الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْآذِنِ حَقًّا فَيَخْرُجُ الْمُسْتَغْرِقُ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ وَبِقَوْلِنَا قَبْلَهُ يَخْرُجُ مَا حَصَلَ بَعْدَهُ وَبِقَوْلِنَا مَعَ بَقَائِهِ يَخْرُجُ مَا إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَأَفَادَ أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِيهِ لِقَوْلِهِ بِمَا فِي يَدِهِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ مَا فِي يَدِهِ لَوْ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَا فِي يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ) وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يَمْلِكُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ سَبَبٌ لِمِلْكِ كَسْبِ الْيَدِ وَاسْتِغْرَاقُهَا بِالدَّيْنِ لَا يُوجِبُ خُرُوجَ الْمَأْذُونِ عَنْ مِلْكِهِ وَلِهَذَا مَلَكَ وَطْءَ الْمَأْذُونَةِ فَكَذَا كَسْبُهُ الَّذِي فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أَصْلَهُ فَيَكُونُ مِثْلَهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْلَى إنَّمَا يَثْبُتُ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ عِنْدَ فَرَاغِهِ عَنْ حَاجَتِهِ، وَالْمُحِيطِ خِلَافُهُ عِنْدَ مَشْغُولٍ بِحَاجَتِهِ فَلَا يَمْلِكُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ الدَّيْنُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُحِيطَ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ أَوْ لَا يُحِيطُ أَوْ أَحَاطَ بِمَالِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ دُونَ مَالِهِ وَأُطْلِقَ فِي دَيْنِ الْعَبْدِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ أَوْ كَسْبَهُ، وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ جَازَ وَيَضْمَنُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ.
[عَبْدٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ]
وَفِي الْمُحِيطِ عَبْدٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ جَازَ وَنَفَذَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَا بِهِ حَقُّ الْغَرِيمِ وَلَا مَنْفَعَةَ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ هِبَةُ مَالِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْغُرَمَاءُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِمَالِيَّتِهِ وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي بَعْضِهَا يَجُوزُ قِيلَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَجُوزُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْمَوْلَى دَيْنَهُ أَوْ لَمْ تَبَرَّهُ الْغُرَمَاءُ وَفِيهِ أَيْضًا وَهَبَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ مِنْ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ حَالَّةٌ وَأَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ فَلِصَاحِبِ الْحَالِّ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ فِي الْكُلِّ وَلَوْ عَيَّبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَبْدَ ضَمِنَ الْمَوْلَى لِرَبِّ الدَّيْنِ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِصَاحِبِ الْحَالِّ النَّقْضُ وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا مَلَكَ الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا وَلَوْ قُيِّدَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى.
قَالَ رحمه الله (وَبَطَلَ تَحْرِيرُهُ عَبْدًا مِنْ كَسْبِهِ) وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَمَّا كَانَ الْعِتْقُ أَقْوَى نَفَاذًا مِنْ غَيْرِهِ صَرَّحَ بِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَوْلَى فِي غَيْرِهِ بَاطِلٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَعِنْدَهُمَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حَتَّى يُعْتَقَ بِإِعْتَاقِهِ وَلَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ أَكْسَابِهِ حَتَّى لَا يَنْفُذَ إعْتَاقُهُ فِيهِ، فَإِذَا نَفَذَ عِتْقُهُ فِي رَقَبَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا فِيهِ وَفِي كَسْبِهِ يَضْمَنُ لِلْغُرَمَاءِ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بِالْإِعْتَاقِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْعَبِيدِ بِالْقَتْلِ يَضْمَنُ لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْحَالِّ عِنْدهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ لِتَعَلُّقِ كَسْبِ الْعَبْدِ كَذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا يَنْفُذُ وَيَضْمَنُ حَقَّ الْغَيْرِ بِهِ وَعِنْدَهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ حَيَاتِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَلَوْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ.
وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَضْمَنُ عُقْرَهَا وَلَا قِيمَةَ وَلَدِهَا وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا مِلْكَهُ ثَابِتٌ حَقِيقَةً وَعِنْدَهُ صَادَفَ حَقَّ الْمِلْكِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ ثُمَّ وَطِئَهَا فَوَلَدَتْ عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لَهَا وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ تَوَقَّفَ عِنْدَهُ عَلَى أَنْ يَنْفُذَ عِنْدَ تَمَلُّكِ الْجَارِيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى دَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ أَبْرَأ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ مِنْ دُيُونِهِمْ حَتَّى مَلَكَ الْجَارِيَةَ نَفَذَ عِتْقُهُ فَكَذَا إذَا مَلَكَ الْجَارِيَةَ بِالِاسْتِيلَادِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَذِكْرُ الْمَوْلَى مِثَالٌ، فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ إذَا بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ إنْ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ أَوْ قَضَى الْمَوْلَى دَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ أَبْرَأ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ عَنْ الدَّيْنِ يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يُجِيزُوا الْبَيْعَ، وَالْمَوْلَى لَمْ يَقْبِضْ دَيْنَهُ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عِتْقُهُ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِمْ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقًا وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي قَالُوا لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَقِفُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ هَذَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا إذَا قَبَضَ الْعَبْدَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَإِذَا تَقَدَّمَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْغُرَمَاءُ بَعْدَ هَذَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوهُ الْقِيمَةَ هَذَا إذَا أَجَازُوا بَيْعَ الْمَوْلَى، وَإِنْ ضَمَّنُوا قِيمَتَهُ لِلْمَوْلَى فَبَيْعُ الْمَوْلَى يَنْفُذُ وَيُسَلَّمُ الثَّمَنُ لِلْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْعَبْدَ بَعْدَمَا قَبَضَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ وَأَجَازُوا بَيْعَ الْمَوْلَى يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي وَهِبَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَيَتَوَقَّفُ تَحْرِيرُهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ تَصَرُّفٌ فُضُولِيٌّ وَقَدْ أَفَادَ فِي الْمُحِيطِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ
أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَالْعِتْقُ كَذَلِكَ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ لَمْ يُحِطْ صَحَّ) يَعْنِي، وَإِنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا فِي يَدِهِ جَازَ عِتْقُهُ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَكَذَا عِنْدَهُ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَفِي حَقِّ التَّعَلُّقِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْفَرَاغُ وَبَعْضُهُ فَارِغٌ وَبَعْضُهُ مَشْغُولٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْمِلْكَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ عَدَمِ الْمِلْكِ لَمْ يُوجَدْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ كَذَا نَقَلَهُ الشَّارِح وَفِي الْهِدَايَةِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِمَالِهِ جَازَ عِتْقُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ رَقَبَتَهُ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ جَازَ عِتْقُ الْمَوْلَى عَبْدًا مِنْ كَسْبِهِ قَالَ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ يَعْقُوبَ فِي رَجُلٍ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا وَعَلَى الْأَوَّلِ أَلْفٌ دَيْنٌ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى فَعِتْقُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ مِثْلَ قِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ إنْفَاذَ الْعِتْقِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِيمَا لَوْ أَحَاطَ بِكَسْبِهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ مَلَكَ الْمَوْلَى بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عِنْدَ الْفَرَاغِ وَهَذَا لَيْسَ بِفَارِغٍ فَظَهَرَ أَنَّ ذِكْرَ الرَّقَبَةِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ النَّفَاذُ قَالَ رحمه الله (وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ مِنْ السَّيِّدِ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ وَبِأَقَلَّ مِنْهُ فِيهِ تُهْمَةٌ فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ النُّقْصَانُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَدَمُ النَّفَاذِ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ وَقُيِّدَ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَابَا لِأَجْنَبِيٍّ عِنْدَ الْإِمَامِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ عَيْنًا مِنْ وَارِثِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيثَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِهَا وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ مَمْنُوعٌ عَنْ إبْطَالِ الْمَالِيَّةِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ جَمِيعَ مَالِهِ بِمِثْلٍ مِنْ الْقِيمَةِ وَبِأَقَلَّ مِنْهُ إلَى ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا إنْ بَاعَ مِنْ الْمَوْلَى جَازَ فَاحِشًا كَانَ الْغَبْنُ أَوْ يَسِيرًا وَلَكِنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُزِيلَ الْغَبْنَ أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ فِي الْمُحَابَاةِ إبْطَالَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَالِيَّةِ فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ حَيْثُ يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْكَثِيرِ مِنْ الْمُحَابَاةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا عِنْدَهُمَا وَمِنْ الْمَوْلَى يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمُحَابَاةِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ عَلَى أَصْلِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَلَا إذْنَ.
وَفِي الْكَافِي، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ الْمَوْلَى بِنُقْصَانٍ لَمْ يَجُزْ فَاحِشًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ أَنْ يُزِيلَ الْغَبْنَ أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا وَقِيلَ إنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ كَقَوْلِهِمَا وَفِي الْمُحِيطِ قَوْلُ الْكُلِّ وَقِيلَ قَوْلُهُمَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَوْلَى الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَزِمَهُ تَمَامُ الْقِيمَةِ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة بِرَقْمٍ وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ إذَا بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بَعْضَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِبَعْضِ الْمَالِ مِنْ تِجَارَةٍ وَحَابَا فِي ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْبَيْعُ جَائِزٌ سَوَاءٌ حَابَا فِي الْبَيْعِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ الْمُحَابَاةُ ثُلُثَ مَالِ الْمَوْلَى، فَإِذَا جَاوَزَ ثُلُثَ مَالِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَلَمْ يُرِدْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا وَحَابَا الْعَبْدُ بِمَا يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَيْفَمَا كَانَ جَاوَزَتْ الْمُحَابَاةُ ثُلُثَ الْمَالِ أَمْ لَمْ تُجَاوِزْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى وَحَابَا فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ ثُلُثَ مَالِهِ فَكَذَا الْعَبْدُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُسَلَّمُ الْمُشْتَرَى وَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَحَابَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا حَتَّى إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أُودِي قَدْرَ الْمُحَابَاةِ وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَةٍ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ أَوْ لَا يُحِيطُ فَبَاعَ وَاشْتَرَى وَحَابَا مُحَابَاةً يَسِيرَةً أَوْ فَاحِشَةً فَالْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ لَا يُوجَدُ عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَةٌ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ الْمُحَابَاةَ الْيَسِيرَةَ فِي الْمَرِيضِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إلَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ خَاصَّةً فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ خَصَائِصِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِجَمِيعِ مَالِ الْمَوْلَى أَوْ لَا يَكُونُ مُحِيطًا بِجَمِيعِ