الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ وَيُمْسِكَ الثَّمَنَ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ صَحَّ. اهـ.
غَصَبَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَغَصَبَهَا مِنْهُ آخَرُ فَأَبَقَتْ الْجَارِيَةُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الثَّانِي لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ لِلْأَوَّلِ أَخْذَهَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً لِيَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهَا إلَى الْمَالِكِ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ الضَّمَانِ بِرَدِّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْقِيمَةِ حَالَ عَجْزِهِ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ كَرَدِّ الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ قَائِمَةً عِنْدَهُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ.
فَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِوَلِيِّ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَرَدَّ الْجَارِيَةَ وَهَلَكَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا عِنْدَ الْأَوَّلِ فَقَبَضَهَا الثَّانِي وَقِيمَتُهَا أَلْفَانِ فَأَبَقَتْ مِنْ يَدِ الثَّانِي وَأَخَذَ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهَلَكَتْ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنَّمَا يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْغَصْبِ الْأَوَّلِ وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَمَانَةٌ كَالزِّيَادَةِ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ وَالْقِيمَةُ فِي الْأَوَّلِ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصَبَهَا مِنْهُ أَرَادَ بِالتَّضْمِينِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْأَوَّلِ بِرِضَاهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَمَّا عَادَتْ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَدْ قَدَرَ الْأَوَّلُ عَلَى رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْغَاصِبُ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى رَدِّ الْمَغْصُوبِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ إلَّا بِرِضَاهُ وَالْغَاصِبُ الْأَوَّلُ لَمَّا ضَمَّنَ الثَّانِيَ الْقِيمَةَ فَقَدْ مَلَكَ الْجَارِيَةَ مِنْهُ حُكْمًا فَصَارَ كَمَا لَوْ غَصَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ الثَّانِي بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَوْلَى فَيَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَتِهِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَأَخَذَ بَدَلَهَا، فَإِذَا أَخَذَ الْمَوْلَى الْجَارِيَةَ رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
[وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ]
قَالَ رحمه الله (وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُنْكِرٌ وَالْمَالِكَ مُدَّعٍ وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا تَنْفِي الزِّيَادَةَ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُودِعَ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ يُقْبَلُ وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُدَّتْ مُشْكِلَةً وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ وَبِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَسْقَطَهَا فَارْتَفَعَتْ الْخُصُومَةُ، أَمَّا الْغَاصِبُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَالْقِيمَةُ وَبِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا الْيَمِينُ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُودِعِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ ظَهَرَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَقَدْ ضَمِنَهُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَتَمَّ مِلْكُهُ بِرِضَاهُ حَيْثُ سَلَّمَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ كَثِيرٌ لِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ ظَهَرَ وَقَدْ زَادَتْ قِيمَتُهُ دَانَقًا فَلِلْمَالِكِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَقَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ قَيْدٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا كَمَا سَيَأْتِي قَالَ رحمه الله: (وَإِنْ ضَمِنَهُ بِيَمِينِ الْغَاصِبِ) فَالْمَالِكُ يُمْضِي الضَّمَانَ أَوْ يَأْخُذُ الْمَغْصُوبَ وَيَرُدُّ الْعِوَضَ لِعَدَمِ تَمَامِ رِضَاهُ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ دُونَ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ لَا لِلرِّضَا بِهِ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ مَا ضَمِنَهُ بِهِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَمِنَهُ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ الْكَرْخِيُّ رحمه الله لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَوَفَّرَ عَلَيْهِ مَالِيَّةُ مِلْكِهِ بِكَمَالِهِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِفَوَاتِ الرِّضَا وَقَدْ فَاتَ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا يَدَّعِيهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ إلَّا بِثَمَنٍ يَخْتَارُهُ وَيَرْضَى بِهِ وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ ثُمَّ إذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ أَخْذَ الْعَيْنِ فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ حَتَّى يَأْخُذَ الْقِيمَةَ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُقَابَلَةٌ بِالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِهِ بَلْ بِمَا فَاتَ مِنْ الْبَدَلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي صِفَتِهِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةَ مِقْدَارٍ أَوْ زِيَادَةَ ضَمَانٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَلَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَضَمِنَ عَنْهُ رَجُلٌ قِيمَتَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيمَةِ فَقَالَ الْكَفِيلُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْغَاصِبُ عِشْرُونَ وَقَالَ الْمَالِكُ ثَلَاثُونَ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ وَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ يَدَّعِي عَلَى الْكَفِيلِ زِيَادَةً وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْغَاصِبُ يَدَّعِي زِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ أُخْرَى دُونَ الْكَفِيلِ وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ رَدَدْت الْمَغْصُوبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَالِكُ لَا بَلْ هَلَكَ عِنْدَك فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الْوُجُوبِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَخَذْتُ مَالَكَ
بِإِذْنِك أَوْ أَكَلْت مَالَك بِإِذْنِك وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْمَالِ الْإِذْنَ وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الدَّابَّةَ تَعَيَّبَتْ مِنْ رُكُوبِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِجَوَازِ رَدِّهَا إلَيْهِ ثُمَّ رَكِبَهَا بَعْدَ الرَّدِّ وَتَعَيَّبَتْ مِنْ رُكُوبِهِ وَيَكُونُ هَذَا غَصْبًا مُسْتَأْنَفًا فَيُعْمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَوْفِيقًا وَتَلْفِيقًا بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا وَنَفَقَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أُنْفِقَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا مَتَى جَعَلْنَا أَنَّ الْغَاصِبَ رَدَّهَا ثُمَّ نَفَقَتْ بَعْدَ الرَّدِّ فَلَا يَثْبُتُ مِنْهُ غَصْبًا مُسْتَأْنَفًا وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَ الْمَالِكِ فَبَيِّنَةُ الْغَاصِبِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمَالِكِ قَامَتْ عَلَى الْمَوْتِ لَا عَلَى الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِ الْغَاصِبِ وَالضَّمَانُ يَجِبُ بِالْغَصْبِ لَا بِالْمَوْتِ فَلَا يُفِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَوْتِ وَبَيِّنَةُ الْغَاصِبِ مُثْبِتَةٌ لِلرَّدِّ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلْمَوْتِ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الرَّدُّ وَكَانَتْ أَوْلَى وَلَوْ أَشْهَدَ الْغَاصِبُ بِأَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ مَوْلَاهُ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ فِي يَدِ مَوْلَاهُ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ نَفْيَ الْغَصْبِ وَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى تُثْبِتُ الْغَصْبَ وَالضَّمَانَ فَكَانَتْ أَوْلَى وَفِي النَّوَادِرِ وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ كَوْنُهُ بِمَكَّةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَسَقَطَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ تُثْبِتُ الْغَصْبَ وَالضَّمَانَ رَجُلٌ فِي يَدِهِ جُبَّةٌ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ لَهُ بِالظِّهَارَةِ وَبِالْبِطَانَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ غَصْبَ أَحَدِهِمَا وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الظِّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي الظِّهَارَةِ صِفَةً مُتَقَوِّمَةً وَهُوَ التَّضْرِيبُ عَلَى الْبِطَانَةِ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهَا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَةَ صَارَتْ تَابِعَةً لِمِلْكِ الْغَاصِبِ وَهُوَ الْحَشْوُ وَالْبِطَانَةُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَكْثَرَ مِنْ الظِّهَارَةِ فَيَصِيرُ الْأَقَلُّ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَاصِبِ كَمَا فِي السَّاحَةِ يُدْخِلُهَا فِي بِنَائِهِ
