَابَ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ وَقَدْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَيْدٌ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ مَعَ تَعَيُّنِهِ صَيْدًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إذَا سَمِعَ حِسًّا بِاللَّيْلِ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ حَيَّةٌ فَرَمَاهُ فَإِذَا ذَاكَ الَّذِي سُمِعَ حِسُّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ سَهْمُهُ ذَلِكَ الصَّيْدَ الَّذِي سَمِعَ حِسَّهُ أَوْ أَصَابَ صَيْدًا آخَرَ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ رَمَاهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي الصَّيْدَ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَحِلُّ الصَّيْدُ إلَّا بِوَجْهَيْنِ أَنْ يَرْمِيَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي أَرَادَهُ وَسَمِعَ حِسَّهُ وَرَمَى إلَيْهِ صَيْدًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ لَا وَهَذَا يُنَاقَضُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى الْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِاصْطِيَادٍ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ وَلَوْ أَصَابَ صَيْدًا.
وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ آدَمِيٍّ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ وَعَلَى اقْتِضَاءِ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ أَنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَابَ صَيْدٌ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ فِيهَا صَيْدٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي النِّهَايَةِ بِفَرْقٍ غَيْرِ مُخْلَصٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَقَالَ فِيهِ لَوْ رَمَى إلَى آدَمِيٍّ أَوْ بَقَرٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَّى فَأَصَابَ صَيْدًا مَأْكُولًا لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْأَصْلِ وَلِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَوْلَانِ فِي قَوْلٍ يَحِلُّ وَفِي قَوْلٍ لَا يَحِلُّ فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ فَيَسْتَقِيمُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ وَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ صَاحِبُ الْحِسِّ مَا هُوَ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُ مَا أَصَابَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ غَيْرَ صَيْدٍ فَلَا يَحِلُّ الْمُصَابُ بِالشَّكِّ، وَالْبَازِي وَالْفَهْدُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالْكَلْبِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا ذَكَّاهُ وَإِنْ لَمْ يُذَكِّهِ حَرُمَ) لِمَا رَوَيْنَا وَبَيَّنَّا فِي الْكَلْبِ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَكَاةٌ اضْطِرَارًا فَيَكُونُ الْوَارِدُ فِي أَحَدِهِمَا وَارِدًا فِي الْآخَرِ دَلَالَةً لِاسْتِوَائِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
قَالَ رحمه الله: (وَإِنْ وَقَعَ سَهْمٌ بِصَيْدٍ فَتَحَامَلَ وَغَابَ وَهُوَ فِي طَلَبِهِ حَلَّ وَإِنْ قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَيِّتًا لَا) يَعْنِي يَحْرُمُ أَكْلُهُ «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِأَبِي ثَعْلَبَةَ إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَغَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَوَرَدَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَرِهَ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا غَابَ عَنْ الرَّامِي وَقَالَ لَعَلَّ هَوَامَّ الْأَرْضِ قَتَلَتْهُ» فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَيُعْتَبَرَ فِيمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُومَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ كَالْمُتَحَقَّقِ وَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الِاصْطِيَادِ وَهَذَا لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ يَكُونُ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْنَ الْأَشْجَارِ عَادَةً وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ وَتَوَارٍ عَنْ عَيْنِهِ غَالِبًا فَيُعْذَرُ مَا لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ وَلَا يُعْذَرُ فِيمَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ مِثْلِهِ مُمْكِنٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فَيَحْرُمُ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ فِيمَا يُمْكِنُ، وَجَعَلَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ مِنْ شُرُوطِ حِلِّ الصَّيْدِ أَنْ لَا يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ.
وَقَالَ: لِأَنَّ الْغَالِبَ إذَا غَابَ الصَّيْدُ عَنْ بَصَرِهِ رُبَّمَا يَكُونُ مَوْتُ الصَّيْدِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا يَحِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ، وَالْإِصْمَاءُ مَا رَأَيْتَهُ وَالْإِنْمَاءُ مَا تَوَارَى عَنْكَ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ يَحْرُمُ بِالتَّوَارِي وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ إنَّ مَا تَوَارَى عَنْهُ إذَا لَمْ يَبِتْ لَيْلَةً لَا يَحِلُّ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ فَيَكُونُ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا وَقَعَ السَّهْمُ بِالصَّيْدِ فَتَحَامَلَ حَتَّى غَابَ عَنْهُ وَلَمْ يَزَلْ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أَصَابَهُ مَيِّتًا أُكِلَ وَإِنْ قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ؛ فَبَنَى الْأَمْرَ عَلَى الطَّلَبِ وَعَدَمِهِ لَا عَلَى التَّوَارِي وَعَدَمِهِ وَعَلَى هَذَا التَّرْكِيبِ فُقَهَاءُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ حُمِلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ كَانَ يَسْتَقِيمُ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ يُبِيحُ مَا غَابَ عَنْهُ وَبَاتَ لَيَالِيَ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَجَعَلَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ شُرُوطِ حِلِّ الصَّيْدِ أَنْ لَا يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ فَقَالَ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَابَ عَنْ بَصَرِهِ رُبَّمَا يَكُونُ مَوْتُ الصَّيْدِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا يَحِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما -