الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ انْتَهَتْ لَا كَالْمُزَارَعَةِ) لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي فَلَوْ جَازَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِلَا عَمَلٍ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَلَا يَجُوزُ إلْحَاقُهُ بِمَا قَبْلَ التَّنَاهِي لِأَنَّ جَوَازَهُ قَبْلَ التَّنَاهِي لِلْحَاجَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مِثْلِهِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ.
قَالَ رحمه الله: (فَإِذَا فَسَدَتْ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ كَالْمُزَارَعَةِ إذَا فَسَدَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
[تَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِالْمَوْتِ]
قَالَ رحمه الله: (وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ كَالْمُزَارَعَةِ فَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ، وَالْخَارِجُ بُسْرٌ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إلَى أَنْ تُدْرِكَ الثَّمَرَةُ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ فِي مَنْعِهِ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِهِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ الْتَزَمَ الْعَامِلُ الضَّرَرَ يُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْآخَرِ بَيْنَ أَنْ يَقْسِمُوا الْبُسْرَ عَلَى الشَّرْطِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْبُسْرِ وَبَيْنَ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يُدْرِكَ فَيَرْجِعُونَ عَلَى الْعَامِلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ، وَفِي رُجُوعِهِ فِي حِصَّتِهِ إشْكَالٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِ بِجَمِيعِهِ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَكَانَ الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا إذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ، أَوْ لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهُ كَانَ الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَيْهِ فَلَوْ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُؤْنَةَ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَهَذَا خُلْفٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ بِلَا عَمَلٍ فِي عَمَلِ بَعْضِ الْمُدَّةِ وَهَذَا الْإِشْكَالُ وَارِدٌ فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الشَّارِحِ وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ بِأَنَّ الْمَعْنَى يَرْجِعُونَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقُوا إلَّا بِحِصَّتِهِ كَمَا فَهِمَهُ فَيُرَدُّ عَلَى هَذَا الْمُجِيبِ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْكَافِي لِلْعَلَّامَةِ النَّسَفِيِّ.
وَفِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مَا نَصُّ عِبَارَتِهِ: وَيَرْجِعُونَ بِنِصْفِ نَفَقَتِهِمْ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ اهـ.
فَحَمْلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ نَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ الْمَوْتِ فِي الْمُزَارَعَةِ: إذَا أَنْفَقَ وَرَثَةُ رَبِّ الْأَرْضِ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ، وَإِذَا أَنْفَقَ رَبُّ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَرْجِعُ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعَامَلَةَ وَالْمُزَارَعَةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ ظَهَرَ مَنْقُولًا وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوهُ بُسْرًا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيْنَ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَإِنْ مَاتَا جَمِيعًا فَالْخِيَارُ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ وَهَذَا خِيَارٌ فِي حَقٍّ مَالِيٍّ وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَيُورَثُ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنْ أَبَوْا وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْعَامِلِ وَكَانَ الْخَارِجُ بُسْرًا أَخْضَرَ فَهُوَ كَالْمُزَارَعَةِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهَا لِلْعَامِلِ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الثِّمَارُ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْمُزَارِعِ لَكِنْ هُنَا لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةُ حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يُدْرِكَ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ لِأَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا وَكَذَا الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْعَامِلِ هُنَا وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْمُزَارَعَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَسْتَحِقُّ قَبْلَ انْتِهَائِهَا.
قَالَ رحمه الله: (وَتُفْسَخُ بِالْعُذْرِ كَالْمُزَارَعَةِ) بِأَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ سَارِقًا، أَوْ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ، وَكَوْنُهُ سَارِقًا عُذْرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَسْرِقُ الثَّمَرَ وَالسَّعَفَ وَيَلْحَقُ الْآخَرَ الضَّرَرُ وَلَوْ أَرَادَ الْعَامِلُ تَرْكَ الْعَمَلِ فِي الصَّحِيحِ وَقِيلَ: يُمَكَّنُ، وَقِيلَ لَا يُمَكَّنُ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ: أَصْلُهُ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْهُ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْبَذْرِ، ثُمَّ مَسَائِلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ فِي الْمَوْتِ، وَقِسْمٌ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ مِنْ قِبَلِهِ بِالدَّيْنِ، وَقِسْمٌ فِي انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِذَا أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَلَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ قَبْلَ الْعَمَلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ إلَّا مِنْهُ فَإِنْ بَاعَهَا بِالدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَامِلِ شَيْءٌ فِي حَفْرِ الْأَنْهَارِ، وَإِصْلَاحِهَا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ، أَوْ شِبْهِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَمَتَى كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ فَإِنْ نَبَتَ الزَّرْعُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحَبْسِ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ إبْطَالَ حَقِّ الْعَامِلِ.