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ بَاعَ الْمَغْصُوبَ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ نَفَذَ بَيْعُهُ، وَإِنْ حَرَّرَهُ ثُمَّ ضَمَّنَهُ لَا) أَيْ لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ أَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ نَفَذَ بَيْعُهُ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مِلْكَ الْغَاصِبِ نَاقِصٌ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا أَوْ ضَرُورَةً وَكُلُّ ذَلِكَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَا يَظْهَرُ الْمِلْكُ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ وَيَظْهَرُ فِي حَقِّ الْأَكْسَابِ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَبَعْدَهُ أَصْلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْكَسْبُ تَبَعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِكَوْنِهِ بَدَلَ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ نَفْعٌ مَحْضٌ وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ يَكْفِي لِنُفُوذِ الْبَيْعِ دُونَ الْعِتْقِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفُذُ مِنْ الْمُكَاتَبِ بَلْ مِنْ الْمَأْذُونِ دُونَ عِتْقِهِمَا وَلَا يُشْبِهُ هَذَا عِتْقَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَكَذَا بِضَمَانِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ تَرَتَّبَ عَلَى سَبَبِ مِلْكٍ قَامَ بِنَفْسِهِ مَوْضُوعٍ لَهُ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ بِنُفُوذِ السَّبَبِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَ أَنَّ الْإِشْهَادَ يُشْتَرَطُ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَامَ لَاشْتُرِطَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَلِهَذَا لَوْ تَصَارَفَ الْغَاصِبَانِ وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا وَأَجَازَ الْمَالِكَانِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ جَازَ الصَّرْفُ وَكَذَا الْبَيْعُ يُمْلَكُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا بِنَفْسِهِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الثَّمَنِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ أَوْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِقِيَامِ الْمَبِيعِ بِأَنْ كَانَ قَدْ أَبَقَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَيَّدَ بِإِعْتَاقِ الْغَاصِبِ ثُمَّ يَضْمَنُهُ احْتِرَازًا عَنْ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ثُمَّ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ فِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ
قَالَ رحمه الله (وَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ أَمَانَةٌ فَتُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي) أَيْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً أَوْ كَانَتْ بِالْعُسْرِ وَلَنَا أَنَّ الْغَصْبَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْهُ وَإِثْبَاتُ يَدِ الْغَاصِبِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَلَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ طَلَبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا بِهِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَلَدَ الظَّبْيَةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ الْحَرَمِ فَوَلَدَتْ لِوُجُودِ الْمَنْعِ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ إلَى الْحَرَمِ لِحَقِّ الشَّرْعِ حَتَّى لَوْ رَدَّهَا وَهَلَكَتْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّدِّ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْمَنْعِ عَلَى هَذَا أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فَهُوَ ضَمَانُ إتْلَافٍ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ كَانَ فِي الْحَرَمِ أَمِينًا يَبْعُدُهُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ وَقَدْ فَوَّتَ الْأَمْنَ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَتَحَقَّقَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَلِهَذَا لَوْ أَخْرَجَ
جَمَاعَةٌ مُحْرِمُونَ صَيْدًا وَاحِدًا مِنْ الْحَرَمِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَلَوْ كَانَ ضَمَانَ الْغَصْبِ لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْعِنَايَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الدَّلِيلِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَضْمَنَ الْوَلَدُ إذَا غَصَبَ الْجَارِيَةَ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا غَصَبَهَا غَيْرُ حَامِلٍ فَحَبِلَتْ فِي يَدِهِ فَوَلَدَتْ وَالرِّوَايَةُ فِي الْأَسْرَارِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَبَلَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ يُعَدُّ عَيْبًا فِي الْأَمَةِ فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنْ لِإِزَالَةٍ ظَاهِرًا وَفِي الْكَافِي وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْأَصْلَ وَالزَّوَائِدَ وَسَلَّمَ وَالزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةٌ، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ وَفِي الْعِنَايَةِ لَوْ كَفَلَ إنْسَانٌ عَنْ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَأَدَّى الضَّمَانَ فَالْعَبْدُ لَهُ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْغَاصِبُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ. اهـ.
