المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أعار ثوبا ليرهنه] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٨

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[تَكْمِلَة الْبَحْر الرَّائِق للطوري] [

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ]

- ‌[أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَجَّامِ]

- ‌[اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ]

- ‌[اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا]

- ‌[بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ]

- ‌[وَلَا يَضْمَنُ الْأَجِير حَجَّامٌ أَوْ فَصَّادٌ أَوْ بَزَّاغٌ لَمْ يَتَعَدَّ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ]

- ‌[بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[تُفْسَخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَقَدَ لِنَفْسِهِ]

- ‌[تُفْسَخُ الْإِجَارَة بِخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[تُفْسَخُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَيْ الْإِجَارَة]

- ‌[اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلسَّفَرِ فَبَدَا لَهُ مِنْهُ رَأْيٌ لَا لِلْمُكَارِي]

- ‌[أَقْعَدَ خَيَّاطٌ أَوْ صَبَّاغٌ فِي حَانُوتِهِ مَنْ يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ]

- ‌[الْمُزَارَعَةُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[أَلْفَاظُ الْكِتَابَة]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا]

- ‌[دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ فَقَالَ الْعَبْدُ كَاتَبْتنِي عَلَى أَلْفٍ وَقَالَ عَلَى أَلْفَيْنِ]

- ‌[الْمَرِيضَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَمَاتَ الْمَوْلَى]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[أَمَةٌ بَيْنَهُمَا كَاتَبَاهَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ ثُمَّ وَطِئَ الْآخَرُ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ وَمَوْتِ الْمَوْلَى]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ]

- ‌[لَيْسَ لِلْمُعْتَقِ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا]

- ‌[فُرُوعٌ عَبْدٌ لِحَرْبِيٍّ خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا فِي تِجَارَةٍ لِمَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[شَرْطُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ وَالْبَائِعُ مُكْرَهٌ]

- ‌[أَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ وَدَمٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ قَيْدٍ مُكْرَهًا]

- ‌[الْقِصَاص مِنْ الْمُكْرَهِ]

- ‌[أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ إنْسَانٍ يَقْطَعُ يَدَهُ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ]

- ‌[إقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ]

- ‌[بَيْع السَّفِيه]

- ‌[بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا]

- ‌[يُخْرِجُ الزَّكَاةَ عَنْ مَالِ السَّفِيهِ]

- ‌[أَوْصَى السَّفِيه بِوَصَايَا فِي الْقُرَبِ وَأَبْوَابِ الْخَيْرِ]

- ‌[أَقَرَّ الْمَدْيُون فِي حَالِ حَجْرِهِ بِمَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا وَيَبِيعُ فِي حَانُوتِهِ فَسَكَتَ]

- ‌[اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا وَوَهَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا مِنْ الْعَبْدِ]

- ‌[بَاعَ الْمَأْذُونُ عَبْدَهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ حُرٌّ وَصَدَّقَهُ الْمَأْذُونُ]

- ‌[شَرِيكَانِ أَذِنَا لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ]

- ‌[حَجَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا تَصِيرُ مَحْجُورَةً بِاسْتِيلَادِ الْمَوْلَى]

- ‌[عَبْدٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ]

- ‌[أَقْرَضَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ أَلْفًا]

- ‌[لَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى]

- ‌[دَخَلَ رَجُلٌ بِعَبْدِهِ مِنْ السُّوقِ وَقَالَ هَذَا عَبْدِي وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ]

- ‌[بَاعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[غَصَبَ عَقَارًا وَهَلَكَ فِي يَدِهِ]

- ‌[ذَبَحَ الْمَغْصُوبُ شَاةً أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا فَاحِشًا]

- ‌[فَصْلٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ]

- ‌[وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ]

- ‌[مَنَافِعَ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[الشُّفْعَةُ بِالْبَيْعِ]

- ‌[بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ]

- ‌[لِلشَّفِيعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ]

- ‌[الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ]

- ‌[بَابُ مَا يَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا يَجِبُ]

- ‌[مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[ابْتَاعَ أَوْ اُبْتِيعَ لَهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ]

- ‌[الْحِيلَةُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ وَالزَّكَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[طَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ]

- ‌[كَيْفَ يُقَسَّم سُفْلٌ لَهُ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ مُجَرَّدٌ وَعُلُوٌّ مُجَرَّدٌ]

- ‌[فُرُوعٌ لِأَحَدِهِمَا شَجَرَةٌ أَغْصَانُهَا مُطِلَّةٌ عَلَى قِسْمَةِ الْآخَرِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[تَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ]

- ‌[ذَبِيحَة الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْمُحْرِمِ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا]

- ‌[مَا يَقُولهُ عِنْد الذَّبْح]

- ‌[كَيْفِيَّة الذَّبْح]

- ‌[مَا يَكْرَه فِي الذَّبْح]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ وَلَا يَحِلُّ مِنْ الذَّبَائِحِ]

- ‌[أَكْلُ غُرَابُ الزَّرْعِ]

- ‌[أَكُلّ الْأَرْنَب]

- ‌[ذَبَحَ شَاةً فَتَحَرَّكَتْ أَوْ خَرَجَ الدَّمُ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[الْأُضْحِيَّة بِالْجَمَّاءِ]

- ‌[الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ]

- ‌[الْأَكْلُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أُجْرَةَ الْجَزَّارِ هَلْ تَأْخَذ مِنْ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ فِي الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[تَعْرِيف الْإِيمَانُ]

- ‌[صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى هَلْ قَدِيمَةٌ كُلُّهَا]

- ‌[تَتِمَّةٌ هَلْ عَلَى الصَّبِيِّ حَفَظَةٌ يَكْتُبُونَ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ]

- ‌[الْأَكْلُ مِنْ طَعَامِ الظَّلَمَةِ]

- ‌[الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُتَّكِئًا أَوْ وَاضِعًا شِمَالَهُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ مُسْتَنِدًا]

- ‌[دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ وَثَمَّةَ لَعِبٌ وَغِنَاءٌ]

- ‌[رَأَى رَجُلًا سَرَقَ مَالَ إنْسَانٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[تَوَسُّدُهُ وَافْتِرَاشُهُ أَيْ الْحَرِير]

- ‌[لُبْسُ مَا سَدَاه حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ قُطْنٌ أَوْ خَزٌّ]

- ‌[الْأَفْضَلُ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي تَرْكُ التَّخَتُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَاللَّمْسِ]

- ‌[لَا يَنْظُرُ مَنْ اشْتَهَى إلَى وَجْهِهَا إلَّا الْحَاكِمَ]

- ‌[يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ إلَّا الْعَوْرَةَ]

- ‌[يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى فَرْجِ أَمَتِهِ وَزَوْجَتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ تَقْبِيلُ غَيْرِهِ وَمُعَانَقَتُهُ]

- ‌[لَا تُعْرَضُ الْأَمَةُ إذَا بَلَغَتْ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ لِلْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[لَهُ أَمَتَانِ أُخْتَانِ قَبَّلَهُمَا بِشَهْوَةِ]

- ‌[تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَمُعَانَقَتُهُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ]

- ‌[احْتِكَارُ قُوتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ فِي بَلَدٍ لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِهَا]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِنْ خَمَّارٍ]

- ‌[حَمْلُ خَمْرِ الذِّمِّيِّ بِأَجْرٍ]

- ‌[بَيْعُ بِنَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ أَوْ أَرَاضِيهَا]

- ‌[خَصِيُّ الْبَهَائِمِ]

- ‌[إنْزَاءُ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ]

- ‌[وَالدُّعَاءُ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك]

- ‌[وَاللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْد]

- ‌[رِزْقُ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[سَفَرُ الْأَمَةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِلَا مَحْرَمٍ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ الْأَرْض الْمَوَات]

- ‌[مَا عَدَلَ عَنْهُ الْفُرَاتُ وَلَمْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَيْهِ فَهُوَ مَوَاتٌ]

- ‌[مَسَائِلُ الشِّرْبِ]

- ‌[لَا كِرَاءَ عَلَى أَهْلِ الشُّفْعَةِ]

- ‌[نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ اخْتَصَمُوا فِي الشِّرْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ مَاء الزَّبِيب]

- ‌[الْمُثَلَّثُ مِنْ أَنْوَاع الْخَمْر]

- ‌[خَلُّ الْخَمْرِ]

- ‌[شُرْبُ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌[الصَّيْد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ]

- ‌[شُرُوط حَلَّ الصَّيْد]

- ‌[التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَمِنْ الْجَرْحِ فِي الصَّيْد]

- ‌[أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ]

- ‌[قَوْمًا مِنْ الْمَجُوسِ رَمَوْا سِهَامَهُمْ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ نَحْوَ مُسْلِمٍ]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ]

- ‌[صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَابٌ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[فَصْلٌ ارْتَهَنَ قُلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ بِكُرٍّ سَلَمٍ أَوْ قَرْضٍ وَقِيمَتُهُ مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ]

- ‌[بَابٌ الرَّهْنُ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ]

- ‌[الْمَسَائِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَاخِرِ الْكُتُبِ]

- ‌[مَسَائِلُهُ عَلَى فُصُولٍ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ]

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِنَايَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُلْحَقُ بِدِيَةِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَابُ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ]

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانِ أَحْكَامِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ وَمَا يَمْلِكُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى]

- ‌[إيمَاءُ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَتُهُ ومسائل متفرقة تتعلق بالكتابة والشهادة]

- ‌[مسائل متفرقة في التحري في الذكاة والنجاسة]

- ‌[مسائل متفرقة في الخراج والعشر]

- ‌[مسائل متفرقة في قضاء الصيام والصلاة]

- ‌[قَتْلُ بَعْضِ الْحَاجِّ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْحَجِّ]

- ‌[مسائل متفرقة في انعقاد النكاح والنشوز]

- ‌[مسائل متفرقة في الطلاق]

- ‌[مسائل متفرقة في البيع]

- ‌[قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ]

- ‌[مسائل متفرقة في الإقرار والدعوى]

- ‌[مسائل متفرقة في الوكالة]

- ‌[مسائل متفرقة في الصلح]

- ‌[مسائل متفرقة في تصرفات السلطان]

- ‌[مسائل متفرقة في الإكراه]

- ‌[أَحَالَتْ إنْسَانًا عَلَى الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ، ثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ لِلزَّوْجِ]

- ‌[اتَّخَذَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ بَالُوعَةً فَنَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ فَطَلَبَ تَحْوِيلَهُ]

- ‌[عَمَّرَ دَارَ زَوْجَتِهِ بِمَالِهِ بِإِذْنِهَا فَالْعِمَارَةُ لَهَا وَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا]

- ‌[أَخَذَ غَرِيمَهُ فَنَزَعَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ]

- ‌[فِي يَدِهِ مَالُ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ سُلْطَانٌ ادْفَعْ إلَى هَذَا الْمَالَ]

- ‌[وَضَعَ مِنْجَلًا فِي الصَّحْرَاءِ لِيَصِيدَ بِهِ حِمَارَ وَحْشٍ وَسَمَّى عَلَيْهِ فَجَاءَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَوَجَدَا الْحِمَارَ مَجْرُوحًا مَيِّتًا]

- ‌[يكره مِنْ الشَّاةِ الْحَيَاءُ وَالْخُصْيَةُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ]

- ‌[لِلْقَاضِي أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْغَائِبِ وَالطِّفْلِ وَاللَّقْطَةِ]

- ‌[مسائل في الختان والتداوي والزينة]

- ‌[مسائل في المسابقة والقمار]

- ‌[مسائل في الصلاة على النبي وغيره والدعاء بالرحمة والمغفرة]

- ‌[وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ]

- ‌[مسائل متفرقة في اللباس]

- ‌[لِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ]

- ‌[وَلِحَافِظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌أَصْنَافِ الْوَارِثِينَ

- ‌[مَا يَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ]

- ‌[الْوَقْتِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ]

- ‌[مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْإِرْثُ وَمَا يَحْرُمُ بِهِ]

- ‌[يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ]

- ‌[مِيرَاث أَصْحَاب الْفُرُوض]

- ‌[أَنْوَاع الْحَجْبَ]

- ‌[مِيرَاث ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مِيرَاثِ مَنْ لَهُ قَرَابَتَانِ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ]

- ‌[الْعَوْلِ]

- ‌[الرِّدُّ]

- ‌[الْمُنَاسَخَة]

- ‌التَّصْحِيحِ

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[فصل أعار ثوبا ليرهنه]

هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ هَلَكَ مَجَّانًا) لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ لَوْ قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي الْعَارِيَّةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ رَدَّ مَا قَبَضَ قَالَ رحمه الله (بِرُجُوعِهِ عَادَ ضَمَانُهُ) يَعْنِي بِرُجُوعِ الرَّهْنِ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَادَ الضَّمَانُ حَتَّى يَذْهَبَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ لِعَوْدِ الْقَبْضِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ إلَى يَدِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ بَاقٍ إلَّا فِي حَقِّ الضَّمَانِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ غُرَمَائِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَارِيَّةِ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَالضَّمَانُ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ وَلَدَ الرَّهْنِ رَهْنٌ، وَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ قَالَ رحمه الله (لَوْ أَعَارَهُ أَحَدُهُمَا أَجْنَبِيًّا بِإِذْنِ الْآخَرِ سَقَطَ الضَّمَانُ) لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ رحمه الله (وَلِكُلٍّ أَنْ يَرُدَّهُ رَهْنًا) يَعْنِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ حَقٌّ فِي الرَّهْنِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ رَهْنًا مَكَانَهُ لِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَّرَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ ثَانِيًا حَيْثُ لَا يَعُودُ رَهْنًا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تُبْطِلُ الرَّهْنَ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَالْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ لَازِمَيْنِ، وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ الْإِعَارَةِ لِلْعَمَلِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ هَلَكَ بِالدَّيْنِ لِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَكَذَا إنْ هَلَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ لِارْتِفَاعِ يَدِ الْأَمَانَةِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي حَالَةِ الْعَمَلِ هَلَكَ أَمَانَةً، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْهَلَاكِ فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ هَلَكَ فِي حَالَةِ الْعَمَلِ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ.

قَالَ رحمه الله (لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِإِثْبَاتِ مِلْكِ الْيَدِ فَيُعْتَبَرُ التَّبَرُّعُ بِإِثْبَاتِ مِلْكِ الْعَيْنِ وَالْيَدِ وَيَجُوزُ أَنْ يَنْفَصِلَ مِلْكُ الْيَدِ عَنْ مِلْكِ الْعَيْنِ ثُبُوتًا لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا يَنْفَصِلُ لِحَقِّ الْبِيَعِ زَوَالًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُزِيلُ الْمِلْكَ دُونَ الْيَدِ فَيَكُونُ رَهْنًا بِمَا رَهَنَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا حَيْثُ أَطْلَقَ لَهُ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ مَسَائِلُهُ عَلَى فُصُولٍ: أَحَدُهَا فِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَارَةِ. وَالثَّانِي فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الْهَلَاكِ وَالنُّقْصَانِ. وَالثَّالِثُ فِي ضَمَانِهِ بِهِمَا.

[فَصْلٌ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ]

فَصْلٌ فَإِذَا أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا أَوْ سَمَّى لَهُ مَالًا أَوْ عَيَّنَ لَهُ مَتَاعًا أَوْ شَخْصًا، فَإِنْ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ وَعَيَّنَ لَهُ مَكَانًا أَوْ شَخْصًا، وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَرْهَنُهُ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِأَيِّ قَدْرٍ وَبِأَيِّ نَوْعٍ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ قَضَاءَ دَيْنِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ وَاسْتِيفَاءٌ حُكْمًا، وَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ قَضَاءَ دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ جَازَ فَكَذَا هَذَا وَالِاسْتِعَارَةُ وُجِدَتْ مُطْلَقَةً فَقَدْ رَضِيَ الْمُعِيرُ بِأَنْ يَرْهَنَ بِمَا شَاءَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَعْمَلُ بِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَيُرْكِبَ غَيْرَهُ وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا فَكَذَا هَذَا، وَإِذَا سَمَّى مَالًا مَقْدُورًا فَرَهَنَ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا سَوَاءً أَوْ أَكْثَرَ فَرَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا سُمِّيَ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُعِيرُ، فَإِنَّ بَعْضَهُ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بَلْ طَلَبَ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّهُ مَضْمُونًا، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ بِأَكْثَرَ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ الْمُعِيرُ إلَى الْفِكَاكِ لِيَصِيرَ إلَى مِلْكِهِ وَرُبَّمَا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْفِكَاكُ مَتَى زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُسَمَّى فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِضَمَانٍ قَلِيلٍ، وَلَمْ يَرْضَ بِقَضَاءِ دَيْنٍ كَثِيرٍ فَصَارَ مُخَالِفًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِأَنْ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِعَشْرَةٍ وَقِيمَتُهُ تِسْعَةٌ، فَإِنْ رَهَنَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تِسْعَةً لَا يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ ضَمِنَ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الدَّرَاهِمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ مَتَى هَلَكَ الثَّوْبُ وَمَتَى رَهَنَ بِالطَّعَامِ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى انْفِكَاكِ وَرُبَّمَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الْفِكَاكُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْفِكَاكُ بِالطَّعَامِ فَيُلْحِقُهُ زِيَادَةَ ضَرَرٍ وَأَمَّا إذَا أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ مِنْ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَرَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ لِاسْتِخْلَاصِ مِلْكِهِ وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الْحِفْظِ وَالْأَمَانَةِ فَالرِّضَا بِحِفْظِ زَيْدٍ لَا يَكُونُ رِضًا بِحِفْظِ عَمْرٍو فَالْخِلَافُ يُخْلِفُهُ زِيَادَةُ ضَرَرٍ، وَلَوْ أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِالْكُوفَةِ فَرَهَنَهُ بِالْبَصْرَةِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ وَالْأَمْكِنَةَ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَلِأَنَّهُ يَخَافُ خَطَرَ الطَّرِيقِ مَتَى نُقِلَ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْفِكَاكُ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ وَيَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْفِكَاكُ فِي غَيْرِهِ.

وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْهَلَاكِ أَوْ النُّقْصَانِ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي قَضَاءَ دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ وَالْمُسْتَعِيرُ يُنْكِرُ، فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ اسْتَرَدَّ الرَّهْنَ قَبْلَ الِافْتِكَاكِ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ تَصَادَقَا عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ عَقْدٌ جَرَى بَيْنَهُمَا

ص: 305

فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُمَا أَنَّهُمَا فَسَخَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلِأَنَّ الْمُعِيرَ ادَّعَى أَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقَدْرِ مَا يَذْهَبُ عَنْهُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ قَاضِيًا دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ بِأَمْرِهِ، فَإِذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ الْفِكَاكِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إنَّمَا يَضْمَنُ الْعَارِيَّةَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِالْخِلَافِ أَوْ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا وَإِمَّا لَا يَضْمَنُ بِالْقَبْضِ وَالدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ وَبَعَثَ وَكِيلًا يَقْبِضُ الْعَبْدَ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عِيَالِهِ كَالْمُودَعِ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ.

وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ، وَفِي الْحَالَيْنِ دَفَعَ الْأَمَانَةَ إلَى مِنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي الْعَارِيَّةِ إنَّمَا حَصَلَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِالْإِعَارَةِ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ بَدَلٍ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ الْوَدِيعَةِ لِيَحْصُلَ لَهُ الْإِذْنُ تَبَعًا لِتَمَلُّكِ الْمَنْفَعَةِ رَهَنَ الْمُسْتَعَارَ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَالَ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَى الرَّاهِنِ أَلْفٌ لِلْمُعِيرِ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ أَلْفٌ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ كَالْمَقْبُوضِ بِحَقِيقَةِ الرَّهْنِ فَضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ مِثْلَ الْمُسَمَّى وَهُوَ أَلْفٌ لِلرَّاهِنِ وَمَا أُخِذَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بَدَلُ الْعَبْدِ فَيَكُونُ لِمَالِكِ الْعَبْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُرْتَهِنِ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلَيْنِ مَتَاعًا لِلرَّهْنِ، ثُمَّ قَضَى نِصْفَ الْمَالِ، وَقَالَ هَذَا عَنْ نَصِيبِ فُلَانٍ يَكُونُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّهْنِ مَحْبُوسٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ إذْ لَوْ جَعَلْنَا كُلَّ جُزْءٍ مَحْبُوسًا بِبَعْضِ الدَّيْنِ يُمْكِنُ الشُّيُوعُ فِي الرَّهْنِ وَأَنَّهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الرَّهْنِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْبَعْضُ مَحْبُوسًا بِبَعْضِ الدَّيْنِ فَلِهَذَا لَوْ قَضَى كَانَ مَا قَضَى عَنْ جَمِيعِ الْعَبْدِ.

رَهَنَ الْمُسْتَعَارَ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَقَضَى الدَّيْنَ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُرْتَهِنُ ضَامِنٌ فِي الْأَلْفِ يَرُدُّهَا عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ وَلَا ضَمَانَ لِلْمُعِيرِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ رَدَّهَا عَلَى الرَّاهِنِ وَرَدَّهَا الرَّاهِنُ عَلَى الْمُعِيرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ صَارَ قَاضِيًا دَيْنَهُ بِهَلَاكِ الرَّاهِنِ مِنْ وَقْتِ الِارْتِهَانِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِلدَّيْنِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْيَدِ وَالْحَبْسُ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ فَظَهَرَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ الْأَلْفَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ فَوَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّهَا عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا مِنْهُ، ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ بِأَمْرِهِ قَبَضَ دَابَّةً عَارِيَّةً لِيَرْهَنَهَا فَرَكِبَهَا ثُمَّ رَهَنَهَا، ثُمَّ قَضَى الْمَالَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الرَّهْنَ حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لِلرَّهْنِ مُودِعٌ خَالَفَ بِالرُّكُوبِ، وَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ.

وَفِي الْجَامِعِ أَصْلُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ لِإِيفَاءِ الْحُقُوقِ الْمُحْتَرَمَةِ إلَى أَرْبَابِهَا لَا لِإِبْطَالِهَا وَإِهْدَارِهَا مَاتَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزَالَةَ يَدِهِ وَإِبْطَالَ حَقِّهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمُعِيرِ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ وَفِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَبِعْ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّ أَبَاهُمْ يَكُونُ مُفِيدًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَبِعْ الرَّهْنَ رُبَّمَا يَقْضِي الْمُسْتَعِيرُ دَيْنَ نَفْسِهِ أَوْ يُبْرِئُهُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ دَيْنِهِ فَيُسَلِّمُ الرَّهْنَ لَهُمْ فَيَبِيعُونَ وَيَقْضُونَ حَقَّ غَرِيمِ الْمُعِيرِ وَيَبْقَى الْفَضْلُ لَهُمْ، وَلَوْ بِيعَ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ رُبَّمَا لَا يَصِلُ إلَيْهِمْ شَيْءٌ أَوْ يَصِلُ إلَيْهِمْ أَقَلُّ مِمَّا يَصِلُ إلَيْهِ إذَا بَاعُوا بَعْدَ قَضَاءِ الْمُسْتَعِيرِ دَيْنَهُ فَكَانَ أَبَاهُمْ مُفِيدًا فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ لَمْ يَبِعْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُرْتَهِنُ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ عَيَّنَّ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا فَخَالَفَ ضَمَّنَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ) أَيْ لَوْ عَيَّنَ الْمُعِيرِ قَدْرَ مَا يَرْهَنُهُ بِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ الْبَلَدِ الَّذِي يَرْهَنُهُ فِيهِ فَخَالَفَ كَانَ الْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي حَقِّهِ فَصَارَ الرَّاهِنُ كَالْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ مُفِيدٌ وَهُوَ نَفْيُ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الِاحْتِبَاسُ بِمَا تَيَسَّرَ أَدَاؤُهُ وَبَقِيَ النُّقْصَانُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ أَنْ يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَكْثَرِ بِمُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْهَلَاكِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْكَثِيرِ وَالنُّقْصَانُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ إلَّا إذَا عَيَّنَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَرَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ مَعَ تَيْسِيرِ أَدَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقَدْرِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِهِ فَتَعْيِيبُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ غَيْرُ مُفِيدٍ فِي حَقِّهِ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لِتَعَسُّرِ أَدَائِهِ.

وَكَذَلِكَ التَّقْيِيدُ بِالْجِنْسِ وَالشَّخْصِ وَالْبَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُفِيدٌ لِتَيْسِيرِ بَعْضِ الْأَجْنَاسِ فِي التَّحْصِيلِ

ص: 306

دُونَ الْبَعْضِ وَتَفَاوُتِ الْأَشْخَاصِ وَالْبُلْدَانِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِعَانَةِ فَيَضْمَنُ بِالْمُخَالَفَةِ فَلَوْ قَالَ ضَمِنَ حَيْثُ كَانَ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَإِذَا ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ، ثُمَّ عَقَدَ الرَّهْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِمَا ضَمِنَ وَبِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى مَا بَيِّنَاهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ فَرَاجِعْهُ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ وَافَقَ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَوَجَبَ مِثْلُهُ لِلْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءٌ وَبِالْهَلَاكِ يَتِمُّ الِاسْتِيفَاءُ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الرَّاهِنِ وَيَضْمَنُ لِلْمُعِيرِ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ الْقَدْرَ دَيْنَهُ إنْ كَانَ كُلُّهُ مَضْمُونًا وَإِلَّا يَضْمَنُ قَدْرَ الْمَضْمُونِ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَكَذَا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ بِعَيْبٍ أَصَابَهُ يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهِ وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ بِذَلِكَ عَلَى الرَّاهِنِ لِمَا ذَكَرْنَا. وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَوَجَبَ مِثْلُهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مِنْ الْقِيَمِيِّ لَا مِنْ الْمِثْلِيِّ. وَقَوْلُ مُنْلَا مِسْكِينٍ أَيْ وَجَبَ مِثْلُ الدَّيْنِ لِلْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَلَامٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ هُنَا قِيمَةُ الثَّوْبِ.

وَلَوْ قَالَ وَجَبَ بَدَلُهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ رحمه الله (وَلَوْ افْتَكَّهُ الْمُعِيرُ لَا يَمْتَنِعُ الْمُرْتَهِنُ إنْ قَضَى دَيْنَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا أَدَّى الدَّيْنَ. وَقَوْلُهُ لَا يَمْتَنِعُ مَحِلُّهُ إذَا رَهَنَهُ وَحْدَهُ فَلَوْ رَهَنَ مَا اسْتَعَارَهُ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُعِيرُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، فَإِذَا قَضَى يَأْخُذُ مِلْكَهُ لَا غَيْرُ قَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْمُعِيرِ قَضَى الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا قَضَى الدَّيْنَ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَلَيْسَ بِسَاعٍ فِي خَلَاصِ مِلْكِهِ، وَفِي النِّهَايَةِ إذَا افْتَكَّهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ أَكْثَرَ لَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مُضْطَرٌّ إلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ لِخَلَاصِ حَقِّهِ فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ مَعَ وُجُودِ التَّضَرُّر وَأَجَابَ فِي النِّهَايَة قَالَ قُلْنَا الضَّمَانُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِاعْتِبَارِ إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مِلْكِهِ فَكَانَ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِيفَاءُ فَعَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَعْزِيَ لَهُ الْجَوَابَ وَالسُّؤَالُ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْهَلَاكِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ عَبْدًا فَعَتَقَهُ الْمُعِيرُ نَفَذَ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعِيرَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ أَتْلَفَهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً لِيَرْهَنَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَهُ أَزَالَ التَّعَدِّيَ.

وَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ خَالَفَ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الرَّهْنِ وَقَدْ هَلَكَ عِنْدَ الرَّاهِنِ بَعْدَ الِاسْتِرْدَادِ وَلَا يَضْمَنُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَمِينٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ لَا حُكْمُ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بِانْفِكَاكٍ فَصَارَتْ يَدُهُ يَدَ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لِلْمَالِكِ لِتَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الرُّجُوعُ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ نَفْسِهِ، وَإِذَا تَعَدَّى لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ حَتَّى يُوصِلَهُ إلَى يَدِ الْمَالِكِ عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْكَرْخِيُّ وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَبْرَأُ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ يَبْرَأ الْمُسْتَعِيرُ إذَا زَالَ التَّعَدِّي كَالْوَدِيعَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَسْأَلَةِ الْمُسْتَعِيرِ مُفْلِسًا وَأَرَادَ الْمُعِيرُ الْبَيْعَ وَأَبَى الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهِ بِيعَ بِغَيْرِ رِضَاهُ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْحَبْسِ مَنْفَعَةً فَلَعَلَّ الْمُعِيرَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الرَّهْنِ فَيُخَلِّصُهُ بِالْإِيفَاءِ أَوْ تَزْدَادُ قِيمَتُهُ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ فَيَسْتَوْفِي مِنْهُ حَقَّهُ. وَقَوْلُهُ، وَلَوْ افْتَكَّهُ الْمُعِيرُ لَا يَمْتَنِعُ إلَى آخِرِهِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ فَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَفْتَكَّهُ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ إذَا قَضَى دَيْنَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ تَعَلُّقَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَكَانَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ بَدَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حِينَ أَعْسَرَ الرَّاهِنُ كَمَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ.

وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَصَاحِبُ الْكِفَايَةِ وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ تَصْحِيفٌ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ حِينَ أَعْسَرَ الرَّاهِنُ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ وَالْقَارِئِ، وَقَالَ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيُوَافِقُ تَقْرِيرَ صَاحِبِ الْكَافِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ فَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَفْتَكَّهُ جَبْرًا بِغَيْرِ رِضَا الرَّاهِنِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا قَضَى دَيْنَهُ قَالَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَفْتَكَّهُ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ أَرَادَ إنْ يَفْتَكَّهُ نِيَابَةً عَنْ الرَّاهِنِ جَبْرًا عَنْ الْمُرْتَهِنِ، وَقَالَ

ص: 307

صَاحِبُ الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ افْتَكَّهُ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ قِيلَ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَقِيلَ نِيَابَةً وَلَعَلَّهُ مِنْ الْجُبْرَانِ يَعْنِي جُبْرَانًا لِمَا فَاتَ عَنْ الرَّهْنِ مِنْ الْقَضَاءِ بِنَفْسِهِ اهـ.

أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَا اخْتَارَهُ مِنْ الْمَعْنَى لَا يَتَمَشَّى فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَكَّهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِ الرَّاهِنِ إذَا لَمْ يَفُتْ عَنْ الرَّاهِنِ بِإِزَاءِ ذَاكَ الْقَضَاءِ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ مَجِيءِ أَوَانِهِ حَتَّى يَكُونَ افْتِكَاكُ الْمُعِيرِ الرَّهْنَ هُنَاكَ بِقَضَاءِ دَيْنِ الرَّاهِنِ جُبْرَانًا لِمَا فَاتَ عَنْهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ أَيْضًا دَاخِلَةٌ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فِي الْعَرَبِيَّةِ جَبْرٌ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْقَهْرِ أَوْ مِنْ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْجُبْرَانِ، وَمَحِلُّ الْإِغْلَاقِ فِي تَرْكِيبِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ كَلِمَةُ عَنْ الدَّاخِلَةُ عَلَى الرَّهْنِ لَا لِكَوْنِ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْقَهْرِ إذْ هُوَ مُتَحَقِّقٌ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَارَهُ لَا يَظْهَرُ لِكَلِمَةِ عَنْ مُتَعَلَّقٌ إلَّا أَنْ يُصَارَ إلَى تَقْدِيرٍ لِمَا فَاتَ جُمْلَةً وَجَعْلِهِ كَلِمَةَ عَنْ مُتَعَلِّقَةً بِلَفْظِ فَاتَ الْمُنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ جِدًّا فَكَيْفَ يَرْتَكِبُ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ مُتَعَلَّقِ كَلِمَةِ عَنْ نِيَابَةً وَحْدَهُ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ.

وَظَهَرَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ مِثْلُ الدَّيْنِ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ.

قَالَ رحمه الله (وَجِنَايَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَرَمٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ، وَقَدْ تَعَدَّى عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ فَيَضْمَنُهُ وَالْمُرْتَهِنُ حَقُّهُ لَازِمٌ مُحْتَرَمٌ وَتَعَلَّقَ مِثْلُهُ بِالْمَالِ فَيُجْعَلُ الْمَالِكُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّ الضَّمَانِ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ إذَا أَتْلَفَهُ الْوَرَثَةُ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُمْنَعُ الْمَرِيضُ مِنْ التَّبَرُّعِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ الْمُرْتَهِنُ يَأْخُذُ الضَّمَانَ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَحْبِسُهُ بِالدَّيْنِ، فَإِذَا حَلَّ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَإِلَّا حَبَسَهُ بِدَيْنِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ الْعَبْدُ الرَّهْنُ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ فَالرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ يُخَاطَبَانِ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا حَقِيقَةَ مِلْكٍ وَلِلْآخِرِ حَقٌّ يُضَاهِي حَقِيقَةَ الْمِلْكِ فَانْتَصَبَا خَصْمًا فَاشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي خِطَابِ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَاهُ بَطَلَ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ زَالَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي ضَمَانِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَيَتَقَرَّرُ الِاسْتِيفَاءُ.

فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا الدَّفْعَ وَأَبَى الْآخَرُ لَا يَدْفَعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اخْتَارَ الرَّاهِنُ الدَّفْعَ فَقَدْ رَامَ إزَالَةَ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْفِدَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْفِدَاءَ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ الْعَبْدِ وَأَحْيَا بِهِ حَقَّهُ لِتَطْهِيرِهِ عَنْ الْجِنَايَةِ كَاتِّخَاذِ الدَّوَاءِ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْفِدَاءُ وَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا جَنَى فَالْجِنَايَةُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ عَلَيْهِ فَكَذَا هَذَا وَلَا يَرْجِعُ بِالْفِدَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ كَانَ قَضَاءً بِالدَّيْنِ إنْ بَلَغَ الْفِدَاءُ كُلَّ الدَّيْنِ وَلَا يَبْقَى رَهْنًا، وَإِنْ بَلَغَ بَعْضُهُ فَبِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ فِي الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِصْلَاحَ مِلْكِهِ وَاسْتِخْلَاصَ حَقِّهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ مَشْغُولٌ بِالْجِنَايَةِ وَالْعَبْدُ يَظْهَرُ عَنْ الْجِنَايَةِ وَيَحْيَى مِلْكُهُ وَالْمَالِكُ لَا يُوصَفُ بِالتَّبَرُّعِ فِي إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَإِحْيَائِهِ فَقَدْ قَضَى وَاجِبًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ كَمَنْ أَعَارَهُ عِنْدَ رَهْنِهِ بِدَيْنِهِ، ثُمَّ قَضَى الْمُعِيرُ دَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ يَرْجِعُ بِمَا قَضَى عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَخْلِيصِ مِلْكِهِ فَيُطَهِّرُهُ عَنْ شَغْلِ الرَّهْنِ فَكَذَا هَذَا، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَمَا فَدَاهُ الرَّاهِنُ يَرُدُّ عَلَى الرَّاهِنِ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بَرِيءٌ عَنْ الدَّيْنِ بِالْإِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوَفِّيًا دَيْنَهُ بِالْفِدَاءِ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّهُ يَرُدُّ الْأَلْفَ الْمُسْتَوْفَاةَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ وَمَا وُجِدَ بَعْدَ الْأَلْفِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى وَقْتِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ لِلْفِدَاءِ حُكْمَ الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ فِعْلٌ حَقِيقِيٌّ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالْإِسْنَادُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَاحْتَمَلَ فَاقْتَصَرَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْهَلَاكِ عَلَى الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْهَلَاكِ آخِرَهُمَا فَيَرُدُّ مَا اسْتَوْفَاهُ آخِرًا وَصَارَ كَمَا.

لَوْ رَهَنَ بِالْمَهْرِ أَوْ بِبَدَلِ الْخُلْعِ، ثُمَّ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَرُدُّ مَا قَبَضَ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْمَهْرِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الدَّيْنِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَهُوَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ فَكَذَا هَذَا كُلُّهُ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ أَوْ الدَّفْعَ، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا الْفِدَاءَ وَالْآخَرُ الدَّفْعَ فَالْفِدَاءُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَ الدَّفْعَ مُتَعَنِّتٌ فِيهِ أَمَّا الرَّاهِنُ فَلِأَنَّ فِي الدَّفْعِ إبْطَالَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْحَبْسِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْعَبْدِ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْفِدَاءِ إلَى خَلَفٍ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ

ص: 308

فَكَانَ الْفِدَاءُ لَهُ أَنْفَعَ مِنْ الدَّفْعِ وَالْمُرْتَهِنُ بِالدَّفْعِ قَصَدَ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِالرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَحْصُلُ لَهُ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ يَسْقُطُ فِي الْحَالَيْنِ، وَفِي الدَّفْعِ إزَالَةُ مِلْكِ الرَّاهِنِ، وَفِي الْفِدَاءِ إبْقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ فَكَانَ مُتَعَنِّتًا وَلَا عِبْرَةَ لِاخْتِيَارِ الْمُتَعَنِّتِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَنِصْفُهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ فَيُقَدَّرُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَتُقَدَّرُ الْأَمَانَةُ عَلَى الرَّاهِنِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِنِصْفِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَرْجِعُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى فِدَاءِ النِّصْفِ مَتَى أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْفِدَاءَ وَلَا يَصْلُحُ مِلْكُهُ وَلَا يَحْيَى حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْعَبْدِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي نِصْفِ الْأَمَانَةِ وَلَا كَذَلِكَ الرَّاهِنُ وَلَهُ أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي نِصْفِ الْأَمَانَةِ حَقَّ الْحَبْسِ وَالْإِمْسَاكِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى إحْيَاءِ حَقِّهِ وَإِصْلَاحِهِ، وَفِي الْفِدَاءِ إحْيَاءُ حَقِّهِ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَى حَقِّهِ بِإِمْسَاكِهِ فَيَكُونُ مُحْتَاجًا إلَى الْفِدَاءِ فَلَا يُوصَفُ بِالتَّبَرُّعِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفِدَاءِ، وَلَوْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا اتِّفَاقًا وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يُصْلِحُ مِلْكَ نَفْسِهِ وَيُحْيِي حَقَّهُ.

وَالْمَالِكُ فِي إصْلَاحِ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ الْفِدَاءِ، وَلَوْ دَفَعَهُ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ إنْ حَضَرَ أَنْ يُبْطِلَ دَفْعَهُ وَيَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ لِمَا بَيَّنَّا.

وَإِذَا رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَفَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَدَفَعَ بِهِ وَأَخَذَ الْأَعْمَى فَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَدْفَعُ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ وَالْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ يُقَوَّم صَحِيحًا وَأَعْمَى فَيَبْطُلُ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثَانِ فَيَبْطُلُ ثُلُثَا الدَّيْنِ وَيَصِيرُ الْأَعْمَى رَهْنًا بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ الرَّاهِنُ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا بَقِيَ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ تَقُومُ مَقَامَ الصَّحِيحَةِ لَحْمًا وَدَمًا، وَكَذَلِكَ تَقُومُ مَقَامَ الْقِيمَةِ لُزُومًا وَحَتْمًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِصَاحِبِ الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ أَنْ يُمْسِكَ الْجُثَّةَ وَيَضْمَنَ النُّقْصَانَ فَيَصِيرَ كَأَنَّ التَّامَّةَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنَّهُ اُنْتُقِصَتْ قِيمَتُهُ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ فَيَبْقَى بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيمَةُ الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ لَا تَقُومُ مَقَامَ الْجُثَّةِ وَالْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا وَلَا تَكُونُ بَدَلًا عَنْهُمَا حَتَّى إنَّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْجُثَّةَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ النُّقْصَانِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْجَانِي يَكُونُ بَعْضُهُ بِإِزَاءِ الْجُثَّةِ وَبَعْضُهُ بِإِزَاءِ الْعَيْنَيْنِ فَمَا كَانَ بِإِزَاءِ الْعَيْنَيْنِ فَاتَ لَا إلَى بَدَلٍ وَمَا كَانَ بِإِزَاءِ الْجُثَّةِ فَاتَ إلَى بَدَلِهِ فَسَقَطَ مَا كَانَ بِإِزَاءِ الْعَيْنَيْنِ وَيَبْقَى مَا كَانَ بِإِزَاءِ الْجُثَّةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَذَلِكَ الْقِيمَةُ بِإِزَاءِ الْجُثَّةِ وَالْعَيْنَيْنِ مَتَى اخْتَارَ الْمَفْقُوءُ عَيْنَيْهِ إمْسَاكَ الْجُثَّةِ وَتَضْمِينَ النُّقْصَانِ.

فَأَمَّا إذَا اخْتَارَ دَفْعَ الْجُثَّةِ وَأَخْذَ الْجَانِيَ فَالْجَانِي كُلُّهُ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ الْعَيْنَيْنِ لَا عَنْ الْجُثَّةِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ إنَّمَا وَجَبَ دَفْعُهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ فَيَقُومُ مَقَامَ الْفَائِتِ بِالْجِنَايَةِ وَالْفَائِتُ بِالْجُثَّةِ الْعَيْنَانِ لَا الْجُثَّةُ وَكَانَ كَمَا لَوْ فَقَأَ عَيْنًا وَاحِدَةً وَأَخَذَ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَفْقُوءِ كَانَ الْمَأْخُوذُ بَدَلًا عَنْ الْفَائِتِ فَكَذَا إذَا فَقَأَ الْعَيْنَيْنِ إلَّا أَنَّ بَدَلَ الْعَيْنَيْنِ بَدَلُ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ كَمَا فِي الْحُرِّ وَالْأَصْلُ إنْ تَوَفَّرَ عَلَى الْمَالِكِ بَدَلُ مِلْكِهِ، فَإِنَّهُ يُزَالُ الْمُبْدَلُ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إزَالَةُ الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِ الْمَفْقُوءَةِ لِفَوَاتِهَا عَنْ مِلْكِهِ فَجَعَلْنَا الْجُثَّةَ قَائِمَةً مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ وَالْمَدْفُوعُ كَانَ بِإِزَاءِ الْعَيْنَيْنِ فَصَارَ الرَّهْنُ فَائِتًا إلَى خَلَفٍ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةً فَيَبْقَى بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَبْدُ الرَّهْنِ أَتْلَفَ مَتَاعًا لِرَجُلٍ يُبَاعُ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَهُوَ رَهْنٌ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ بَعْضِ الرَّهْنِ فَيَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ كَأَرْشِ طَرَفِهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ صَارَ كَالْهَالِكِ فِي حَقِّهِ فَصَارَ مُسْتَوْفِيًا وَمُتَمَلِّكًا لَهُ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَدَلَ مِلْكِهِ فَيَكُونُ لَهُ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَسَائِلِ جِنَايَةِ الرَّهْن بِالْحَفْرِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ رَهَنَ عَبْدًا بِأَلْفٍ فَحَفَرَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ افْتَكَّ الرَّهْنَ وَأَخَذَ الْعَبْدَ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ، ثُمَّ دَابَّةٌ أَوْ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، ثُمَّ إنْسَانٌ أَوْ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، ثُمَّ دَابَّةٌ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ وَتَلِفَتْ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا فَالْعَبْدُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَتْلَفَ الدَّابَّةَ بِالْحَفْرِ وَالْعَبْدُ إذَا أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ يُقَالُ لِمَوْلَاهُ إمَّا أَنْ تَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ تَقْضِيَ دَيْنَهُ.

فَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَأَخَذَهَا صَاحِبُ الدَّابَّةِ يَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي قَضَاهُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ تَلِفَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ مِلْكِ الْمَوْلَى بِسَبَبٍ تَحَقَّقَ فِي مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَيُعْتَبَرُ كَمَا لَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْمَوْتِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَقَدْ اسْتَوْفَى

ص: 309

دَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ بِحَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا حَفَرَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ، ثُمَّ تَلِفَ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ فَالْحُكْمُ كَمَا وَصَفّنَا فَكَذَا هَذَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ أُخْرَى قِيمَتُهَا أَلْفٌ شَارَكَ صَاحِبَ الدَّابَّةِ الْأُولَى وَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتْلِفًا الدَّابَّتَيْنِ بِالْحَفْرِ مِنْ وَقْتِ تَسَبَّبَا؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ سِوَى الْحَفْرِ فَكَانَ سَبَبُ تَلَفِ الدَّابَّتَيْنِ الْحَفْرَ فَصَارَ مُتْلِفًا الدَّابَّتَيْنِ مَعًا فَصَارَتْ قِيمَتُهُمَا دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَاكْتِسَابَهُ وَمَا أَخَذَهُ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَلَا كَسْبَهُ. وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَ فِيهَا إنْسَانٌ فَدَفَعَ الْعَبْدَ بِهِ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَلِفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِهِ فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا الدَّيْنَ مِنْ وَقْتِ الرَّهْنِ اسْتَوْفَى مَرَّةً أُخْرَى قَبْلَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ أَحَدِ الدِّيَتَيْنِ، فَإِنْ تَلِفَ فِيهَا إنْسَانٌ آخَرُ بَعْدَمَا دَفَعَ الْعَبْدَ فَوَلَّى الثَّانِي يُشَارِكُ الْأَوَّلُ فِي الْعَبْدِ لِمَا بَيَّنَّا، فَإِذَا وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ فَبِيعَ الْعَبْدُ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى صَاحِبِهَا، ثُمَّ وَقَعَ إنْسَانٌ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ، ثُمَّ يُدْفَعَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يُبَاعَ بِدَيْنِ الْعَبْدِ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ إنْ نُقِضَ الْبَيْعُ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّا لَوْ نَقَضْنَاهُ احْتَجْنَا إلَى إعَادَةِ مِثْلِهِ ثَانِيًا فَيَكُونُ اشْتِغَالًا مِنْ الْقَاضِي بِمَا لَا يُفِيدُ وَالْقَاضِي لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يُفِيدُ. وَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِيهَا آدَمِيٌّ وَمَاتَ فَدُفِعَ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ فَيُقَالُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ إمَّا أَنْ تَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ تَقْضِيَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَتَيْنِ اسْتَنَدَتَا إلَى وَقْتِ الْحَفْرِ فَكَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا فَيُدْفَعُ الْعَبْدُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ فَكَذَا هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى إمَّا أَنْ تَكُونَ جِنَايَتُهُ عَلَى آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَالِ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى آدَمِيٍّ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ فَمَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِدَفْعِ أَرْشِهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ جِنَايَتِهِ عَلَى آدَمِيٍّ وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمَالِ فَفِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَفِي جِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الْبَيْعِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ فِدَائِهِ فَفِي حَفْرِ الْبِئْرِ فِي الطَّرِيقِ مَثَلًا إذَا وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ مَثَلًا فَتَلِفَتْ فَبَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ فِي الْجِنَايَةِ لِرَبِّ الدَّابَّةِ، ثُمَّ تَلِفَتْ فِيهَا دَابَّةٌ أُخْرَى يَتْبَعُ رَبُّ الدَّابَّةِ الثَّانِيَةِ رَبَّ الدَّابَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمَّا بَاعَهُ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ فَقَدْ فَعَلَ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ فَلَمَّا وَقَعَ الْآدَمِيُّ ثَانِيًا فَقَدْ هَدَرَ دَمُهُ لِتَعَذُّرِ الطَّلَبِ عَلَى الْمَالِكِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْعُهْدَةِ وَثَمَنُهُ قَامَ مَقَامَ مُخَلِّصِ الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَمَّا دَفَعَهُ بِعَيْنِهِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ آخَرُ وَالْعَبْدُ بِعَيْنِهِ بَاقٍ فِي مِلْكِ صَاحِبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، وَقَدْ تَجَدَّدَ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ بِوُقُوعِ الثَّانِي فِيهِ وَتَلِفَ بِسَبَبِ حَفْرِهِ السَّابِقِ، وَقَدْ دَفَعَ بِعَيْنِهِ لِلْأَوَّلِ فَيُخَاطَبُ مَالِكُهُ، وَفِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى بِمَا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ الدَّافِعِ أَوْ الْفِدَاءِ وَيَتَّجِهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَتَيْنِ اسْتَنَدَتَا إلَى وَقْتِ الْحَفْرِ إلَى آخِرِهِ هَذَا،.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُهْدَرُ دَمُهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ فِي الْحَفْرِ لَوْ حَفَرَ عَبْدٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَأَعْتَقَ فَأُوقِعَ فِيهِ رَجُلٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِجِنَايَتِهِ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ اشْتَرَكَا فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ أَتْلَفَ رَقَبَةً وَاحِدَةً فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ فَهِيَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ نَفْسُهُ فَوَارِثُهُ يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِي مِلْكِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ الْعِتْقِ ظَهَرَ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ وَصَارَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ أَعْتَقَ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ كَجَانٍ عَلَى نَفْسِهِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَرَثَتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمَّا عَتَقَ ظَهَرَ مِنْ الْجِنَايَةِ عَبْدَانِ حَفَرَا بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا عَبْدُ الرَّهْنِ فَدُفِعَا بِهِ، ثُمَّ وَقَعَ أَحَدُهُمَا فِيهَا فَمَاتَ بَطَلَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَهَدَرَ دَمُهُ؛ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَا حُكْمَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ وَقَعَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ فِي الْبِئْرِ وَذَهَبَ نِصْفُهُ بِأَنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ أَوْ شُلَّتْ يَدُهُ وَسَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ فَكَذَا هَذَا.

قَالَ رحمه الله (وَجِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَيْهِمَا وَعَلَى مَالِهِمَا هَدَرٌ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَجِنَايَتُهُ عَلَى الرَّهْنِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَوْ فِي مَالِهِ هَدَرٌ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُوجِبَةَ لِلْقِصَاصِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ فِيمَا تُوجِبُهُ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي النَّفْسِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ مُعْتَبَرَةٌ.

وَمَحِلُّ كَوْنِهَا هَدَرًا فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَيْثُ لَا فَضْلَ فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَ الشَّارِحُ أَطْلَقَ الْجَوَابَ وَالْمُرَادُ جِنَايَةٌ لَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَإِنْ كَانَتْ تُوجِبُهُ مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ

ص: 310

وَكَذَا الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ فِي حَقِّ الدَّمِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ، أَلَا تَرَى أَنَّ إقْرَارَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ بَاطِلٌ وَإِقْرَارَ الْعَبْدِ بِهَا جَائِزٌ، وَالْإِقْرَارُ بِالْمَالِ عَلَى عَكْسِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ صَارَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يُوجِبُ الْمَالَ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ مِلْكُ الْمَوْلَى وَيَسْتَحِقُّ الْمُرْتَهِنُ فَلَا فَائِدَةَ فِي اعْتِبَارِهَا إذْ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَيْثُ تُعْتَبَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ يَثْبُتُ لِلْغَاصِبِ مُسْتَنَدًا حَتَّى يَكُونَ الْكَفَنُ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَانَتْ كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِ مِلْكِهِ فَاعْتُبِرَتْ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِيهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ جِنَايَةُ الرَّهْنِ مُوجِبَةً لِلدَّيْنِ عَلَى الْعَبْدِ لَا دَفْعِ الرَّقَبَةِ بِأَنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّ فِي النَّفْسِ خَطَأً أَوْ فِيمَا دُونَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا إنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَمُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهَا فَائِدَةَ تَمَلُّكِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرُ مَالِكٍ حَقِيقَةً فَكَانَتْ جِنَايَةُ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ جِنَايَةً عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ غَيْرَ أَنَّهَا سَقَطَتْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ دَفْعَ الْعَبْدِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَذِهِ أَفَادَتْ مِلْكَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ يَسْقُطُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ مِلْكَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَرُبَّمَا يَكُونُ بَقَاءُ الدَّيْنِ أَنْفَعَ لَهُ فَيَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ.

ثُمَّ إذَا اخْتَارَ أَخَذَهُ وَوَافَقَهُ الرَّاهِنُ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَ الرَّهْنُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِهَلَاكِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ بِالْجِنَايَةِ يُوجِبُ هَلَاكَهُ عَلَى الرَّاهِنِ فَيَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ وَلِهَذَا لَوْ جَنَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَدَفَعَ بِهَا سَقَطَ الدَّيْنُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا لِلْمُرْتَهِنِ كَانَ عَلَيْهِ التَّطْهِيرُ مِنْ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ فَلَا تُفِيدُ وُجُوبَ الضَّمَانِ مَعَ وُجُوبِ التَّخْلِيصِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ، فَإِنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْغَاصِبِ لَا تُعْتَبَرُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تُعْتَبَرُ وَمَا ذَكَرَا مِنْ الْفَائِدَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِاخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مُعْتَبَرَةً بِحِسَابِهَا؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ فَصَارَ كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمُودَعِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى أَوْلَادِهِمَا مُعْتَبَرَةٌ فَلَوْ جَنَى الرَّهْنُ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ أَوْ عَلَى ابْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى يُدْفَعَ بِهَا أَوْ يُفْدَى، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمَالِ فَيُبَاعُ كَمَا إذَا جَنَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إذْ هُوَ أَجْنَبِيٌّ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ هَذَا.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ الَّتِي تَكُونُ هَدَرًا أَوْ لِجِنَايَةِ بَعْضِ الرَّهْنِ عَلَى بَعْضٍ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ أَصْلُهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ هَدَرٌ لَكِنْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ فِي الْمَجْنِيِّ بِقَدْرِهِ.

وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ وَالْفَارِغُ عَلَى الْفَارِغِ وَجِنَايَةُ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ وَيَنْتَقِلُ مَا فِي الْمَشْغُولِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْفَارِغِ فَيَصِيرُ رَهْنًا مَكَانَهُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِحَقِّ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ كِلَاهُمَا مِلْكُهُ وَاعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا يُفِيدُ إلَّا فِي جِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِيَشْتَغِلَ الْجَانِي بِمَا كَانَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَبْسُ، وَهَذَا ثَابِتٌ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّ الْجَانِيَ كَانَ مَحْبُوسًا بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَحْبُوسًا بِهِ وَلِهَذَا جِنَايَةُ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا شَغْلَ فِيهَا بِحَقِّ الْحَبْسِ، وَإِذَا لَمْ يُفِدْ اعْتِبَارَهَا صَارَ كَأَنَّهُ فَاتَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَإِنَّ جِنَايَةَ الْفَرَاغِ عَلَى الْمَشْغُولِ تُفِيدُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَحَوَّلَ إلَيْهِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَامَ مَقَامَهُ ثُمَّ الْمَسَائِلُ عَلَى فُصُولٍ: أَحَدُهَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّهْنِ، وَالثَّانِي فِي جِنَايَةِ وَلَدِ الرَّهْنِ، وَالثَّالِثُ فِي جِنَايَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ. وَإِذَا ارْتَهَنَ دَابَّتَيْنِ فَأَتْلَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَتَحَوَّلُ بَيْنَ الْمَقْتُولِ إلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» فَكَانَ قَتْلُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهَا حَتْفَ أَنْفِهَا وَأَمَّا جِنَايَةُ الرَّقِيقِ عَلَى الرَّقِيقِ فَمُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَجِبَ الْقِصَاصُ أَوْ يَجِبَ الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ فَقَامَ الْقَاتِلُ مَقَامَ الْمَقْتُولِ فَيَتَحَوَّلُ دَيْنُ الْمَقْتُولِ إلَى الْقَاتِلِ، ثُمَّ بِأَيِّ قَدْرٍ يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ سَيَأْتِي ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ ارْتَهَنَهُمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي صَفْقَتَيْنِ، فَإِنْ ارْتَهَنَهُمَا فِي صَفْقَةٍ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَالْبَاقِي رَهْنٌ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ مَشْغُولٌ وَنِصْفُهُ فَارِغٌ فَالنِّصْفُ الْفَارِغُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ وَبِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ.