وَفِي تَرْكِ الْبَيْعِ تَأْخِيرَ حَقِّ رَبِّ الدَّيْنِ، وَالتَّأْخِيرُ أَهْوَنُ مِنْ الْإِبْطَالِ فَلَوْ زَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ: لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بَيْعُهَا بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ حَقٌّ قَائِمٌ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْبَذْرِ اسْتِهْلَاكٌ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْبَذْرِ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ وَلَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ مَا لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي الْأُولَى قَبْلَ الْحَصَادِ يَبْقَى الزَّرْعُ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا حُصِدَ يَنْفَسِخُ فِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الزَّرْعِ بَطَلَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الدَّيْنِ وَلَوْ مَاتَ الْمُزَارِعُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وَهَذِهِ فُرُوعٌ ذَكَرْنَاهَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا بَيْضَاءَ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا نَخْلًا وَشَجَرًا عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ شَجَرٍ، أَوْ نَخْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى أَنَّ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ فَعَلَ فَمَا خَرَجَ مِنْ الْأَرْضِ فَجَمِيعُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْغَارِسِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ دَفَعَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ وَيَزْرَعَهَا مِنْ عِنْدِهِ مَا بَدَا لَهُ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ نِصْفَانِ بَيْنَهُمَا وَلِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَالْخَارِجُ لِلْغَارِسِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ أَرْضِهِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْغِرَاسُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ وَيَبْذُرَهَا بِهِمَا وَالْخَارِجُ نِصْفَانِ بَيْنَهُمَا وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَتَوْجِيهُهُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُحِيطِ.
وَاشْتِرَاطُ الْعَمَلِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالْمُزَارَعَةِ عَلَى أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَشْتَرِطَا الْبَعْضَ عَلَى الْعَامِلِ وَسَكَتَا عَنْ الْبَاقِي أَوْ شَرَطَا بَعْضَهُ عَلَى الدَّافِعِ وَسَكَتَا عَنْ الْبَاقِي، أَوْ شَرَطَا بَعْضَهُ عَلَى الدَّافِعِ وَبَعْضَهُ عَلَى الْعَامِلِ، وَكُلُّ قِسْمٍ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ لَوْ شَرَطَا الْبَعْضَ عَلَى الْعَامِلِ وَسَكَتَا عَنْ الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا بِهِ، أَوْ يَخْرُجُ شَيْءٌ لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَالثَّانِي لَوْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ السَّقْيَ وَالْحِفْظَ لَا غَيْرُ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ السَّقْيَ لَا يَزِيدُ فِيهِ، الثَّالِثُ: لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ وَالْحِفْظَ وَالتَّلْقِيحَ عَلَى الْعَامِلِ لَمْ يَجُزْ وَالْمُزَارَعَةُ كَالْمُعَامَلَةِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَتَوْجِيهُهُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُحِيطِ، وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ إذَا شَرَطَ فِيهَا الْمُعَامَلَةَ فَالْمُعَامَلَةُ مَتَى شُرِطَتْ فِي الْمُزَارَعَةِ بِأَنْ دَفَعَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مِنْ بَذْرِهِ بِالنِّصْفِ وَعَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي النَّخْلِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلْحِقَهُ بِالنِّصْفِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ اُشْتُرِطَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ عَقْدٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ فِي أَرْضِهِ وَنَخْلِهِ وَتَوْجِيهُهُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُحِيطِ.
وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمُزَارِعُ، أَوْ الْعَامِلُ الْأَرْضَ، أَوْ النَّخْلَ لِغَيْرِهِ مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً فَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ رَبُّ الْبَذْرِ فِي ذَلِكَ، أَوْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَجِيرًا مِنْ مَالِهِ لِإِقَامَةِ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْبَذْرِ: اعْمَلْ لِلَّهِ تَعَالَى بِرَأْيِك جَازَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا لِغَيْرِهِ مُزَارَعَةً، وَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَدَفَعَهَا لِغَيْرِهِ مُزَارَعَةً فَصَارَ مُخَالِفًا غَاصِبًا وَبَطَلَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ أُجْرَةَ الْأَرْضِ فَإِذَا ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى، وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ، أَوْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك فَدَفَعَهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ شَرَطَ لِلْمُزَارِعِ النِّصْفَ فَدَفَعَهَا لِلثَّانِي بِالنِّصْفِ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَنِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَنِصْفُهُ لِلْمُزَارِعِ الثَّانِي وَإِنْ شَرَطَ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي الرُّبُعَ وَلِلْأَوَّلِ الرُّبُعَ، وَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ، وَفِي فَتَاوَى الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى آخَرَ مُزَارَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَصْلًا وَلَوْ دَفَعَ صَارَ الزَّارِعُ الْأَوَّلُ مُؤَجِّرًا مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً صَارَ الْأَوَّلُ مُسْتَأْجِرًا لِلْمُزَارِعِ الثَّانِي بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَيَعْمَلُ فِي الْأَرْضِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ إذَا عَمِلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَعَ الْعَامِلِ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، أَوْ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلَوْ كَانَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ بِأَنْ دَفَعَ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ فَزَرَعَ الْعَامِلُ وَسَقَى فَلَمَّا نَبَتَ قَامَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْعَامِلِ فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ وَرَبُّ الْأَرْضِ مُتَطَوِّعٌ بِعَمَلِهِ كَمَا لَوْ قَامَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ بَذَرَ الْمُزَارِعُ وَلَمْ يَنْبُتْ وَلَمْ يَسْقِهِ فَسَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الشُّرُوطِ وَرَبُّ الْأَرْضِ مُتَطَوِّعٌ كَمَا لَوْ قَامَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْعَامِلُ حَتَّى زَرَعَهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَسَقَاهُ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ، وَإِنْ بَذَرَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّارِعِ وَلَمْ يَسْقِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ فَسَقَاهُ الْمُزَارِعُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَبَذَرَ وَلَمْ يَسْقِهِ