الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ، وَلَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَضَمَّهَا فَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا عَلَيْهِ نِصْفُهَا بِالْأَصَالَةِ وَنِصْفُهَا بِالْكَفَالَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَا يُؤَاخَذُ الْغَائِبُ بِشَيْءٍ) يَعْنِي لَا يُطَالِبُ الْمَوْلَى الْغَائِبَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِي الْكِتَابَةِ تَبَعًا فَصَارَ نَظِيرَ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ قَالَ رحمه الله (وَقَبُولُهُ لَغْوٌ) يَعْنِي قَبُولَ الْغَائِبِ وَرَدَّهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ نَفَذَتْ وَتَمَّتْ مِنْ غَيْرِ قَبُولِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبُولُهُ وَلَا رَدُّهُ كَمَنْ كَفَلَ دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ كَاتَبَ الْأَمَةَ عَنْ نَفْسِهَا، وَعَنْ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ لَهَا صَحَّ) ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِثْلُهَا فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ لِمَا أَنَّ الْأُمَّ وَالْأَبَ الرَّقِيقَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَيَكُونُ دُخُولُ الْوَلَدِ فِي كِتَابَتِهِمَا بِالشَّرْطِ لَا بِالْوِلَايَةِ كَدُخُولِ الْغَائِبِ فِي كِتَابَةِ الْحَاضِرِ وَقَبُولُ الْأَوْلَادِ وَرَدُّهُمْ لَا يُعْتَبَرُ وَفِي الْمُحِيطِ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَامْرَأَتَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا الصِّغَارِ، ثُمَّ إنَّ إنْسَانًا قَتَلَ الْوَلَدَ فَقِيمَتُهُ لِلْأَبَوَيْنِ، وَلَوْ غَابَ الْأَبُ فَأَرَادَ الْمَوْلَى اسْتِسْعَاءَ الْوَلَدِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكِتَابَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى كَسْبِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ تَبَعًا فَكَانَ كَسْبُهُ تَبَعًا وَيَدْفَعُ حِصَّتَهُ عَنْ الْأَبَوَيْنِ إنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَإِنْ مَاتَ الْأَبَوَيْنِ أَدَّى حَالًّا وَإِلَّا رُدَّ فِي الرِّقِّ إنْ وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ وَهُوَ كَبِيرٌ وَإِنْ وَقَعَتْ وَهُوَ صَغِيرٌ يَسْعَى عَلَى نُجُومِهِمَا فَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لَهُمَا وَلَا كَذَلِكَ الْكَبِيرُ اهـ.
وَذِكْرُ الْأُمِّ مِثَالٌ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ قَالَ فِي الْمُحِيطِ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ رُدَّ فِي الرِّقِّ رُدَّ الْوَلَدُ فِي الرِّقِّ وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ سَعَى الْأَوْلَادُ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا عَاجِزِينَ رُدُّوا فِي الرِّقِّ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ فَإِنْ قَالُوا نَسْعَى لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزُوا وَسَعَى بَعْضُهُمْ وَأَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى إخْوَتِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْ أَبِيهِ لَا عَنْ إخْوَتِهِ فَإِنْ ظَهَرَ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا لَمْ يَكُنْ مُطَالَبًا بِأَدَائِهِ وَلِلْمَوْلَى أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَدَاءِ جَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ أَبِيهِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَهُمْ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ كَانُوا كِبَارًا فَكَاتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وَأَدَّى عَتَقُوا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الصِّغَارِ اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَأَيٌّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ) لِمَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِحِصَّتِهِمْ يُؤَدُّونَهَا فِي الْحَالِّ بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْمُشْتَرَى حَيْثُ يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا وَيُطَالِبُ الْمَوْلَى الْأُمَّ بِالْبَدَلِ دُونَهُمْ، وَلَوْ أَعْتَقَهُمْ سَقَطَ عَنْهَا حِصَّتُهُمْ وَعَلَيْهَا الْبَاقِي عَلَى نُجُومِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ، وَلَوْ أَبْرَأَهُمْ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُمْ لَا يَصِحُّ وَلَهَا يَصِحُّ وَيُعْتَقُونَ مَعَهَا لِمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابَةِ الْحَاضِرِ مَعَ الْغَائِبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتَابَةِ عَبْدٍ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ شَرَعَ فِي كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ قَالَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَالَ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ ذَكَرَ كِتَابَةَ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ كِتَابَةِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ الْوَاحِدِ قَالَ رحمه الله (عَبْدٌ لَهُمَا أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُكَاتِبَ حِصَّتَهُ بِأَلْفٍ وَيَقْبِضَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَكَاتَبَ وَقَبَضَ بَعْضَهُ فَعَجَزَ فَالْمَقْبُوضُ لِلْقَابِضِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُكَاتِبَ حَظَّهُ وَتَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ لَهُمَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُثَنَّى يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا يَكُونُ لَهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ وَفِي الْأَصْلِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَمْ يَشْتَرِطُوا لِصِحَّةِ الْفَسْخُ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَالْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ شَرَطَ لَهُ الْقَضَاءَ أَوْ الرِّضَا. اهـ.
وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ، وَقَالَا هُوَ مُكَاتَبٌ لَهُمَا وَالْمَقْبُوضُ بَيْنَهُمَا وَأَصْلُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَجَزَّأُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا لَا تَتَجَزَّأُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْإِعْتَاقِ وَفِي الشَّارِحِ وَفَائِدَةُ إذْنِهِ بِالْقَبْضِ أَنْ يَنْقَطِعَ حَقُّهُ فِيمَا قَبَضَهُ وَيَخْتَصَّ بِهِ الْقَابِضُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ بِالْقَبْضِ إذْنٌ لِعَبْدِهِ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ إلَّا إذَا نَهَاهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَيَصِحُّ نَهْيُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يَتِمَّ بَعْدُ اهـ.
وَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ نِصْفُ كَسْبِهِ لَهُ فَإِذَا أَذِنَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَصْرِفَهُ بِدَيْنِهِ صَحَّ إذْنُهُ وَتَمَّ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِهِ فَكَانَ الْمَقْبُوضُ لِلْقَابِضِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَا يَرْجِعُ الْآذِنُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَرَّعَ عَلَيْهِ هُوَ الْعَبْدُ، وَلَوْ رَجَعَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى
لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِقَضَاءِ الثَّمَنِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ مَهْرِهِ وَحَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ حَيْثُ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ وَالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْبَائِعِ وَالْمَرْأَةِ صَلَحَتْ لِوُجُوبِ الدَّيْنِ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهَا فَأَمْكَنَ الرُّجُوعُ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ بِالْإِذْنِ مَرِيضًا وَأَدَّى مِنْ كَسْبِهِ قَبْلَهُ صَحَّ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِعَيْنِ مَالِهِ وَفِي الْأَوَّلِ بِالْمَنَافِعِ فَالْمُتَبَرِّعُ بِالْمَنَافِعِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَبِالْعَيْنِ مِنْ الثُّلُثِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْإِذْنَ بِكِتَابَةِ نَصِيبِهِ إذْنٌ بِكِتَابَةِ كُلِّهِ فَإِذَا كَاتَبَهُ صَارَ كُلُّهُ مُكَاتِبًا نَصِيبَهُ بِالْأَصَالَةِ وَنَصِيبَ شَرِيكِهِ بِالْوَكَالَةِ فَهُوَ مُكَاتَبٌ لَهُمَا وَالْمَقْبُوضُ بَيْنَهُمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَذِنَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ صَارَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا وَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَفْسَخَ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ حَيْثُ لَا تُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ نَصِيبُهُ مِنْ يَدِهِ وَبِخِلَافِ الْعِتْقِ وَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ حَيْثُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ.
اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ أَوْ مَعْنَى الْإِعْتَاقِ أَوْ مَعْنَى تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْمَالِ، وَلَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَيْسَ لِلْآخَرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ فَمِنْ أَيْنَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وِلَايَةُ الْفَسْخِ لِمَعْنًى يُوجِبُهُ وَهُوَ إلْحَاقُ الضَّرَرِ، وَلَوْ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا مَرَّ وَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الَّذِي كَاتَبَهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا.
ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَاتَبَ كُلَّهُ بِأَلْفٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْهُ شَرِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسَلِّمٌ لَهُ بَدَلَ نَصِيبِهِ وَإِنْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ فَقَطْ بِأَلْفٍ رَجَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ شَرِيكُهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ كَانَ بَدَلَ نَصِيبِهِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ بَعْضُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ، وَعِنْدَهُمَا بِالْأَدَاءِ عَتَقَ كُلُّهُ وَرَجَعَ السَّاكِتُ عَلَى شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَعَلَى الْعَبْدِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَكْسَابِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، وَلَوْ كَاتَبَهُ السَّاكِتُ بِمِائَةِ دِينَارٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ صَارَ مُكَاتَبًا لَهُمَا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا تَتَجَزَّأُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ السَّاكِتَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ فَإِذَا كَاتَبَهُ كَانَ فَسْخًا مِنْهُ فِي نَصِيبِهِ وَأَيُّهُمَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ نَصِيبِهِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ وَتَعَلَّقَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ الْمُسَمَّى فِي كِتَابَتِهِ فَإِنْ أَدَّى لَهُمَا مَعًا فَالْوَلَاءُ لَهُمَا عِنْدَهُمْ وَإِنْ قَدَّمَ أَحَدَهُمَا صَارَ كَمُكَاتَبِهِمَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَبْقَى نَصِيبُ صَاحِبِهِ مُكَاتَبًا وَلَا ضَمَانَ وَلَا سِعَايَةَ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْمُكَاتَبُ فَيُخَيَّرُ السَّاكِتُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْمُعْتِقِ وَالْإِعْتَاقِ وَاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ.
وَعِنْدَ الثَّانِي يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَعِنْدَ الثَّالِثِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَمِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فِي الْيَسَارِ وَيَسْعَى فِي الْإِعْسَارِ وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً لَا يُعْتَقُ بِأَدَاءِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ وَيُعْتَقُ بِإِعْتَاقِهِ وَإِبْرَائِهِ وَهِبَةِ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ قَبْلَهُ حَقٌّ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي التَّضْمِينِ وَالسِّعَايَةِ وَالْعِتْقِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَبِاسْتِيفَاءِ نَصِيبِهِ لَمْ يَبْرَأْ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ حَقُّهُمَا وَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِهِ فَلَا يُعْتَق حَتَّى يُؤَدِّيَ الْكُلَّ وَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَمْ يَعْلَمْ شَرِيكُهُ حَتَّى كَاتَبَ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ عَلِمَ، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِلسَّاكِتِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ وَالضَّرَرُ هُنَا يَنْدَفِعُ بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا وَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ هَذَا يُسَلَّمُ لَهُ لَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيهِ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبٌ كِتَابَةً عَلَى حِدَةٍ، وَإِذَا كَاتَبَ كُلَّهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ إلَى أَنْ قَالَ فَوَهَبَ لَهُ نِصْفَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَمْ يُعْتَقْ نَصِيبُهُ، وَلَوْ وَهَبَ جَمِيعَ نَصِيبِهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ دَيْنٌ وَاحِدٍ فَمَتَى وَهَبَ النِّصْفَ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى النِّصْفِ شَائِعًا مِنْ النَّصِيبَيْنِ فَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ لِلْعَبْدِ عَنْ جَمِيعِ حِصَّتِهِ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْ نِصْفِ حِصَّتِهِ وَمَتَى وَهَبَ حِصَّتَهُ وَحِصَّتُهُ لَا تَحْتَمِلُ إلَّا نَصِيبَهُ خَاصَّةً فَيَبْرَأُ الْعَبْدُ عَنْ جَمِيعِ حِصَّتِهِ فَيُعْتَقُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ إذَا وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ ثَمَّةَ وَجَبَ بِإِيجَابِهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعَ الْعَبْدِ، ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ حَيْثُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ خَاصَّة؛ لِأَنَّ إيجَابَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّهِ فَصَارَ وُجُودُ