وَذَلِكَ كُلُّهُ هَدَرٌ وَالنِّصْفُ مِنْ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ وَذَلِكَ هَدَرٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَهْنٌ بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَكِنْ فَقَأَ عَيْنَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا

ص: 311

أَنْ يَكُونَ فَقَأَ عَيْنَ الْآخَرِ لَا غَيْرُ أَوْ فَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنَ الْآخَرِ مُتَعَاقِبًا أَوْ مَعًا، فَإِنْ فَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ لَا غَيْرُ كَانَ الْفَاقِئُ رَهْنًا بِسِتِّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَفْتَكُّهُمَا إلَّا جَمِيعًا أَمَّا الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَهْنًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْفَاقِئُ بِالْفَقْءِ أَتْلَفَ مِنْهُ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ فَيَبْقَى نِصْفُ الدَّيْنِ بِإِزَاءِ النِّصْفِ الْقَائِمِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ مِنْ الْعَيْنِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ أَوْ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ، وَهَذَا كُلُّهُ هَدَرٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفِهِ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ الْفَاقِئَ نِصْفُهُ مَشْغُولٌ وَنِصْفُهُ فَارِغٌ وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَيَسْقُطُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَبَقِيَ دَيْنُ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَكَانَ رَهْنًا وَتَحَوَّلَ مِنْ دَيْنِهِ إلَى الْفَاقِئِ قَدْرَ رُبُعِهِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ الْفَاقِئُ رَهْنًا بِسِتِّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَسَقَطَ مِنْ دَيْنِ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ قَدْرُ رُبُعِهِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا يَفْتَكُّهُمَا إلَّا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَاحِدٌ، وَلَوْ أَنَّ الْمَفْقُوءَةَ عَيْنُهُ فَقَأَ عَيْنَ الْفَاقِئِ الْأَوَّلِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ.

وَالْفَاقِئُ الْآخَرُ يَكُونُ رَهْنًا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّ الْفَاقِئَ الْآخَرَ أَتْلَفَ نِصْفَ الْفَاقِئِ الْأَوَّلِ وَبَقِيَ نِصْفُهُ فَيَبْقَى نِصْفُ الدَّيْنِ بِإِزَاءِ نِصْفِ الْبَاقِي وَذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ هَدَرٌ وَعَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ أَيْضًا هَدَرٌ يَسْقُطُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ رُبُعُهُ وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَعَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ لِمَا مَضَى فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْفَاقِئِ الْآخَرِ وَهُوَ رُبُعُهُ ذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ بَقِيَ الْفَاقِئُ الْأَوَّلُ بِأَرْبَعِمِائَةِ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ، وَلَوْ فَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ بَقِيَ الْفَاقِئُ الْأَوَّلُ رَهْنًا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَصَارَ الْفَاقِئُ الثَّانِي رَهْنًا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ، وَلَوْ فَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ مَعًا ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ رُبُعُهُ وَبَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ خَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ لَمَّا فَقَأَ عَيْنَ الْأَكْبَرِ فَقَدْ أَتْلَفَ مِنْهُ نِصْفَهُ فَيَبْقَى نِصْفُ نِصْفِ الدَّيْنِ بِإِزَاءِ النِّصْفِ الْبَاقِي وَالنِّصْفُ التَّالِفُ مِنْ الْأَكْبَرِ نِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ هَدَرٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَسَقَطَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ رُبُعُهُ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ فَيَتَحَوَّلُ مَا بِإِزَائِهِ إلَى الْأَصْغَرِ وَذَلِكَ رُبُعُهُ وَسَقَطَ مِنْ دَيْنِ الْأَصْغَرِ رُبُعُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَسَقَطَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَالْحَاصِل أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَتَحَوَّلَ إلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْأَكْبَرِ رُبُعُهُ فَصَارَ رَهْنًا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ خَمْسِمِائَةٍ.

وَأَمَّا إذَا ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ بِصَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الدَّفْعِ لِلْمُرْتَهِنِ وَهَدَرَتْ الْجِنَايَةُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلٌ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ إنْ شَاءَ جَعَلَا الْقَاتِلَ مَكَانَ الْمَقْتُولِ وَبَطَلَ مَا فِي الْمَقْتُولِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَفْدَيَا الْقَاتِلَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ فَكَانَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَكَانَ الْمَقْتُولِ وَالْقَاتِلُ رَهْنٌ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ كُلَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مَتَى تَفَرَّقَتْ فَالْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَارِغًا عَنْ الْآخَرِ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَكَّهُ وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ مُعْتَبَرَةٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى عَبْدٍ لِأَجْنَبِيٍّ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ فَكَذَا هَذَا، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْقَاتِلِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَعَبْدُهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ فَكَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ فَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ فَقِيلَ لَهُمَا ادْفَعَاهُ أَوْ افْدِيَاهُ بِأَرْشِ عَيْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَعْضِ يُعْتَبَرُ بِإِتْلَافِ الْكُلِّ، وَفِي إتْلَافِ الْكُلِّ يُخَيَّرُ فَكَذَا فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ، فَإِنْ دَفَعَهُ بَطَلَ مَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ فَدَيَاهُ كَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ رَهْنًا مَعَ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لَا أَفْدِي وَأَدَعُ الرَّهْنَ عَلَى حَالِهِ لَهُ ذَلِكَ وَالْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ ذَهَبَ نِصْفُ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِحَقِّ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ

ص: 312

لَوْ طَلَبَ الْجِنَايَةَ وَدَفَعَ الْجَانِيَ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَلَوْ تَرَكَ الْجِنَايَةَ يَسْقُطُ رُبُعُ الدَّيْنِ فَكَانَ فِي طَلَبِ الْجِنَايَةِ ضَرَرٌ بِالْمُرْتَهِنِ، فَإِذَا رَضِيَ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ أَفْدِيهِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لَا أَفْدِيهِ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى الْفِدَاءِ لِيُخَلِّصَ عَبْدَ الرَّهْنِ عَنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ فَدَاهُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ ذَلِكَ عَمَّا عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي وَيَبْطُلُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَبْدِ الْجَانِي نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُضْطَرٌّ إلَى الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِالْفِدَاءِ يُحْيِي مِلْكَهُ وَالْإِنْسَانُ فِيمَا يُحْيِي مِلْكَهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ وَلِلْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا فَيَصِيرُ مُؤَدِّيًا دَيْنَ الْقَاتِلِ فَيَخْرُجُ الْقَاتِلُ مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنْ أَبَى الرَّاهِنُ الْفِدَاءَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ أَفْدِي وَفَدَى يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِيهِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ وَبِقَدْرِ الْأَمَانَةِ أَدَّى عَنْ الرَّاهِنِ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَجِيءِ مِلْكِهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ دَيْنًا قِيلَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لِمَا يَأْتِي.

وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ نَفْسَهُ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ هَدَرٌ لِمَا تَبَيَّنَ.

وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ أَمَتَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَلْفٌ فَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِنْتًا تُسَاوِي أَلْفًا وَالدَّيْنُ أَلْفٌ فَقَتَلَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ صَاحِبَتَهَا لَمْ يَبْطُلْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ وَالْبَاقِي رَهْنٌ بِأَلْفٍ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَنْقَسِمْ عَلَيْهِمَا وَعَلَى وَلَدَيْهِمَا أَرْبَاعًا عَلَى سَبِيلِ التَّرَقُّبِ وَالِانْتِظَارِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَصَارَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ فَارِغَةً وَرُبُعُهَا مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلَ الدَّيْنِ وَالْمَقْتُولَةُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فَارِغَةٌ وَرُبُعُهَا مَشْغُولٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ وَبِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَكِنْ يَلْحَقُ بَاقِيهَا؛ لِأَنَّ بِفَوَاتِ الدَّيْنِ يَتَحَوَّلُ مَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْأُمِّ وَالْجِنَايَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ رُبُعُ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلَةِ فَصَارَتْ الْقَاتِلَةُ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَأَمَّا الْقَاتِلَةُ كَانَتْ رَهْنًا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَذَلِكَ كُلُّهُ أَلْفٌ، فَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْمَقْتُولَةِ بَقِيَتْ الْقَاتِلَةُ وَأُمُّهَا بِسَبْعِمِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ وَنِصْفٍ لِحَقِّهَا مِنْ الْجِنَايَةِ وَافْتَكَّهَا بِذَلِكَ أَمَةً مَرْهُونَةً بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَجَنَى الْوَلَدُ فَدَفَعَ بِهَا لَمْ يَبْطُلْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ، وَلَوْ هَلَكَ الْوَلَدُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ فَكَذَا هَذَا.

وَإِنْ فَقَأَتْ الْأُمُّ عَيْنَيْ الْبِنْتِ فَدُفِعَتْ الْأُمُّ وَأُخِذَتْ الْبِنْتُ فَهِيَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ إنْ مَاتَتْ مَاتَتْ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نُقْصَانِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ فِي الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ إذَا اخْتَارَ مَوْلَى الْفَاقِئِ الدَّفْعَ وَأَخَذَ الْجُثَّةَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِمَوْلَى الْمَفْقُوءَةِ إمْسَاكُ الْجُثَّةِ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اخْتَارَ مَوْلَى الْمَفْقُوءَةِ دَفْعَ الْجُثَّةِ وَأَخَذَ الْفَاقِئَ فَالرَّهْنُ كُلُّهُ فَاتَ إلَى خَلَفٍ فَيَقُومُ الْخَلَفُ مَقَامَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله لِمَوْلَى الْمَفْقُوءَةِ إمْسَاكُ الْجُثَّةِ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَكَانَ الْفَاقِئُ بَدَلًا عَنْ الْجُثَّةِ وَعَنْ الْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا فَمَا بِإِزَاءِ الْعَيْنَيْنِ مِنْ الرَّهْنِ قَدْ بَطَلَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَيْنِ لَمْ تَصِرْ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ وَلَا وَصَلَ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَكَانَ الرَّهْنُ بِقَدْرِ الْجُثَّةِ فَائِتًا بِخَلَفٍ فَيَكُونُ رَهْنًا بِهِ.

فَإِنْ فَقَأَتْ الْأُمُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَيْنَيْ الْبِنْتِ فَدُفِعَتْ وَأُخِذَتْ الْأُمُّ عَمْيَاءَ فَفِي الْقِيَاسِ تَكُونُ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ قَامَتْ مَقَامَ الْأُمِّ بِالدَّفْعِ كَمَا قَامَتْ الْأُمُّ مَقَامَ الْبِنْتِ بِالدَّفْعِ فِي جَمِيعِ الرَّهْنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَعُودُ الرَّهْن الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ وَيَذْهَبُ مِنْهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَيْنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ كَانَتْ أَصْلًا فِي الرَّهْنِ وَالْبِنْتُ جُعِلَتْ بَدَلًا عَنْهَا وَتَبَعًا لَهَا، فَإِذَا دُفِعَتْ الْأُمُّ بِالْبِنْتِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ الْإِيفَاءُ، وَلَمْ يُوجَدُ الْإِيفَاءُ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْبَدَلِ فَبَقِيَتْ الْأُمُّ أَصْلًا فِي الرَّهْنِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الدَّفْعِ لَا بَدَلًا عَنْ الْبِنْتِ فَكَانَتْ أَصْلًا.

وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ الْعَمْيَاءِ فَكَذَا هَذَا وَلِأَنَّ الْبِنْتَ لَمَّا جُعِلَتْ بَدَلًا وَتَبَعًا لِلْأُمِّ فِي الرَّهْنِ فَلَوْ قَامَتْ الْأُمُّ مَقَامَ الْبِنْتِ يَكُونُ فِي هَذَا الْمَتْبُوع تَبَعًا لِتَبَعِيَّتِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَوْضُوعِ الشَّرْعِ فَلَا تَقُومُ الْأُمُّ مَقَامَ الْبِنْتِ بَلْ تَبْقَى أَصْلًا وَتَبْقَى رَهْنًا كَمَا كَانَتْ.

رَهَنَ أَمَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِي أَلْفًا فَجَنَى أَحَدُهُمَا فَدُفِعَ، ثُمَّ فَقَأَتْ الْأُمُّ عَيْنَهُ فَدُفِعَتْ الْأُمُّ وَأُخِذَ الْوَلَدُ مَكَانَهَا فَالْوَلَدَانِ بِأَلْفٍ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْأَعْمَى يَقُومُ

ص: 313

مَقَامَ الْأُمِّ وَالْأُمُّ مَعَ الِابْنِ الصَّحِيحِ كَأَنَّهَا رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْقُطُ مَعَ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نُقْصَانِ الْأَعْمَى، فَإِنْ مَاتَ الْأَعْمَى ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ، فَإِنْ جَنَى الْوَلَدُ الْبَاقِي عَلَى الْأُمِّ فَدُفِعَ وَأُخِذَ عَادَ الرَّهْنُ إلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ وَذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْأُمِّ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَكُونُ بِمَا كَانَ مِنْ الْوَلَدِ لِمَا بَيَّنَّا.

رَهَنَ أَمَتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ أَلْفًا فَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ قَتَلَ أُمَّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ وَكَانَ رَهْنًا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَذَهَبَتْ الْأُمُّ بِمَا فِيهَا مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ وَلَدِ الرَّهْنِ عَلَى الْأُمِّ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأُمِّ، وَفِي حَقِّ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا صَارَ رَهْنًا تَبَعًا لِلْأُمِّ فَصَارَ كَسَائِرِ أَطْرَافِهَا وَجِنَايَتُهَا عَلَى طَرَفِهَا هَدَرٌ فَسَقَطَ مَا فِيهَا فَكَذَا هَذَا، وَلَوْ أَنَّ الْأُمَّ قَتَلَتْ وَلَدَهَا عَادَ نَصِيبُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهَا عَلَى وَلَدِهَا إنْ كَانَتْ مُهْدَرَةً صَارَ كَأَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَيَخْلُفُ مَا فِيهِ إلَى أُمِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ قَتَلَ الْوَلَدَ الْآخَرَ كَانَتْ أُمُّ الْمَقْتُولِ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْقَاتِلِ رَهْنًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ الْقَاتِلِ وَأُمُّهُ رَهْنٌ بِخَمْسِمِائَةٍ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ ثَمَنَ الْقَاتِلِ وَنِصْفَ ثَمَنِهِ مَعَ أُمِّ الْمَقْتُولِ رَهْنًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَسِتَّةُ أَثْمَانِ الْقَاتِلِ وَنِصْفُ أُمِّ الْقَاتِلِ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ انْقَسَمَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا لِاسْتِوَاءِ قِيمَتِهِمْ فَصَارَ بِإِزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَقْتُولِ فَارِغٌ عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ وَرُبُعُهُ مَشْغُولٌ وَالْقَاتِلُ كَذَلِكَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْفَارِغِ هَدَرٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى رُبُعِ الرُّبُعِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَيَتَحَوَّلُ مَا بِإِزَائِهِ إلَى أُمِّ الْمَقْتُولِ وَذَلِكَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ هَذَا الرُّبُعِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَيَتَحَوَّلُ مَا بِإِزَائِهِ إلَى الْقَاتِلِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَنِصْفٌ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَصَارَ مَا فِي الْمَقْتُولِ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ فَصَارَ الْأَلْفُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ، وَقَدْ تَحَوَّلَ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا إلَى الْقَاتِلِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَكُونُ ثَمَنَهُ وَنِصْفَ ثَمَنِهِ وَالْبَاقِي سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثَمَنِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِهَلَاكِ وَلَدِ الرَّهْنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَمَاتَتْ أُمُّهُ ذَهَبَ رُبُعُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِإِزَائِهَا رُبُعُ الدَّيْنِ، وَلَوْ لَمْ تَمُتْ أُمُّهُ وَلَكِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْمَقْتُولِ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَةُ أَثْمَانِ خَمْسِمِائَةٍ أَرْبَعَةُ أَثْمَانِهَا دَيْنُ نَفْسِهَا وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَثَمَنُهَا سَبَبُ الْجِنَايَةِ وَعَلَى وَلَدِهَا وَبَقِيَ الْقَاتِلُ رَهْنًا بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ خَمْسِمِائَةٍ أَرْبَعَةُ أَثْمَانٍ دَيْنُ نَفْسِهَا وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ تَحَوَّلَ إلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْمَقْتُولِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَنِصْفٌ وَخَمْسُونَ وَمِائَتَانِ فِي عِتْقِ أُمِّهِ فَيَفْتَكُّهُمْ بِهِ الرَّاهِنُ.

رَهَنَ عَبْدًا وَأَمَةً بِأَلْفٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَجَنَى الْوَلَدُ وَدُفِعَ بِهِ، ثُمَّ فَقَأَ الْوَلَدُ عَيْنَيْ الْعَبْدِ وَأَخَذَ مَكَانَهُ فَيَكُونُ مَعَ الْأُمِّ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَامَ مَقَامَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ الرَّهْنُ، فَإِنْ نَكَلَهُ وَأَخْلَفَ بَدَلًا؛ لِأَنَّهُ فَاتَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ بِإِزَائِهِ بَدَلًا صَحِيحَ الْعَيْنَيْنِ فَقَدْ فَاتَ كُلَّ الرَّهْنِ إلَى خَلَفٍ فَيَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ فِي الرَّهْنِ، فَإِنْ قَتَلَ الْوَلَدُ أُمَّهُ أَوْ الْأُمُّ الْوَلَدَ فَالْقَاتِلُ رَهْنٌ بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَكُونُ نِصْفُهُ فَارِغًا وَنِصْفُهُ مَشْغُولًا وَالْجِنَايَةُ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ وَعَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَسَقَطَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ فَيَتَحَوَّلُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلِ فَيَصِيرُ الْقَاتِلُ أَيَّهُمَا كَانَ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلَوْ جَاءَ الْعَبْدُ الْأَعْمَى فَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَدُفِعَ بِهِ كَانَ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَهَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نُقْصَانِ الْعَيْنَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ فِيمَا تَقَدَّمَ.

وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ فَرَهَنَهُمَا بِأَلْفٍ فَفَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ، ثُمَّ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ فَقَأَ عَيْنَ الْفَاقِئِ فَهُنَا أَحْكَامٌ ثَلَاثَةٌ حُكْمٌ بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَحُكْمٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرَيْنِ وَحُكْمٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُعِيرَيْنِ. أَمَّا الْحُكْمُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ فَنَقُولُ إنَّ كُلَّ عَبْدٍ نِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ فَلَمَّا فَقَأَ عَيْنَ الْأَكْبَرِ الْأَصْغَرِ فَقَدْ أَتْلَفَ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَالْجِنَايَةُ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ وَعَلَى النِّصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ لِمَا بَيَّنَّا فَسَقَطَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَيَتَحَوَّلُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَبَقِيَ الْأَصْغَرُ رَهْنًا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَصَارَ الْأَكْبَرُ رَهْنًا بِسِتِّمِائَةٍ