قَالَ رحمه الله (وَمَا نَقَصَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ وَيُجْبَرُ بِوَلَدِهَا) يَعْنِي إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ فَنَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ وَيُجْبَرُ بِوَلَدِهَا إذَا كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِلْكُهُ فَكَيْفَ يَجْبُرُ مِلْكَهُ فَصَارَ كَوَلَدِ الظَّبْيَةِ الْمُخْرَجَةِ مِنْ الْحَرَمِ وَكَمَا لَوْ هَلَكَ الْوَلَدُ قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ هَلَكَتْ الْأُمُّ بِالْوِلَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوِلَادَةُ؛ لِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ فَوَاتَ جُزْءٍ مِنْ مَالِيَّةِ الْأُمِّ وَجَدَّدَتْ مَالِيَّةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا صَارَ مَالًا بِالِانْفِصَالِ وَقَبْلَهُ لَا يَعْتَدُّ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَيْعًا وَهِبَةً وَنَحْوَهُ، فَإِذَا صَارَ مَالًا بِهِ انْعَدَمَ ظُهُورُ النُّقْصَانِ بِهِ فَانْتَفَى الضَّمَانُ فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ لَا يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا بِالشَّهَادَةِ قَدْرَ مَا أَتْلَفُوا بِهَا فَلَا يُعَدُّ إتْلَافًا لِاتِّحَادِ السَّبَبِ كَذَا هَذَا وَكَمَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ الْيَدِ، فَإِنَّهُ يَجْبُرُ نُقْصَانَهُ بِالْأَرْشِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ اتِّحَادِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْوَاحِدَ لَمَّا أَثَّرَ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَلْفًا عَنْ النُّقْصَانِ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يَرُدَّ مَا غَصَبَ أَوْ مَالِيَّتَهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً سَمِينَةً فَمَرِضَتْ عِنْدَهُ وَهَزَلَتْ ثُمَّ تَعَافَتْ وَسَمِنَتْ ثُمَّ عَادَتْ مِثْلَ مَا كَانَتْ فَرَدَّهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُطْلَقُ الْفَوَاتِ يُوجِبُ الضَّمَانَ لَضَمِنَ وَكَذَا إذَا سَقَطَ سِنٌّ مِنْهَا أَوْ قَلَعَهُ الْغَاصِبُ فَنَبَتَتْ مَكَانَهُ أُخْرَى فَرَدَّهَا سَقَطَ ضَمَانُهَا، وَقَوْلُهُمَا كَيْفَ يُجْبَرُ مِلْكُهُ بِمِلْكِهِ قُلْنَا لَيْسَ هَذَا جَبْرًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ اعْتِبَارُ الْمِلْكِ مُنْفَصِلًا بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّحِدًا كَمَا إذَا غَصَبَ نَقْرَةَ فِضَّةٍ فَقَطَعَهَا، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ وَوَلَدُ الظَّبْيَةِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ نُقْصَانَهَا يُجْبَرُ بِوَلَدِهَا عِنْدَنَا فَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا وَكَذَا إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ مَمْنُوعَةً فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْأُمَّ إذَا مَاتَتْ وَفِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِقِيمَتِهَا بَرِئَ الْغَاصِبُ بِرَدِّهِ عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ بِالْوَلَدِ قَدْرُ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ وَيَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَتَخْرِيجُهُ أَنَّ الْوِلَادَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِمَوْتِ الْأُمِّ إذْ لَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا فَيَكُونُ مَوْتُهَا بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ مِنْ الْعَوَارِضِ وَهِيَ تُرَادِفُ الْأُمَّ وَضِيقَ الْمَخْرَجِ فَلَمْ يَتَّحِدْ سَبَبُ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ وَكَلَامُنَا فِيمَا إذَا اتَّحَدَ.
أَمَّا إذَا مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الرَّدِّ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَالِكِ مَالِيَّةُ الْمَغْصُوبِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِبَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْخِصَاءُ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ لِبَعْضِ الْفَسَقَةِ وَلِذَا لَوْ غَصَبَ الْخَصِيَّ وَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ خَصِيًّا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ خَصِيٍّ وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ بَعْدَمَا خَصَاهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ بِمَا زَادَهُ بِالْخِصَاءِ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُعْتَبَرَةٌ لَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ كَمَا يَرْجِعُ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ الْمَصْبُوغَ كَذَا ذَكَرُوهُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَصَ بِالْخِصَاءِ مَعَ رَدِّهِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ إذَا خَصَاهُ وَازْدَادَتْ بِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا فَاتَ بِالْخِصَاءِ مَعَ رَدِّ الْمَخْصِيِّ بَلْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ وَتَرَكَ الْمَخْصِيَّ لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى التَّتِمَّةِ وَقَاضِي خان وَكَانَ الْأَقْرَبُ هُنَا أَنْ يَمْنَعَ فَلَا يَلْزَمُنَا وَلَا اتِّحَادَ فِي السَّبَبِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ النُّقْصَانِ الْقَطْعُ وَالْجُزْءُ وَسَبَبَ الزِّيَادَةِ النُّمُوُّ وَسَبَبَ النُّقْصَانِ التَّعْلِيمُ وَسَبَبَ الزِّيَادَةِ الْفَطِنَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَفَهْمُهُ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَمَا نَقَصَتْ