ص: 314

وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ لَمَّا فَقَأَ الْأَصْغَرُ عَيْنَ الْأَكْبَرِ فَقَدْ أَتْلَفَ نِصْفَ الْأَكْبَرِ وَبِإِزَاءِ نِصْفِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَسَقَطَ نِصْفُ ذَلِكَ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَرُبُعٌ وَيَتَحَوَّلُ نِصْفُ الْآخَرِ وَذَلِكَ رُبُعُ الْأَصْغَرِ فَبَقِيَ الْأَكْبَرُ رَهْنًا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَصَارَ الْأَصْغَرُ رَهْنًا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ سَبْعَمِائَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ وَسَقَطَ مِائَتَانِ وَوَاحِدٌ وَثَمَانُونَ وَرُبُعٌ. وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيمَا بَيْنَ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَالْمُسْتَعِيرُ يَفْتَكُّ الْعَبْدَ بِسَبْعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَيْضًا لِوَلِيِّ الْعَبْدِ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ أَوَّلًا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِوَلِيِّ الْعَبْدِ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ آخِرًا مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَرُبُعٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ صَارَ قَاضِيًا دَيْنَهُ مِنْ عَبْدِهِ هَذَا الْقَدْرَ وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيمَا بَيْنَ الْمُعِيرَيْنِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَوْلَى الْعَبْدِ الْأَكْبَرِ ادْفَعْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ عَبْدِكَ إلَى الثَّانِي وَافْدِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَرْشِ الْفَاقِئِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ رُبُعُ أَرْشِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَذَلِكَ رُبُعُ أَرْشِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ خَمْسُمِائَةٍ مَتَى كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا، وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ أَرْشِ الْعَيْنِ، فَإِنْ فَدَى يُقَالُ لِمَوْلَى الْأَصْغَرِ ادْفَعْ مِنْ عَبْدِك ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ وَثَلَاثَةَ أَثْمَانِ خُمُسِهِ وَنِصْفُ ثُمُنِ خُمُسِهِ أَوْ افْدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ أَرْشِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى مَوْلَى الْأَكْبَرِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَرُبُعُ أَرْشِ الْعَيْنِ وَأَرْبَعَةُ أَثْمَانِ أَخْمَاسِهِ وَنِصْفُ ثُمُنِ خُمُسٍ، فَإِذَا دَفَعَ أَوْ فَدَى فَقَدْ بَرِئَ حَيٌّ مِنْ حَيٍّ فَظَهَرَ كُلُّ عَبْدَيْنِ بِجِنَايَتَيْنِ وَعُشْرٍ وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ وَرَجَعَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةٍ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً وَغَرِمَ مِائَةً وَحَلَّ الْأَجَلُ فَالْمُرْتَهِنُ يَقْبِضُ الْمِائَةَ قَضَاءً لِحَقِّهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ) أَصْلُهُ أَنَّ النُّقْصَانَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ عِنْدَنَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَهُوَ يَقُولُ إنَّ الْمَالِيَّةَ قَدْ انْتَقَصَتْ فَأَشْبَهَ انْتِقَاصَ الْعَيْنِ وَلَنَا أَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ عِبَارَةٌ عَنْ فُتُورِ رَغَبَاتِ النَّاسِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْمَبِيعِ حَتَّى إذَا حَصَلَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَلَوْ حَصَلَ فِي الْغَصْبِ لَا يُوجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانَ مَا نَقَصَ بِالسِّعْرِ عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ بِخِلَافِ نُقْصَانِ الْعَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا قَتَلَهُ حُرٌّ غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبِ الْمَالِيَّةِ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ فَكَذَا فِيمَا قَامَ مَقَامَهُ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ يَدَ الرَّاهِنِ يَدُ اسْتِيفَاءٍ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَوْ يَقُولَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَلْفِ بِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَيَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا الْمِائَةَ وَبَقِيَ تِسْعُمِائَةٍ فِي الْعَيْنِ، فَإِذَا هَلَكَتْ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِتِسْعِمِائَةٍ بِالْهَلَاكِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ قَتْلِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلْكُلِّ بِالْعَبْدِ وَلَا يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَلْفِ بِمِائَةٍ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَجَعَلْنَاهُ مُسْتَوْفِيًا تِسْعَمِائَةٍ بِالْعَبْدِ الْهَالِكِ وَهُوَ الْمَقْتُولُ وَالْمِائَةُ بِالْمِائَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ بِأَمْرِهِ قَبَضَ الْمِائَةَ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِ وَرَجَعَ بِتِسْعِمِائَةٍ) أَيْ لَوْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ الَّذِي يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ وَكَانَ رَهْنًا بِأَلْفٍ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ الْمِائَةَ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ قَضَاءً لِحَقِّهِ وَرَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِتِسْعِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ صَارَ كَأَنَّ الرَّهْنَ اسْتَرَدَّهُ وَبَاعَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَبَقِيَ الدَّيْنُ إلَّا بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَاهُ فَكَذَا هُنَا هَذَا فِيمَا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِتَغْيِيرِ السِّعْرِ فَجَنَى عَلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا زَادَ ثُلُثُ قِيمَتِهِ بِتَغْيِيرِ السِّعْرِ فَجَنَى عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ أَوْ جَنَى الْمَرْهُونَةُ وَلَدُهَا أَوْ اعْوَرَّ الْمَرْهُونُ أَوْ زَالَ عَوَرُهُ فَجَنَى عَلَيْهِ فَنَذْكُرُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ عَبْدٌ مَرْهُونٌ صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ فَصَارَ كَمَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ يَضْمَنُ أَلْفَيْنِ فَكَذَا هَذَا، فَإِنْ أَدَّى أَلْفًا وَتَوِيَ أَلْفٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ الْأَصْلِيَّةَ كَانَتْ أَلْفًا، ثُمَّ زَادَتْ أَلْفًا أُخْرَى فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفُ الزَّائِدَةُ تَبَعًا لِلْأَلْفِ الْأَصْلِيَّةِ حَيْثُ وُجِدَتْ بِسَبَبِ وُجُودِهَا، فَإِذَا وَرَدَ الْهَلَاكُ يُصْرَفُ إلَى التَّابِعِ لَا إلَى الْأَصْلِ وَالتَّابِعُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إلْحَاقَ التَّابِعِ بِالْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى الْأَصْلِ دُونَ التَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيفَاءُ التَّابِعِ دُونَ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْجِيحَ التَّابِعِ عَلَى الْأَصْلِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فَصَرَفْنَا الْهَلَاكَ إلَى التَّابِعِ ضَرُورَةً تَحْقِيقًا لِلتَّبَعِيَّةِ كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ يُصْرَفُ الْهَلَاكُ إلَى الرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْأَصْلِ أَلْفَيْنِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْ قِيمَتِهِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ نِصْفَيْنِ وَمَا تَوِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَمَا تَوِيَ يَتْوَى عَلَى الْحَقَّيْنِ وَمَا

ص: 315

يَخْرُجُ يَخْرُجُ عَلَى الْحَقَّيْنِ.

عَبْدٌ مَرْهُونٌ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَقَتَلَهُ عَبْدَانِ فَدُفِعَا بِهِ فَهُمَا جَمِيعًا رَهْنٌ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا كَالْأَوَّلِ فَتَكُونُ جِنَايَةُ أَحَدِهِمَا إلَى صَاحِبِهِ كَجِنَايَةِ الْأَوَّلِ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ هَدَرٌ وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَيُجْعَلُ التَّالِفُ كَالتَّالِفِ بِلَا جِنَايَةٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.

عَبْدَانِ رُهِنَا بِأَلْفٍ يُسَاوِي كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِي أَلْفًا، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَانَ الْبَاقِي رَهْنًا وَبِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا يَوْمَ الِارْتِهَانِ يَصِيرُ الْقَاتِلُ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَكَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ إذْ الْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ قَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا فَدُفِعَ بِهِ وَقِيمَةُ الْمَدْفُوعِ قَلِيلَةٌ أَوْ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُ الْمَدْفُوعَيْنِ صَاحِبَهُ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْأَصْلَيْنِ فَكَأَنَّ الْأَصْلَيْنِ قَائِمَيْنِ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهُمَا، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَدَلِ لَا يُخَالِفُ حُكْمَ الْأَصْلِ، وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ أَمَةِ إنْسَانٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ، ثُمَّ رَهَنَهَا الْمَوْلَى بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ قِيمَتُهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، وَلَمْ تَنْقُصْهَا الْوِلَادَةُ شَيْئًا، ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى حَاسَبَ الْمُرْتَهِنَ فَيَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْجَانِي قِيمَتَهَا يَوْمَ قَطْعِ يَدِهَا وَهِيَ أَلْفٌ وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقِيمَتِهَا مَقْطُوعَةً وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَقْطَعُ حُكْمَ السِّرَايَةِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا ضَمِنَ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ اُنْتُقِضَ فِي الْأُمِّ بِالْهَلَاكِ وَيَرْجِعُ أَيْضًا عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْأُمِّ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَيَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ حِصَّةَ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيهِ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِهَذِهِ الْمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ عَادَ إلَى الْأُمِّ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ رَهَنَ رَجُلًا كُرًّا مِنْ شَعِيرٍ وَغُلَامًا وَبِرْذَوْنًا كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ فَأَقْضَمَ الْغُلَامُ الْبِرْذَوْنَ الشَّعِيرَ، فَإِنَّ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَهْنٌ بِثُلُثِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ مَقْسُومَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيمَتُهَا مُسْتَوِيَةٌ فَيُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَالثُّلُثَانِ لِلرَّاهِنِ فَجِنَايَةُ ثُلُثِ الْعَبْدِ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الرَّهْنِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ مُهْدَرَةٌ وَجِنَايَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مُعْتَبَرَةٌ فَتَكُونُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ عَبْدِ الرَّاهِنِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ فَبَقِيَ الْبِرْذَوْنُ ثَلَاثَةَ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَسَقَطَ تُسْعُهُ وَهِيَ ثُلُثُهَا وَفِي الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَهِيَ ثُلُثُهَا، وَفِي الشَّعِيرِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَهِيَ ثُلُثُهَا فَجِنَايَةُ الْعَبْدِ عَلَى تُسْعٍ وَاحِدٍ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةُ الرَّهْنِ فَيَلْزَمُ التُّسْعَانِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ ثُلُثَيْهِ جِنَايَةُ غَيْرِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَسَقَطَ تُسْعُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبِرْذَوْنُ ضَرَبَ الْغُلَامَ فَفَقَأَ عَيْنَهُ يَذْهَبُ نِصْفُ ثُلُثِ الدَّيْنِ وَهُوَ تُسْعٌ وَنِصْفٌ، ثُمَّ أَقْضَمَ الْغُلَامُ الْبِرْذَوْنَ الشَّعِيرَ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا مِنْ جِنَايَةٍ فِي الشَّعِيرِ تُسْعَانِ فَيَكُونُ فِي الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعٍ وَنِصْفُ، وَفِي الْبِرْذَوْنِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعٍ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ سِتَّةَ أَتْسَاعٍ.

وَفِي الْجَامِعِ مَسَائِلُهُ عَلَى فُصُولٍ مُخْتَلِفَةٍ: أَحَدُهَا فِي هَلَاكِ الْمَرْهُونِ بِسِرَايَةِ الْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ. وَالثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونَةِ وَوَلَدِهَا. وَالثَّالِثُ فِي إعْوَارِ الْمَرْهُونَةِ، وَفِي رَهْنِ الْعَوَارِ ثُمَّ انْجِلَاءِ الْبَيَاضِ أَصْلُهُ إنْ رَهَنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَقْطَعُ حُكْمَ السِّرَايَةِ وَيُبْرِئُ الْجَانِيَ عَنْ ضَمَانِهَا كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إيجَابُ ضَمَانِ السِّرَايَةِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ إيجَابُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الِانْتِهَاءِ فَتَصِيرُ الْجِنَايَةُ مُخَالِفَةً لِلْجِنَايَةِ وَالنِّهَايَةُ مُبَايِنَةٌ عَنْ الْبِدَايَةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالرَّهْنُ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مَلَكَ الْمَرْهُونَ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِالدَّيْنِ فَيَتَبَدَّلُ الْمِلْكُ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَالْبَرَاءَةُ عَنْ ضَمَانِ السِّرَايَةِ إنَّمَا تَحْصُلُ عِنْدَ الْهَلَاكِ لَا قَبْلَهُ حَتَّى إنَّ الرَّاهِنَ لَوْ افْتَكَّ الرَّهْنَ قَبْلَ السِّرَايَةِ، ثُمَّ سَرَى ضَمِنَ الْجَانِي جَمِيعَ بَدَلِ الرَّهْنِ لَا بَدَلَ الطَّرَفِ قَطَعَ يَدَ جَارِيَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَغَرِمَ الْقَاطِعُ لِنَفْسِهِ خَمْسَمِائَةٍ لِلرَّاهِنِ حَالًّا وَلَا يَغْرَمُ بِالسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ بِالرَّهْنِ بَرِئَ عَنْ ضَمَانِ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَبَقِيَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْيَدِ وَتَجِبُ فِي مَالِهِ حَالَّةً كَضَمَانِ إتْلَافِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْعَبْدِ مُلْحَقَةٌ بِالْأَمْوَالِ فَإِتْلَافُهَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْمَالِ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْهَلَاكِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ بِقَدْرِ خَمْسِمِائَةٍ فَسَقَطَ ذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَمَا وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَوَلَدُهَا رَهْنٌ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيُدْفَعُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ مَعَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ انْقَسَمَ عَلَى الْأُمِّ وَالْوَلَدِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ قِيمَتِهِمَا لِلْحَالِّ، وَبَقِيَّةُ قِيمَةِ الْوَلَدِ خَمْسُمِائَةٍ وَإِلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ فَتَحَوَّلَ

ص: 316